بحث المغربية فاطمة أكنفر الفائز بالمركز الثاني في مسابقة البحث العلمي المسرحي العربي

ضمن فعاليات الدورة 14 لمهرجان المسرح العربي الذي نظمته الهيئة العربية للمسرح في الفترة ما بين 10 و18 يناير 2024 ببغداد، شهدت رحاب كلية الفنون الجميلة التابعة لجامعة بغداد، الندوة المحكمة للمسابقة العربية للبحث العلمي المسرحي للشباب العربي دون الأربعين سنة، وهي المرحلة النهائية لتحديد تراتبية الفائزات الثلاثة اللواتي سبق الإعلان عن أسمائهن بعد أن تم اخنيارهن ضمن عدد هائل من المشاركات واللواتي عالجن الموضوع الذي اقترحته الهيئة العربية للمسرح كناظم لهذا البحث، ويتمثل في تيمة “الخصوصية الفكرية والجمالية في التجربة المسرحية النسوية، من خلال دراسة نموذج تطبيقي على تجربة مسرحية معاصرة لواحدة من سيدات المسرح العربي”. ومعلوم أن اللائحة النهائية للفائزات الثلاث انحصرت في الأسماء التالية:
• ذة . أمينة الدشراوي – تونس
• دة. فاطمة اكنفر- المغرب
• دة. منى عرفة محمد امين- مصر
وتألفت لجنة الندوة المحكمة المحددة لتراتبية الفائزات من:
• ا.دة. جميلة بنت مصطفى الزقاي- الجزائر
• ا.م.دة. منتهى طارق حسين- العراق.
• دة. ميسون علي – سوريا.
هذا وقد ناقشت المحكمات الثلاث البحوث المقدمة من قبل الباحثات، لفحص مدى قدرتهن في الدفاع والإجابة عن الأسئلة الموجهة، لذا جاءت الجلسة رصينة وعميقة بالجدل المعرفي والأفكار القيمة في تبادل المعلومة بين طرفي النقاش، إذ اتسمت الأسئلة الموجهة من قبل المحكمات بالرصانة العلمية والدراية في عمق وتحليل المعلومة في سير البحث للوصول إلى نتائج متوائمة وما جاء به سياق البحث..
وفي نهاية الجلسة عقدت المُحَكِمات جلسة مغلقة، جرت فيها مناقشة علمية وعميقة وتبادل الآراء المختلفة والأخذ بعين الاعتبار إمكانية كل من الباحثات في كيفية الدفاع عن آرائها في جو ديمقراطي بحت، دون تدخل أي أحد في اتخاذ القرار، فجاء القرار من قبل المحكمات بما يلي:
* المرتبة الأولى: ذة. أمينة بنت أحمد دشراوي من تونس، عن بحثها “من شعرية الجسد إلى جمالية الصورة وتجاوز الحدود قراءة في مسار الكوريغراف نوال اسكندراني”
* المرتبة الثانية: دة. فاطمة أكنفر من المغرب، عن بحثها “الدراماتورجيا النسوية نحو تأنيث الفرجة المسرحية الانفلات الجمالي والعمق الفكري في تجربة نعيمة زيطان”
* المرتبة الثالثة: دة. منى عرفة محمد أمين من مصر، عن بحثها “تمثيل الآخر من منظور مابعد النسوي مسرحية جنون عادي جدا نموذجا”.

