المؤتمر الدولي الخامس حول البستنة في إفريقيا

احتضنت جامعة محمد السادس متعددة التخصصات التقنية (UM6P) بابن كرير، مؤخرا فعاليات المؤتمر الدولي الخامس حول قطاع البستنة بإفريقيا، الذي نظم بمبادرة من جامعة محمد السادس متعددة التخصصات التقنية وبرعاية الجمعية الدولية لعلوم البستنة.
وامتد المؤتمر على مدى أربعة أيام (26 فبراير الماضي إلى فاتح مارس الجاري)، وتضمن برنامجا غنيا ومتنوعا غطى جميع مجالات البستنة. وشهد جلستين عامتين نشطهما عدة متحدثين ناقشوا وضع قطاع البستنة ومساهمته في الأمن الغذائي وكذلك الفرص والتحديات التي يواجهها. وتضمن المؤتمر ثلاثة أوراش عمل تدارسوا البستنة الرقمية والابتكارات والبستنة الحضرية وشبه الحضرية والسيادة الغذائية من خلال البذور والمواد الزراعية عالية الجودة. واشتمل برنامج المؤتمر كذلك على جلسة علمية وتقنية شفهية عالجت معظم مجالات البستنة. وعرف المؤتمر كذلك مساهمات عديدة لباحثين عرضوا ملصقات علمية تمت مناقشتها مع المعتمرين.
تعتبر الزراعة، وخاصة البستنة، النشاط الاجتماعي والاقتصادي الأكثر أهمية في أفريقيا لأنها توفر فرص العمل لنحو ثلثي السكان العاملين في القارة وتساهم بمتوسط 30 إلى 60 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي ونحو 30 في المائة من قيمته من الصادرات. ومع ذلك، فإن الأراضي الصالحة للزراعة أو الأراضي الخاضعة للزراعة الدائمة لا تشغل سوى حوالي 6 في المائة من إجمالي مساحة أراضي أفريقيا.
يعد تطوير البستنة أحد الأدوات الرئيسية التي يمكن أن تساعد في الاستفادة من الزيادة الإنتاجية والقدرة التنافسية في افريقيا وتعزيز مساهمتها في الرفاهية الإقليمية وتقليل الاعتماد على الواردات الغذائية. إن تحرير إمكانيات الزراعة القادرة على الصمود في أفريقيا هو موضوع المؤتمر الخامس حول قطاع البستنة لإفريقيا.
ومكن المؤتمر من تحقيق تواصل علمي رصين بين علماء من مختلف التخصصات وباحثين ومهنيين حجوا إلى المغرب في خلوة علمية تبحث الواقع وترسم الآفاق وتصحح الاختلالات بمنظور علمي دقيق وفق المستجدات التكنولوجية والابتكارية.
تناقش العلماء المؤتمرون سبل تعزيز الإمكانيات الهائلة للبستنة الافريقية. وفر المؤتمر للمهنيين في مجال البستنة والباحثين والعلماء الشباب ورجال الأعمال، منصة مكنتهم من مشاركة نتائج الأبحاث والتطبيقات وأحدث الابتكارات بالإضافة إلى بناء شبكة من التعاون التقني بين المتخصصين في مجال البستنة في جميع أنحاء افريقيا وبقية أنحاء العالم أيضا، سيكون لدى المزارعين الشباب وفي بداية حياتهم المهنية فرصة كبيرة للتفاعل مع ذوي الخبرة.
