فلسطين…

في الظرفية الوبائية والمجتمعية القاسية بكل بلدان العالم، تستمر معاناة الشعب الفلسطيني، وتنضاف إلى تفاقم المأساة  المتواصلة منذ أزيد من نصف قرن بسبب الاحتلال الإسرائيلي…
قمع القوات الإسرائيلية يستمر هذه الأيام  في القدس وقطاع غزة، ووقع الاعتداء على عشرات الفلسطينيين المعتصمين، بحي» الشيخ جراح» وسط المدينة،  في محيط منازلهم المهددة بالاستيلاء عليها  لصالح جمعيات مستوطنين، وقد تعرض المعتصمون للضرب ولإطلاق  قنابل الغاز والصوت، وأقدمت قوات الاحتلال على اعتقال عدد منهم، كما تعرض بعضهم لإصابات وجروح…
ولم تتردد القوات الإسرائيلية أيضا في اقتحام باحات المسجد الأقصى أثناء صلاة التراويح، وهو ما نجم عنه أكثر من مائتي إصابة، وتفاقم الاحتقان واحتدت المواجهة وسط وفِي محيط المسجد الأقصى…
العالم يتفرج على هذه المعاناة التي تلف المقدسيين، وتتابع الدول العظمى البلطجة الإسرائيلية التي تصر على إدامة المأساة الفلسطينية، وتعميق معاناة الفلسطينيين.
كل المبادرات، مهما كانت أشكالها وسياقاتها، التي تتطلع للسلام في الشرق الأوسط، لا يمكن أن تنجح من دون انخراط إسرائيل في مسلسلاتها بشكل عملي وفعلي، وما لم يتحقق أثر ذلك على أرض الواقع ويلمسه الفلسطينيون، وما لم تتوقف إسرائيل عن الخطوات أحادية الجانب، وعن استهداف أراضي الفلسطينيين ومنازلهم، وأيضا مقدساتهم  الدينية.
إن جوهر الصراع يبقى هو»الأرض»، و» القدس» تبقى العنوان المركزي لأي دينامية سلام، وللنضال الفلسطيني بشكل عام.
طيلة زمن الاحتلال، استمرت إسرائيل في مصادرة  أراضي الفلسطينيين وبناء المستوطنات وسلب ممتلكات الفلسطينيين، فضلا عن الإمعان في اقتراف سياسة تمييزية عنصرية رعناء وفاضحة في حق الشعب الفلسطيني، وهذه السياسة التمييزية والتوسعية فاقمت مأساة الفلسطينيين ومعاناتهم، كما أنها هي التي تغلق كل أبواب تحقيق السلام في المنطقة.
اليوم بعد الانتخابات الإسرائيلية الأخيرة، واستمرار واقع الاستعصاء وتواصل الغموض بشأن المستقبل، تتكرس ذات الأوضاع ونفس المعاناة، وتكاد الحيثيات كلها تتجمد عند البدايات، ويتفاقم الاحتقان، وتعم الخيبة وسط الشعب الفلسطيني.
وما حدث في الوسط السياسي الفلسطيني بشأن تنظيم الانتخابات الفلسطينية، والقرار حول تنظيم الاقتراع في القدس، ثم إرجاء الاستحقاق كله، إذا أضفنا ذلك لمنغلقات التفاوض السياسي الداخلي بإسرائيل، وإلى غياب وضوح خطوات الإدارة الأمريكية الجديدة، وتداعيات الظروف الوبائية، وتبدل عدد من المواقف والسياقات، فكل هذا يعيد للواجهة المرتكزات المبدئية، والتي من ضمنها محورية الأرض، ووضع القدس، أي أن الحل يوجد في الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية، وحل مشكلة اللاجئين، ووقف الاستيطان ونهب الأراضي والممتلكات، وبالتالي تغيير الاحتلال الإسرائيلي لطبيعته وسياسته وأفقه، وأن يدرك أن الزمن لم يعد هو الزمن، وأن تحقيق السلام والأمن لن يكون بدون أي مقابل، وإنما سيندرج ضمن بناء المستقبل العام لشعوب المنطقة، وهو ما يعني حرية وكرامة الشعب الفلسطيني وحقه المشروع في وجوده على أرضه، وبناء الدولة الفلسطينية المستقلة واحترام قرارات الشرعية الدولية ذات الصِّلة.

<محتات‭ ‬الرقاص

[email protected]

الوسوم

Related posts

Top