عقد نفطي بين الجزائر وإسبانيا في ذروة القطيعة الدبلوماسية بين البلدين

أبرمت شركة سوناطراك النفطية الجزائرية عقد تعاون في مجال الطاقة مع مجمع نفطي يتكون من شركتين إندونيسية وإسبانية بغلاف مالي يقدر بنحو 800 مليون دولار، ويأتي ذلك في خضم القطيعة الدبلوماسية والاقتصادية التي يعيشها البلدان (الجزائر وإسبانيا) منذ صائفة العام الماضي، الأمر الذي يمهد لإمكانية تطبيع قريب بين البلدين.

وأعلنت شركة سوناطراك الحكومية المحتكرة لقطاع النفط في الجزائر عن توقيع عقد بقيمة 800 مليون دولار مع شركتين أجنبيتين، إحداهما إسبانية، وهو ما يشكل مفاجأة بالنظر إلى الأزمة الدبلوماسية القائمة بين البلدين منذ منتصف العام الماضي.

ويتعلق العقد بين سوناطراك والمجمع النفطي المكون بين شركتي “بيترامينا” الإندونيسية و”ريبسول” الإسبانية بالاستغلال النفطي في ما يعرف بمنزل لجمات (المربع 405 أ).

وحسب بيان صادر عن الشركة الجزائرية، فإن العقد هو من نوع “تقاسم الإنتاج”، وهو جزء من مذكرة تفاهم أبرمت بين الأطراف الثلاثة في سبتمبر الماضي، الأمر الذي يطرح إمكانية تطبيع العلاقات بين البلدين انطلاقا من المشروع الجديد، ويعزز التصريحات الجزائرية بكون تعاونها مستمر في هذا المجال مع إسبانيا.

وذكر البيان أن “بيترامينا وريبسول هما حاليا شريكان لسوناطراك في عقد لجمات وأولاد نصير (المربعان 405 و215). وأن العقد الذي يربط بين الشركات الثلاث يدير تسع ودائع”، وأنه يعكس رغبتها في “مواصلة شراكتها” في المجال المعني و”تعزيز التعاون في مجال الاستكشاف والإنتاج”.

ولفت بشأن الأعمال التي سيتم تنفيذها بموجب العقد الموقع بين سوناطراك وشريكيها الإسباني والإندونيسي، إلى أنها “تتكون من إطلاق وحدة لاستخراج غاز البترول المسال، وحفر 12 بئرا نفطية وأخرى لحقن المياه، وربط آبار جديدة وتطوير وصيانة المرافق القائمة، وخط زلزالي ثلاثي الأبعاد للاستحواذ، ومشروع الغاز المتناوب، وتنفيذ مشروع رقمنة، ودراسة معملية حول الاستخلاص المعزز للنفط، ومشروع إنتاج الطاقة الشمسية”.

ويعكس المشروع طموحا كبيرا لدى المجمّعين لاستخدام التقنيات التكنولوجية، الأمر الذي يفتح المجال أمام تعاون وثيق بين الطرفين يتجاوز حدود الفتور الذي يخيم على الشأن السياسي والدبلوماسي بين البلدين، كما يعزز فرص الجزائر لإعادة مكانتها كممون أساسي لإسبانيا بالنفط والغاز.

ويبلغ إجمالي قيمة العقد 800 مليون دولار، وسيتيح المشروع استعادة قرابة 150 مليون برميل من المكافئ النفطي، ليكون هو المشروع الثاني من نوعه الذي تبرمه سوناطراك مع شركاء دوليين بعد ذلك الذي أبرم منذ أشهر قليلة مع الإيطاليين والصينيين.

وكانت سوناطراك قد أعلنت في الميزانية العمومية للعام 2022 المنشورة في مارس الماضي، أنها أبرمت ثلاثة عقود رئيسية تحت رعاية قانون المحروقات الجديد بقيمة إجمالية بلغت 6 مليارات دولار، ليكون بذلك أولى بواكير قانوني الاستثمار والطاقة الجديدين اللذين تعول عليهما الجزائر لتفعيل القطاع بعد سنوات من نفور الشركات العالمية بسبب التدابير التشريعية السابقة.

وتم توقيع العقد الأول مع عملاق الطاقة الإيطالي “إيني”، والثاني مع شركة “سينوباك” الصينية ، والثالث مع ثلاث شركات غربية هي “إيني” وأوكسيدونتال” و”توتال”، وذلك من أجل تطوير الحقول التي تهدف إلى تحسين إمداد الغاز الجزائري إلى إيطاليا، وهو أكبر عقد وقعته سوناطراك منذ عدة سنوات.

وكانت الجزائر قد أعلنت القطيعة مع إسبانيا في شهر يونيو الماضي، عقب دعم حكومة مدريد لسيادة المغرب على صحرائه.

ورغم إعراب الجزائر عن التزامها بالاتفاقيات المبرمة مع إسبانيا لتموينها بكميات الغاز المطلوبة، إلا أنها أوقفت الضخ عبر الخط المغاربي الذي يمر من الأراضي المغربية، وسجلت كميات التموين انخفاضا خلال الأشهر الأخيرة لأسباب غير معلومة، ويجهل إن كانت تقنية أم ذات خلفية سياسية.

وتراهن الجزائر على تغيير في هوية الحكومة الإسبانية بعد الانتخابات التشريعية المبكرة، من أجل مراجعة الموقف الإسباني تجاه قضية الصحراء المغربية، وإمكانية إعادة تطبيع العلاقات بين البلدين وفق المصالح المشتركة وتفعيل التعاون الاقتصادي والتجاري بوتيرته السابقة.

وكانت شركة سوناطراك الجزائرية قد شرعت في المراجعة التصاعدية لأسعار الغاز المورد إلى إسبانيا، كما فعلت مع شركائها الآخرين لمواءمة أسعار العقود طويلة الأجل مع أسعار السوق.

Related posts

Top