مشروع دعم المياه والبيئة في سياق الرهانات الواقعية والتوقعات المستقبلية

بحلول سنة 2021، لا تزال جميع أنحاء العالم ومنطقة البحر الأبيض المتوسط تواجه مشاكل خطيرة بسبب جائحة كوفيد-19، ولا ينبغي أن ننسى أن هذا العام يشكل “نقطة تحول” نبدأ من خلالها عقدا حاسما نحو عام 2030 ومرتبطا بالتوقعات التي أثارتها أجندة 2030 والآمال في تحقيق أهداف التنمية المستدامة.
ويترتب على كوفيد-19 تأثير مزدوج ومثير للجدل من حيث التقدم في الجهود في مجال البيئة والتنمية المستدامة. فقد أدى من ناحية إلى الإضرار بالاقتصاد وبالتالي التقليل من توافر الأموال للاستثمارات الضرورية المتعلقة بتحقيق أهداف التنمية المستدامة. ومن ناحية أخرى، فقد أكد وأوضح لصانعي القرار والجمهور الواسع أن المشكلات الصحية والبيئية والاجتماعية المعقدة في أيامنا هذه تعتبر ذات طبيعة عالمية، وأصبحت تتحول أكثر فأكثر إلى أن تكون مشاكل “وجودية” من حيث أهميتها لبقاء الجنس البشري على هذا الكوكب، وبالتالي يجب معالجتها بشكل عاجل وشامل وفي وقت واحد على العديد من المستويات، بدءا من المستوى العالمي إلى المحلي.
وفي هذا الصدد، قد تساهم التغييرات السياسية في الولايات المتحدة الأمريكية في تعزيز التعاون الدولي في معالجة تغير المناخ، في حين أنه من المأمول أن تؤدي السلسلة القادمة من المؤتمرات الدولية / العالمية الكبرى إلى تحفيز وتعزيز تنسيق الجهود المشتركة بين الدول ومع أصحاب المصلحة غير التابعين للدول. ومن بين المؤتمرات الدولية المهمة للغاية ذات النطاق العالمي، مؤتمر الأطراف السادس والعشرين بشأن تغير المناخ في غلاسكو، ومؤتمر الأطراف الخامس عشر بشأن التنوع البيولوجي في الصين، ومؤتمر اليونسكو للتعليم من أجل التنمية المستدامة في برلين، وكذلك المؤتمر الوزاري الإقليمي المتوسطي للاتحاد من أجل المتوسط بشأن البيئة والمناخ والعمل في مصر، وسلسلة من الاجتماعات الإقليمية الأخرى مثل منتدى البحر الأبيض المتوسط للمياه الذي سيعقد في مالطا في عام 2021 كتحضير للمنتدى العالمي للمياه في داكار، السنغال في عام 2022.
وقد تم تصميم مشروع دعم المياه والبيئة (WES) مع الأخذ في الاعتبار البيئة الدولية وأولويات التنمية ويهدف إلى المساهمة في هذه المجالات وتسهيل إتاحة البلدان الشريكة للمشروع والاتحاد الأوروبي لهذه المنتديات أمثلة ملموسة لجهودهم وخبراتهم الناتجة عن تنفيذ أنشطة مشروع (WES). ويتم تضمين المواد البلاستيكية ذات الاستخدام الواحد (SUPs)، على سبيل المثال، في جداول أعمال جميع المؤتمرات الدولية المذكورة أعلاه. وبالمثل، تعد الحلول المستندة إلى الطبيعة (NBSs) ذات الصلة بأنظمة الاحتفاظ بالمياه واحتجازها، وإعادة تغذية طبقات المياه الجوفية، وزيادة توافر المياه للنظم البيئية وتقليل مخاطر الفيضانات، من بين أمور أخرى، من الأمور المركزية لجميع هذه الفعاليات.
وكذلك، من المهم مراعاة وتعزيز الارتباط المنتظم لأنشطة مشروع (WES) بتقارير البلدان والاتحاد الأوروبي في المنتديات المذكورة أعلاه من خلال النهوض باستراتيجية الاتصال في إطار مشروع (WES).

