محمد بنموسى: الحكومة الحالية لم تقدم بديلا اقتصاديا فعالا لخلق فرص الشغل وتفتقد لثقافة التفاوض في الحوارات الاجتماعية -الجزء الأول-

يرى الخبير الاقتصادي محمد بنموسى أن الأزمة الاقتصادية والاجتماعية التي تعصف بالمغرب أبانت عن ضعف الحكومة الحالية التي لم تقدم بديلا اقتصاديا فعالا لخلق فرص الشغل، وتفتقد ثقافة التفاوض والتنازل في الحوارات الاجتماعية.
وعاب محمد بنموسى على الحكومة، في هذا الحوار المطول، الذي ننشره على حلقتين، إسهامها في قتل الديمقراطية من خلال تشجيعها تدخل المال في السياسة، وعجزها عن إيجاد استراتيجية اقتصادية قوية ومتنوعة لتحسين مؤشر نمو الاقتصاد الوطني الذي يظل رهينا بالتساقطات المطرية التي تعرف تراجعا مقلقا، أكد كل الانتقادات السابقة لسياسة التوجه نحو تصدير المنتجات الفلاحية المستنزفة للماء عوض التركيز على الأمن الغذائي الداخلي.
وبخصوص لهيب أسعار المحروقات الذي يميز حكومة أخنوش، يرى الخبير الاقتصادي محمد بنموسى أن ما يعيشه سوق المحروقات الوطني من ارتفاع فاحش في الأسعار، لا يرجع فقط إلى المستجدات الظرفية التي طرأت في الأسواق الدولية نتيجة الحرب الروسية الأوكرانية، وإنما يعود لإشكالية عميقة وقديمة ظهرت بسبب أخطاء سياسية واختلالات بنيوية صاحبت قرار تحرير القطاع دون آليات مواكبة، واستفحلت اليوم بفعل المستجدات الدولية الطارئة.
وتطرق بنموسى لظاهرة تراجع الاستثمارات واندثار ثقافة التوظيفات المنتجة، بعد رحيل رواد الصناعة في سبعينيات وثمانيينات القرن الماضي، نتيجة ضعف ردة الفعل لدى الحكومة، بالإضافة إلى مواضيع أخرى تعري واقع التراجع في المغرب.

> يشهد الاقتصاد العالمي أزمة غير مسبوقة، أثرت على أوضاع جميع الدول، بما فيها المغرب، كيف تحلل الوضع الاقتصادي الحالي؟
< يجب أن نقر أن الوضعية مثيرة للقلق، لأنها تجاوزت حدود الأزمة الظرفية. فالأزمة، كما يدل على ذلك اسمها هي نتاج صدمات اقتصادية قد تكون داخلية أو خارجية، أو هما معا، لكن بشكل مؤقت. أولا، هناك مفاجأة الحدث الذي يميز الأزمة. هناك أيضا نهاية الحدث. وبعبارة أخرى، فإن الأزمة بحكم تعريفها هي عملية محدودة زمنيا، ولها بداية ونهاية. ومع ذلك، فمن الواضح أننا نشهد منذ سنوات عديدة صدمات خارجية وداخلية، متكررة وشبه دائمة، تسببت في تدهور تدريجي لاقتصادنا الوطني. لم يتغير نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي إلا بالكاد منذ عقد من الزمان على الأقل! يعاني المغرب منذ سنوات من الصدمات الخارجية والداخلية بشكل متكرر. فمن الجيد أن نتحدث عن أزمة اقتصادنا الوطني، لكنني أود الإشارة إلى أنها بدأت تتراجع بشكل تدريجي. > هل يمكنكم أن توضحوا الأمر بشكل أكثر استفاضة؟
< في الواقع، بالإضافة إلى تأثيرات كوفيد 19 والتوترات الجيوسياسية والجيواستراتيجية، ولا سيما الحرب الروسية الأوكرانية والعدوان الإسرائيلي أو الإبادة الجماعية ضد الشعب الفلسطيني، فإن كل هذه الصدمات كان لها تأثير كبير على اقتصادنا الوطني، كما هو الحال في جميع دول العالم. يتعلق الأمر بتأثير من حيث حجم التجارة الدولية والاستثمار الأجنبي المباشر، ولكن بشكل خاص من حيث التضخم، بالنظر إلى أن الوباء والحرب الروسية الأوكرانية قد عطلت سلاسل التوريد على مستوى العالم وأدت إلى ارتفاع أسعار السلع الأساسية. ويضاف إلى ذلك الارتفاع الكبير في أسعار الشحن، الأمر الذي أسعد شركات الشحن الكبيرة التي أصبح مساهموها أثرياء بشكل غير لائق. وأدت هذه الصدمات إلى ارتفاع أسعار المواد الخام والمنتجات المصنعة الجاهزة والمنتجات الاستهلاكية اليومية. ولذلك استوردنا التضخم، وهو أول صدمة خارجية كان لها تأثير قوي على المغرب. وتفاقم هذا التضخم المستورد بشكل أكبر بسبب ارتفاع أسعار المواد الهيدروكربونية، مما أدى إلى تلويث جميع المنتجات الأخرى عبر نقل البضائع والمواد الأولية. وفي وقت لاحق، غير التضخم طبيعته