بيان اليوم ترصد شهادات مثقفين ونشطاء أمازيغيين في حق الراحل الكبير إبراهيم اخياط

فقد المشهد الثقافي الوطني والحركة الأمازيغية على وجه الخصوص أحد أبرز المؤسسين للفعل المدني في مجال الدفاع عن الحقوق الثقافية واللغوية للمغاربة، إنه القيدوم الأستاذ إبراهيم أخياط الذي وافته المنية في مطلع فبراير الجاري (صباح يوم الأربعاء 7 فبراير 2018)، وخلف رحيله أسى عميقا في نفوس المواطنات والمواطنين الذين عرفوه وخبروه كمناضل استمات في الدفاع عن كرامتهم وهويتهم..
ويعد الأستاذ إبراهيم أخياط من أهم وأبرز مؤسسي “الجمعية المغربية للبحث والتبادل الثقافي” في نهاية الستينات من القرن الماضي، وهي الجمعية التي تعتبر أكبر وأقدم جمعية مغاربية اهتمت بالمسألة الأمازيغية وترافعت حولها. وهو كذلك أحد الفاعلين الثقافيين والسياسيين الذين ساهموا في اعتماد الأمازيغية لغة رسمية في دستور المغرب عام 2011.
ولد الراحل في منطقة أيت باها بالقرب من أكادير، وانتقل في سن مبكرة إلى العاصمة حيث تابع دراسته من التعليم الابتدائي إلى التعليم الجامعي، ليعود مرة أخرى إلى مدينته ويؤسّس “جمعية الجامعة الصيفية” بمدينة أكادير سنة 1979 ويرأس لجنتها التنظيمية لأربع دورات، والتي كان لها دورها في إطلاق النقاشات العمومية حول المسألة الأمازيغية ببلادنا.. والتي ستشهد انعقاد دورتها الرابعة عشر في الفترة ما بين 2 و5 يوليوز القادم حيث ستتناول موضوع “الأمازيغية في زمن الرقمنة”.
وقد حمل الراحل أخياط منذ عقود على عاتقه مسؤولية الدفاع عن الحقوق اللغوية والثقافية الأمازيغية، وتمكن من خلال “الجمعية المغربية للبحث والتبادل الثقافي” من إنتاج خطاب ثقافي وطني مقنع يقوم على الدفاع عن الهوية الوطنية القائمة على التعدد. وكان رحمه الله من أشد المدافعين عن كتابة وتدريس الأمازيغية بحرف تيفيناغ (أبجديتها الأصلية).
كان الراحل إبراهيم أخياط وراء إحداث أول مجموعة موسيقية أمازيغية “أوسمان” سنة 1974 وكان يؤطر اشتغالاتها الفنية فيما تقدمه من أغان مستلهمة من التراث المغربي الأمازيغي لكن في قوالب حديثة، مؤمنا بدور الثقافة والإبداع في تثبيت الهوية الوطنية المتعددة، حيث اهتم بتوثيق الأغنية والموسيقى والزخرفة والأزياء، وكان مديراً عاماً لمجلة “أمود” الأمازيغية الصادر عددها الأول في أبريل 1990، وكذلك مدير جريدة “تامونت” التي صدرت عام 1994.
وبرحيل الأستاذ والمفكر والباحث والمناضل، إبراهيم أخياط، تفقد الساحة الثقافية الوطنية، والحركة الثقافية الأمازيغية أحد آبائها المؤسسين في المغرب وفي شمال إفريقيا، عن سن يناهز 78 سنة.
إنها خسارة كبيرة في فقدان مناضل فذ ومثقف ملتزم وجمعوي نشيط وجاد ونزيه، عمل على مدى نصف قرن، من أجل النهوض بالأمازيغية باعتبارها رصيدا لجميع المغاربة الشيء الذي أهله ليكون أحد الرواد الأوائل الذين بصموا مسلسل رد الاعتبار للأمازيغية لغة وثقافة وهوية. وحظي الراحل أخياط طيلة حياته بتقدير واحترام الفاعلين في حقول السياسة والثقافة والمجتمع المدني، ليس فقط من طرف الذين يتقاسم معهم نفس القناعات بل حتى الذين يخالفونه الرأي، بفضل الخصال التي تحلى بها علاوة على تملكه لأساليب التواصل والإقناع والانفتاح على الجميع.
وانطلاقا من الرصيد المعرفي والنضالي الذي تركه الأستاذ أخياط والذي يمتد على مدى زهاء خمسين سنة، لا يمكن الحديث عن الحركة الأمازيغية دون ذكر اسمه وذلك بالنظر إلى مساهماته الغنية والمتنوعة في مجال رد الاعتبار للأمازيغية معتمدا في ذلك على خطاب عقلاني منفتح يقوم على الاحترام والانصات والذي توج ببلوغ الأمازيغية وضعية الترسيم في دستور المغرب.
بمناسبة هذا الرحيل الذي خلف حزنا كبيرا في وسط الأهالي والأصدقاء والمثقفين والمبدعين والمناضلين، رصدت بيان اليوم جملة من الشهادات التي استقت بعضها مباشرة من تصريحات أصحابها للجريدة وبعضها الآخر من تدوينات على شبكة مواقع التواصل الاجتماعي.

