ما بعد الحجر الصحي .. مبادرات ملكية رائدة أطلقت دينامية متجددة على كافة الأصعدة

نجح المغرب، بفضل الرؤية المتبصرة لجلالة الملك محمد السادس، في تسريع وتيرة التخفيف من التداعيات الاقتصادية والاجتماعية لجائحة كورونا، الأمر الذي أسهم في خلق الظروف الملائمة للعودة إلى الحياة الطبيعية في كافة المجالات بعد فترة الحجر الصحي.
وقد اختارت المملكة، للخروج من هذه الفترة، مقاربة مغربية خالصة، استثمرت فيها إمكاناتها الذاتية وقدراتها المؤسساتية؛ وهي المقاربة التي أثبتت نجاعتها وفعاليتها في ضمان أقصى درجات الحماية والوقاية، وإنعاش أداء الاقتصاد الوطني.
وفي هذا الإطار، واصل المغرب عملية التلقيح إيقانا منه بأنه السلاح الأكثر فعالية لمواجهة انتشار عدوى الفيروس،حيث أوصت وزارة الصحة والحماية الاجتماعية باعتماد الجرعة الرابعة التذكيرية لكبار السن والأشخاص ذوي عوامل المراضة.
وقد بات المغرب رائدا إقليميا وقاريا في ما يخص عدد الملقحين. فإلى حدود 26 يوليوز الجاري، بلغ عدد الملقحين بالجرعة الثالثة 6 ملايين و643 ألف و526 شخصا ، فيما ارتفع عدد الملقحين بالجرعة الثانية إلى 23 مليون و361 ألف و456 شخصا، مقابل 24 مليون و872 ألف و230 شخصا تلقوا الجرعة الأولى، فيما تلقى 21 ألف و891 شخصا الجرعة الرابعة.
من جهة أخرى، استثمر المغرب الأزمة الصحية وفترة الحجر الصحي لإطلاق إصلاحات تروم تصحيح أوجه التفاوت القائمة، والتغلب على بعض الاختلالات الهيكلية التي عرقلت أداء الاقتصاد الوطني في الماضي القريب.
وارتكز مخطط الانتعاش الاقتصادي خلال هاته المرحلة الدقيقة على عدة دعامات أساسية، لعل أبرزها إحداث صندوق محمد السادس للاستثمار، والذي يعد أبرز آليات إرساء الإنعاش الاقتصادي الهادفة إلى دعم الاقتصاد الوطني، وتشجيع القطاعات المنتجة، ومساعدة المقاولات على تحسين قدراتها الاستثمارية من أجل خلق الثروة والنهوض بالتشغيل وتوزيع المداخيل على الأسر.
كما تم إطلاق الورش الملكي الهام الخاص بتعميم الحماية الاجتماعية، باعتباره مشروعا مجتمعيا غير مسبوق يعبد الطريق لتعزيز العدالة الاجتماعية والمجالية وصيانة كرامة المواطنين، وكذا تحسين ظروف عيش الأشخاص الذين يعانون من الهشاشة ودمقرطة الولوج إلى الرعاية الصحية، في إطار سياسة القرب.
واعتبارا لانعكاسات الجائحة على ولوج الشباب إلى مصادر التمويل، بادر المغرب بإطلاق برنامجي “فرصة” و”انطلاقة”، تنفيذا لتوجيهات صاحب الجلالة الملك محمد السادس المؤكدة على ضرورة إعطاء دفعة قوية للتمويل البنكي للمقاولات الصغيرة جدا والصغرى والمتوسطة. ويركز البرنامجان على تطوير إمكانات من لديهم الأفكار والدوافع اللازمة لإطلاق المشاريع المقاولاتية، وتعزيز الالتزام لصالح كل من لديه مشروع ولكن يفتقر إلى المهارات ورأس المال لتحقيقه.
ولا شك أن هذا الزخم الوقائي والاقتصادي المميز انعكس على باقي القطاعات الحيوية، لاسيما الثقافة والرياضة والسياحة، إذ يعكس قرار الحكومة بإعادة فتح الملاعب أمام الجماهير الرياضية نجاح المغرب في تدبير الأزمة الصحية المرتبطة بالجائحة. وقد أعطى هذا القرار نفسا جديدا للأندية الوطنية التي عانت بشدة من تأثيرات كوفيد 19، سيما وان الأندية الوطنية تعتمد بشكل كبير على مبيعات التذاكر.
من جانبها، وبعدما اضطلعت الثقافة بأدوار أساسية ومتواصلة في التخفيف النفسي والروحي من تبعات جائحة كورونا على المواطنين، شكلت فترة الجائحة فرصة سانحة لتسريع النهوض بالقطاع، من خلال، على الخصوص، دعم مهنيي قطاع الصناعات الثقافية والإبداعية بمختلف فروعه.
وفي مجال السياحة، أعطت عملية “مرحبا”، التي تحظى برعاية خاصة من طرف صاحب الجلالة الملك محمد السادس، نفسا جديدا للقطاع الذي عانى بشدة من تداعيات جائحة كوفيد-19، حيث تمكن سنويا ما يقارب 3 ملايين مواطن مغربي من الرجوع إلى أرض الوطن وزيارة أهاليهم.
كما أسهم التخفيف من الإجراءات الصحية الرامية للحد من انتشار الفيروس، سواء تعلق الأمر بفتح الحدود أو إلغاء إجبارية فحص (PCR)، في عودة مكثفة للمغاربة المقيمين بالخارج وكذا وصول أول فوج من السياح الأجانب، فاتحة بذلك نافذة للتفاؤل بعد الأرقام المشجعة التي كشفت عن تسجيل مداخيل سياحية هامة.
زيادة على ذلك، أطلق المغرب مخططا استعجاليا لدعم القطاع السياحي بقيمة تبلغ 214 مليون دولار، والحفاظ على مناصب الشغل وتجنب إفلاس العشرات من شركات النقل السياحي وأصحاب الفنادق والمطاعم المصنفة وغيرها.
ومن شأن هذه الإصلاحات والمبادرات الرائدة تعزيز تنافسية المقاولات، وتحقيق تكافؤ الفرص، وتسهيل ولوج المستثمرين إلى الأسواق، وخلق فرص الشغل، وتعزيز دينامية القطاع الخاص، وزيادة وتيرة تكوين الرأسمال البشري، الأمر الذي سيمكن مستقبلا من التجاوز النهائي لمخلفات الحجر الصحي على المستويين الاقتصادي والاجتماعي.

Related posts

Top