لبنان ينفي تنفيذ الجيش عمليات ترحيل قسري للاجئين السوريين

نفى وزير الشؤون الاجتماعية اللبناني هكتور حجار الأربعاء أن يكون الجيش قد أقدم على عمليات ترحيل قسري للاجئين السوريين، داعيا المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين إلى عدم إطلاق التصريحات عبر الإعلام، والتنسيق مع الحكومة فيما يتعلق بهذا الملف، كما حذّر من فوضى قد يقع استثمارها داخليا وخارجيا.

وتأتي دعوة حجار عقب إصدار منظمة العفو الدولية بيانا الثلاثاء، طالبت فيه السلطات اللبنانية بالكفّ عن ترحيل اللاجئين السوريين قسرا إلى سوريا، بسبب مخاوف من تعرض هؤلاء لخطر التعذيب أو الاضطهاد على أيدي الحكومة السورية لدى عودتهم. بعد تقارير تحدثت عن ترحيل الجيش اللبناني عشرات النازحين الذين دخلوا البلاد بشكل غير قانوني.

وقال حجار في مقابلة مع إذاعة “صوت لبنان” “ننتظر الساعات المقبلة لنراقب ما يحدث في ملف النازحين السوريين، وعلينا أن نتابعه بالطرق الإنسانية، وعلى النازحين أن يحترموا القوانين اللبنانية، كما على الأجهزة الأمنية أن تطبّق القانون”.

وشدد على “أنني أحذّر من يلعب بالنار في هذا الملف، بأن يخفّف الوتيرة”، مؤكدًا أنّ التصاعد السريع يجعلنا أمام علامة استفهام كبيرة، ولا سيّما أنّ ملف النازحين السوريين هو في موقع متابعة من قبل الحكومة، منذ فترة، مشيرًا إلى أنّ الأجواء تتجه نحو فوضى من أجل استثمارها داخليًا وخارجيًا.

ودعا المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين التنسيق مع الحكومة، وعدم إطلاق التصاريح عبر الإعلام، مشيرا إلى أنّ الجيش اللبناني لا يتعدَى على أحد بل يوقف من دخل خِلسة إلى لبنان، معتبرًا أن اجتماع الحكومة اليوم الأربعاء جاء متأخرًا، لافتًا إلى ضرورة توكيل العميد بيسري في ملف النازحين، وتأليف لجنة وزارية لمتابعة القضية مع الخارج.

ويثير ملف اللاجئين السوريين جدلا واسعا في لبنان بعد أن قرر ميشال عون في اكتوبر الماضي ترحيلهم إلى بلادهم على دفعات وسط مخاوف من تعرضهم لمعاملة سيئة من قبل النظام السوري.

ويبلغ عدد اللاجئين السوريين المقيمين في لبنان نحو 1.5 مليون بحسب تقديرات رسمية، ويعاني معظمهم أوضاعا معيشية صعبة، خاصة مع تفاقم الأزمة الاقتصادية التي بدأت منذ نهاية 2019 مع بداية انهيار قيمة صرف الليرة اللبنانية مقابل الدولار.

وترفض بيروت، التي تعاني من أزمة مالية طويلة الأمد، ادعاءات الأمم المتحدة وجماعات حقوق الإنسان التي تقول إن إعادة اللاجئين لن تكون آمنة.

وأكد وزير الداخلية في حكومة تصريف الأعمال بسام مولوي، اليوم الأربعاء أنّ الأجهزة الأمنية والعسكرية، سوف تتخذ كل التدابير الضرورية أمام مخيمات النازحين السوريين.

ولفت في تصريح صحافي من دار الفتوى، إلى أنّ “في وزارة الداخلية نؤكد على حقوق الانسان ونحن نحميها ونقدر حقوق الجوار وكل انسان، إنما من الواجب احترام القانون اللبناني وحفظ النظام، وأن يكون السوريون في لبنان خاضعون للقانون اللبناني، ويجب تسجيلهم وتنظيم وضعهم لأن الفلتان مضر بلبنان وبمصالحهم”، مشددًا على “أننا لن نسمح بالتحريض على الجيش اللبناني وعلى الدولة، وعلى النازح السوري أن يلتزم بالقانون”.

وفي وقت سابق الثلاثاء، وجّه مولوي كتابا إلى المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي لمنع تظاهرات النازحين السوريين، بعد توجيه دعوات للتظاهر اليوم الأربعاء أمام المفوضية العليا لشؤون اللاجئين، ومنع التظاهرات المضادة لها، بسبب إمكانية حدوث إشكالات أمنية بين المتظاهرين.