باتت الحاجة ملحة إلى زيادة إنتاج الغذاء بشكل كبير لتلبية متطلبات النمو السريع للتعداد السكاني. وعليه لا مناص من البحث المكثف وتوجيه المغرب نحو تطوير أصناف عالية الأداء من المحاصيل وتصميم أنظمة زراعية أكثر ملاءمة.
إن الأبحاث والابتكارات في إفريقيا متناثرة ومجزأة مع تبادل محدود للمعلومات بين العلماء داخل القارة وبين هؤلاء العلماء ونظرائهم في بلدان أخرى ونقلها النهائي إلى المستخدمين النهائيين.
وفسح المؤتمر المجال لجميع الباحثين والمهنيين داخل القارة الافريقية ومع دول عالمية أخرى لمناقشة وتبادل نتائج أبحاثهم من جميع التخصصات علوم الأرض البيئية المطبقة على الزراعة. وأبرز المؤتمر أوجه البحث والابتكار لتعزيز التبادل العلمي والمعرفي وتعزيز التعاون بين المجتمعات العلمية والمهنية الافريقية داخلها مجال الزراعة الكبير.
وأفاد الدكتور رضوان شكر الله أن المغرب يصبح مرجعا في مجال العلوم والابتكار من خلال العمل الأكاديمي الدي تنجزه جامعة محمد السادس متعددة التخصصات التقنية في مدينة بن جرير كمؤسسة دولية للتعليم العالي متخصصة في العلوم، والتكنولوجيا، والعلوم الاجتماعية، والأعمال. والزراعة وعلوم، والبيئة.
وأفاد الدكتور شكر الله خلال الجلسة الافتتاحية أن الملتقى سيمكن هذا الحدث العلماء، وخاصة التجار الشباب، والشركات من تبادل المعرفة لبلوغ زيادة الإنتاجية والاستخدام الفعال للموارد الطبيعية، وكذا في زيادة القدرة على التكيف مع تغير المناخ وتحسين الأمن الغذائي.
وأشار رئيس المؤتمر البروفيسور عبد الحق حنفي خلال الجلسة الافتتاحية أنه يوجد طلب قوي في أفريقيا ليس فقط على السيادة الغذائية، بل أيضا على السيادة الاقتصادية، ذلك أن إفريقيا تشهد نقطة تحول كبرى. وأن عالما جديدا آخذ في الظهور يتسم بتعدد التحالفات، مما يفتح فرصا جديدة للقارة الافريقية. وتشهد البلدان الافريقية مرحلة جديدة من التحرر. لقد تغيرت إفريقيا والقارة تمر بمرحلة انتقالية وتنموية. وأشار المتحدث نفسه أن إفريقيا هي أقدم قارة نشأت منها البشرية جمعاء، داعيا إلى مراعاة أنها أحدث قارة من حيث عدد السكان، وستكون القارة الأكثر اكتظاظا بالسكان في نهاية هذا القرن، حيث أن واحدا من كل 4 من السكان في العالم سيصبحون من أفريقيا خلال 25 عاما فقط. وتستطيع، بامتلاكها 60 في المائة من الأراضي الصالحة للزراعة في العالم، إطعام سكان كوكبنا بأكمله. مع وجود 30 في المائة من المعادن المهمة. وتعد، بذلك، أفريقيا ضرورية للتحول الأخضر في العالم. وبما يتجاوز ما أعطته الطبيعة لقارتنا، فإن أفريقيا تعمل بجد، وفي سنة 2023، صنفت 6 من أسرع 10 اقتصادات نموا، يؤكد حنفي.
