شكرا أيها القديس…

أعلن أسطورة الريال مدريد، الحارس الاسباني المخضرم إيكر كاسياس، يوم الثلاثاء عن اعتزاله النهائي، بعد سنوات من التألق، طبع خلالها كرة القدم الاسبانية والعالمية، بكثير من العطاء.
كاسياس دخل التاريخ من بابه الواسع كواحد من الأسماء القليلة التي  أعطت لحراسة المرمى الكثير من الزخم والعنفوان، كما هو الحال بالنسبة للإيطالي الظاهرة جيانلويجي بوفون.
الأكيد أن الاسباني يعد وبدون أي منازع، أفضل حارس أنجبته قلعة ريال مدريد المعطاءة “لكاستيا”، ومعها كرة القدم الإسبانية عموما، نال بكثير من الاستحقاق، كل ما يمكن أن يحلم به أي رياضي من هذه القيمة.
خاض هذا الحارس الاستثنائي  725 مباراة، حقق مع الريال 19 لقباً، منها 3 في دوري أبطال أوروبا، 3 في مونديال الأندية، 2 في السوبر الأوروبي، 5 ألقاب في الدوري الإسباني، 2 في كأس الملك، 4 ألقاب في السوبر الإسباني.
أرقام تترجم إلى حد كبير قيمة الرجل، وتعكس مساره الغني، حمل قميص المنتخب الإسباني في 167 مناسبة، تمكن خلالها من الوصول أيضا إلى القمة، بالفوز  بكأس العالم مرة، ولقبين أوروبيين، ولقب تحت 20 سنة، أي أنه عانق المجد وهو لازال في بداية الطريق.
أنهى مساره مجبرا بالدروي البرتغالي، بعد تنكرت بشكل غريب إدارة الريال، حقق مع بورطو لقبين للدوري، ولقبين آخرين واحد في الكأس، ومثيله بالسوبر البرتغالي.
كما أن حصيلته على مستوى الجوائز الفردية، تليق حقيقة برياضي من المستوى العالي ككاسياس، إذ اختير خمس مرات ضمن التشكيلة المثالية “فيفابرو”، وخمس مرات أيضا كأفضل حارس في العالم من قبل الاتحاد الدولي، إلى جانب ذلك، فاز أيضا بجائزة برافو وجائزة زامورا، وقد كُرّمت مسيرته الرياضية الحافلة بجائزة “أمير أستورياس” الدولية للرياضة، بالميدالية الذهبية الملكية للاستحقاق الرياضي، كما قلدته الحكومة الإسبانية بالميدالية الذهبية مكافأة على مساره المثالي.
والأكيد أن ذاكرة عشاق كرة القدم ستحتفظ بصور ولحظات جميلة، دخلت التاريخ من بابه الواسع، رفع خلالها  “القديس” كؤوسا وجوائز، كما سيتذكرون تصدياته الرائعة، كانت بحق مفتاح  تحقيق ريال مدريد لانتصارات كرست تفوقه الأوروبي، ليصبح واحدا من أهم المرجعيات في تاريخ النادي الملكي، كسبه الاحترام وتقدير عشاق النادي بجل بقاع العالم.
لم تكن مغادرة كاسياس للريال بالقرار السهل، هو الذي التحق بالنادي بعمر تسع سنوات، وتدرج بكل الفئات إلى أن وصل للقمة، كما لم يكن بالأمر الهين أن ينزل من ناد كبير برهانات كبيرة، ليمارس ضمن فريق متوسط الإمكانيات والطموحات، خلال السنوات الأخيرة مر بظروف صحية حرجة، بعد تعرضه لأزمة قلبية، اضطرته للابتعاد عن الملاعب لمدة أكثر من عام.
وكخطوة للتكفير عن الخطأ التاريخي الذي سبق أن وقعت فيه إدارة الريال مدريد، تقرر عودة كاسياس لفريقه الأم بمهمة محددة، كمستشار لرئيس النادي فلورنتينيو بيريز، بعدما كان يطمح لدخول انتخابات رئاسة الاتحاد الإسباني لكرة القدم، إلا أنه قرر في الأخير الانسحاب، والعودة من حيث بدأ… 
هكذا ستفقد المرمى قديسا ورجلا صالحا حماها بكثير من الأمانة والثقة، ليدخل عشاق الفن الجميل عبر العالم مرحلة الانتظار، إلى حين ظهور حارس آخر من نفس القيمة، ليتسلم مسؤولية الحراسة بنفس الأمانة والعطاء الوفير .
من يكون يا ترى؟ ومن هو البطن الذي سينجب كسياس آخر ؟

>محمد الروحلي

Related posts

Top