ليصبح داخليا. وهكذا شهدنا زيادة غير مسبوقة في أسعار المنتجات الزراعية والغذائية، وتضخمت هذه الزيادة بسبب هشاشة السياسة الزراعية والخلل الداخلي في دوائر التوزيع. وفي الربع الأول من عام 2023، عانت بلادنا من معدل تضخم تاريخي تجاوز +9%. وفي نهاية دجنبر 2023، بلغ معدل التضخم حوالي +6%. وهناك نقطة أخرى لا تقل أهمية وهي أن الاقتصاد العالمي شهد تباطؤا كبيرا في عام 2023، ولن يتجاوز في المتوسط ​​مستوى +3%، بما في ذلك +1.5% للدول المتقدمة، و+4% للدول الناشئة والنامية. علاوة على ذلك، سيكون تباطؤ النمو أقوى في البلدان التي يحتفظ المغرب بعلاقات تجارية وثيقة معها، ولا سيما إسبانيا وفرنسا، اللتين نما اقتصادهما بنسبة +2.5% فقط في عام 2023. و+1.0% على التوالي، مما أدى إلى انخفاض كبير في الطلب. لبلدنا وانخفاض صادراتنا. ولنتذكر أن النمو في منطقة اليورو كان بالكاد +0.7% في عام 2023، بعد أن وصل إلى +3.3% في عام 2022 أو +5.3% في عام 2021. ولذلك فقد عانينا من العبء الأكبر لهذه الصدمة الخارجية. والدليل على ذلك، أستشهد بتطور صادرات المملكة، التي انخفضت بنسبة -2.4% في نهاية أكتوبر 2023، و-0.3% بعد شهر. ولا بد لي من التأكيد في هذا السياق على أن ما يقرب من ثلثي صادراتنا، التي بلغت حوالي 429 مليار درهم سنة 2022، تتم في أوروبا، أي 276 مليارا، وخاصة نحو إسبانيا (84 مليارا) وفرنسا (81 مليارا). > وماذا عن الصدمات الداخلية؟
< هنا تقبع المشكلة. والواقع أن أحد الأسباب الرئيسية للصدمات الداخلية يكمن، أولا وقبل كل شيء، في قلة التساقطات. هذا السبب بالذات يعتبر تراجعا وليس أزمة، نظرا لأننا نعاني منذ فترة طويلة من سنوات متتالية من الجفاف، مما يجعل هذه الظاهرة المناخية بمثابة صدمة هيكلية. ومن المؤسف أن السياسات العامة التي نفذتها الحكومات المتعاقبة لم تأخذ في الاعتبار الكافي هذا الوضع الهيكلي، وبالتالي، لم تكن قادرة على وضع سياسات بديلة من شأنها أن تقلل من تأثير الجفاف على النمو والتوظيف. ويتمثل التحدي في تحصين نمونا الاقتصادي ضد التقلبات الجوية. وبعبارات أكثر وضوحا، يتمثل الحل في إعادة التفكير في سياستنا الفلاحية وإيجاد بدائل للمحاصيل التي تستهلك الكثير من المياه، مع ضمان أن تكون مساهمة القطاع الفلاحي في الناتج المحلي الإجمالي أقل بسبب التطور السريع للأنشطة الصناعية، كما هو الحال بالنسبة للكثيرين. وقد تمكنت البلدان الصناعية أو الناشئة من القيام بذلك. إلا أن الفلاحة هنا تعتبر قطاعا رئيسيا يساهم في النمو الاقتصادي ويضمن توازن سوق الشغل. في الواقع، المنطق يدعو إلى تطوير القطاع الصناعي المغربي بشكل كبير. وعلى النقيض من التصريحات الرسمية للحكومة، يتعين علينا أن ندرك بشكل موضوعي أن صناعتنا الوطنية تظل ضعيفة على الرغم من تتابع العديد من خطط التصنيع. وبصرف النظر عن عدد قليل من المشاريع الرئيسية الكبرى في صناعة السيارات، لم ننجح في توسيع نطاق صناعتنا أو حتى تنويع صادراتنا جغرافيا. فهل ينبغي لنا أن نذكر أن الصناعات التحويلية لا تمثل سوى 15% من الناتج المحلي الإجمالي الوطني في عام 2022، بعد أربع خطط تصنيع خلال عقدين من الزمن، مقارنة بـ 14.6% في عام 2005 عندما تم إطلاق مخطط "إقلاع". وعودة إلى موضوع الفلاحة، بعدما وصلت استراتيجيتها لنهايتها، لم نقم أبدا بتقييم مستقل وموضوعي لمدى تحقيق "المخطط الأخضر" لأهدافه، قبل إعطاء الانطلاقة "للجيل الأخضر"، ذلك أننا في هذه الاستراتيجية، كنا نصدر مواردنا المائية فقط، التي كان يجب أن نحافظ عليها، استنادا إلى تطوير الصناعة التكنولوجية الخاصة بالتدبير المعقلن للماء في القطاع الفلاحي، إلى جانب تأخرنا الكبير في إنجاز مشاريع محطات تحلية مياه البحر، بالرغم من توفرنا على شريط ساحلي يمتد إلى 3500 كلم، بواجهتين بحريتين؛ المحيط الأطلسي، والبحر الأبيض المتوسط. > ما الذي تؤاخذون عليه الحكومة فيما يتعلق بالسياسة الفلاحية؟