ملخص البحث

عجز الفكر الذكوري عن تمثيل عوالم المرأة؛ وما تضج به من معاناة وآلام وآمال وانتظارات؛ والكشف عن الغموض الذي يلف عالمها وهويتها الأنثوية؛ فظهر المسرح النسوي النسائي بوصفه خطابا مسرحيا مضادا يهتم بقضايا المرأة ويعيد النظر في العلاقات غير المتكافئة بين الذكر والأنثى؛ العقل والعاطفة؛ التابع والمتبوع… ويفكك الفكر الذكوري الذي ساهم في الإعلاء من قيمة الفالوس وبناء ثقافة مؤسسة على رمزية العضو الجنسي الذكري في المقابل طمس هوية المرأة؛ ووضع هالة من الغموض والتحفظ حول أنوثتها؛ وتعامل مع جسدها بحساسية مفرطة كأنه من المحرمات؛ حيث اتخذت المرأة من العوالم الأنثوية مادة لها من خلال الاحتفاء بالهوية الأنثوية؛ وتأنيث الفضاء الفرجوي؛ وكتابة الجسد والوعي بعوالمه وصناعة الفرجة من معجمه وألفاظه المتعددة كرد فعل على الهيمنة القضيبية.
للمرأة العربية عامة والمغربية خاصة دور مهم في المجال المسرحي؛ فهي شريكة الرجل في صناعة الفرجة المسرحية؛ عبرت عن القضايا التي تؤرقها وامتازت إبداعاتها بالجرأة في الحديث عن الطابوهات؛ خاصة التحرش الجنسي؛ الاغتصاب؛ العنف المادي والجسدي… وتحمل شخصياتها مهمة البوح والاعتراف الجرئ؛ والتمرد على هاجس الصمت وممارسة لذة الاختراق للحدود التي رسمها المجتمع الذكوري.
سعى البحث إلى مقاربة القضايا الفكرية والمنظورات الإيديولوجية والاختبارات الجمالية التي ميزت مسرح نعيمة زيطان بوصفه تجربة مسرحية حصل التبئير فيها على قضية الأنثى على مستوى الكتابة الدرامية والركحية. لم يكن اختيارنا للكاتبة والمخرجة نعيمة زيطان اعتباطيا؛ فهي من المخرجات اللواتي صرحن بانتمائهن النسوي؛ وطرحن أسئلة عميقة حول هويتهن؛ وأثرن ردود فعل متضاربة على مستوى تلقي المنجز المسرحي النسوي.
وقد صغنا إشكالية البحث كما يلي:
تأنيث الفرجة المسرحية في تجربة نعيمة زيطان: التجليات والإجراءات وممكنات التلقي والتأويل؛ وتوسلنا في الدراسة عدة مفاهيمية خاصة بالنقد الثقافي لقراءة تجربة نعيمة زيطان من خلال مسرحية (أحمر + أزرق = بنفسجي) ومسرحية (ديالي).
وتحدد الهدف من هذه الدراسة في ما يلي:
– إضاءة التجريب المسرحي النسائي على مستوى الكتابة الدرامية والركحية.
– مساءلة فعل التلقي والتجاوب مع هذا النوع من التجريب المسرحي النسوي النسائي انطلاقا من قراءة نقدية عالمة لنساء عربيات وغربيات.
قسمنا البحث إلى جانبين نظري والآخر تطبيقي؛ يرصد الجانب النظري توجهات نعيمة زيطان النسوية كتابة وإخراجا؛ أما الجانب التطبيقي فيسلط الضوء على تجربتين معاصرتين (ديالي) و(أحمر + أزرق = بنفسجي).
1 – الدراماتورجيا النسوية وصوت المرأة الثائر:

وتتجلى في العناصر التالية:
– الفرجة المكشوفة والاحتفاء بالجسد الأنثوي: حيث استعادت المرأة سلطة الصوت؛ واستنطقت الجنسانية الأنثوية ضدا في الهيمنة الذكورية.
– الجرأة في حكي الممنوع: تكشف المرأة المستور وتتجاوز المحظور من خلال كشف الطابو الجنسي والديني والسياسي.
– التمركز حول الذات الأنثوية باعتماد ضمير الأنا الناطق بقضاياها الحيوية.
– مسرحة عوالم المرأة وهواجسها التي تخص ذاتها الفردية ووجودها الجماعي.

2 – ملامح الفكر النسوي في مسرح نعيمة زيطان:

استطاعت نعيمة زيطان أن ترسخ مكانتها في المشهد المسرحي المغربي بفضل تجاربها المتميزة؛ واختياراتها الفكرية والجمالية؛ وانفتاحها على حساسيات جديدة؛ ووضعت زيطان قضية المرأة على قائمة أولويات إبداعها المسرحي؛ من خلال الآتي:
أولا: خلق مسرح نسوي مطالبه المساواة بين الرجل والمرأة.
ثانيا: الانطلاق من منظور حقوقي للمرافعة حول هذه القضايا.
3 – مظاهر العنف الذكوري في مسرحيتي
(أحمر + أزرق = بنفسجي) و(ديالي):

نرتب هواجس كتابة نعيمة زيطان حسب التيمات التالية:
تيمة البوح؛ تيمة العنف المادي والرمزي؛ تيمة التمرد والثورة؛ بينما تتشكل طوبوغرافيا عروضها المسرحية لتنسجم مع التيمات المذكورة من تصور إخراجي وسينوغرافي يقدم جسد المرأة عاريا صارخا رافضا لأنساق الثقافة الذكورية. تتبنى نعيمة زيطان منظورا ثقافيا يتغيا خلخلة ثقافة مجتمعية لا تنفك تعامل المرأة بكل أشكال التحقير والدونية؛ وهي تسترفد وعيها الفكري والجمالي من ثقافتها الحقوقية المنفتحة على مجموع المؤسسات الوطنية والدولية المنتصرة لقضايا المرأة.
مخرجات الدراسة:
تفتح هذه التجربة أفقا جديدا لمناهضة أشكال من الظلم داخل المجتمع الإنساني ممثلا في فساد الأنظمة السياسية؛ وتفاقم الحروب؛ واتساع حركات التهجير واللجوء…؛ وقد التقطت بعض الكاتبات النسائية المغربية هذه الأوضاع بكثير من الوعي والجرأة؛ كما نجد في مسرحية (الجلاد) لبديعة الراضي؛ و(ملاك) لنزهة حيكون؛ و(أهازيج ابراهيم الحموي) و(وقناديل البر المطفأة) للزهرة براهيم.
الكاتب عبد الرحمان الزاوي والمخرج هشام
ابن عبد الوهاب يواصلان مشروعهما المسرحي

Top