قانونيون وقضاة وإعلاميون ..بناء جسور لتواصل أفضل بين القضاء والإعلام

انعقدت بالمحكمة لابتدائية بسيدي قاسم ندوة بعنوان “القضاء والإعلام … أي سبيل لعلاقة متفاعلة ” وذلك يوم الثلاثاء 25 يونيو 2019 بمشاركة نخبة من رجال القانون والقضاء والصحافة والإعلام. وقد جاءت هذه الندوة في إطار سلسلة من الأنشطة العلمية والثقافية التي دأبت هذه المحكمة على تنظيمها تفعيلا للأدوار الجديدة للقضاء .
استهلت الندوة بتناول الكلمة على التوالي من طرف رئيس المحكمة الابتدائية بسيدي قاسم و وكيل الملك لديها، اللذين شكرا المحاضرين والحضور، ونوها بموضوع الندوة لكونه يهم العلاقة بين منظومتين أساسيتين في المجتمع .
ذ/ حسن فرحان ممثل رئاسة النيابة العامة، افتتح سلسلة العروض بموضوع “الخبر الصحفي بين الحق في الحصول على المعلومة ونشرها، وحماية حقوق الأفراد والمؤسسات، حيث قام بجرد مختلف النصوص القانونية الدولية والوطنية المؤطرة للحق في الحصول على المعلومة، والاستثناءات الواردة عليه والمرتبطة بحماية حقوق الأفراد والجماعات .
ذ/ عبد الله البقالي رئيس النقابة الوطنية للصحافة المغربية تناول بالعرض “سؤال تخليق الممارسة الصحافية”، معبرا عن تثمينه لمثل هذه المبادرات التي تسمح باللقاء بين القضاء والإعلام بعيدا عن قفص الاتهام، وقدم ذ/ البقالي معلومات قيمة بشأن مفهوم العمل الصحفي بين المدرستين الوظيفية والحقوقية، موضحا أن التنامي الكبير لوسائل الاتصال الحديثة وازاه تراجع وسائل الإعلام التقليدية وصعوبة ضبط المجال الإعلامي بشكل فتح الباب لعدة ممارسات سلبية كالتحريض على الكراهية والعنف والعنصرية.
واعتبر ذ/البقالي دائما أن الجهود المبذولة في تقنين شروط الممارسة الصحفية وتشجيع التنظيم الذاتي للمهن الإعلامية تبقى غير كافية ما لم تعزز بإجراءات أخرى متعلقة بتوصيف دقيق لجرائم الإعلام وعقوباتها، والرفع من الدعم العمومي لوسائل الإعلام، والتكوين المستمر للصحفيين وتنظيم مجال الإشهار وتكوين قضاة متخصصين في مجال الصحافة والإعلام.
ذ/ محمد لغروس مدير جريدة العمق المغربي طرح سؤال : هل تؤثر الصحافة على القضاء ؟ وتناوله بالتحليل موضحا أن الطرفين تجمعهما علاقة تأثير وتأثر تتحدد انطلاقا من طبيعة النظام السياسي، وحالة السلطتين القضائية والإعلامية من حيث الاستقلالي والنزاهة، ودرجة إلمام كل طرف بمهنة الطرف الآخر، وأوضح ذ/ لغروس أن الإشكالات الأساسية في علاقة القضاء بالإعلام تتجلى في متابعة الصحفيين خارج إطار قانون الصحافة والنشر، إضافة إلى عدم مواكبة القانون و القضاء للتطورات التي لحقت بالحقل الإعلامي.
ذ/ عبد الهادي الطالبي قاضي بالمحكمة الابتدائية بمكناس قدم مساهمة قيمة بعنوان “حماية الشرف والحياة الخاصة بين النص القانوني والممارسة الصحفية” وأوضح أن الطرفان يبحثان عن الحقيقة، لكن لكل طرف خصوصياته. وتناول بالتحليل الإشكالات التي تثيرها جرائم الإعلام، محاولا تدقيق المفاهيم والمصطلحات القانونية المرتبطة بها من قبيل الشرف الاعتبار و السب / القذف، وخلص في تحليله إلى أن المقاربة الزجرية ليست حلا كافيا في غياب مدخل التخليق.
ذ/ محمد أبرباش رئيس ودادية موظفي العدل، نبه في مداخلته إلى أن الحديث عن علاقةالإعلام بالقضاء، يجب أن يستحضر شمولية المفهومان بشكل ينظر إلى الإعلام كحق و ليس كمهنة وينظر إلى القضاء كمنظومة متنوعة تشمل إلى جانب القضاة مجموعة من الفاعلين الآخرين وعلى رأسهم كتابة الضبط التي تلعب دورا كبيرا في ترسيخ قواعد التواصل والمهنية بين القضاء ومحيطه الخارجي وعلى رأسه المحيط الإعلامي. كما تطرق ذ/ أبرباش إلى التوصية رقم 136 من الميثاق الوطني الإصلاح منظومة العدالة، والتي تنص على ” تحديد آلية للتواصل بين المحاكم ووسائل الإعلام, بما يساهم في تفعيل مبدأ الحق في المعلومة و إرساء إعلام قضائي متخصص ” .
ذ/ عبد الرحيم الشهيب عضو مجلس هيئة المحامين بالقنيطرة، اختار لمداخلته عنوان ” حدود الرقابة بين الإعلام والقضاء في بناء دولة القانون “، والتي أبرز من خلالها إن أهمية موضوع الندوة مستمدة من خطورة المهام التي يمارسها الطرفان. فدور الإعلام يتجاوز نقل الخبر إلى تشكيل ثقافة المجتمع والتأثير في بنياته وعلاقاته، في مقابل دور القضاء الذي يسهر على تطبيق القانون وحماية الحقوق والحريات. وأوضح ذ/ الشيهب أن العلاقة بين الطرفين عرفت تطورا ملحوظا في سياق انفتاح القضاء على محيطه غير أن الدفع بهذه العلاقة نحو الأمام تتطلب الجرأة في مناقشة أحداث حساسة كأحداث الريف.
ذ/ نور الدين لشهب قدم عرضا بعنوان “القضاء وسؤال التنمية- الصحافة الجهوية نموذجا” مبرزا الدور الذي تلعبه الصحافة الجهوية في التنمية من خلال رصد الأخبار الجهوية التي لا تجد لها موقعا في الإعلام الوطني، والتعريف بالإمكانات الاقتصادية للجهات أمام المستثمرين، ويزداد هذا الدور تأثيرا إذا تم في احترام تام للمقتضيات القانونية، وأضاف في نفس السياق أن النموذج المطلوب هو الصحفي المسؤول وليس الصحفي الحر.
تجدر الإشارة إلى أن الندوة شهدت نقاشا غنيا بين المحاضرين والحضور انصب في مجمله على محاولات إيجاد السبل الكفيلة لتواصل أفضل بين القضاء والإعلام.

Related posts

Top