< لم نفكر إلا مؤخرا في إنشاء محطات تحلية ماء البحر، واستعمال تقنيات إعادة تدوير المياه العادمة، إلى جانب أن تجربة استخدام تقنيات تقطير الماء عبر الحاسوب في القطاع الفلاحي جديدة في المغرب، علما أن هذه التقنيات كان بإمكانها أن تساهم في الحفاظ على ثرواتنا المائية، ناهيك عن توجيه الاهتمام نحو المنتجات التي لا تحتاج إلى مياه كثيرة. لهذا، أشدد على أن الأزمة، لها ارتباط بتأثيرات خارجية، لكنها داخلية أيضا، تتمثل أساسا في البنية الهيكلية للاقتصاد الوطني التي لم تتغير منذ سنوات طويلة، وهو ما يتجلى اليوم في المؤشر الضعيف للنمو، الذي تعتبر الحكومة مسؤولة عنه، كما سابقاتها. > هل تقصدون بذلك أن السياسة الاقتصادية التي تنتهجها الحكومة لم ترق إلى مستوى تطلعات المواطنين؟
< إن الصدمات الخارجية والداخلية التي تحدثت عنها، فضلاً عن الأخطاء الاستراتيجية، ناهيك عن الأخطاء السياسية، التي ارتكبتها الحكومات المتعاقبة لأكثر من عقد من الزمان، جعلت اقتصادنا يسجل معدل نمو منخفض بنيويا، ويظل أسير "السقف الزجاجي". بمعدل 2.5% أو 3%، في حين تحتاج بلادنا إلى الوصول إلى 6% إلى 7% كل عام ومن دون أي انقطاع لخلق الثروة الكافية وإعادة توزيعها بشكل أكثر إنصافا. إن السياسة الاقتصادية لهذه الحكومة، والتي هي استمرارا لسياسة الحكومتين السابقتين، بعيدة كل البعد عن التحديات التي تواجهها البلاد وتتعارض مع طموحات جلالة الملك والشعب المغربي. لقد تم صياغة هذه الملاحظة بطريقة شاملة وجريئة للغاية في إطار النموذج التنموي الجديد الذي كنت أحد مهندسيه. هذا التشخيص، الذي تم الإعلان عنه قبل فترة من الانتخابات التشريعية في شتنبر 2021، أصبح أكثر صحة اليوم لأنه لم يتغير شيء على مستوى الواقع. وفي العديد من الجوانب، ازدادت الأمور سوءا، كما هو الحال في المسائل المتعلقة بقانون المنافسة، أو الإصلاح الضريبي، أو إضفاء الأخلاق على الحياة العامة. لقد اقترحنا في النموذج التنموي الجديد عددا من السياسات البديلة والإصلاحات الهيكلية. وألاحظ مع الأسف أن السياسة التي تطبقها الحكومة الحالية تتعارض مع ما جاء به النموذج التنموي الجديد. > كان عزيز أخنوش رئيس الحكومة الحالي، المسؤول الأول عن القطاع الفلاحي، ألا ترون أنه تبعا لذلك هو المسؤول عن الفشل الذي تتحدثون عنه؟
< (مقاطعا) لا أريد شخصنة الموضوع، أولا؛ أنا أتحدث عن السياسات العمومية للحكومات المتعاقبة، بما فيها الحكومة الحالية التي يقودها الحزب صاحب الأغلبية، الذي كان في الحكومات السابقة، مسؤولا عن وزارات الفلاحة والاقتصاد والمالية والصناعة والتجارة، أي أنه كان على رأس الوزارات الاستراتيجية، أي أن المشاكل التي يتخبط فيها المغرب، ليست وليدة هذه الحكومة، وإنما أتت بفعل التراكم المتسلسل والمتتالي. والنقطة الثانية التي أود الحديث عنها، هو أن الوضعية الجغرافية للمغرب، لا تسمح بأن يكون لدينا قطاعا فلاحيا قويا يساهم في خلق الثروة الاقتصادية، وإحداث فرص الشغل، ويحقق المدخول العادل للفلاحين، وأرى أنه لم تكن بلادنا في حاجة إلى تركيز الاستراتيجية الاقتصادية على القطاع الفلاحي، علما أن الاهتمام كان يجب أن ينصب على ضمان الأمن الغذائي، بإعطاء الأولوية للمنتوج الذي يلبي الحاجيات الداخلية، عكس ما حدث، من اهتمام بالتصدير، خصوصا المنتجات التي تستهلك الماء، ذلك، أن هذا الأخير كان يستفاد منه بشكل مجاني أو شبه مجاني، وحدث هذا على حساب الفلاحة المعيشية التي تم إهمالها رغم تلبيتها للحاجيات الضرورية للمستهلك المغربي. ومن جهة أخرى، وكما قلت سابقا، تم إهمال استخدام بعض التقنيات المتطورة التي تساهم في التقليل من الإجهاد المائي، والتدبير الناجع لهذه المادة الحيوية، لهذا، أقول بأن مسؤولية الحزب الذي يقود الحكومة الحالية حاضرة بشكل كبير، في ظل الحكومات المتعاقبة التي شارك فيها، وكانت مقصرة في شأن المجال الفلاحي.

