امتحان الباكالوريا

آلاف التلميذات والتلاميذ بمختلف جهات المملكة يجتازون هذه الأيام الدورة العادية للامتحان الوطني الموحد لنيل شهادة الباكالوريا (دورة 2020)، وذلك  في ظل إجراءات استثنائية واحترازية اتخذت لضمان الوقاية من تفشي جائحة كورونا. 
من المؤكد أن هذه اللحظة تعتبر فارقة في حياة التلاميذ وأسرهم، علاوة على أنها هذه السنة تجري ضمن ظرفية مجتمعية استثنائية وصعبة، وكل هذا  انتقل بهذا الامتحان إلى مستوى التحدي فعلا.
هو، بدون شك، تحد عند التلاميذ، والنجاح فيه يمثل بداية مرحلة أخرى في الدراسة وفي الحياة، وهو أيضا تحد كبير هذه السنة أمام السلطات العمومية ووزارة التربية الوطنية، والتي تخوض منذ مدة معركة حقيقية ويومية لربح الرهان.
إن الأجواء الإعدادية العامة لهذا الاستحقاق، وأيضا منظومة التدابير الإجرائية المتخذة على كل المستويات، تبرز هذه الاستثنائية، وخصوصا على صعيد التنظيم واللوجيستيك، حيث تم اللجوء إلى قاعات رياضية مغطاة ومدرجات جامعية، فضلا عن أقسام دراسية، لضمان احترام التباعد الجسدي وبقية التدابير الاحترازية الأخرى.
ويتطلع الجميع الآن، لكي تمر أيام الامتحان في شروط صحية تكفل سلامة التلاميذ والهيئة التربوية والإدارية، وأن تتحقق كذلك المقومات الأكاديمية والبيداغوجية اللازمة لحماية مصداقية الشهادة الوطنية.
في ظروف الجائحة، وأمام اضطرار عدد من الدول إلى إلغاء الامتحانات أصلا، فإن تنظيم امتحانات الباكالوريا، يبقى في حد ذاته، نقطة إيجابية تسجل لصالح بلادنا، وقطاع التربية والتكوين بالخصوص، ذلك أن هذا النجاح في تنظيم امتحانات الباكالوريا، يعتبر، في هذه الأوضاع، تحديا حقيقيا، وبالتالي يضاف ذلك إلى باقي الجهود التي اتخذت من أجل تفادي تضييع العام الدراسي الحالي، على غرار تجربة التعليم عن بعد، برغم كل الملاحظات، وبرامج الدعم والتأهيل للامتحانات، وأيضا تدبير مرحلة الخروج من الحجر الصحي بكل ما يميزها من دقة ومخاطر، كما أن تنظيم امتحانات الباكالوريا بدوره كان يستلزم تحضير مراكز الامتحان في كل الأقاليم وتجهيزها على المستوى اللوحيستيكي والوقائي، وتوفير كل شروط السلامة الصحية، وتعبئة الموارد البشرية الكافية لكل هذه المهام، والتنسيق مع السلطات الصحية والإدارية، علاوة على الاستعدادات التعليمية والإدارية والتربوية، وهذه الأعمال جميعها ليست يسيرة أو سهلة، خصوصا عندما تجري ضمن شروط مجتمعية صعبة واستثنائية،  ولكل هذا يستحق فعلا مهنيو التربية والتعليم وأطر الوزارة ومسؤولوها كل التنويه والتقدير والعرفان بالمجهود المبذول، ونأمل أن تكتمل أيام الامتحان وتمر بسلام، وبما يضمن سلامة وصحة التلاميذ والأطر التربوية والإدارية وكل المتدخلين، وحتى تكون بلادنا، فعلا، قد فازت في اختبار التنظيم، وعدم إلغاء الامتحانات كما فعلت بلدان أخرى.
إن إجراء امتحانات الباكالوريا، وفضلا عما سبق، يحثنا، من جديد، على عدم نسيان أولوية التعليم، كما كشفت عن ذلك مرحلة كورونا، وضرورة تقوية إصلاح المنظومة الوطنية للمدرسة العمومية وتأهيلها، والحرص القوي على صيانة مصداقية الشهادة الوطنية، وهذا أيضا رهان مركزي لا بد أن يتم الشروع فيه من الآن بجدية وشمولية وحزم.
نعم، تفشي فيروس كورونا المستجد فرض أن تستنفر السلطات العمومية والقطاعية كل الجهود لإنقاذ الموسم الدراسي الحالي، وتنظيم الامتحانات الإشهادية، وخصوصا الباكالوريا، ولكن هذه الوضعية المجتمعية الاستثنائية والصعبة تفرض أيضا التفكير في الموسم الدراسي المقبل، والاستعداد لاستئناف الدراسة الحضورية في شتنبر القادم، والحرص على تفادي حدوث أي اختلال أو تعثر، وإدراج ذلك ضمن منظومة إصلاحية وتأهيلية واضحة.
نتمنى لكل بنات وأبناء شعبنا الكثير من التوفيق والنجاح، وبموفور الصحة والسلامة.

 محتات‭ ‬الرقاص

[email protected]

Related posts

Top