فاجعة السعيدية.. CNDH يدين استعمال الرصاص الحي من قبل القوات الجزائرية

عقب الحادثة الأليم الذي عرفته الحدود البحرية بين المغرب والجزائر على مستوى مدينة السعيدية الثلاثاء الماضي والتي تسببت في مقتل شابين مغربيين وإصابة شخصين واعتقال أحدهما بالجزائر، ما يزال الجدل سيد الموقف وما تزال الإدانات تتقاطر بخصوص سلوك القوات الجزائرية المعادي والذي أفضى إلى جريمة بشعة في حق شباب مغاربة تاهوا في عرض البحر.

واستنكرت عدد من الهيئات الحقوقية سلوك خفر السواحل الجزائري الذي أطلق الثلاثاء الماضي وابلا من الرصاص على شبان مغاربة تاهوا في عرض البحر ليجدوا أنفسهم تجاوزا الحدود بأمتار قليلة بين مدينة السعيدية والمياه الإقليمية الجزائرية.

في هذا الصدد، اعتبر المجلس الوطني لحقوق الإنسان (CNDH) فاجعة حدود المياه الإقليمية بالسعيدية انتهاكا للحق في الحياة ومسا صارخا وخطيرا بحقوق الإنسان على خط حدودي غير واضح ومنطقة غير متنازع عليها.

وأدان المجلس الوطني لحقوق الإنسان في بلاغ له، توصلت “بيان اليوم” بنسخة منه، استعمال الرصاص الحي من طرف قوات خفر السواحل الجزائرية بالمياه الإقليمية الشرقية بالبحر الأبيض المتوسط، اتجاه مواطنين عزل، عوض المبادرة، كما هو متعارف عليه عالميا، لتقديم الإغاثة لأشخاص تائهين في مياه البحر ومساعدتهم، في انتهاك جسيم للمعايير الدولية والقانون الدولي لحقوق الإنسان.

إنقاذ حياة إنسان في البحر يعتبر مبدأ أساسيا

في القانون الدولي

واستغرب المجلس لسلوك خفر السواحل الجزائري، متسائلا عن أسباب لجوء السلطات البحرية الجزائرية إلى استخدام الرصاص والذخيرة الحية ضد أشخاص غير مسلحين، ولا يشكلون أي خطر أو تهديد وشيك للحياة، حيث أكد على أن ما تعرض له الضحايا يعد انتهاكا جسيما لحقوق الإنسان وحرمانا تعسفيا من الحق في الحياة، “وهو حق مطلق، يتوجب حمايته، مهما كانت الظروف والأسباب والملابسات والحيثيات، خاصة أن الضحايا كانوا في خط حدودي غير واضح، وفي منطقة بحرية غير متنازع عليها”، تقول الهيئة الحقوقية المذكورة.

وذكر المجلس الوطني لحقوق الإنسان بكون إنقاذ حياة إنسان في البحر يعتبر مبدأ أساسيا في القانون الدولي ولا يحتمل التقييد ويسمو على جميع الاعتبارات الأخرى، معتبرا في هذا الصدد، الفعل الذي ارتكبته قوات خفر السواحل الجزائرية انتهاكا خطيرا للمعايير الدولية المتعلقة بحماية حياة الأشخاص وسلامتهم في البحار لاسيما منها، مقتضيات الاتفاقية الدولية لحماية الحياة البشرية في البحر المعتمدة، فاتح نونبر سنة 1974 والاتفاقية الدولية للبحث والإنقاذ في البحار المعتمدة في 27 أبريل 1979 كما تم تعديلها في 2004 وخاصة الفصول 1 و2 و3 من مرفق هذه الاتفاقية، فضلا عن خرقها الصريح للمادة 98 من اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار المعتمدة في 10 دجنبر 1982.

وبعدما شدد على الحق المشروع لأسرة الشاب ع. م في استلام جثمانه، الذي ما يزال في الجزائر، حتى يتسنى لأسرته إكرامه ودفنه وفق العادات الاجتماعية والثقافية بالمغرب، استغرب المجلس الوطني لحقوق الإنسان للسرعة التي طبعت محاكمة الشاب الثالث إ.ص الذي أصيب واعتقل في الحادثة والذي تقرر إدانته بـ 18 شهرا، وشدد على مشروعية مطالب أسرته الداعية إلى إطلاق سراحه وتسليمه للسلطات المغربية.