ويعد تطوير البستنة أمرا أساسيا لجودة الغذاء في أفريقيا وكذلك كميته لتلبية متطلبات النظام الغذائي الصحي على النحو الموصى به من قبل منظمة الصحة العالمية ومنظمة الأغذية والزراعة. وتتمتع البستنة بالقدرة على إيجاد طرق جديدة للإنتاج والاستهلاك. وتعد البستنة أيضا إحدى الأدوات الرئيسية التي يمكن أن تساعد في الاستفادة من زيادة الإنتاجية والقدرة التنافسية للزراعة في أفريقيا وتعزيز مساهمتها في رفاهية السكان من حيث التوظيف والدخل والتغذية.
وعبر “برونو جيرار” (Bruno Gerard) عميد كلية الزراعة والعلوم البيئية (CAES) عميد كلية الزراعة وعلوم البيئة بجامعة محمد السادس متعددة التخصصات، عن أمله في مشاركة نتائج المؤتمر والأبحاث والتطبيقات وأحدث الابتكارات مع الباحثين والعلماء الشباب ورجال الأعمال، بالإضافة إلى بناء شبكة من التعاون التقني بين المتخصصين في البستنة في جميع أنحاء إفريقيا وبقية العالم. وسيكون لدى الشباب وعلماء البستنة المهنيين فرصة كبيرة للتفاعل مع ذوي الخبرة. وأكد أن أفريقيا أصبحت منطقة مهمة للزراعة في جميع أنحاء العالم، ذلك أن أكثر من 60 في المائة من السكان الأفارقة يستمدون عيشهم من الزراعة. مع نمو عدد الشباب في إفريقيا بشكل أسرع من أي منطقة أخرى في العالم، كما يستوجب خلق حوالي 74 مليون فرصة عمل في إفريقيا خلال العقد المقبل. وتتمتع الزراعة بالقدرة على خلق فرص عمل محلية، مع تقليل الغذاء المحلي من البصمة الكربونية، وخلق أحزمة خضراء حضرية، وإعادة تدوير النفايات الحضرية العضوية، وتوفير طعام صحي ومغذي للسكان. ومع ذلك، فإن العديد من التحديات والصدمات الخارجية، بما في ذلك الظواهر الجوية المتطرفة وتغير المناخ، والتفشي المتكرر للآفات والأمراض، والاعتماد غير المناسب للتكنولوجيات لتعزيز الإنتاجية، كشفت عن هشاشة في نظام الزراعة في إفريقيا، مما قوض قدرة القارة على تلبية الطلب الغذائي من السكان المتزايدين، يضيف عميد الكلية. ويشغل قطاع الفواكه والخضروات في المغرب مساحة تقارب 1.300.000 هكتار، بما في ذلك ما يقرب من 1.000.000 هكتار من مزارع الفواكه و300 ألف هكتار من الخضروات الموجهة للسوق. ويبلغ متوسط الإنتاج الإجمالي حوالي 9 ملايين طن، بما في ذلك ما يقرب من 3 ملايين طن من الفاكهة وأكثر من 6 ملايين طن من الخضار.


