فلسطين فوق بوليميك الصغار…

دعم الدول العربية، وغير العربية، لنضال الشعب الفلسطيني، لا يمكن إلا الترحيب به وتثمينه والتنويه به، وهو ما ينطبق أيضا على المبادرات التي أعلنت عنها الجزائر خلال استقبال الرئيس الفلسطيني محمود عباس «أبو مازن».
الجزائر تعلن اليوم تخصيص مائة مليون دولار لدعم فلسطين، وثلاثمائة منحة دراسية لطلبة فلسطينيين، كما أعلن أنها ستستضيف لقاء للفصائل والقوى الفلسطينية، وهي خطوات إيجابية في كل الأحوال، ولا يمكن سوى الترحيب بها، وأيضا انتظار تطبيقها على أرض الواقع.
المغرب لم يجعل يوما دعم فلسطين مقترنا بأي سياق سياسي أو ديبلوماسي، ولَم يربط ذلك بأي حساب ثنائي أو إقليمي، كما أن المنجزات العملية على أرض الواقع داخل فلسطين، وفِي القدس، لم تجعلها المملكة شرطا للابتزاز أو للمن، ولَم تتبعها بأي دعاية تسويقية، واعتبرت كل ما تقوم به واجبا أخلاقيا ومبدئيا.
غباء عدد من الأبواق الإعلامية الجزائرية وبلادة بعض مهرجي النظام العسكري هناك، جعلهم يقدمون الأمر بما يجعله إساءة للشعب الفلسطيني ومقاومته الوطنية، ولَم يخجلوا، مرة أخرى، في التلميح للمغرب هنا أيضا، لكن حرص الرئيس الفلسطيني على أن تكون كلمته في الجزائر متوازنة، فوت عليهم الفرصة، وبدوا عراة من كل عقل أو أخلاق.
تبون حاول من خلال استقبال الرئيس الفلسطيني تصحيح أخطاء خرجاته الإعلامية الغبية، التي روجها من قبل عن جدول أعمال القمة العربية المقبلة وأهدافها، لكنه لم يدرك أن تاريخ التضامن المغربي مع قضية الشعب الفلسطيني قديم، ويمتلك تميزه الواضح منذ عقود، ويتم على أرض الواقع ويلمسه الفلسطينيون، وهو لم يقترن يوما بأي حساب سياسي أو استراتيجي أو… ابتزاز.
السؤالان الجوهريان الباقيان بلا جواب إلى اليوم، هما: كيف لنظام يدعي حرصه على وحدة الدول العربية وتضامنها، وفي نفس الوقت يصر على تمزيق وحدة وسيادة بلد جار له، ولا يتردد في التناور والتآمر علنا وجهارا عليه؟ ثم كيف لمن لم يقدر على الحوار الداخلي مع شعبه والتفاعل الإيجابي مع انتظاراته وتحقيق تطلعاته الاجتماعية والديموقراطية أن يرعى حوار الفصائل الفلسطينية ويسهل الوصول إلى حوار فلسطيني داخلي وإنجاحه؟
هذان السؤالان يمثلان دلالة فشل النظام العسكري الجزائري، ومصدر شعوره بالعجز، وهما مؤشران معبران عن افتقاد كل قراراته الديبلوماسية للمصداقية…
الماكينة الإعلامية والديبلوماسية التابعة للنظام العسكري الجزائري كانت تنتظر جر المغرب لسجال عقيم على خلفية زيارة الرئيس الفلسطيني للجزائر، ومن ثم تحريف مجريات الكلام، لكن ذلك لم يقع، واستمرت المملكة متجاهلة صبيانية عسكر البلد الجار، واعتبرت فلسطين ليست موضوع سجال مع أي كان، وأن نضال شعبها يستحق دعم ومساندة الجميع، وأن لجنة القدس ووكالة بيت المال في حاجة إلى البلدان العربية والمسلمة كي تسدد التزاماتها المتأخرة منذ سنوات، وأن المغرب وحده من يحرص على متابعة المنجز العملي على أرض الواقع، وما فتئ يحث الآخرين على القيام بالشيء ذاته، وعندما يعلنون عن أي خطوة بهذا الخصوص، مهما كان حجمها، لا يمكنه إلا الترحيب بذلك.
انتهى الكلام.

<محتات‭ ‬الرقاص

[email protected]

Related posts

Top