حضور المرأة في الدورة 21 للمهرجان الوطني للفيلم بطنجة

تصادف الدورة الحالية للمهرجان الوطني للفيلم بطنجة؛ الاحتفال باليوم العالمي للمرأة، وبهذا الصدد، نخصص هذه الورقة لتسليط الضوء على قضايا المرأة التي تمت معالجتها في أفلام هذه الدورة حصريا، وكذلك الكيفية أو المنظور الذي تم من خلاله تناول هذه القضايا.
فإذا كانت السينما المغربية في فترة من فتراتها، وبالأخص في التسعينات من القرن الماضي، قد تميزت بالإشارة إلى المرأة في عناوين الأفلام، إلى حد أن تحول ذلك إلى تقليعة: للا حبي، البحث عن زوج امرأتي، نساء ونساء، مصير امرأة.. إلى غير ذلك من العناوين، ففي السنوات الأخيرة، ومن ضمنها الدورة الحالية للمهرجان الوطني للفيلم بطنجة، نلاحظ التخلي نسبيا عن ظاهرة الإشارة إلى المرأة في عناوين الأفلام، لكن هذا لا يعني أن قضايا المرأة غير حاضرة في هذه الأفلام، بل على العكس من ذلك، هناك غلبة لموضوعة المرأة، كما يمكن ملاحظة كذلك ارتفاع عدد المخرجات في هذه الدورة، بعد أن كانت الساحة السينمائية ببلادنا لا توجد بها مخرجات، أو أن عددهن كان يقل عن أصابع اليد الواحدة.

الأفلام الروائية الطويلة:

في الفيلم الطويل “آدم” الذي أخرجته مريم التوزاني، تم تقديم البطلة عبلة التي لعبت دورها الممثلة نسرين الراضي، باعتبارها بائعة الفطائر والحلويات المغربية في منزلها، من أجل توفير متطلبات العيش لابنتها، سيتغير مسار حياتها بعد ذلك، حين ستقصدها امرأة شابة حامل، كلاهما يحملان نفس المعاناة المترتبة عن الماضي، ويشغلهما هاجس واحد هو التخلص من ترسبات هذا الماضي.
نجد سيناريو هذا الفيلم قد ألفته المخرجة نفسها، وهذا تحول في التجربة الإبداعية للمرأة التي نادرا ما كانت تتجرأ على خوض غمار هذا النوع من الإبداع السينمائي.
في الفيلم الذي يحمل عنوان “خريف التفاح”، تم تقديم المرأة باعتبارها أم، تعيش ظروفا نفسية صعبة، حيث بمجرد ما ستضع مولودها، ستلجأ إلى الهروب، وستتهم من طرف زوجها بأنها خائنة وبأن المولود ليس من صلبه.
للإشارة فهذا الشريط هو من إنتاج امرأة، يتعلق الأمر برشيدة السعدي، مما يعني أن المرأة بدورها تنخرط في تقديم صورة سلبية عن بنات جنسها.

الفيلم الطويل “الحب في زمن الحرب”

نجده هو الآخر يسند دور البطولة لامرأة، يتعلق الأمر ب “روزا” التي تقمصت دورها الممثلة فرح الفاسي، وهي تعيش في المهجر، في إسبانيا تحديدا، نشأت وترعرعت هناك، وستقرر البحث عن جذورها في بلدها الأصلي المغرب. هذا الفيلم بدروه ساهمت في إنتاجه امرأة، يتعلق الأمر بجميلة صديق، وهذا الميدان، أي ميدان الإنتاج لم تكن تنخرط فيه المرأة المغربية بنفس القوة التي نشهدها في وقتنا الحاضر.
فيلم “لالة عيشة” يسلط الضوء على مسار زوجة صياد سمك، تتقاسم وإياه قساوة العيش، سيما وأن لهما خمسة أبناء.
الفيلم الطويل “نساء الجناح ج” هو فيلم نسائي بامتياز، على اعتبار أن أبطاله نساء: ثلاث مريضات وممرضة، تدور وقائعه في جناح للطب النفسي، سيتم تقديمهن باعتبارهن تجمع بينهن روابط صداقة متينة، وسيتم تسليط الضوء على أفعال يتواطأن في القيام بها، من قبيل التسلل خارج الجناح، والقيام بعدة مغامرات.
في فيلم “أبواب السماء” سيتم تقديم المرأة باعتبارها ضحية، وهذا ديدن معظم الأفلام التي تتطرق لقضايا المرأة سواء في هذه الدورة أو في غيرها. بطلة الفيلم “نورا” التي شخصت دورها الممثلة نادية أيت، تعرضت لاغتصاب جماعي، وستحاول التخلص من جنينها.
في فيلم “من أجل القضية” سيتم تقديم البطلة باعتبارها مطربة، وهي امرأة فرنسية، وباعتبارها إنسانة متحررة، سنجدها تقدم مشاهد مخلة بالحياء، بل صادمة بالنسبة لمجتمع معروف بطابعه المحافظ، مثل المغرب.
في فيلم “اللكمة” يتم تقديم المرأة باعتبارها زوجة بطل ملاكمة، ودورها في مساعدته على النجاح في ميدانه الرياضي، وهذا تجسيد لتلك المقولة المأثورة: وراء كل رجل عظيم امرأة.
في فيلم “امرأة في الظل”، وبالمناسبة هذا من الأفلام التي كنا قد أشرنا إليها في بداية هذه الورقة والتي قلنا بصددها إنها تساير تقليعة الإشارة إلى المرأة في العنوان، باعتبار جاذبيتها.
أسهم دور البطولة في هذا الفيلم إلى المرأة كذلك، الشابة سارة التي شخصت دورها الممثلة نادية كوندا، حيث تم تقديمها باعتبارها مطلقة، هناك غلبة للتصور الذي يقوم بتقديم المرأة المغربية باعتبارها ضحية المجتمع، في كل الأفلام السينمائية المغربية، سواء في هذه الدورة من المهرجان أو في غيرها.