> توجه للحكومة انتقادات بشأن توقيعها السخي مع النقابات، لاتفاقيات اجتماعية بتكاليف مادية مهمة (التعليم، الصحة..)، اتجه البعض إلى وصفها بترضية النقابات على حساب التوازنات الماكرواقتصادية للبلاد، حيث ستجد الحكومات القادمة نفسها ملزمة بهذه التكاليف المادية، التي تم اللجوء منذ البداية إلى القروض الدولية للوفاء بها، كيف تقيمون هذه الالتزامات المالية وما هي الطرق الأمثل لتنفيذها عوض الاقتراض باعتباره أسهل الطرق لحل المشكل؟
< بداية، يجب أن أقول بأن نضال هذه الفئات من المواطنات والمواطنين هو نضال مشروع، يدافعون من خلاله عن حقوقهم التي لا نقاش فيها، ثانيا، أعتبر قرارات الحكومة لتلبية طلبات هذه الفئات الاجتماعية، بالشيء الإيجابي والصحي، لأنها في الاتجاه السليم. وإذا أخذنا مثال الأساتذة، فإنهم عانوا لسنوات وسنوات مع وضعيتهم الصعبة، بما فيها الأجور الزهيدة التي تم الرفع منها، رغم أن التكلفة ستكون بحوالي 10 مليارات درهم سنويا على حساب ميزانية الدولة. لكن في نفس الوقت أريد أن أقول بأن سياسة الحكومة في تدبير الملف، كانت سياسة هروب للأمام، لأنها يجب أن توفر القدرة على مواكبة هذه النفقات الجديدة، باعتبارها تندرج ضمن المدى الطويل، لهذا يجب أن تؤمن هذه النفقات عبر مداخيل جديدة لخزينة الدولة، لتحترم الالتزامات التي صادقت عليها. ومن وجهة نظري، فإن السياسات الهيكلية التي لا تقوم بها الحكومة، كافية لتوفير هذه المداخيل، كالإصلاح الضريبي، وإصلاح تسيير المقاولات والمؤسسات العمومية وترشيد نفقاتها، بمعنى هناك عدة شروط يمكن أن تمكن الحكومة من أن تكون لديها الموارد المالية باستمرار على المدى الطويل، لتواكب التزاماتها مع الطبقة الشغيلة، ثم أيضا، الالتزامات الأخرى، التي تتجلى في الاستثمار العمومي الذي تمت برمجته في قانون المالية 2024، بحجم 335 مليار درهم، كذلك 120 مليار درهم المخصصة للبرنامج الاستعجالي لإعادة إعمار مناطق الحوز، والاستراتيجية المتعلقة بالماء، 143 مليار درهم على مدى خمس سنوات.. وخزينة الدولة في حاجة إلى التحفيز المالي انطلاقا من الموارد الجبائية والموارد التي ستأتي من المقاولات والمؤسسات العمومية، لكن للأسف الشديد، الاستراتيجية التي تنهجها الحكومة، لا تسمح بتاتا بتحقيق نتائج إيجابية على مستوى هذه الموارد. > ألا ترون أن الحكومة أساءت إدارة ملف التعليم؟
< عموما، أثمن مبادرة الحكومة، بشأن ما أبانت عنه من حس اجتماعي تجاه الشغيلة التعليمية والصحية، لكن أزمة قطاع التعليم جد عميقة ولها أبعاد أخرى غير الزيادة في الأجور، والتي تتحدد في أربعة أبعاد. البعد الأول، هو أنها أزمة ثقة الأطفال والآباء تجاه نظام التعليم العمومي الوطني، وأزمة ثقة الأساتذة تجاه الوزارة والحكومة والنقابات، وهذا مشكل جد خطير، ثم ثانيا، هي أزمة بيداغوجية في نظامنا التعليمي الذي يعاني من ضعف البرامج التعلمية، وهو ما يستدعي إعادة النظر في برامج نظامنا التعليمي، خصوصا في ظل وجود مشاكل أخرى، كضعف مستوى تعلم المدرسين، وتدهور نتائج التحصيل المدرسي لتلامذتنا، التي تتجلى في احتلال المدرسة المغربية لرتب متأخرة في سلم التصنيفات الدولية الخاصة بالتعليم (PISA، PIRLS..)، حيث يتبوأ المغرب بشكل دائم المراتب ما قبل الأخيرة. أما الأزمة الثالثة، فهي أزمة مالية، فالميزانية المخصصة للتعليم جد ضعيفة، وهذا المشكل لم يتم حله على مر جميع الحكومات، وبلغة الأرقام، فإن الميزانية المخصصة للتعليم الموجهة للمستوى الأولي، والابتدائي، والإعدادي- الثانوي، ثم أيضا التعليم العالي والتكوين المهني، وتطوير البحث العلمي، لا تتعدى 92.5 مليار درهم، وهي الموارد المالية الثالثة في ميزانية الدولة، بعد خدمات الدين (le service de la dette)، 506 مليار درهم، والميزانية المرصودة للأمن الداخلي والخارجي. وتخصص 76 مليار درهم، من أصل 96 مليار درهم، لفائدة التعليم الأولي، والابتدائي، والإعدادي- الثانوي، والمبلغ المتبقي يوجه لوزارة التعليم العالي، والتكوين المهني، وتطوير