ثلاثة أعوام من المعاناة لعائلة إيراني ألماني محكوم بالإعدام

تعيش عائلة الإيراني الألماني جمشيد شارمهد منذ ثلاثة أعوام على إيقاع احتجازه في الجمهورية الإسلامية: اتصالات هاتفية نادرة تفصل بينها أشهر، إحباط لعدم إدراج اسمه في أي من صفقات إفراج عن أجانب تم ت مؤخرا، وخشية من أن يتم في أي لحظة، تنفيذ حكم إعدام صادر في حقه.

تنتظر العائلة أن تفتح كوة أمل بشأن المعارض البالغ 68 عاما، تتيح عتق رقبته من حبل المشنقة بعد إصدار القضاء الإيراني حكما بإعدامه في فبراير 2023 ثبتته المحكمة العليا في طهران في أبريل.

أتى الحكم في ختام محاكمة شارمهد الذي وقع في قبضة أجهزة الأمن الإيرانية أواخر يوليوز 2020 من خلال عملية لم تكشف طهران تفاصيلها، مكتفية بالقول إنها كانت “معقدة”.

ودين شارمهد بتهمة الضلوع في هجوم على مسجد في شيراز في جنوب إيران أودى بحياة 14 شخصا في أبريل 2008. 

ويعتبر ناشطون حقوقيون ومعارضون أن الرجل بيدق على رقعة الشطرنج المنبسطة بين إيران والدول الكبرى، حاله كحال غيره من الأجانب الذين أوقفتهم الجمهورية الإسلامية لانتزاع تنازلات أو تأمين الإفراج عن مواطنيها الموقوفين في الخارج.

وتقول عائلة شارمهد إن الأخير، وهو مطور لأنظمة المعلوماتية هاجر إلى ألمانيا في الثمانينات قبل الانتقال للإقامة في الولايات المتحدة، تعر ض للخطف على أيدي أجهزة الأمن الإيرانية أثناء عبوره الإمارات العربية المتحدة في يوليوز 2020، ون قل برا عبر الحدود إلى سلطنة عمان ومنها إلى إيران.

وفي حين تغيب الرواية الرسمية الإيرانية، قالت منظمة العفو الدولية إن شارمهد تعرض لـ”إخفاء قسري” تلته “محاكمة غير عادلة” وتعذيب.

وتجهل العائلة في أي سجن يقبع شارمهد، وتحض ألمانيا والحكومات الغربية على اتخاذ خطوات أقوى لضمان الإفراج عنه.

وتؤكد برلين بذل جهود لإنقاذه.

وقال متحدث باسم الخارجية الألمانية لوكالة فرانس برس “نواصل الدفع بشكل مكث ف لصالح جمشيد شارمهد وضد تنفيذ عقوبة الإعدام”.

وتابع “هدفنا هو الحؤول دون الإعدام. نحن نلجأ إلى كل القنوات لتحقيق ذلك”، مشيرا إلى أن عائلته “تختبر أمورا لا يمكن تخيلها أو تحم لها. نحن على تواصل دائم معهم منذ البداية، ونواصل القيام بكل ما في وسعنا لضمان ألا تذهب الأمور نحو الحد الأقصى”.

والاثنين، تجمع نحو عشرين شخصا أمام وزارة الخارجية في برلين في الذكرى الثالثة لإعلان إيران اعتقال شارمهد، وفق ما أفاد مراسل فرانس برس.

وحمل المتظاهرون لافتات كتب عليها “أفرجوا عن جمشيد” و”أوقفوا الإعدامات”.

ترى ابنته غزاله المقيمة في الولايات المتحدة أن ما تقوم به ألمانيا غير كاف.

وتقول لوكالة فرانس برس “لا يوجد أي ضغط (غربي على إيران). تعرض مواطن ألماني للخطف ولم يحصل شيء”.

وتضيف “هي لعبة. هم يضغطون وأنت تضغط. الضغط من قبلهم هو شنق والدي”.

وسمحت السلطات الإيرانية لشارمهد في يوليوز الحالي بإجراء اتصال هاتفي مع زوجته المقيمة في الولايات المتحدة، كان الأول منذ خمسة أشهر. كذلك، تواصل مع ابنته للمرة الأولى منذ عامين.

إلا أن غزاله تؤكد أن والدها بدا “متعبا” وكان يتحد ث بصوت “محط م”، فزاد الاتصال قلقها أكثر مما وف ر لها راحة، على رغم أنه امتد ساعة كاملة.

وتوضح “الاتصالات الهاتفية عظيمة لكنها أيضا مصدر قلق”، معتبرة أنها “دائما ما تخفي خلفها غرضا ما”.

وتتابع “هل كان ذلك (الاتصال) لإسكاتنا قبل أن يقوموا بإعدامه؟ هل كان وداعا؟ حاولت ألا أكون عاطفية” خلاله.

وأعلن القضاء في فبراير الماضي أن شارمهد “زعيم مجموعة تندر (مجلس المملكة) الإرهابية وقد ح كم عليه بالإعدام بتهمة الإفساد في الأرض من خلال التخطيط لأعمال إرهابية وقيادتها”، منها اعتداء على حسينية في شيراز أسفر عن مقتل 14 شخصا في أبريل 2008.

وتنفي عائلته كل التهم الموجهة إليه.

وتشير غزاله إلى أن شارمهد أوضح خلال الاتصال أنه غير مخول الكشف عن مكان توقيفه. وفي حين أن غالبية الموقوفين الأجانب يقبعون في سجن إوين في شمال طهران، لم ترد تقارير من سجناء آخرين أو منظمات حقوقية عن رصد وجوده هناك.

وزادت المخاوف من تنفيذ حكم الإعدام في حق شارمهد مذ أعدمت طهران في ماي الإيراني السويدي حبيب شعب الذي كان مدانا بتهمة “الإفساد في الأرض وتشكيل جماعة متمردة والتخطيط للعديد من العمليات الإرهابية وتنفيذها”.

ووفق منظمة العفو الدولية، أوقفت أجهزة الأمن الإيرانية شعب في تركيا في أكتوبر 2020 ونقلته إلى الجمهورية الإسلامية.

كذلك، أصدر القضاء في الجمهورية الإسلامية في 2017 حكما بإعدام الإيراني السويدي أحمد رضا جلالي الذي أوقف في العام السابق، لإدانته بتهمة “الإفساد في الأرض” والتعامل مع الاستخبارات الإسرائيلية وتزويدها معلومات عن علماء في البرنامج النووي الإيراني.

وأفرجت إيران في الأسابيع الماضية عن أربعة مواطنين أجانب كانوا موقوفين لديها، أبرزهم عامل الإغاثة البلجيكي أوليفييه فاندكاستيل، لقاء إفراج بروكسل عن الدبلوماسي الإيراني أسدالله أسدي الذي كان مدانا بتهم “الإرهاب”، ضمن صفقة تبادل توسطت فيها عمان.

وأعربت غزاله عن سرورها لعائلة فاندكاستيل، على رغم أن إطلاقه ترك مرارة لدى عائلتها.

وأوضحت “الإفراج عن بعض الرهائن لكن ليس جميعهم هو تجارة رابحة لإيران”.

وشددت على أنه كان يجب الإفراج “عن الجميع”، منتقدة غياب التنسيق بين الدول الأوروبية في هذا المجال.

وسألت “كم هو غير إنساني أن يتم التخلي عن أشخاص محكومين بالإعدام؟”.

Related posts

Top