وأضافت الدكتورة اسمهان الوافي المديرة العامة للمجموعة الاستشارية للبحوث الزراعية الدولية في عرض حول “العلوم والابتكار من أجل عالم أكثر أمنا غذائيا” أن “الحاجة إلى تحويل النظم الغذائية الافريقية للتعامل مع تغير المناخ أمر يمكننا أن نتفق عليه جميعا. وفي قمة المناخ التي عقدت العام الماضي رأينا أن بقية العالم يفهم هذا الأمر بشكل متزايد”.
ومع وجود 60 في المائة من الأراضي الصالحة للزراعة المتبقية على مستوى العالم، تشكل الأنظمة الغذائية في افريقيا أهمية بالغة للأمن الغذائي العالمي، ومع ذلك فإن الاستثمار فيها أقل مما ينبغي. ولتقريب صورة حجم المشكلة، قالت اسمهان الوافي أن 1 في المائة فقط من جميع التزامات تمويل التكيف في القارة يتم توجيهها إلى البحوث الزراعية، كما أن صغار المزارعين الذين سيستفيدون من هذه الأبحاث يلعبون دورا أساسيا في القضاء على الجوع وتعزيز القدرة على الصمود في مواجهة الصدمات العالمية المحتملة.
وذكرت الدكتورة إسماعيل الوافي المديرة العامة للمجموعة الاستشارية للبحوث الزراعية الدولية بحجم التحديات القائمة داعية إلى التركيز على العمل، مشيرة إلى أن الهيئة التي تديرها تعمل مع أكثر من 3000 شريك على مستوى العالم، بما في ذلك الأوساط الأكاديمية والقطاع الخاص والمنظمات غير الحكومية والمنظمات غير الحكومية الدولية والتمويل الدولي. وعلى المستوى القاري، نعمل بشكل مستقل مع بنك التنمية الأفريقي (AfDB)، ومفوضية الاتحاد الأفريقي (AUC)، ومنتدى المزارعين في أفريقيا (FARA) لملاءمة الجهود الجماعية وتسريعها.
و”ندعو إلى دور أكبر للحكومات الافريقية في تشكيل أجندة العمل المناخي. وسنعمل على زيادة إمكانية الوصول إلى الزراعة الذكية لملايين المزارعين مع التركيز على التنمية الزراعية الشاملة والمتجددة والاستدامة، وخلق فرص العمل…إن تكاليف القضاء على الجوع باهظة. هناك تمويل وفير يستهدف مكافحة تغير المناخ، ولكن لا يوجد ما يكفي من هذا التمويل موجه نحو الزراعة. وفي عام 2020، تم توجيه 1.7 في المائة فقط من إجمالي تمويل المناخ إلى صغار المزارعين”.
وقالت الدكتورة الوافي أن المجموعة الاستشارية للبحوث الزراعية الدولية قامت بقياس نسبة الفوائد إلى التكاليف على الاستثمارات على مدى العقود الخمسة الماضية، حيث استفادت الفئات الأكثر ضعفا، بما في ذلك المزارعين الصغار من المكافآت. وسيساعد التمويل الجديد على توسيع نطاق الابتكارات التي تغير العالم، بدء من الأدوات والتقنيات الجديدة للمزارعين وحتى المحاصيل الأكثر تغذية والأكثر قدرة على التكيف مع المناخ. وسيساعد الاستثمار في المجموعة البحثية للمجموعة الاستشارية للبحوث الزراعية الدولية على ضمان دعم 500 مليون مزارع من أصحاب الضيعات الصغيرة في البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل ليصبحوا أكثر قدرة على الصمود في وجه تغير المناخ. وخلصت إلى أنه بالعلم، يمكن معالجة الأزمات الغذائية والمناخية الملحة.
وتدارس المشاركون كيف يؤثر إجهاد الجفاف على العمليات الفسيولوجية ونمو وإنتاجية النباتات. وتتمثل إحدى استراتيجيات مكافحة الإجهاد الناتج عن الجفاف في استخدام الأصناف/المحاصيل المتحملة للإنتاج أو استخدامها كأصول جذرية. ويمكن أن تكون المدخلات المحلية والتنوع الوراثي الحالي أداة لتربية أصناف جديدة متحملة. كما أن استخدام التعديلات العضوية يقلل من إجهاد الجفاف عن طريق تحسين الخصائص الفيزيائية والكيميائية والبيولوجية للتربة. ويرتبط هذا التأثير بشكل خاص بالمجتمع الميكروبي للتربة. أجريت تجربة خلال دورة النمو الربيعي 2022 بهدف تقييم الفحم الحيوي والسماد الدودي كتعديلات عضوية تحت ظروف إجهاد الجفاف. وتم استخدام علم الوراثة وتحسين الفواكه والخضروات.
وتناول المشاركون مجال زراعة الحمضيات التي تزرع على نطاق واسع في أكثر من 140 دولة حول العالم. ويعد المغرب أحد الدول الثلاث الرئيسية المنتجة للحمضيات في منطقة البحر المتوسط. وتغطي مساحة قدرها 129.000 هكتار، وتنتج سنويًا إنتاجا إجماليًا قدره 2.4 مليون طن.