البحث العلمي، وهذا يطرح مشكلا كبيرا بالنسبة لبلد كالمغرب، حيث يوجد أزيد من 60 في المائة من المغاربة تحت 25 سنة، في حاجة ماسة إلى التعليم والتعلم، ما يعني أن احتلاله للرتبة الثالثة بهذه الميزانية الهزيلة، مؤشر على عدم إعطائه الأولية القصوى، علما أن التعليم يجب جعله في مقام سلامة وحدتنا الترابية، وفي هذا الصدد، هناك نقاش سياسي على أعلى مستوى بخصوص هذا الموضوع، من أجل إعادة النظر في تراتبية الاختيارات الميزانياتية للدولة، خصوصا وأن القطاع الصحي هو الآخر لا تتجاوز ميزانيته 30 مليار درهم. وأخيرا، تتمثل الأزمة الرابعة، في أزمة التسيير الحكومي، ذلك، أن الحكومة أدارت بشكل سيئ ملف التعليم، وكما لاحظنا كان هناك حديث عن النظام الأساسي الجديد لأسرة التعليم منذ سنتين، فلماذا لم تفتح الحكومة نقاشا موسعا حول الموضوع، بهدف التشاور والتفاهم، أخذا بعين الاعتبار واقعية الميدان الذي يوجد به متحدثون جدد، أي التنسيقيات التي تستمد شرعيتها من الشارع، غير أن اختيار الحكومة التحاور المباشر مع النقابات فقط، أدى إلى تشنج، دفعت ثمنه المدرسة العمومية، وهو بالمناسبة ليس تشنجا من أجل 1500 درهم، وإنما لقرار تغييب هذه التنسيقيات من مسلسل الحوار، وهذا خطأ سياسي. وإلى جانب الإدارة السيئة للحوار، وإقصاء التنسيقيات من جلسات التفاوض، هناك مستوى ثالث في هذه الأزمة، وهي أزمة التفاوض، ذلك أننا في حاجة إلى تطوير ثقافة التفاوض، استنادا إلى الإنصات لجميع الأطراف المختلفة، ويجب التحلي بثقافة التنازل. إذن، غياب كل هذه الآليات والأدبيات في إدارة النقاش والحوار، عمقت الحكومة الأزمة بدل حلها، خصوصا أنها لجأت في الأخير إلى سياسة القمع في حق الأساتذة المضربين، وهي الممارسات غير المقبولة بتاتا، ولا تزيد إلا من حدة احتقان الأوضاع. > ألا تعتبرون أن أحد عوامل الأزمة، كما أشار إلى ذلك العديد من المحللين، يعود بالأساس إلى تدخل المال في السياسة؟
< لدي قناعة راسخة بشأن هذه الظاهرة، وهي أن تدخل المال في السياسة يعتبر أمرا قاتلا ومميتا، ويقضي على الديمقراطية، وحقا، بلادنا في حاجة أكثر من أي وقت مضى إلى تخليق العمل السياسي. وقد سجلنا ملاحظة بهذا الشأن في تقرير لجنة النموذج التنموي الجديد، وقدمنا مجموعة من التوصيات للفصل بين عالم المال والأعمال من جهة، والمجال السياسي من جهة أخرى، لكننا نلاحظ اليوم تضارب المصالح في العديد من المواقع، كما نطالع اليوم متابعة شخصيتين سياسيتين من الأغلبية الحكومية يمثلان موقعين مهمين بالمغرب، وهما وجدة والدار البيضاء. إن مزاوجة المال بالسلطة، أثر على وضع المواطنين داخليا، وأيضا على تدفق الاستثمارات الخارجية للشركات، واستنادا إلى الرقم الأخير بهذا الشأن في نونبر 2023، وصلت الاستثمارات الخارجية المباشرة بالمغرب 7.9 مليار درهم فحسب، بانخفاض 67 في المائة، بالمقارنة مع سنة 2022، علما أننا نلاحظ وجود ارتفاع في الاستثمارات المغربية في الخارج، عبر حضور الشركات الوطنية في إفريقيا بشكل أساسي، في إطار الدبلوماسية الاقتصادية في إفريقيا، ويتعلق الأمر بالاستثمار في الأبناك والاتصالات. وتعتبر استثمارات المغرب في الخارج أساسية، لأن قوة الاقتصاد الوطني، تكمن أيضا في الحضور في الخارج، لكن أيضا، مقابل جلب الاستثمارات الأجنبية، وهذا يدل على أن الوضع جد سيء وخطير، ونحن في حاجة اليوم إلى ميثاق للاستثمار وتعزيز ثقة القطاع الخاص، لأننا نلاحظ أزمة ثقة من قبل الفاعلين الاقتصاديين في النظام الاقتصادي المغربي، ويرجع ذلك إلى العيوب التي تسود في حقلنا السياسي، والتي يجب معالجتها في أقرب وقت ممكن، فالفصل يجب أن يكون واضحا وصريحا بين رجال الأعمال والمسؤولين السياسيين، لأن المسؤول هو من يعد البرامج الاقتصادية، ويقترح ويشرع في القانون، ويعين في المناصب العليا، وهذا يؤثر في الأخير على الحياة العامة اقتصاديا وسياسيا. > في هذا الصدد، كنتم قد أعددتم في حركة “ضمير”، تقريرا حول زواج المال بالسلطة، غير أنكم لم تقدموا حلولا أكثر فعالية..
