قراءة في القانون 19.12 المتعلق بتحديد شروط الشغل والتشغيل المتعلقة بالعاملات والعمال المنزليين

كما قام المشرع من خلال المادة الثانية بتعداد لائحة اعتبر أنها تعتبر على وجه الخصوص أشغال مرتبطة بالبيت أو بالأسرة :الاعتناء بشؤون البيت، الاعتناء بالأطفال، الاعتناء بفرد من أفراد البيت بسبب سنه أو عجزه أو مرضه أو كونه من الأشخاص في وضعية إعاقة؛ السياقة، أعمال البستنة، حراسة البيت.
ويفهم من المادة أعلاه، أن العمل المنزلي يمكن أن يشمل بالإضافة الأعمال المشار إليها أعلاه، أعمال أخرى، مادام أن اللائحة أعلاه محددة على سبيل المثال لا الحصر، كما يستفاد من الصياغة التي جاءت بها المادة 2 أعلاه والتي استعلمت العبارة التالية ” تشمل الأشغال المرتبطة بالبيت أو بالأسرة على وجه الخصوص الأعمال التالية . كما أنه يتضح كذلك أن القانون قام بتوسيع دائرة الأعمال التي يمكن أن تكون موضوع عمل منزلي بحيث كان مشروع القانون ينص فقط على الأعمال المرتبطة بالبيت إلا أن الصيغة النهائية للقانون أضافت الأعمال المرتبطة بالأسرة .وحيث يتضمن خلال ما سبق أن الشغل في إطار القانون 19.12 هو طابع اختياري وهو ما يتماشى مع الاتفاقية الدولية التي وقع عليها المغرب المتعلقة بمنع العمل القسري
ثانيا: شروط تشغيل العاملات والعمال المنزليين