السيادة الغذائية من خلال البذور ومواد الزراعة

وشهد المؤتمر ورشة نقاشية حول “السيادة الغذائية من خلال البذور ومواد الزراعة”، حيث أبرز المشاركون خلالها أهمية إنتاج البذور لسيادة الأمن الغذائي في البلدان الأفريقية، لأن جميع البذور التجارية تأتي من شركات متعددة الجنسيات. وعليه فإن البحوث والابتكارات الزراعية تعدان أمرا بالغ الأهمية في أفريقيا لتحسين الأمن الغذائي وسبل العيش، وأكدوا على الحاجة إلى توسيع نطاق المشاريع الناجحة لإفادة أكثر من 60 في المائة من السكان الذين يعتمدون على الزراعة. وشددوا على أهمية الرصد والتقييم لضمان الفعالية، مع معالجة قضايا مثل إساءة الاستخدام. ومن جانب تأثير تغير المناخ والحلول في أفريقيا أكدوا على أهمية تعاون القطاع الخاص في معالجة تغير المناخ، واستخدام التكنولوجيا لمعالجة القضايا العالمية. وعبروا عن الحاجة إلى توسيع نطاق المبادرات المؤثرة في افريقيا، لا سيما في مجالات التغذية والتكيف مع المناخ. واقترحوا تنفيذ سياسات لزيادة مشاركة الشباب في الزراعة، ووجوب النقل والتعليم كعاملين رئيسيين. وسلط المتحدثون الضوء على ارتفاع مستويات سوء التغذية في افريقيا، خاصة بين الأطفال والنساء، بسبب عدم إمكانية الحصول على الأطعمة المغذية. وخلص المشاركون إلى أنه يتعين على أفريقيا أن تضع سياسة لإنتاج بذورها وإتاحتها لصغار المزارعين. ويجب علينا أيضا تطوير شهادات البذور التي تتكيف مع الظروف المحلية، ثم وضعية صناعة البذور وحماية الأصناف التقليدية/المحلية المعرض للخطر. وأوضحوا تأثير التغير المناخي على الأصناف التقليدية كالفواكه وخضروات. وطالبوا بالتعاون في مجال البحوث والتجارة في مجال البذور داخل أفريقيا.
وقال الدكتور “مالك نيانجو” المدير الإقليمي غرب ووسط إفريقيا (WCA) للمركز العالمي للخضروات خلال ورشة “السيادة الغذائية من خلال البذور ومواد الزراعة”، ان السيادة الغذائية تتطلب أن يكون لدينا أنظمة بذور للخضروات التقليدية في إفريقيا. حاليا يتم استيراد جميع البذور في إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى. لذلك ينبغي تطوير الإنتاج المحلي، مع التشريعات المناسبة وأيضا. وتطوير القدرات المحلية وشركات بذور محلية، وبرامج بحث وطنية حول الخضروات. وعلى مستوى المخاطر التي يطرحها تغير المناخ، من الضروري جمع والحفاظ على التنوع البيولوجي في البنوك الجينية قبل أن تضيع. ويستوجب الترويج للخضروات التقليدية، خصوصا بسبب ثروتها واحتوائها على عناصر غذائية مهمة.
وتناول المؤتمرون المقاربة المستدامة والصديق للبيئة لإنتاج الخضروات في الزراعة المائية العمودية فأوضحوا أن زراعة الكرنب (الملفوف) غالبا ما يواجه تحديات بيئية مختلفة، بما في ذلك الملوحة، والتي يمكن أن يكون لها آثار ضارة على نمو النبات وإنتاجيته. ويمكن للملوحة، الناتجة عن ارتفاع مستويات الأملاح الذائبة في التربة ومياه الري، أن تعطل العمليات الفسيولوجية لنباتات الكرنب وتعيق قدرتها على امتصاص العناصر الغذائية الأساسية. إن فهم التأثير المحدد للملوحة على الملفوف أمر بالغ الأهمية لتطوير استراتيجيات فعالة للتخفيف من آثارها السلبية وضمان إنتاج الملفوف المستدام في المناطق