من جهة أخرى، أكد المجلس على أنه سيتابع حق الناجي م.ق وأسر الضحايا في الانتصاف والولوج إلى العدالة، كما أكد أنه عمل على تسجيل قرار النيابة العامة بفتح تحقيق في الحادثة، حيث دعاها إلى نشر نتائج التحقيقات التي ستتوصل إليها.

كما راسل المجلس الوطني لحقوق الإنسان، في سياق الفاجعة، المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان بالجزائر، من أجل العمل على تمتيع الشاب إ.ص الموجود رهن الاعتقال بالجزائر بكافة ضمانات المحاكمة العادلة والعلنية والسماح لملاحظين دوليين بحضورها وضمان سلامته الجسدية والنفسية.

إلى ذلك، جدد المجلس تأكيده على مواصلة تتبعه عن كثب لتطورات هذه الفاجعة وإعمال قواعد القانون الدولي لحقوق الإنسان والمعايير الدولية في كل ما يرتبط بها، صونا للعدالة وللحقوق الجوهرية للضحايا وأسرهم في الانتصاف.

المنتدى المغربي للديمقراطية وحقوق الإنسان يدعو إلى فتح تحقيق دولي

من جهته، دعا المنتدى المغربي للديمقراطية وحقوق الإنسان إلى فتح تحقيق دولي ترعاه الأمم المتحدة في جريمة ضد الإنسانية ومحاسبة القادة العسكريين الجزائريين ومن نفذ عملية مقتل سياح مغاربة عزل رميا بالرصاص الحي.

وعلى إثر هذه التطورات المقلقة الماسة بالحق المقدس في الحياة والأمان الشخصي لمواطنين مغاربة عزل جدد المنتدى المغربي للديمقراطية وحقوق الإنسان مؤازرته ومواساته لذوي وأسر الضحايا وعائلاتهم، معلنا في هذا الإطار عن إدانته وشجبه للسلوك العنصري واللاقانوني الصادر عن قوات خفر السواحل الجزائرية في مقتل مواطنين مغاربة.

كما طالب المنتدى بإرجاع الجثة الثانية التي قذفتها أمواج البحر إلى شاطئ بورساي في الجزائر، لعائلة الهالك التي تنتظر نقل جثة ابنهم إلى التراب المغربي قصد دفنه .

المنتدى، دعا، أيضا، مجلس الأمن الدولي وهيئة الأمم المتحدة وأجهزتها الأساسية كالمفوضية السامية لحقوق الإنسان إلى فتح تحقيق حول مقتل سياح مغاربة وترتيب الجزاءات في حق القادة المسؤولين وكل المتورطين في عملية القتل غير القانونية ومحاسبتهم.

كما طالب المنتدى المذكور الآليات الإفريقية كاللجنة الإفريقية لحقوق الإنسان والشعوب إلى إدانة الفعل الإجرامي الجزائري ومحاسبة الجناة، معربا عن استعداده لاتخاذ كافة الخطوات حتى مساءلة منتهكي حقوق الإنسان والقتل خارج نطاق القانون ومقترفي الجرائم ضد الإنسانية العسكريين الجزائريين.

رواية جزائرية متضاربة..

وفور انتشار الخبر على مواقع التواصل الاجتماعي وتعدد الإدانات من مؤسسات مختلفة، سارعت الجزائر إلى ترويج روايات مختلفة في وسائل إعلامها والتي تضاربت في مصداقيتها، حيث ربطت تقارير بكون الحادثة ترتبط بتهريب المخدرات، قبل أن تخرج رواية جديدة بشأن تهريب الدرجات المائية عبر الحدود البحرية بين مرسى بن مهيدي الجزائرية ومدينة السعيدية المغربية.

السلطات الجزائرية التي صمتت بشكل رسمي منذ وقوع الفاجعة يوم الثلاثاء الماضي لم تعلق سوى أول أمس الأحد، بالرغم من كونها هي الطرف الأساسي في الحادثة وبالرغم من كون قواتها هي من شرعت في قتل مغاربة عزل في الحدود البحرية مع المغرب.

تعليق الجزائر الرسمي فند الروايات الأولى التي جرى تداولها بخصوص تهريب المخدرات، حيث اكتفت السلطات الجزائرية هذه المرة بالقول إن الشباب المغربي لم يستجيبوا لتحذيرات قواتها البحرية.