عبد اللطيف أوعمو : عضو الديوان السياسي لحزب التقدم والاشتراكية ومستشار برلماني

تلقيت صباح يومه الأربعاء 7 فبراير 2018، بعميق الأسى وبالغ التأثر والحزن، النبأ المؤلم لوفاة المشمول بعفو الله ورضاه، الأستاذ ابراهيم أخياط، بمصحة أمل بمدينة الرباط بعد صراع مع المرض عن عمر يناهز 77 سنة.
وبهذه المناسبة الأليمة أعرب لأسرة الفقيد الجمعوية والفنية والأكاديمية، ولكل أقاربه وذويه، وأصدقائه ومحبيه عن أحر تعازينا وخالص عبارات مواساتنا مقدرين فداحة الرزء في رحيل قيدوم الحركة الأمازيغية، الذي نذر حياته لخدمة الثقافة الوطنية بكل تفان وإخلاص ونكران ذات. مما أهله ليكون عضوا في المجلس الإداري للمعهد الملكي للثقافة الأمازيغية.
إن هذا المصاب الجلل هو خسارة للعمل الجمعوي وللفعل النضالي ببلادنا، حيث ارتبط اسم الفقيد بـ “الجمعية المغربية للبحث والتبادل الثقافي” منذ تأسيسها في ستينات القرن الماضي، فأبان خلال مساره النضالي عن كفاءة تواصلية وقدرات تدبيرية هائلة مليئة بالتجارب النضالية الرائدة، حيث يعد الفقيد من مؤسسي الجامعة الصيفية في أكادير سنة 1979 وكان رئيس اللجنة التنظيمية لدوراتها الأربع 1980 – 1982 – 1988 – 1991، وانتخب كأول منسق وطني للجمعيات الأمازيغية بالمغرب 1993 – 1996، وكان رئيس أشغال الكونغريس العالمي الأمازيغي المنعقد بمدينة ليون الفرنسية صيف 1999. كما ساهم الراحل في تأسيس مجموعة “أوسمان” سنة 1974..
وخسارة بلادنا جسيمة كذلك في مجال الإنتاج الفكري، حيث خسرت قلما بارزا في التأليف شعرا ونثرا، ومن أعماله الفكرية والثقافية نذكر ديوان “تابرات” (الرسالة) بالأمازيغية سنة 1992، وكتاب “لماذا الأمازيغية؟” سنة 1994، وكتاب “رجالات العمل الأمازيغي: الراحلون منهم” سنة 2004، وكتاب “الأمازيغية هويتنا الوطنية” سنة 2007، و”النهضة الأمازيغية كما عشت ميلادها وتطورها” سنة 2012، وهو عبارة عن سيرة ذاتية للراحل. كما أشرف الراحل على إدارة مجلة “أمود” (بذور)، أول مجلة أمازيغية مغربية صدر عددها الأول بتاريخ أبريل 1990، وعمل مدير جريدة “تامونت” (الاتحاد)، التي صدر عددها الأول بتاريخ فبراير 1994.
وخسرت بلادنا كذلك فاعلا يحظى بتقدير واحترام الجميع في مختلف المجالات السياسية منها والثقافية والمدنية، بفضل انفتاحه على الجميع وتملكه لأساليب الإنصات والإقناع.
كما خسر المغرب الحقوقي والجمعوي إنسانا صبورا وقنوعا يعرف معنى التضحية والعطاء، حيث أدار ظهره في عز شبابه لمهنة التدريس لما كان أستاذا للرياضيات، ليعانق النضال المرير من أجل الحقوق الثقافية للمغاربة، والذي أثمر الاعتراف برسمية الأمازيغية في دستور 2011. وقاوم المرض بشجاعة في نهاية حياته ليذهب بمشروعه إلى أبعد إمكانيات التحقق… ويرى ثمرة نضالاته المريرة تتحقق بخطى ثابتة وأكيدة..
وإننا إذ نستحضر بهذه المناسبة المحزنة، هذا الرصيد الجمعوي والنضالي والإنساني، وما كان يتميز به الفقيد في مختلف محطات حياته النضالية، منذ ستينات القرن العشرين، من خصال إنسانية عالية، وما قدمه من تضحيات من أجل النهوض بالأمازيغية كرصيد وملك لكل المغاربة، وهو ما أهله عن جدارة واستحقاق ليكون أحد الرواد الأوائل الذين بصموا مسلسل رد الاعتبار للأمازيغية لغة وثقافة وهوية، نحيي فيه، رحمه الله، وفاءه للمثل العليا، ووطنيته وسمو أخلاقه وقوة وصلابة عوده. ونرجو من العلي القدير أن يوفي الفقيد الكبير أحسن الجزاء، على ما أسدى للثقافة المغربية من خدمات جليلة، وأن يتقبله في عداد الصالحين من عباده، ويشمله بمغفرته ورضوانه، ويسكنه فسيح جنانه.
وإذ نشاطر أبناءه ياسين وتوف يتري أخياط، وكل أقارب الفقيد، أحزانهم في هذا المصاب الأليم، الذي لا راد لقضاء الله فيه، نسأل الله عز وجل أن يلهم أسرته الجمعوية وأقرباءه وذويه جميل الصبر وحسن العزاء.
إنا لله وإنا إليه راجعون.