المعرضة للملوحة، مثل المغرب. وتم عرض دراسة عملت على تقييم تأثير التعديلات المختلفة والأسمدة والمنشطات الحيوية على نمو وتطور زراعة الكرنب. وأجريت التجربة في منطقة أولاد غانم المعروفة بنشاطها الزراعي. تم تطبيق العديد من التعديلات والأسمدة ومنتجات المنشطات الحيوية بالجرعات الموصى بها، بما في ذلك المحفز الحيوي، ومحسن التجذير، العناصر القليلة، وروث البقر، وسماد الدجاج، والسماد، والأسمدة الحيوية، والفوسفات، والجبس الحيوي، والفحم الحيوي، والكالسيوم، والأحماض الأمينية، والبوليمر، وأظهرت النتائج الأولية أن روث الدجاج أدى إلى تحسن كبير في إنتاج الكرنب.
وفي مجال استعمال التكنولوجيا تم عرض بحث حول التحليل القائم على الاستشعار عن بعد لتدهور الأشجار في سهل حوز ودراسة أثر الجفاف ومداه المكاني، ودراسة أخرى تقدر كمية تبخر الزيتون باستخدام مقياس الوميض البصري بالموجات الدقيقة، وتأثير الري الناقص المستدام والمنظم على المعايير الإنتاجية بالمنارة بمنطقة مراكش لصنف من أشجار الزيتون (الاسم العلمي Olea europaea)، وهو نوع من الأشجار أو الشجيرات من عائلة (Oleaceae) المنتشرة في جميع أنحاء إفريقيا وآسيا وأوروبا المتوسطية.
وتدارس المشاركون بالتحليل محور كفاءة استخدام المياه والمواد الغذائية في الزراعة وتدبير وأنظمة الري في إنتاج الخضروات في غرب افريقيا، وتأثير التعديلات العضوية والمنشطات الحيوية على بعض الخضروات تحت ظروف الملوحة والقياس الكمي لتبادل المحيط الحيوي والغلاف الجوي لثاني أكسيد الكربون و(H2O)، في ثلاثة حقول فواكه مختلفة في مناطق هطول الأمطار في الشتاء والصيف في جنوب أفريقيا.
وفي جلسة أخرى تناول المؤتمرون الزراعة المتأقلمة مع البيئات الهامشية. وفرص وتحديات تجميع أصحاب الضيعات الصغيرة للحد من خسائر ما بعد الحصاد في سلاسل القيمة الزراعية. من هنا تم العثور على علاقة واضحة بين درجة حرارة الشتاء الباردة وزهرة الزيتون، مما يشير إلى أن برد الشتاء أمر بالغ الأهمية لإنتاج الزيتون. وفي حوض البحر المتوسط، تواجه زراعة الزيتون انخفاضا بسبب ظاهرة الاحتباس الحراري الحالية. إن التنبؤ باتجاهات البرودة في المستقبل، يوفر نظرة ثاقبة لتحديد استراتيجيات التكيف المناسبة لاستدامة قطاع الزيتون في المغرب. وتروم الدراسة إلى استكشاف أنماط البرد التاريخية والمستقبلية في منطقتين رئيسيتين لإنتاج الزيتون المغربي، وهما مراكش ومكناس.
وعرفت الجلسات العلمية نقاشات مستفيضة وتبادل الرؤى والمعارف حول الإدارة المتكاملة للآفات من أجل منتجات زراعية آمنة وتقنيات الحصاد وما بعده في مجال الزراعة وأفضل الممارسات الزراعية للبستنة الذكية ولاستخدام الفعال للمياه والمواد المغذية في البستنة عموما. وعرف المؤتمر زيارات ميدانية لضيعات زراعية نموذجية بمديني مراكش واكادير.
يشار أن المؤتمر عرف مشاركة ما يقرب من 300 مشارك من حوالي 45 دولة حول العالم، من أستراليا وآسيا وأوروبا إلى أمريكا الشمالية والجنوبية وحول 17 دولة أفريقية. وقام المشاركون بزيارات ميدانية إلى مزارع وضيعات بمنطقة مراكش وأكادير لتقاسم التجارب والخبرات وعرض امام المشاركين التطور الذي يشهده المغرب في مجال البستنة.