وأفادت وزارة الدفاع الجزائرية في بلاغ لها بأن وحدة من حرس السواحل تابعة للواجهة البحرية الغربية اعترضت دراجات مائية “اخترقت مياهنا الإقليمية بعد إطلاق تحذير صوتي وأمرتهم بالتوقف عدة مرات”، مضيفة أن إطلاق التحذير الصوتي “قوبل بالرفض، بل وقيام أصحاب الدراجات المائية بمناورات خطيرة”.

وقال بيان الجزائر “بالنظر إلى أن هذه المنطقة البحرية الحدودية تعرف نشاطا مكثفا لعصابات تهريب المخدرات والجريمة المنظمة، وأمام تعنت أصحاب هذه الدراجات المائية، أطلق أفراد حرس السواحل عيارات نارية تحذيرية، وبعد عدة محاولات تم اللجوء إلى إطلاق النار على دراجة مائية، مما أدى إلى توقف سائقها، فيما قام شخصان آخران بالفرار”.

وبشأن الاحتفاظ بجثة شاب مغربي ممن قتلتهم قوات البحرية الجزائرية، لفت بلاغ وزارة الدفاع أن دورية أخرى لحرس السواحل انتشلت، بعد يوم واحد من الحادثة الماضي جثة مجهولة الهوية مصابة بطلق ناري جرى تحويلها إلى مصلحة حفظ الجثث بمستشفى تلمسان.

هذه الرواية التي تعد الرواية الثالثة أو الرابعة من الروايات التي روجتها الجزائر، نفاها الشاب الناجي الوحيد من الحادثة الذي أكد في تصريحات صحفية أن حرس الحدود الجزائري أوقفهم وأعلمهم بدخول المياه الإقليمية الجزائرية قبل أن يشرعوا في العودة نحو السعيدية التي تاهوا عن طريق ميناءها ليفاجؤؤا بوابل من الرصاص بعد لحظات من شروعهم في العودة ليؤدي ذلك إلى وفاة شخصين وإصابة شخص ثالث واعتقاله.

18 شهرا للشاب إ.ص الذي اعتقلته قوات خفر السواحل الجزائري

وسارعت الجزائر قبل البلاغ الرسمي إلى عرض الشاب الذي اعتقلته إ.ص على أنظار القضاء الذي قضى في حقه بـ 18 شهرا سجنا نافذا، دون أن توضح ملابسات هذا الحكم وان تنسق بهذا الصدد مع السلطات المغربية خصوصا وأنها تزعم أن الأمر يرتبط بشبكات تهريب المخدرات.

إلى ذلك، علق محمد الغلوسي رئيس الجمعية المغربية لحماية المال العام على الرواية الجزائرية، حيث قال إن هي رواية مضللة ومتهافتة تسعى إلى تبرير الجريمة وتوفير الحماية للجناة وبناء أدلة مفبركة.

وأضاف الغلوسي في تدوينة على صفحته الرسمية على موقع فيسبوك “هي رواية تحمل في صلبها أسباب انهيارها، ذلك أن هناك ناج من الحادث حكى بتفصيل ما وقع لرفاقه وهي تصريحات منسجمة وعفوية توضح وجود نية مبيتة للانتقام من شبان عزل دون أن يشكلوا أية خطورة”.

وأوضح الغلوسي أن ما يفيد أيضا أن الرواية مفبركة وتهدف إلى طمس الحقيقة وتبييض سلوك إجرامي خلافا للإدعاءات المزيفة لعسكر الجزائر هو ارتكابه في أوقات سابقة لأفعال مماثلة وبشكل متواتر، متابعا “كما أن استعمال الشباب لوسيلة جيتسكي وظهورهم بملابس السباحة وعدم حملهم لأي سلاح وبوجوه مكشوفة وقبل غروب الشمس تفيد أن الأمر لا يتعلق بأي هجوم أو عمل يمكن أن يشكل خطورة ما”.

يشار إلى أن الفاجعة التي وقعت الثلاثاء الماضي على الحدود البحرية بين المغرب والجزائر خلفت وفاة شابين مغربين والمس بحقهما في الحياة، جثمان أحدهما لا يزال موجودا بالجزائر، كما خلفت مسا خطيرا بالسلامة الجسمانية لشاب ثالث، لازال في غرفة الإنعاش بوجدة، فيما جرى اعتقال شاب مغربي، تقررت إدانته بثمانية عشر شهرا.

 

Related posts

Top