تناول المشرع ذلك في المواد من 3 إلى 12 ؛عقد محدد المدة أو غير محدد وفق نمودج يحدد بموجب نص تنظيمي يتم ابرامه طبقا للقواعد العامة لقانون الالتزامات والعقود ؛( المادة 3 )
يحرر في ثلاث نظائر يسلم لكل طرف نظير ولمفتش الشغل نظير مقابل وصل
إذا كان أحد الأجراء أجانب يطبق على العقد الشروط المتعلقة بذلك المنصوص عليها في مدونة الشغل ؛ ( المادة 4)
يتضح من خلال المادتين 3 و 4 أن المشرع نص على أن عقد الشغل يحرر وفق النموذج الذي سيحدد بموجب نص تنظيمي، كما قام بالإحالة أحكام قانون الالتزامات والعقود فيما يتعلق بالتراضي وبالأهلية، كما حدد بعض الاجراءات الشكلية من قبيل تسليم نظير لمفتش الشغل لمراقبته بشكل قبلي من حيث البيانات الالزامية التي يجب أن تتوفر فيه وامكانية تنبيه الطرفين لمراجعة العقد وتعديله؛ كما أحال المشرع المغربي فيما يخص شكليات ابرام عقود العمل المنزلي بخصوص الأجراء الأجانب على أحكام مدونة الشغل (10).
وحيث يستفاد من ذلك أن عقد العمل المنزلي المحرر في ظل القانون 19.12 يجب بالضرورة أن يكون مكتوبا، مادام أن المشرع يتحدث عن نموذج يحدد بنص تنظيمي وتسليم نظير لمفتش الشغل، إلا أن المشرع نص في المادة 9 من نفس القانون على امكانية اثبات عقد الشغل بجميع وسائل الإثبات، وأن ذلك في حقيقة الامر، وإن كان يتضح أنه يهدف لحماية الطرف الضعيف في هذه العلاقة الذي هو العامل المنزلي، بحيث خول له المشرع إمكانية اثبات عقد الشغل بجميع الوسائل، فإنه يثير اشكالا ويوحي بتناقض بين المادة 3 والمادة 9 من هذا القانون، بحيث أن الأولى يتضح من خلالها أنها تجعل عقد العمل المنزلي من العقود الشكلية التي تعتبر الكتابة فيها شرط صحة وإلا كيف يتأتى احترام الشكليات التي يقررها القانون في المادة 3 نفسها والمادة الرابعة التي لا يتصور احترامها إن لم يكن العقد مكتوبا؛
في المقابل ينص المشرع من خلال المادة 9 على أن عقد العمل المنزلي يمكن إثباته بجميع وسائل الإثبات أي أن العقد حسب مفهوم هذه المادة أنه عقد رضائي ،وبذلك يبقى الإشكال المطروح هل العقد المحرر في ظل هذا القانون المتعلق بعمال المنازل عقد رضائي أم شكلي، خصوصا وأن المشرع فرض غرامة من خلال المادة 24 على المشغل الذي لم يتقيد بأحكام المادة 3 ؟
هذا وتنبغي الإشارة أنه في القواعد العامة الواردة في قانون الالتزامات والعقود، يقوم عقد الشغل على الرضائية حسب الفقرة الرابعة من الفصل 723 من قانون الالتزامات والعقود التي نصت صراحة على أن عقد الشغل يتم بتراضي الطرفين وهو ما أكدته مدونة الشغل حيث نصت في المادة 18 على أنه ” يمكن إثبات عقد الشغل بجميع وسائل الإثبات .إذا كان عقد الشغل ثابتا بالكتابة أعفي من رسوم التسجيل ) 11).
– تمتيع مفتش الشغل بالدور الرقابي على ابرام عقد الشغل الفقرة الأخيرة من المادة 3
– الزام العامل المنزلي بأن يقدم للمشغل جميع البيانات الشخصية والعائلية والصحية المتعلقة به بكل تغيير يطرأ عليها. ( المادة 5)
– الحد الأدنى هو 18 سنة مع السماح بتشغيل الأشخاص المتراوحة أعمارهم ما بين 16 و 18 سنة خلال فترة انتقالية تحدد في 5 سنوات شريطة الحصول على إدن من أولياء أمورهم؛
– يعتبر السن الأدنى لتشغيل عمال المنازل من أكثر المواضيع في هذا القانون التي أثارت نقاشات طويلة جدا لما كان هذا القانون عبارة عن مشروع وأن ذلك في حقيقة الأمر كان بسبب أن الواقع الذي لازال مستمرا إلى غاية اليوم وهو أنه جرت العادة، أنه يتم التعاطي لتشغيل العمال المنازل يقل سنهم عن السن الرشد القانوني المحدد في 18 سنة شمسية كاملة خصوصا الفتيات بحيث كانت ظاهرة تشغيل الأطفال تنتشر في المغرب بشكل جعل العديد من الجمعيات الحقوقية تدق ناقوس الخطر بشان ذلك، مما جعل المشرع المغربي يحسم في ذلك بموجب القانون 19.12 ويحدد الحد الأدنى كقاعدة عامة في 18 سنة وذلك تماشيا مع الدستور المغربي الذي ينص في ديباجته على أنه “تشمل الحقوق التي يصونها هذا القانون ويضمن ممارستها داخل المقاولة وخارجها الحقوق الواردة في اتفاقيات العمل الدولية المصادق عليها من جهة ومن جهة أخرى الحقوق التي تقرها الاتفاقيات الأساسية لمنظمة العمل الدولية التي تتضمن بالخصوص : القضاء الفعلي على تشغيل الأطفال” ومع الاتفاقيات الدولية التي صادق عليها المغرب في هذا الصدد نذكر منها الاتفاقية الدولية رقم 182 ( 12 )، المتعلقة بحظر أسوء أشكال عمل الأطفال والإجراءات الفورية للقضاء على ذلك ، والاتفاقية رقم 138 المتعلقة بالحد الأدنى لسن الشغل الحد الأدنى لسن الاستخدام الذي حددته في 15 سنة ( 13).
كما أن مدونة الشغل سمحت بتشغيل الأحداث الذي يصل سنهم إلى 15 سنة من خلال المادة 143 من مدونة الشغل .- منع تشغيل العمال في الأعمال التي تشكل خطرا عليهم ( المادة 6)
يتضح من خلال المادة 6 أن المشرع تبنى ما تنص عليه الاتفاقية الدولية رقم 182 المتعلقة بحظر أسوء أشكال عمل الأطفال والإجراءات الفورية للقضاء عليها والتي صادق عليها المغرب، بحيث عملت هذه المادة عملت هذه المادة على منع تشغيل الأجراء المتراوحة أعمارهم بين 19 و 18 سنة ليلا ومنع تشغيلهم في الأماكن المرتفعة غير الآمنة وفي حمل الاجسام التقيلة والتجهيزات والآدوات والمواد الخطرة وكل الأشغال التي تهدد سلامتهم الصحية وسلوكهم الأخلاقي إلا أن الملاحظ أن المشرع حصر ذلك فقط بخصوص الفئة التي يتراوح سنها بين 16 و 18 سنة بحيث يتضح من خلال ذلك كأن المشرع لا يمتع باقي العمال أي الفئة التي يتجاوز سنها 18 سنة بهذه الحماية إلا أننا نعتبر أن ما ينص عليه المشرع من خلال الفقرة الرابعة من المادة 6 يمتد حتى إلى باقي الأجراء لأن الأمر يتعلق بالأعمال التي تضر بالأجير وان ذلك لا يحتاج إلى نص وانما تقرره القواعد العامة. – منع التشغيل قهرا أو جبرا ( المادة 7 )
منع المشرع المغربي للتشغيل قسرا كان منذ مصادقته على الاتفاقية الدولية رقم 105 لسنة 1957 بتاريخ 1 دجنبر 1966 ( 14) التي تمنع بشكل كلي منع العمل الجبري ( 15).
تتعين الإشارة في هذا الصدد أن المشرع جرم بموجب المادة 476 -2 من مجموعة القانون الجنائي العمل القسري أو الجبري بحيث جاء فيها ما يلي ” يعاقب بالحبس من سنة إلى ثلاث سنوات وبغرامة من خمسة ألاف إلى عشرين ألف درهم ما يكن الفعل جريمة أشد كل من استغل طفلا دون الخامسة عشر سنة لممارسة عمل قسري أو توسط أو حرض على ذلك .
يقصد بالعمل القسري بمفهوم الفقرة السابقة إجبار طفل على ممارسة عمل لا يسمح بع القانون أو القيام بعمل مضر بصحته أو سلامته أو أخلاقه أو تكوينه “
– تحديد مدة الاختبار في 15 يوما ( 8 )
– امكانية اثبات عقد الشغل بجميع وسائل الإثبات ( 9 )
– الزامية المشغل بتسليم الأجير شهادة الشغل وفق بيانات معينة ( م 10)
– الاستفادة من برامج التكوين المهني ومحو الأمية ( المادة 11)
– اتخاذ جميع التدابير لحفظ صحة وكرامة العمال المنزليين.