*أحمد عصيد/ رئيس المرصد الأمازيغي للحقوق والحريات

يمثّل الباحث والناشط المغربي إبراهيم أخياط، أحد الوجوه التاريخية في الحركة الأمازيغية، وأحد الفاعلين الثقافيين الذين ساهموا في اعتماد الأمازيغية لغة رسمية في دستور البلاد عام 2011 بعد نضال جاوز نصف قرن. كان يعتبر الفقيد أحد مؤسسي “الجمعية المغربية للبحث والتبادل الثقافي” سنة 1967، والتي أخذت على عاتقها الدفاع عن الحقوق اللغوية والثقافية الأمازيغية، وتمكّنت من إنتاج خطاب ثقافي وطني مقنع يقوم على الدفاع عن الهوية الوطنية القائمة على التعدّد. وكذا خلق مكانة متميزة للجمعية ضمن النسيج الجمعوي المغربي.
وكان له الفضل في بداية الستينات، أن يجمع حوله مثقفين وتجارا مهتمين بمسألة الهوية، ومدركين لمدى التهميش الذي كانت تعاني منه الأمازيغية.
وكان من أشد المدافعين عن تدريس الأمازيغية بحرف تيفيناغ (أبجديتها الأصلية)، مع الانفتاح على أدبياتها المكتوبة بالعربية واللاتينية، من دون أن توضع في إطار ثنائيات أيديولوجية وديماغوجية مع لغات وثقافات أخرى من شأنها أن تواصل تهميشها، وهو الذي رفض تدويل قضية الأمازيغ حين كان الخيار مطروحاً بقوة في تسعينيات القرن الماضي.
وكان الفقيد أخياط يتميز بخصال الفاعل المدني الناجح والقدرة على التأطير والإبداع، وطبع مرحلة كبيرة من الحركة الأمازيغية ببصماته، وفتح نقاشا وطنيا مع الأحزاب السياسية حول الأمازيغية، وكان يؤمن بالحوار في إقناع الطبقة السياسية والنخبة الحزبية بمشروعية المسألة الأمازيغية..

