بناء نموذج حزبي…

يستكمل حزب التقدم والاشتراكية غدا السبت استحقاقه التنظيمي وفق أحكام قانونه الأساسي والأنظمة ذات الصلة، وذلك بعقد اجتماع لجنته المركزية، الموكول لها انتخاب المكتب السياسي للحزب.
اللجنة المركزية، التي كان انتخبها المؤتمر الوطني الأخير للحزب، سبق أن عقدت دورتها الأولى أثناء المؤتمر، وانتخبت، خلالها، الأمين العام، وغدا السبت، تعقد دورتها الثانية بالرباط لانتخاب أعضاء المكتب السياسي، وإكمال الإستحقاق التنظيمي المتصل بالهيكلية العامة للبناء الحزبي.
دورة اللجنة المركزية المرتقبة غدا السبت هي، من دون شك، لها خاصية تنظيمية واضحة ترتبط بانتخاب المكتب السياسي للحزب، ولكنها، كذلك، لن تخلو من استحضار الأوضاع السياسية والمجتمعية بالبلاد، والتفاعل معها، والتأكيد على المواقف بشأنها، وبالتالي هي تمتلك مضمونا سياسيا الى جانب جدول أعمالها التنظيمي الداخلي.
المؤتمر الوطني الأخير لحزب التقدم والاشتراكية قدم رسائل عديدة تؤكد نجاحه، وأيضا نجاح الحزب في تقديم نموذج سلوكي وسياسي لفعل حزبي جاد، تغلب على صعوبات السياق، وعلى مختلف الإكراهات الذاتية والموضوعية، وتمكن من احترام التزاماته الديموقراطية الداخلية، وأثبت أنه يستطيع الوجود والاستمرار والتلاؤم والتطور، وصياغة عرض سياسي وحزبي واقعي وعقلاني لمصلحة بلادنا وشعبنا.
يدرك الجميع اليوم حجم ما نحياه من تراجعات في الالتزام، وفي التمثلات، وتبعا لذلك درجة التدني والاختلال في العمل السياسي وفي غيره، وفي مستويات الثقة بشكل عام، ولهذا لما يوجد حزب وطني يصر على الحضور المستمر والمنتظم، وعلى إبداع مواقف محكمة، وتقديم أفكار واقتراحات، وبلورة فعل تأطيري متواصل في الميدان بمختلف جهات المملكة، فهذا يعني وجود الأمل، ووجود قوى مناضلة تصر على المصداقية، وعلى الجدية، وعلى التضحية من أجل هذه البلاد.
التقدم والاشتراكية يقدم اليوم نموذجا لافتا على هذا المستوى، ويمنحنا الدليل على الحاجة المستمرة لأحزاب وطنية حقيقية لديها التاريخ والمصداقية ووضوح النظر…
في وثائق المؤتمر الأخير للحزب، وفي المواقف والخطب والتصريحات والمداولات التي ميزت أشغاله وخلاصاته، يبرز أن الحزب التقدمي يتطلع إلى إنجاح تحوله الداخلي، وذلك على الواجهتين التنظيمية والسياسية، أي تمتين قدراته الذاتية لتعزيز حضوره الميداني والشعبي، وداخل المؤسسات التمثيلية، وتقوية هيكليته التنظيمية والتدبيرية الداخلية، ثم، وموازاة مع ذلك، مواصلة تميزه السياسي وقوته الإقتراحية والتحليلية والتواصلية.
هذا التحول الشامل يقوم على ركيزة جوهرية تنطلق من الهوية الفكرية والسياسية التي تميز الحزب، والتي تنجم عنها امتدادات في القيم والمواقف والرؤى والبرامج، وبالتالي في الرؤية الواضحة للوقائع والمراحل والأحداث والمهمات، وعلى ضوء هذه الرؤية، وهذه الهوية المتميزة، تتحدد استراتيجيات الحزب وعلاقاته ومواقفه السياسية…
يعني ما سبق، أن المهمات التنظيمية أو السياسية أو المواقف أو اختيار الهياكل الحزبية، كل هذا لا يكون بلا رؤية أو وضوح أهداف، وهذا ما يميز حزب التقدم والاشتراكية مذ كان، أي أنه يرفض دائما الإرتجال في كل شيء، بما في ذلك في تدبير ذاته الحزبية الداخلية، ويعتبر التنظيم الحزبي من ضمن شروط النجاح السياسي والإشعاعي.
دورة اللجنة المركزية لحزب التقدم والإشتراكية، المقررة غدا السبت بالرباط، ليست اجتماعا حزبيا إجرائيًا وتنظيميا داخليا، ولكنها، فضلا عن ذلك، هي محطة سياسية تنعقد في مستهل العام الجديد، وفي خضم موسم سياسي تميزه تطلعات شعبنا وانتظاراته التنموية والديموقراطية، ومن ثم هي مناسبة ليجدد التقدم والإشتراكية، من خلالها، التأكيد على مواقفه الوطنية التقدمية، وعلى ما يميز رؤيته السياسية العامة، وما يعزز النموذج الحزبي الذي يجسده.

محتات‭ ‬الرقاص

[email protected]

Related posts

Top