< على العكس من هذا، لقد قدمنا حلولا واقعية، إن الحل الرئيسي والأساسي، هو إصلاح المشهد السياسي، عبر إرادة الدولة والمواطن، أكيد أن الفاعل السياسي لا يمكن أن يبلور قوانينا لا تخدم مصالحه، لهذا على مؤسسات الحكامة والمواطن والمثقف ووسائل الإعلام، أن تضغط من أجل التغيير، ومن أجل "نموذج سياسي جديد"، كما أسميه، من خلال اعتماد ترسانة قانونية حديثة، تنظم عمل الأحزاب السياسية، في إطار الضوابط والقواعد الدستورية، أي أننا محتاجين إلى قانون جديد يؤطر عمل هذه الأحزاب، التي في حاجة إلى تنظيم ديمقراطيتها الداخلية، عبر تحديد معايير خاصة، تفتح المجال لإشراك المواطن في جميع أجهزة هذه التنظيمات، والترشح لمناصب المسؤولية السياسية في البرلمان، والجهة، والجماعات المحلية.. ومن جهة أخرى، يجب إعادة النظر من منطق القانون، في الشفافية المالية للأحزاب السياسية، حيث لا بد من وضع سقف لتمويل الحملات الانتخابية، ضمانا للمنافسة الشريفة، وحتى يكون الأشخاص الذين يمثلون المواطنين في قبتي البرلمان (مجلس النواب والمستشارين) ذوي كفاءة، بدل ضمان تمثيليتهم بناء على قيمة المال، على حساب الكفاءة والمصداقية التي تغيب في الحملات الانتخابية. صفوة القول، لا بد من إعادة النظر في المشهد السياسي الوطني وإصلاحه بالقانون، الذي يجب أن يراعي ويعيد النظر في التقطيع الانتخابي بالجهات والمناطق، وكذا نمط الاقتراع لتعكس النتائج الإرادة الفعلية للمواطنين، وهذا هو النموذج السياسي الجديد الكفيل بإصلاح المشهد السياسي، لكن هذا رهين إعادة النظر في الترسانة القانونية والتفعيل الأمثل، ثم لعب المؤسسات الدستورية لأدوارها في الحكامة الجيدة، والتي هي الأخرى تحتاج إلى مسؤولين مستقلين في قراراتهم، يشتغلون من أجل المصلحة العامة للبلاد والمواطن، من قبيل المجلس الأعلى للحسابات، والهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، ومجلس المنافسة.. > كيف السبيل إلى دمقرطة الحقل السياسي؟
< علينا أن نتخذ تدابير جذرية تسمح بإجراء إصلاح حقيقي للمجال السياسي. وعلينا أن نعمل على خلق علاقة تجانس وتكافل بين إرادة الدولة وإرادة المواطن من خلال إرساء "النموذج السياسي الجديد". إن تحقيق هذا الهدف في إطار ثوابت الأمة ومضامين الدستور يتطلب وضع ترسانة قانونية جديدة تحكم عمل الأحزاب السياسية وتضمن شفافيتها. كما يجب أن ينظم هذا القانون الديمقراطية الداخلية للأحزاب السياسية ويضع معايير الكفاءة والنزاهة للتأهل والترشح لمنصب الأمانة العامة للحزب أو أي منصب آخر من المسؤولية السياسية داخل المؤسسات الانتخابية أو التنفيذية. كما يجب على المشرع تنظيم آليات ضمان الشفافية المالية للتنظيمات السياسية، مع تحديد سقف عادل ومعقول لتمويل الحملات الانتخابية بحيث تكون المنافسة السياسية عادلة وتعتمد فقط على نوعية المرشحين والبرامج، وليس على حجم المبالغ المالية. كما يجب، أيضا، إعادة النظر في طريقة تقسيم الدوائر الانتخابية، وتحديد أسلوب تصويت أكثر صدقا، للتعبير عن إرادة الناخبين الحقيقية. إن تنفيذ هذا "النموذج السياسي الجديد" بوفاء يفترض وجود هيئات تنظيمية مستقلة وقوية، بقيادة مسؤولين كبار مستقلين وذوي مصداقية وأكفاء، يعملون فقط لخدمة المصلحة العامة للأمة. > فرض مجلس المنافسة مؤخرا غرامة تسوية بقيمة 1.84 مليار درهم على مشغلي توزيع المحروقات. لكن الجبهة الوطنية لحماية لا سمير، التي أنتم نائب رئيسها، انتقدت بشدة هذا القرار..
