النساء يتفوقن على الرجال عدديا بالمغرب .. وحلم المساواة ما يزال بعيدا

سجلت المندوبية السامية أن تركيبة الساكنة المغربية أضحت تتميز بتفوق طفيف للإناث على الذكور، حيث بلغ عددهن في منتصف عام 2018 نحو 17.67 مليون، بنسبة 50.1%، لكن هذا التفوق العددي لا ينعكس على الوضعية المتردية للنساء، مقارنة بالذكور، على المستويات الاقتصادية والاجتماعية، وحتى على مستوى الوصول إلى مراكز القرار، حيث أفادت المندوبية السامية أن نسبة ولوج المرأة للمناصب العليا ومناصب المسؤولية في الإدارة العمومية بلغت حوالي 22% سنة 2016، فيما يصل عدد النساء في البرلمان إلى 81 امرأة من بين 395 نائبا.

وأوضحت المندوبية السامية، في مذكرة أصدرتها بمناسبة اليوم العالمي للمرأة (8 مارس)، وتوصلت “بيان اليوم” بنسخة منها، أن النساء يشكلن ما يقرب من 49% من الساكنة دون سن 15 سنة و51% من السكان الذين تتراوح أعمارهن بين 60 سنة وما فوق، حسب إحصائيات سنة 2017. وتتحمل النساء مسؤولية إدارة 18.4% من الأسر المغربية، وهن أكبر سنا من نظرائهن من الذكور، ويدرن أسرا أصغر مقارنة بنظرائهن من الرجال. كما أن أغلبهن أرامل أو مطلقات (70%)، و65.6% منهن أميات والأغلبية (75%) غير نشيطات، فيما تعيش 22.8% من النساء بمفردهن. 

ورصدت المندوبية أن نسبة الوفيات انخفضت بين الأمهات كثيرا، ولكنها ما زالت مرتفعة في المناطق القروية أكثر من المناطق الحضرية بنسبة الضعفين، وذلك بسبب قلة فحوصات ما قبل الولادة في المناطق القروية مقارنة بالوسط الحضري، حيث إن 20.4% من النساء القرويات الحوامل لم تستفد من هاته الفحوصات في 2018، مقابل 4.4% فقط في المناطق الحضرية. بالإضافة إلى ذلك، ما تزال هناك تفاوتات مهمة فيما يتعلق بالولادة في مؤسسة صحية حيث أن 73.7% من النساء الحوامل يستفدن في المناطق القروية مقارنة بـ9% في المناطق الحضرية، وفقا لنتائج البحث الوطني حول السكان وصحة الأسرة لسنة 2017-2018.

ورغم التقدم الذي أحرزه المغرب في السنوات الأخيرة على مستوى تحسين مؤشرات التمدرس عند الأطفال، فإن الفتيات ما زلن يسجلن تأخرا في هذا المجال، حيث أن واحدة من كل عشر فتيات في سن 7 إلى 12 هي غير متمدرسة في المناطق القروية، و14.8% من الفتيات اللواتي تتراوح أعمارهن بين 15 و24 سنة أميات مقارنة بـ7.2% من الفتيان في نفس العمر. وفي سنة 2014، ظلت 6 من بين كل 10 نساء قرويات أميات، مقارنة بنسبة 35.2 في المائة بين الرجال القرويين و30.5 في المائة من نساء المدن. وأكدت المندوبية أن خصوبة المغربيات شهدت انخفاضا شديدا بين 1987 و2014، حيث انتقلت من 4.46 طفل لكل امرأة إلى 2.2، بمستوى متقارب بين الوسطين الحضري والقروي. وتعتبر هذه النسبة، حسب نفس المصدر، مستوى أدنى من عتبة استبدال الأجيال. 

تحسن آخر تكشفه مذكرة المندوبية، يتعلق بمؤشرات زواج القاصرين أقل من 18 سنة، إذ انتقل عددهم من 55.379 في عام 2004 إلى 48.291 في عام 2014، بنسبة 12.8%. لكن مرة أخرى، فإن هذا التطور الإيجابي يحد منه استمرار معاناة الفتيات بنسبة أكبر من هذه الظاهرة، حيث لا زلن يعتبرن المعنيات الرئيسيات بهذا النوع من الزواج، بعدد يناهز 45.786 فتاة، وبنسبة 94.8% من مجموع الارتباطات الزوجية التي أحد أطرافها قاصر. أضف الى ذلك أن حوالي ثلث البنات القُصّر المتزوجات (32.1 في المائة) لديهن طفل واحد على الأقل، وأن الغالبية العظمى من الفتيات غير المتزوجات (87.7 في المائة) هن ربات بيوت. 

مؤشرات الوضعية الاقتصادية للنساء ليست بدورها الأفضل، حيث يفيد البحث الوطني حول التشغيل لسنة 2018، أن معدل النشاط للنساء بلغ بالكاد نسبة 22.2% على المستوى الوطني. وهو ما يمثل نسبيا، أقل من ثلث المعدل الخاص بالرجال (70.9%). وتعاني النساء أكثر من الرجال، وبصفة متزايدة، من البطالة بمعدل 14 مقابل 8.4%، خلال سنة 2018 دائما.

ومما يزيد من سوء الوضع أن نشاط النساء يتسم أيضا بهشاشته. ففي سنة 2017، كان ما يقرب من 40.5% من النساء النشيطات المشتغلات (مقارنة بـ9% من الرجال) يشتغلن كمساعدات عائليات بدون أجر. فيما لم تتجاوز نسبة النساء المقاولات 8.9%، و14.1% من النساء فقط يشتغلن لحسابهن الشخصي. وتشكل النساء نسبة 80% من الشباب الذي لا يشتغل ولا يدرس ولا يتلقى أي تكوين، علما أن ربع الشباب المغاربة الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و24 سنة، أي ما يعادل 1.7 مليون شاب مغربي، معنيون بهذا الوضع.

وعلى مستوى تقاسم الأدوار في الحياة الأسرية، كشفت مذكرة المندوبية أن النساء يخصصن وقتا أكبر 7 مرات من الرجال للأنشطة المنزلية، حسب معطيات بحث يعود إلى 2012. فيما تنحصر مشاركة الرجال أساسا في الأنشطة خارج المنزل. ولا يقتصر هذا التفاوت على النساء المتزوجات بما أن البنات المتراوح عمرهن بين 7 و14 سنة يخصصن بدورهن 3.4 من الوقت أكثر من الأبناء الذكور للأعمال المنزلية. 

ومن جانب آخر، مازال مشكل العنف يشكل وجها آخر من أوجه معاناة النساء من اللامساواة والتمييز، حيث بلغت نسبة انتشاره في سنة 2009، وضمن مختلف الفضاءات، 62.8% (67.5% بالوسط الحضري و56% بالوسط القروي). وتصل نسبة العنف الممارس ضد النساء في الفضاء الأسري 55% مقارنة بـ32.9% في الفضاءات العامة. وتعرضت حوالي 23% من النساء لعنف جنسي في فترة من فترات عمرهن. وتعد النساء الشابات المتراوح عمرهن بين 18 إلى 24 سنة أكثر عرضة للعنف بشتى أنواعه، بنسبة 79.3% في الوسط الحضري و60.4% بالوسط القروي.

< سميرة الشناوي

Related posts

Top