بقلم: د.يـوســف حــنـان  دكتور في الحقوق
محام بهيئة الدار البيضاء
الكاتب العام لجمعية المحامين الشباب بالدارالبيضاء 
الهوامش

10- تناولت مدون الشغل الأحكام الخاصة بتشغيل الأجراء الأجانب بالمغرب وشكليات ابرام عقد الشغل في المواد 516 و 517 و 518 .
11 – للتوسع حول مبدأ رضائية عقد الشغل أنظر عبد الكريم غالي، في القانون الاجتماعي المغربي ، مطبعة دار القلم الطبعة الرابعة 2010 الصفحة 141.
12 – جاء في العهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية لسنة 1976 أنه ” يجب اتخاد إجراءات خاصة لحماية ومساعدة جميع الأطفال والأشخاص الصغار دون أي تمييز لأسباب أبوية أو غيرها ويجب حماية الأطفال والأشخاص الصغار من الاستغلال الاقتصادي والاجتماعي ويجب فرض العقوبات القانونية على من يقوم باستخدامهم في أعمال تلحق الأضرار بأخلاقهم أو بصحتهم أو تشكل خطرا على حياتهم أو يكون من شأنها إعاقة نموهم الطبيعي وعلى الدول كذلك أن تضع حدودا للسن ….”
13 -هذا وتتعين الإشارة في هذا الصدد أن المشرع المغربي يعتبر من بين الدول التي تفرض سنا أعلى لتشغيل العمال المنزليين مقارنة بدول أخرى بحيث نجد أن فرنسا تسمح بتشغيل عمال يصل سنهم فقط 16 سنة مع جواز قبول الأطفال ما بين 14 و 16 سنة مدة عطلهم للقيام بأعمال خفيفة 16 سنة بالنسبة لكوديفوار و 18 سنة في الأورغواي وبترخيص إداري ا بين 15 و 18 سنة
14 – صادق المغرب على هذه الاتفاقية بتاريخ 1 دجنبر 1966 بالجريدة الرسمية عدد 2818 الصادرة بتاريخ 2 نونبر 1966
15 – تبغي الإشارة في هذا الصدد أن المشرع المغربي كان يأخد بما كان يسمى بالسخرة التي كانت تسمح بفرض العمل على المواطنين من أجل المصلحة العامة في حالة حدوث حروب أو كوارث طبيعية وذلك بموجب ظهير 13 شتنبر 1913.

Related posts

Top