< لم تكن انتقاداتنا قاسية. كانت مسؤولة. وعند الإعلان عن قرار مجلس المنافسة أدركنا أن الجبل تمخض فولد فأرا. لقد مرت أكثر من ثماني سنوات منذ أن نددت جبهة سمير بالاتفاقيات غير القانونية بين مشغلي المحروقات، لكن قلة من المسؤولين في جهاز الدولة منحوا هذا البيان التقدير الذي يستحقه. والآن تم ذلك بقبول المتعاملين في القطاع الذين اعترفوا بانتهاك قانون المنافسة. فهل تم إسدال الستار على الملف؟ بالطبع لا، لأن جبهة لا سمير تشكك في قيمة مبلغ غرامة التسوية. في الواقع، نحن نطالب بصوت عال وواضح بالتعويض عن الأضرار التي لحقت بالمواطنين المغاربة والفاعلين الاقتصاديين. فماذا يمثل هذا المبلغ السخيف البالغ 1.84 مليار درهم مقارنة بالأرباح الفاحشة المتراكمة منذ دجنبر 2015 والتي تقدر بنحو 55 إلى 60 مليار درهم في نهاية 2023؟ مجرد قطرة ماء في محيط من الأرباح غير المشروعة. نعتقد أن هناك إشكالية سياسية كبيرة في هذا الأمر، لدرجة أن مجلس المنافسة لم يكن ليتمكن من التوصل إلى هذه الغرامة المعاملاتية، لولا التعديلات التي أدخلت في نونبر 2022 على قانون حرية الأسعار والمنافسة، وتلك المتعلقة بالإصلاحيات المخولة لمجلس المنافسة، بأغلبية نيابية يقودها حزب وحكومة يعتبر زعيمها المشغل الرئيسي في قطاع المحروقات. وهذا مثال صارخ على الحاجة الملحة إلى إنشاء "جدار صين" بين قطاع الأعمال والسياسة. ونحن في جبهة لا سمير نعتبر أن هذه التعديلات كانت رجعية وأدت إلى تراجع قانون المنافسة في المغرب. ولم يلعب البرلمان دوره وأقر تعديلات موجهة لا تخدم الصالح العام لصالح بقدر ما تخدم مصالح خاصة، الأمر الذي من شأنه أن يؤدي إلى تفاقم الانقسام القائم بين المواطنين وممثليهم داخل مجلسي البرلمان. وتكبدت المالية العامة خسارة كبيرة، حيث كان من المفترض أن تصل الغرامة إلى أكثر من 22 مليار درهم حسب تقديرات جبهة لا سامير. وبالتالي، شكلت غرامة المعاملات نعمة إضافية للمشغلين في هذا القطاع، الذين يستفيدون من القوانين التي يسهل اختراقها وغير المكتملة. وبالإضافة إلى الحاجة إلى تسريع عملية إضفاء الصبغة الأخلاقية على الحياة العامة، فلابد أيضا من إصلاح عملية تعيين أعضاء مجلس المنافسة، بما يضمن عدم وجود أي شبهة بوجود اتصالات بين الحكومة وهؤلاء الأعضاء. وفي الواقع، إذا كانت عملية تعيين رئيس مجلس المنافسة آمنة تماما لأنها من صلاحيات جلالة الملك، فإن الأمر ليس كذلك بالنسبة لأعضاء هذا المجلس الآخرين الذين يقع تعيينهم من طرف رئيس الحكومة. وبالتالي فإن خطر تضارب المصالح يظهر بوضوح. > اليوم ملف لا سمير لا يراوح مكانه، كيف يمكن تصور الحل داخل الجبهة الوطنية؟
< قامت جبهة لاسمير بمبادرات في إطار المجالس التشريعية السابقة والحالية وتمكنت من إقناع جزء كبير من الطبقة السياسية بدعم مقترحي قانون، أحدهما يهدف إلى نقل أصول لا سمير إلى الدولة عن طريق عملية تحويل بسيطة للديون، والآخر يتعلق بتحديد سقف لأسعار الهيدروكربونات وهوامش الربح. وكان حزب التقدم والاشتراكية من بين الأحزاب السياسية الأولى التي دعمت هذين المقترحين التشريعيين اللذين، للأسف، لم يتسن جدولة مناقشتهما في الجلسة العامة بمجلسي النواب والمستشارين بسبب رفض حكومتي العثماني وأخنوش مناقشتهما. للإشارة، فخلال الولاية التشريعية السابقة، دعم حزب الاستقلال هذين النصين، والتزم أمينه العام خلال الحملة الانتخابية في شتنبر 2021 بإنجاح هذه المقترحات وإعادة تشغيل مصفاة لا سمير، في حال تمت دعوة حزبه للانضمام إلى الحكومة. وأظهرت الأحداث اللاحقة أن الأمر لم يكن كذلك! > ما هي السبل الكفيلة للخروج من الأزمة؟
< بادئ ذي بدء، يجب أن تتمتع الحكومة بالشجاعة السياسية لقبول جدولة هذين القانونين في جلسة عامة حتى يكون هناك نقاش عام أمام جميع المغاربة. ثانيا، لا بد من الاعتراف بأن تكلفة إعادة تشغيل مصفاة لا سمير بالنسبة للمالية العمومية ستكون معتدلة. ذلك أن الديون المستحقة على شركة لا سمير، وفقا لما قررته المحكمة التجارية بالدار البيضاء، تبلغ 45 مليار درهم. لكن مبلغ الدين في الواقع أكثر من ذلك فهو في حدود 95 مليار درهم إذا أخذنا بعين الاعتبار الأحكام المتعلقة بالغرامات المفروضة على شركة لا سمير لفائدة مكتب الصرف (18.7 مليار) وإدارة الجمارك (37.8 مليار). وبالتالي فإن ثلثي ديون مصفاة المحمدية هي ديون مملوكة للإدارات العمومية. وكل ما يتطلبه الأمر هو أن تقوم الدولة بتحويل هذا الدين إلى مشاركة في رأس المال من خلال مجموعة بسيطة من الكتابات المحاسبية والقانونية. لكن هذا يتطلب إرادة سياسية من الحكومة. لنذكر أيضا أنه خلال الثلاثة أشهر من سنة 2020، انهارت أسعار البترول الخام لتصل إلى أقل من 20 دولارا للبرميل بينما ظلت خزانات مصفاة لا سامير فارغة، وغير مستغلة من طرف الدولة. علما أن حكومة العثماني طلبت الموافقة لهذا الغرض من المحكمة التجارية بالدار البيضاء، التي سارعت إلى منحها الموافقة. > ما هي اليد الخفية التي تصرفت لإخراج هذا المشروع عن مساره، والذي كان من الممكن أن يسمح بتوفير كبير في ميزانية مواردنا المالية العامة، مما ينقذنا من تدفقات العملات الأجنبية إلى الخارج ويحافظ على احتياطياتنا من النقد الأجنبي؟