اعتماد اللجنة التوجيهية لخطة عمل مشروع (WES) لعام 2021

تم خلال الاجتماع الثاني للجنة التوجيهية لمشروع (WES) اعتماد خطة عمل المشروع للأشهر الـ12 القادمة. وركز الاجتماع، الذي عقد على الإنترنت في 23 نوفمبر 2020، على استعراض إنجازات المشروع حتى الآن وعرض الأنشطة المخطط لها للعام المقبل 2020-2021.
وشاركت في رئاسة الاجتماع، مديرة مشروع (WES)، سيلفي فونتين من المديرية العامة لمفاوضات الجوار والتوسع، التي رحبت بالمشاركين وسلطت الضوء على أهمية المشروع ضمن جهود الاتحاد الأوروبي الأوسع للبيئة والاقتصاد الدائري.
وتحدث ستيفانو دوتو، رئيس قطاع الاتصال والمناخ والبيئة من السلطة المتعاقدة – المديرية العامة لمفاوضات الجوار والتوسع في المفوضية الأوروبية خلال الاجتماع وقام بتسليط الضوء على الجهود المستمرة للاتحاد الأوروبي لدعم التنمية المستدامة، ومعالجة قضايا تغير المناخ وحماية البيئة والدور المهم الذي يؤديه مشروع (WES) في تحقيق ذلك.
كما قام باتريك فيجيردت من المديرية العامة لمفاوضات الجوار والتوسع بالربط ما بين مشروع (WES) و”الصفقة الخضراء” للاتحاد الأوروبي.
وأشارت أليساندرا سينسي من الاتحاد من أجل المتوسط ​​إلى الاجتماع الوزاري الثاني القادم بشأن البيئة والعمل المناخي وإلى الدعم الذي يقدمه مشروع WES إلى جداول أعمال الاتحاد من أجل المتوسط ​​ذات الصلة، بينما هنأت السيدة تاتيانا هيما من برنامج الأمم المتحدة للبيئة/ خطة عمل البحر المتوسط ​​فريق (WES) وأشارت إلى الدعم المتبادل بين المشروع وأنشطة برنامج الأمم المتحدة للبيئة بشأن قضايا مماثلة وذلك بهدف تعزيز الأثر.
وأكد الدكتور مايكل سكولوس، رئيس فريق مشروع (WES)، أن المشروع بذل خلال الأشهر القليلة الماضية مجهودا كبيرا لتكييف الأنشطة مع واقع كوفيد-19، وعرض التقدم المحرز في كلا المكونين على المستويين الوطني والإقليمي، وشدد على أن التحرك معًا نحو منطقة أكثر استدامة في البحر الأبيض المتوسط يعتبر أكثر أهمية في الوقت الحالي من أي وقت مضى.
وتحدثت جميع البلدان الممثلة من خلال جهات الاتصال المعنية بالبيئة والمياه في كل منها، حيث قاموا بعرض التقدم المحرز في بلدانهم. كما تضمن الاجتماع عرض موجز للمشاريع التجريبية التي تدعمها المديرية العامة لمفاوضات الجوار والتوسع والتي تشكل جزءًا لا يتجزأ من مشروع (WES).
تم تخصيص جزء مهم من الاجتماع لمناقشة خطط العام المقبل، والتي تم بموجبها اعتماد خطة العمل لعام 2021 بالإجماع من قبل اللجنة التوجيهية للمشروع.
وتتكون اللجنة التوجيهية من جهات اتصال المشروع من البلدان الشريكة، والمفوضية الأوروبية، والشركاء المؤسسيين للمشروع (الاتحاد من أجل المتوسط وخطة عمل البحر الأبيض المتوسط / الأمم المتحدة للبيئة) وحضر الاجتماع أيضًا ممثلون من المشاريع التوضيحية المنفذة في إطار مشروع (WES) وعدد من المنظمات الإقليمية.
تدريب ناجح على محاسبة المياه