بازغ لحسن/ المنسق الوطني للحقوق اللغوية والثقافية بالهيئة الوطنية لحقوق الإنسان

يمثّل الباحث والناشط المغربي إبراهيم أخياط، أحد الوجوه التاريخية في الحركة الأمازيغية، وأحد الفاعلين الثقافيين الذين ساهموا في اعتماد الأمازيغية لغة رسمية في دستور البلاد عام 2011 بعد نضال جاوز نصف قرن. كان يعتبر الفقيد أحد مؤسسي “الجمعية المغربية للبحث والتبادل الثقافي” سنة 1967، والتي أخذت على عاتقها الدفاع عن الحقوق اللغوية والثقافية الأمازيغية، وتمكّنت من إنتاج خطاب ثقافي وطني مقنع يقوم على الدفاع عن الهوية الوطنية القائمة على التعدّد. وكذا خلق مكانة متميزة للجمعية ضمن النسيج الجمعوي المغربي.
وكان له الفضل في بداية الستينات، أن يجمع حوله مثقفين وتجارا مهتمين بمسألة الهوية، ومدركين لمدى التهميش الذي كانت تعاني منه الأمازيغية.
وكان من أشد المدافعين عن تدريس الأمازيغية بحرف تيفيناغ (أبجديتها الأصلية)، مع الانفتاح على أدبياتها المكتوبة بالعربية واللاتينية، من دون أن توضع في إطار ثنائيات أيديولوجية وديماغوجية مع لغات وثقافات أخرى من شأنها أن تواصل تهميشها، وهو الذي رفض تدويل قضية الأمازيغ حين كان الخيار مطروحاً بقوة في تسعينيات القرن الماضي.
وكان الفقيد أخياط يتميز بخصال الفاعل المدني الناجح والقدرة على التأطير والإبداع، وطبع مرحلة كبيرة من الحركة الأمازيغية ببصماته، وفتح نقاشا وطنيا مع الأحزاب السياسية حول الأمازيغية، وكان يؤمن بالحوار في إقناع الطبقة السياسية والنخبة الحزبية بمشروعية المسألة الأمازيغية..

***

مبارك بولكيد شاعر: لن يموت سي إبراهيم إلا إذا ماتت الأمازيغية في قلوبنا..