الأفلام الروائية القصيرة:

في فيلم “ألو بسي” تدور الوقائع حول علاقة البطلة ماريا التي شخصت دورها الممثلة نفيسة بنشهيدة، بزبنائها، باعتبارها عاملة في مركز لاستقبال مكالمات هاتفية لأجل الدعم النفسي. وهذه من المهن أو الانشغالات النسائية التي قلما عالجتها السينما المغربية، وهذا هو الأساسي في الإبداع السينمائي وهو التطرق إلى قضايا جديدة وتناولها بصفة خاصة بمنظور مغاير.
فيلم “عزية” أي امرأة سوداء، يتم عرض المرأة باعتبارها عاهرة، ويتم اللعب إذا صح التعبير
على مسألة لون البشرة باعتباره شيئا صادما أو غير مرغوب فيه.
من الأفلام القصيرة التي كانت وراء إخراجها وتأليف نصها السيناريستي امرأة، نجد فيلم “جنة” للمبدعة مريم عبيد، وعنوان الشريط هو الاسم الذي تحمله البطلة، حيث يتم تقديمها باعتبارها وفية لزوجها الذي استدعي لأداء الخدمة العسكرية، ووفاؤها هذا سيجعلها تغامر للالتحاق به.
فيلم “صامتة” هو من بين الأفلام التي تقدم صورة سلبية عن المرأة، حيث يتم يتناولها باعتبارها عاهرة، وفي ضوء ذلك يتم تسليط الضوء على مجموعة من المظاهر الاجتماعية المنحطة.
هكذا يتبين من خلال هذا الجرد، أن أفلام الدورة الحادية والعشرين للمهرجان الوطني للفيلم بطنجة، قد تناول موضوعة المرأة من زوايا متعددة، وبقدر ما أنها قدمت صورة سلبية عنها، بالقدر نفسه الذي ارتقت بها إلى مرتبة مشرفة، غير أن الملاحظة السلبية التي يمكن تسجيلها بهذا الخصوص، هو وقوع العديد من هذه الأفلام في ما يمكن اعتباره نمطية، بمعنى ان المعالجة الفنية هي نسخة مكررة لأفلام أنتجت سابقا سواء لمخرجي تلك الأفلام أنفسهم أو لغيرهم من المخرجين وهذا من شأنه أن يؤدي إلى موت السينما.
في سياق الحديث عن حضور المرأة في أفلام الدورة الحالية للمهرجان، من المقرر ان يتم مساء يومه السبت بمناسبة حفل الاختتام، تكريم المخرجة السينمائية والتلفزيونية فريدة بورقية التي تعد من بين الرائدات في هذا الحقل الفني، وقد أخرجت العديد من الأعمال، من بينها الفيلم السينمائي الطويل طريق العيالات، وهو فيلم نسائي بامتياز.
كما تجدر الإشارة إلى أن هذه الدورة، تتميز بمشاركة عدد أوفر من المخرجات، خاصة في ما يتعلق بالفيلم القصير، كما أن حضورا وافرا للنساء ضمن لجان تحكيم مختلف مسابقات أفلام الدورة.

برنامج يومه ال سبت:

< العاشرة صباحا بفندق الريف
مناقشة أفلام المسابقة
تليها ندوة حول حصيلة السينما المغربية للسنة المنصرمة
< السابعة مساء بقاعة روكسي:
حفل الاختتام

> مبعوث بيان اليوم إلى طنجة: عبد العالي بركات

Related posts

Top