تعد محاسبة المياه أداة حيوية لتحقيق الإدارة المتكاملة للمياه والتوازن المستدام للمياه. وبهدف إنشاء محاسبة مناسبة للمياه في كل بلدان جنوب البحر الأبيض المتوسط، شارك أكثر من 50 مشاركا في تدريب إقليمي لمدة أسبوعين حول محاسبة المياه، الذي نظمه مشروع (WES) بتمويل من الاتحاد الأوروبي. ومن خلال منصة على الإنترنت، تابع خبراء المياه من الوزارات والمكاتب الإحصائية ذات الصلة تدريبا مكثفا لمدة 20 ساعة على مدى أكثر من أسبوعين. واشتمل التدريب على محاضرات وورش عمل قدمها خبراء أوروبيون وإقليميون ومحليون.
وتناول التدريب مواضيع شملت التطورات حول المفهوم العام لمحاسبة المياه، والمكونات البيئية والاقتصادية، وفوائد المحاسبة المائية واستخدام مخرجاتها في الإبلاغ عن التقدم المحرز نحو تحقيق أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة. كما تم تعريف المشاركين أيضا على حسابات التدفق المادي وحسابات الأصول المادية، باستخدام نظام الأمم المتحدة للمحاسبة البيئية والاقتصادية للمياه (EEAS) وأطر المراقبة المختلفة. وخلال مجموعات العمل، تم تطبيق المعرفة المكتسبة حديثا من خلال التدريبات العملية وأتيح المجال لمزيد من تبادل الخبرات بين المشاركين الممارسين من دول شمال وجنوب البحر الأبيض المتوسط.
ووفقا لمدربي مشروع (WES) جورج باراميس واريك مينو، يجب أن ينظر إلى المحاسبة المائية باعتبارها جزءا من برنامج أكبر. “تبين لنا المحاسبة المائية كيفية تعاملنا مع البيئة وكيف يمكننا تحديد رأس المال الطبيعي المتوفر لدينا. لأنها تساعدنا على ضمان عدم زيادة التدهور البيئي. لذلك تحتاج جميع دول البحر الأبيض المتوسط إلى البدء في العمل بشكل منهجي على جمع البيانات الضرورية وذات الصلة”. وأعطى هذا التدريب لهم الفرصة للاستفادة من الشراكة مع أوروبا ومع المنطقة ولتجربة المحاسبة المائية الأوروبية وإحصاءاتها. ففي أوروبا، بدأت المحاسبة المائية أيضا بوضع افتراضات بسبب عدم توفر جميع البيانات دائما. لذلك، لا يجب أن يكون عدم توفر البيانات حجة لعدم إنشاء نظام مناسب للمحاسبة المائية.
وحاول المدربون أيضا أن يبينوا أن العمل الجماعي مع مختلف الزملاء يعتبر عاملا حيويا من أجل تطوير تلك الحسابات وتوضيح وجود الحاجة لاستخدام التصنيفات القياسية مثل نظام المحاسبة. ومن خلال دراسات الحالة من بلدان مختلفة في أوروبا والمنطقة، تم تقديم أمثلة مفيدة ولكن هذه الدراسات أظهرت أيضا أن البلدان الأوروبية لا تزال تتعلم أيضا في هذا المجال.
وأقرت ماجدة علاونة، التي شاركت في التدريب نيابة عن سلطة المياه الفلسطينية، بأن التدريب كان ممتعا للغاية وقدم فكرة جيدة عن جميع جوانب المحاسبة المائية وكيفية استخدامها. وأضاف حسام النجار من وزارة الموارد المائية والري في مصر أن التدريب كان فرصة جيدة جدا للالتقاء بالزملاء من الدول الأخرى لتبادل الخبرات، وأن التدريب أعطى للمشاركين مقدمة جيدة جدا حول هذا الموضوع، وعرفهم أن هناك أنظمة مختلفة يمكن استخدامها وتطبيقها لإنشاء المحاسبة المائية المناسبة.

> محمد التفراوتي

Related posts

Top