< نتحدث اليوم عن سيادة المغرب الاقتصادية والصناعية والصحية والغذائية والرقمية والطاقة، وهو مفهوم ذو صلة طرحه جلالة الملك مرارا وتكرارا في خطاباته وتوجيهاته للسلطة التنفيذية. وفي هذا السياق، تجدر الإشارة إلى أن الطاقات المتجددة لا تمثل سوى 9% من مزيج الطاقة الوطني، في حين لا يزال أكثر من 90% يعتمد على الوقود الأحفوري. لذا، لا بد من قيام الحكومة، بالتوازي مع تنفيذ خارطة الطريق المخصصة للطاقات المتجددة والهيدروجين الأخضر على وجه الخصوص، بوضع استراتيجية عالمية لقطاع المحروقات والبتروكيماويات. وبصرف النظر عن إعادة صياغة المعلومات التي ينشرها مشغلو الهيدروكربون حول استثماراتهم في سعة التخزين، فإن الحكومة لا تقول شيئا عن هذه الاستراتيجية، إلى جانب ذلك، هل هو موجود؟ > هل تعتقدون أن مشكل لا سامير سيجد حلا؟ وإذا تم ذلك هل ستعود أسعار المحروقات إلى سابق عهدها؟
< أكيد ستنخفض الأسعار بدرجة هامش ربح التكرير على الأقل. نحن نعتبر هامش ربح التكرير يمثل على الأقل 2.5 إلى 3 دراهم لكل لتر. عندما ننظر إلى هامش ربح المؤسسات الدولية الفاعلة في قطاع استكشاف وتكرير النفط وتوزيعه نجد أنه ارتفع بشكل كبير جدا، وعندما ندقق حساباتها نجد أن 60 بالمائة أو 70 بالمائة من ارتفاع أرباحهم الصافية يأتي من تكرير النفط. إذن شركات توزيع المحروقات من مصلحتها استمرار توقف لا سامير. لكن هل هذه هي مصلحة البلاد والدولة والمواطنين؟ في نظري لا يجب أنلا يكون هناك أي ارتباط بين الفاعل الاقتصادي وعالم المال والأعمال من جهة، وبين الفاعل السياسي والحكومي من جهة أخرى. يجب أن يكون هناك جدار رصين. (يتبع) **************** محمد بنموسى في سطور < عضو سابق في اللجنة الخاصة بالنموذج التنموي. < خبير اقتصادي، خبير ومستشار في السياسات الاقتصادية، أستاذ جامعي في المالية. < مصرفي وفاعل سابق في السوق المالي والبورصة. < فاعل سياسي: - عضو في حزب الاستقلال لمدة 23 سنة. - حاليا عضو حزب التقدم والاشتراكية. < مسير جمعوي: نائب رئيس حركة ضمير. نائب رئيس الجبهة الوطنية لحماية مصفاة النفط المغربية لاسمير. تواريخ رئيسية في مسيرة محمد بنموسى المهنية: 1990: انضم إلى مجموعة وفابنك حيث تولى مسؤوليات عليا حتى عام 2003 (مدير عام وفا بورصة، مدير الإستراتيجية والتطوير في مجموعة وفابنك، ...). 1995: - رئيس الجمعية المهنية لشركات البورصة. - مدير مجلس أخلاقيات الأوراق المالية. - مدير بورصة الدار البيضاء. 1998: نائب الرئيس وعضو اللجنة التنفيذية لبورصة الدار البيضاء 2000: انضم إلى حزب الاستقلال. 2004: الكاتب العام للبنك التجاري وفا بنك. 2005: رئيس شركة وفا إموبيلييه. 2006: إطلاق مشاريع خاصة في قطاع التطوير العقاري وفي الاستشارات الإستراتيجية والتواصل. 2014: عُين عضواً في المكتب التنفيذي لحركة ضمير. 2017: مرشح لمنصب الأمين العام لحزب الاستقلال. 2017: إنشاء شركة Match Point Conseil، وهي شركة استشارية متخصصة في السياسة الاقتصادية والمالية العامة والخدمات المصرفية والمالية واستراتيجية الأعمال. 2017: تم تعيينه مديراً إدارياً لمجموعة EM Digital Group (حتى 2020)، المجموعة المتخصصة في الاستشارات والاتصالات والألياف الضوئية والرقمنة 2018: عين نائباً لرئيس حركة ضمير. 2018: تم تعيينه مديرا وكبير الاقتصاديين للاتحاد العام لمقاولات المغرب (حتى يناير 2019). 2018: الانضمام إلى الأمانة الوطنية للجبهة الوطنية لحماية مصفاة النفط المغربية لاسمير النفط المغربي. 2019: تم تعيينه نائباً لرئيس الجبهة الوطنية لحماية مصفاة النفط المغربية لاسمير. 2019: تم تعيينه من قبل صاحب الجلالة الملك محمد السادس عضوا باللجنة الخاصة بالنموذج التنميوي. 2020: انضم إلى UM6P كأستاذ في الاقتصاد وتمويل الشركات والأسواق. 2023: يستقيل من حزب الاستقلال وينضم إلى حزب التقدم والاشتراكية. حاوره: خالد درفاف- يوسف الخيدر- نجيب العمراني- مصطفى السالكي

Top