هل مات اليومَ حقا أخي الأكبر وصديقي الأغر إبراهيم أخياط؟ ذلك الرجل الفاضل؟
لا، أبداً لم يمت.. 
إذ كيف يموت الأستاذ الأمازيغي الشهم المناضل الرمز الكبير الذي لم يسترح يوما من عشقه لهذا الوطن وهذا الشعب، فأحرى أن يرحل عنهما فجأة وإلى الأبد؟
كيف يموت مَن هذه الأرضُ، المحتاجةُ لبذل الشجاعة من أجل تحقيق هويتها، تعرفَتْ إليه بطلا مغوارا يحوطها بخالص العمل وبالغ التضحيات على مدى أكثر من سبعين ربيعا قبل أن تحتوي هي جسدَه النحيفَ اليوم؟
كيف يموت من لا مجال أبداً، ضمن انشغالاته القصوى، لاحتمال أيِّما قضيةٍ عامة أخرى بعد أن احتلت لديه الإشكالاتُ الكبرى والأسئلةُ العميقة حول تاريخ ومستقبل هوية المغرب والمغارب كلَّ القلب والعقل والجسد؟ 
كيف يموت من ذابت الهويةُ الأولى للمغاربة في ذاته فكراً ووجداناً فصارا شيئا واحدا، ونحن جميعاً نشهد على ذلك، حتى ليستحيل أن تُذكر الأمازيغية ببلادنا لغةً وثقافةً وحضارةً في غير محضره؟
لن يموت سي إبراهيم إلا إذا ماتت الأمازيغية في قلوبنا.. لكن هيهات!
لن يموت سي إبراهيم إلا إذا انطفأت شعلة النضال الهوياتي في وعي شعبنا.. لكن هيهات!
لن يموت من ارتبطت حقيقته الدنيوية بمعنى الوجود الحق؛ فقرر بمعية مناضلين أوفياء إنشاء مؤسسةٍ للبحث والتبادل الثقافي تذكى جذوة الوعي التي لا تنطفئ؛ وتسهر على نشر الفكرة النبيلة التي جوهرُها ضرورة حفظ لغتنا الأم من الموت، وضرورة الحيلولة دون التمييز غير الإيجابي بين هويتينا الجماعيتين في هذا البلد..
لن يموت من بدأ تلك المسيرة شابا ولم يسترح إلا قليلا أو أقل من القليل كثيرا.. ثم كهلا ثم شيخا، صحيحا ومريضا.. ثم لا يُثنيه الوهَن أبدا عن الحضور المستمر في الميدان قدوةً للأجيال.
يعلن ويستمر في الإعلان أن الروح أبقى دوماً من الجسد وأن صدق الإيمان بالقضايا العادلة أنجع وأقوى من كل جهد يُبذَل في غير قناعة.. 
لن يموت من رسخ في عقول الجماهير أن لا مستقبل لِلُغَةٍ لا تسري الروحُ في بنيات جسدها كل حين، وأن جسدَ اللغةِ هو كل الكلام وهو كل المكتوب…. وأن أمازيغيةَ الجماهير الجليلةَ والجميلةَ هي تلك اللغة تماما؟! 
لن يموت من يشهد له المغاربة جميعا بصدق النضال وشرف الوطنية ونبل المقصد؛ أم ثمة أحد من هؤلاء أو هؤلاء يرى العكس هو الحاصل في أي حال؟ 
الجواب طبعا وواقعاً: لا أحد! 
إذن لتهنأ روحك أيها المناضل القائد الرائد، اليومَ وبعدَ اليوم، ولتطمئنَّ إلى أن الهدف الذي أعلنتَ عن لحظة ميلاده قبل حينِ من العمرِ قصيرٍ، بات زمنُ اكتماله آتياً بعد حين من العمرِ قصيرٍ أيضا.
آتٍ ذلك الزمنُ لا محالة ومحقَّقٌ ذلك الهدف/ الحُلم الذي انتَ رأيتَه وصدَّقتَه ثم لكل الأمازيغ أريتَه:
فباسمهم جميعاً أخي وصديقي:
كلُّ الحب لك كرمز طليعي ذي اعتبار خاص واستثنائي، 
وكل التقدير لشخصك كمثقف وإعلامي وشاعر مبدع خلاق،
وكل الوفاء لحسك النضالي السياسي المسؤول ولوعيك الفكري الذي شكل وسيشكل، في المستقبل وعلى الدوام، أساسَ كل اجتهاد يقتضيه تجويد العمل من أجل أن تعرف الأمازيغيةُ الحياةَ والترقيةَ والخلود.
ذلك وعدٌ منا نحن زملاءَك وأبناءَك وتلامذتَك.. بل ولم لا يكون وعداً حتى من خصوم ارتاحوا كثيرا للحوار مع شخصك، أيها المحارب البطل الذي ستبقى حيا في هذا الشعب كبيرا في هذا الوطن.. 
ستبقى حيا في هذا الشعب، كبيرا في هذا الوطن .. بما أنت كتبتَ وبما أنت كسبت.