وتحدث وزير الداخلية عن معلومات عن “توجيه دعوات عبر مواقع التواصل الاجتماعي “للتظاهر اليوم الأربعاء من قبل النازحين السوريين أمام المفوضية العليا لشؤون اللاجئين وأمام باقي المفوضيات على الأراضي اللبنانية، وذلك تنديداً بسكوت المفوضية المذكورة عما يتعرض له هؤلاء النازحين من ترحيل تعسفي”.

وأشار إلى أن المعلومات الواردة تشير إلى “التحضير لمظاهرة مضادة من قبل ما يسمى (الحملة الوطنية لتحرير لبنان من الاحتلال الديمغرافي السوري) في نفس المكان والزمان”.

ولفت إلى أن إقامة هذا النوع من التظاهرات لم يسلك مجراه القانوني، معتبرا أن “الدعوة لهذه التظاهرات قد تؤدي إلى حدوث إشكالات أمنية بين المتظاهرين في نطاق المناطق التي ستقام فيها هذه المظاهرات وما قد يستتبع ذلك من أعمال شغب”.

وطالب مولوي “باتخاذ التدابير والإجراءات الأمنية اللازمة لجهة منع إقامة هذا النوع من التظاهرات”، حفاظا على سلامة المواطنين والسلم الأهلي.

وفي أكتوبر الماضي أعلن وزير المهجرين في حكومة تصريف الأعمال اللبنانية عصام شرف الدين ترحيل 6000 لاجئ سوري إلى بلادهم، رغم رفض مفوضية اللاجئين خطة تقدم بها لبنان تقضي بتأمين عودة 15 ألف نازح سوري شهريا إلى وطنهم.

وتقضي الخطة اللبنانية بتلقي النازحين للمساعدات المادية والعينية في سوريا وتوقيف المفوضية المساعدات عن الـ15 ألف نازح الذين يجب أن يعودوا كل شهر لأن دفع المساعدات لهم في لبنان يشكل حافزا لهم للبقاء.

وكان رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية نجيب ميقاتي قد هدّد في يونيو الماضي بإخراج اللاجئين السوريين من بلاده بالطرق القانونية في حال لم يتعاون المجتمع الدولي مع لبنان لإعادتهم إلى سوريا.

واعتبر ميقاتي أن “الدولة ملتزمة بمبدأ عدم الإعادة القسرية للنازحين، ولكن الوضع لم يعد يحتمل، ولم تعد الدولة اللبنانية قادرة على تحمل كلفة ضبط الأمن في مخيمات النازحين والمناطق التي ينتشرون فيها”.

وطالب لبنان بتقديم 3.2 مليار دولار لمعالجة تداعيات لجوء السوريين على أرضه، بحسب بيان للأمم المتحدة. وقالت الأمم المتحدة من جانبها إنها قدمت تسعة مليارات دولار من المساعدات في إطار خطة لبنان للاستجابة للأزمة منذ عام 2015. لكن أزمات لبنان المتلاحقة أغرقت شرائح واسعة من اللبنانيين في فقر مدقع، تفاقم معه الاستياء العام من استمرار وجود اللاجئين السوريين.

وحذّرت منظمتا العفو الدولية وهيومن رايتس ووتش ومنظمات حقوقية أخرى من الإعادة القسرية للاجئين السوريين، لافتة إلى أنها وثّقت حالات اعتقال وتعذيب من قبل السلطات السورية بحق العائدين.

وسجلت عودة المئات من النازحين السوريين في لبنان إلى بلادهم في السنوات الأخيرة بيد أن أكثرهم مازالوا مترددين في اتخاذ هكذا خطوة في غياب ضمانات دولية بعدم تعرضهم لعمليات تنكيل من قبل السلطات السورية التي تصنف معظمهم في خانة المعارضين.

ويعاني لبنان من أزمة اقتصادية ومعيشية ومالية حادة صنفها البنك الدولي على أنها واحدة من أسوأ ثلاث أزمات في العالم منذ أواسط القرن التاسع عشر، وتجسدت في انهيار سعر صرف عملته الوطنية مقابل الدولار وارتفاع معدل الفقر والبطالة والتضخم ونقص الوقود والأدوية وحليب الأطفال.

Related posts

Top