بنعبد الله يدعو لإطلاق نقاش واسع حول المعالم الأساسية للنموذج التنموي الذي يمكن أن يجيب على الإشكاليات المطروحة على البلاد

دعا نبيل بن عبد الله الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية، الحكومة وكذا مجموع الهيئات السياسية والمدنية، لإطلاق نقاش واسع حول المعالم الأساسية للنموذج التنموي الذي يمكن أن يجيب على الإشكاليات المطروحة التي ترتبط بمعالجة الفوارق الاجتماعية والمجالية وإقرار الشفافية وإشكالية التشغيل وتحسين الدخل، مؤكدا في ذات الوقت على أنه من غير المستساغ إطلاق أحكام مطلقة بفشل النموذج التنموي المتبع، والذي وضعته الحكومات المتعاقبة على مدى العشرين سنة الماضية.
جاء ذلك كلمة ألقاها في افتتاح أشغال الندوة التي نظمها يوم الأحد المنصرم، بالمقر المركزي للحزب بالرباط، فضاء مهندس الحداثة والتقدم، التابع لحزب التقدم والاشتراكية، حول موضوع ” النموذج التنموي الجديد، أي دور للهندسة الوطنية؟”، حيث أكد على أن الخطاب الملكي في 13 أكتوبر الماضي، طرح إعادة النظر في النموذج التنموي، لكن للأسف لم يثر بعد هذا الموضوع النقاش بالقدر الكافي، سواء داخل الهيئات السياسية والمدنية أو الحكومة، التي جدد بن عبد الله التأكيد على دعم الحزب لها”.
وشدد بنعبدالله على ضرورة الإقرار بكون النموذج التنموي الذي اتبع على مدى 20 عاما متميز ومختلف، ومكن من خلال سياسة الأوراش الكبرى والمبادرات المقدامة التي قادها جلالة الملك محمد السادس، من ضخ نفس جديد في الاقتصاد من خلال تقوية قطاع الصناعة والخدمات التي تعتمد التكنولوجيات المتطورة، بل ووضع المغرب في مرتبة متقدمة على مستوى التجهيزات والبنيات التحتية.
وأضاف خلال الندوة التي تأتي في إطار الاستعدادات الجارية لعقد المؤتمر الوطني العاشر للحزب في ماي القادم، “إن الحكم بالفشل المطلق على النموذج التنموي الذي اتبع خلال العشرين سنة الماضية من طرف الحكومات السابقة والتي شارك فيها حزب التقدم والاشتراكية يؤدي عمليا إلى القول بفشل كل من قاد هذه التجربة وأساسا فشل الأحزاب المشاركة فيها “.
كما دعا مناضلي الحزب بضرورة التحلي بالجرأة وتقديم تقييم موضوعي لمشاركة الحزب في الحكومات المتتالية وعبرها تقييم النموذج التنموي المتبع، خاصة وأن حزب التقدم والاشتراكية شارك وأسهم في تلك الحكومات، منذ حكومة التناوب التوافقي، حيث ولأول مرة تشكلت حكومة من قوى وطنية تقدمية وديمقراطية، ولأول مرة تم إيلاء مكانة للأحزاب السياسية في قيادة شؤون البلاد وتدبير الشأن العام، بل وأصبحت أكثر حضورا، وهو المعطى الذي جاء دستور 2011 ليمنحه بعدا أرقى.
من جانبه أكد امحمد أمين أرحو، منسق فضاء مهندس الحداثة والتقدم، على الدور الذي ينبغي أن يضطلع به المهندس في صياغة وتنفيذ النموذج التنموي، الذي يجب أن يكون في خدمة الإنسان، مشيرا أن عددا من الاستثمارات تم إنجازها بمجموعة من القطاعات، والتي تهم قطاع الماء والكهرباء، والفوسفاط، دون أن ينعكس ذلك بشكل إيجابي على مستوى عيش الساكنة.
وأوضح عبد الأحد الفاسي الفهري، عضو الديوان السياسي، وزير إعداد التراب الوطني و التعميـر والإسكان وسياسة المدينة، أن الفوارق تسجل على مختلف المستويات، مشيرا فيما يخص إحدى الإشكاليات التي ترتبط بالسكن، على أنه بالرغم من المجهودات المبذولة منذ سنوات، سواء في مجال محاربة السكن غير اللائق والسكن العشوائي والسكن الآيل للسقوط حيث تم وضع برامج مختلفة، والتي بجب إدماجها ضمن تصور واسع وشامل لتحقق النتائج المنتظرة.
ونبه الفاسي، إلى الإشكالات التي مزالت تثار حول الاختصاصات والإمكانات التي ينبغي أن تخول في إطار نظام الجهوية، مؤكدا أن ورش الجهوية المتقدمة الذي يتم تنزيله، يمثل الدعامة الأساسية لتعزيز اللامركزية واللاتمركز، داعيا إلى تبني نموذج متجدد للسياسة الوطنية لإعداد التراب ووضع سياسة حضرية وطنية شاملة.
من جهته، أبرز المهدي الداودي، الرئيس السابق لجمعية خريجي المدرسة المحمدية للمهندسين، أن النموذج التنموي الذي اختاره المغرب غداة حصوله على الاستقلال، لم يحقق النتائج المرجوة، في حين مثل هذا النموذج حقق نتائج باهرة بكل كوريا الجنوبية واليابان، ففي المغرب معدل النمو يتراوح سنويا بين 3,5 و4 في المائة، ومعدل البطالة جد مرتفع وسط فئة الشباب، من ضمنهم حاملي الشواهد العليا، والقدرة الشرائية تقهقرت إلى 200 في المائة، بما فيها القوة الشرائية للطبقة الوسطى.
وأرجع المهدي الداودي محدودية النموذج التنموي وعدم تمكنه من تحقيق النتائج المنتظرة، بغياب آليات للمنافسة الشريفة في المجال الاقتصادي، حيث توجد لوبيات استولت على ثروات ضخمة، كما هو الأمر بالنسبة لقطاع البترول، الذي تم تحريره سنة 2015، دون وضع آليات لمراقبة الأسعار، وكذا قطاع الإسمنت الذي تغيب فيه المنافسة، وقطاع الأغذية والحليب.
في حين أكد عبد الرحيم الهندوف، رئيس اتحاد المهندسين، على أن التعقيدات في ظل هذا النموذج يجب تطويرها والقطع مع الجوانب السلبية، مشيرا أن الحصيلة الإجمالية اليوم تبرز تحقق بعض التقدم في بعض المستويات، لكن على المستوى السياسي يوجد مأزق، حيث يتم ضرب مصداقية الأحزاب السياسية والنقابات.
أما سليم برباش، المدير العام لأحد مكاتب الخبرة، فقد أبرز أن المغرب يسير بسرعتين، مغرب الأغنياء ومغرب الذين لايملكون شيئا، مشيرا إلى أن التنمية تحتاج لمواطنين قادرين على خلق الثروة، ومن أجل ذلك عليهم أن يكون متمتعين بصحة جيدة، ويستفيدون من نظام تعليمي متقدم حامل لمنظومة من القيم وقادر على تقديم التكوين والتأهيل المطلوب.

 فنن العفاني

Related posts

Top