****

رشيد الحاحي/ باحث وناشط أمازيغي: ساهم الراحل بشكل كبير في الإقناع بأطروحة الدفاع عن الأمازيغية وإنصافها

رحيل الأستاذ إبراهيم أخياط هو خسارة كبيرة للحركة المدنية الأمازيغية بالمغرب، فكان له الفضل الكبير في العمل، في سياقات صعبة، من أجل المساهمة في إرساء فكر التعدد اللغوي والتنوع الثقافي في بلادنا، وإثارة الانتباه إلى ما كانت تحتله الأمازيغية في حياتنا الاجتماعية والثقافية في بلادنا وضرورة إنصافها. وكانت له كفاءات كبيرة خصوصا من خلال علاقاته مع مختلف الفاعلين السياسيين والمدنيين والديمقراطيين، حيث ساهم بشكل كبير في الإقناع بأطروحة الدفاع عن الأمازيغية وإنصافها، كما ساهم بشكل كبير في العمل الثقافي والبحثي والعمل الفني من خلال دعم واحتضان مختلف المجموعات الموسيقية والأدباء والشعراء، إضافة إلى عمله من خلال الجمعية المغربية للبحث والتبادل الثقافي على الإصدار والتوثيق والبحث والإبداع والنقاش الأمازيغي في المغرب. وكانت له قدرة هائلة على تنظيم لقاءات وملتقيات كبرى من أجل تطوير المسرح الأمازيغي والعمل الثقافي الأمازيغي إلى غير ذلك من المجالات. تغمده الله برحمته.

****

ساهم الراحل بشكل كبير في الإقناع بأطروحة الدفاع عن الأمازيغية وإنصافها: لن يموت سي إبراهيم إلا إذا ماتت الأمازيغية في قلوبنا..