************************

ثلاثة أسئلة للدكتور فرانسوا لورينزFrançois Laurens : تناولنا سؤال تحقيق الاكتفاء الذاتي في البذور من خلال النهج الجيني

– ما هو انطباعك على العروض العلمية المقدمة في المؤتمر؟ هل ستحقق دفعة نوعية للتنمية المستدامة للقطاع الزراعي؟

+ استمتعت حقا بهذا المؤتمر. جامعة محمد السادس متعددة التقنيات (UM6P) هي موقع مثالي لتنظيم هذا النوع من الاجتماعات. تم تنظيم المؤتمر الدولي الخامس حول قطاع البستنة بإفريقيا (2024 AAHC) بشكل مثالي من قبل البروفيسور عبد الحق حنفي وفريقه بأكمله. وشكر خاص للأستاذ رضوان شكرالله وزميلي الفرنسي من مركز البحوث الزراعية الدولية، الدكتور “ريمي كاهانا”. أثمن عاليا العروض المقدمة. لقد كانت جميعها ذات جودة عالية وقدمها متحدثون أفارقة وأيضا من قارات أخرى. فضلا عن الكثير من العروض الهائلة من طلاب الدكتوراه والباحثين الشباب.
كان الموضوع العام للمؤتمر يدور حول الاستدامة وبالطبع ساهمت جميع العروض المستعرضة في ذلك. ومن بين أمور أخرى، تمت مناقشة استدامة نظم الإنتاج، فضلا عن القدرة على التكيف مع تغير المناخ.
– هل المسار العلمي الحالي يمكن أن يساهم في تحقيق الأمن الغذائي في أفريقيا وتحقيق الرفاهية للبشرية على مستوى الاكتفاء الذاتي؟

+ لا يمكننا أن نقول إن هناك مسارا علميا واحدا فقط. فالعديد من التخصصات العلمية ضرورية ويجب أن تتضافر للاستجابة للتحديات الكبرى التي نوجهها، بالإضافة إلى تأثيرات تغير المناخ واستدامة ثقافة النظم البيئية والزراعية، بالطبع سلامة الأغذية وجودة الغذاء أمر ضروري. إن المؤتمر الدولي الخامس حول قطاع البستنة بإفريقيا (AAHC 2024) ، الذي يجمع الباحثين والخبراء من جميع التخصصات، هو المكان المثالي للتبادل ومحاولة إيجاد الحلول معا.
ويمثل الاكتفاء الذاتي مشكلة أخرى تمت معالجتها أيضا، لا سيما من خلال النهج الجيني. لقد شهد المؤتمر ورشة عمل مثيرة للاهتمام وغنية جدا حول البذور والتي تناولت هذا السؤال.

– هل هناك برامج لجمعيتكم لمعالجة التغير المناخي ومشكلة ندرة المياه في مختلف الدول العربية والإفريقية؟

+ تناولت، الجمعية الدولية لعلوم البستنة(ISHS) ، جميع المحاصيل الزراعية، بالمعنى “الأنجلوسكسوني” للمصطلح الذي يشمل الفواكه والخضروات والنباتات الطبية ونباتات الزينة، وما إلى ذلك. وبطريقة متقاطعة، فإننا نتناول أيضا جميع التخصصات العلمية التي يمكنها المساعدة في حل القضايا الرئيسية الحالية. لدينا مجموعات عمل تهتم بشكل عام بتأثيرات تغير المناخ، وخاصة نقص المياه. إن الأقسام ومجموعات العمل الموجودة لدينا حاليا حول هذا الموضوع لا تستهدف منطقة معينة ولكن زميلي مختار فال (Moctar Fall) ، عضو مجلس إدارة الجمعية الدولية لعلوم البستنة (ISHS) وممثل القارة الأفريقية، أصر في كلمته الأخيرة على ضرورة إنشاء مجموعات على المستوى الإفريقي للاستجابة بشكل أكثر تحديدا للمشاكل والاحتياجات مهما كانت في القارة الأفريقية. ونحن نعول على هذه التعبئة للمضي قدما بشكل أسرع.

محمد التفراوتي

Top