هل مات اليومَ حقا أخي الأكبر وصديقي الأغر إبراهيم أخياط؟ ذلك الرجل الفاضل؟
لا، أبداً لم يمت.. 
إذ كيف يموت الأستاذ الأمازيغي الشهم المناضل الرمز الكبير الذي لم يسترح يوما من عشقه لهذا الوطن وهذا الشعب، فأحرى أن يرحل عنهما فجأة وإلى الأبد؟
كيف يموت مَن هذه الأرضُ، المحتاجةُ لبذل الشجاعة من أجل تحقيق هويتها، تعرفَتْ إليه بطلا مغوارا يحوطها بخالص العمل وبالغ التضحيات على مدى أكثر من سبعين ربيعا قبل أن تحتوي هي جسدَه النحيفَ اليوم؟
كيف يموت من لا مجال أبداً، ضمن انشغالاته القصوى، لاحتمال أيِّما قضيةٍ عامة أخرى بعد أن احتلت لديه الإشكالاتُ الكبرى والأسئلةُ العميقة حول تاريخ ومستقبل هوية المغرب والمغارب كلَّ القلب والعقل والجسد؟ 
كيف يموت من ذابت الهويةُ الأولى للمغاربة في ذاته فكراً ووجداناً فصارا شيئا واحدا، ونحن جميعاً نشهد على ذلك، حتى ليستحيل أن تُذكر الأمازيغية ببلادنا لغةً وثقافةً وحضارةً في غير محضره؟
لن يموت سي إبراهيم إلا إذا ماتت الأمازيغية في قلوبنا.. لكن هيهات!
لن يموت سي إبراهيم إلا إذا انطفأت شعلة النضال الهوياتي في وعي شعبنا.. لكن هيهات!
لن يموت من ارتبطت حقيقته الدنيوية بمعنى الوجود الحق؛ فقرر بمعية مناضلين أوفياء إنشاء مؤسسةٍ للبحث والتبادل الثقافي تذكى جذوة الوعي التي لا تنطفئ؛ وتسهر على نشر الفكرة النبيلة التي جوهرُها ضرورة حفظ لغتنا الأم من الموت، وضرورة الحيلولة دون التمييز غير الإيجابي بين هويتينا الجماعيتين في هذا البلد..
لن يموت من بدأ تلك المسيرة شابا ولم يسترح إلا قليلا أو أقل من القليل كثيرا.. ثم كهلا ثم شيخا، صحيحا ومريضا.. ثم لا يُثنيه الوهَن أبدا عن الحضور المستمر في الميدان قدوةً للأجيال.
يعلن ويستمر في الإعلان أن الروح أبقى دوماً من الجسد وأن صدق الإيمان بالقضايا العادلة أنجع وأقوى من كل جهد يُبذَل في غير قناعة.. 
لن يموت من رسخ في عقول الجماهير أن لا مستقبل لِلُغَةٍ لا تسري الروحُ في بنيات جسدها كل حين، وأن جسدَ اللغةِ هو كل الكلام وهو كل المكتوب…. وأن أمازيغيةَ الجماهير الجليلةَ والجميلةَ هي تلك اللغة تماما؟! 
لن يموت من يشهد له المغاربة جميعا بصدق النضال وشرف الوطنية ونبل المقصد؛ أم ثمة أحد من هؤلاء أو هؤلاء يرى العكس هو الحاصل في أي حال؟ 
الجواب طبعا وواقعاً: لا أحد! 
إذن لتهنأ روحك أيها المناضل القائد الرائد، اليومَ وبعدَ اليوم، ولتطمئنَّ إلى أن الهدف الذي أعلنتَ عن لحظة ميلاده قبل حينِ من العمرِ قصيرٍ، بات زمنُ اكتماله آتياً بعد حين من العمرِ قصيرٍ أيضا.
آتٍ ذلك الزمنُ لا محالة ومحقَّقٌ ذلك الهدف/ الحُلم الذي انتَ رأيتَه وصدَّقتَه ثم لكل الأمازيغ أريتَه:
فباسمهم جميعاً أخي وصديقي:
كلُّ الحب لك كرمز طليعي ذي اعتبار خاص واستثنائي، 
وكل التقدير لشخصك كمثقف وإعلامي وشاعر مبدع خلاق،
وكل الوفاء لحسك النضالي السياسي المسؤول ولوعيك الفكري الذي شكل وسيشكل، في المستقبل وعلى الدوام، أساسَ كل اجتهاد يقتضيه تجويد العمل من أجل أن تعرف الأمازيغيةُ الحياةَ والترقيةَ والخلود.
ذلك وعدٌ منا نحن زملاءَك وأبناءَك وتلامذتَك.. بل ولم لا يكون وعداً حتى من خصوم ارتاحوا كثيرا للحوار مع شخصك، أيها المحارب البطل الذي ستبقى حيا في هذا الشعب كبيرا في هذا الوطن.. 
ستبقى حيا في هذا الشعب، كبيرا في هذا الوطن .. بما أنت كتبتَ وبما أنت كسبت.

****

محمد صلو/ باحث في المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية: رحيله خسارة للوطن وللحركة الأمازيغية 

يعتبر الأستاذ ابراهيم أخياط، قيدوم الحركة الأمازيغية، بكونه ينتمي للجيل الأول المدافع عن الأمازيغية، من خلال الجمعية المغربية للبحث والتبادل الثقافي. وفضلا عن ذلك، تقلد الفقيد مهام ريادية كإشرافه على إدارة أول مجلة أمازيغية “أمود” وجريدة “تامونت” ومن آخر إصدارته “النهضة الأمازيغية: كما عشت ميلادها وتطورها” التي يسرد فيها مسار الحركة الأمازيغية.
ويعود له الفضل كذلك في ظهور العديد من الجمعيات الأمازيغية، وساهم في ظهور جيل من المثقفين المهتمين بالأمازيغية. وشخصيا، كانت لي مع الفقيد علاقة خاصة، حيث كان بمثابة الأخ الأكبر لي، حيث احتضنني عندما أكملت دراساتي وعدت من الاتحاد السوفياتي، وواكبني في بادية عملي ولعب دورا كبيرا في حياتي المهنية، حيث كان له الفضل في توجيهي للعمل في وزارة الثقافة.
كان وطنيا كبيرا، ويشكل رحيله خسارة للوطن وللحركة الأمازيغية، التي ساهم بشكل كبير في جعلها حركة مدنية ديمقراطية مسالمة.

بيان اليوم

Top