معركة أنوال في ذكراها المائوية

مناسبة لاستحضار صفحات مجيدة في سجل الملاحم الوطنية

تنظيم مهرجان خطابي وندوات وتكريم قدماء مقاومين وأعضاء جيش التحرير

جاءت مقـاومة البطـل محمد بن عبد الكريم الخطابي كامتداد للمقاومة الريفية في الزمان والمكان، حيث استطاع بفضل كاريزميته وشخصيته القوية هيكلة حركة المقاومة وتنظيمها سياسيا واستراتيجيا وعسكريا ولوجيستيكيا، لتشمل مناطق الشمال بكاملها. لقد تميزت حركة محمد بن عبد الكريم الخطابي التحريرية بدقة وإحكام التنظيم، وبالقدرة على الاستقطاب، وبالتخطيط المتقن، وبجودة الأداء وإصابة الأهداف، إذ كانت معركة أنوال في يوليوز سنة 1921 بمثابة الضربة القاضية للقوات الأجنبية.

خلد الشعـب المغربـي ومعه أسرة المقاومة وجيش التحرير يومه الجمعة 16 يوليـوز 2021 الذكرى المائوية لمعركة أنوال المجيدة، التي حقق فيها المقاومون والمجاهدون المغاربـــة بقيادة البطـل محمد بن عبد الكريم الخطابي انتصارا كبيرا على قوات الاحتلال الأجنبي.

فمنذ مطلع القرن العشريـن، وتحديدا منذ 1907 وإلى 1912، قاد المقاوم الشريف محمد امزيـان حركة ثورية بطولية في مواجهة الغزاة، وخاض غمار عدة معارك ضارية ضد قوات الغزو الأجنبي، حقق فيها انتصارات باهرة، وظل صامدا في وجه الاحتـلال الأجنبي إلـى أن سقـط شهيدا في ساحـة الشرف والكرامـة يوم 15 مـاي 1912.

وجاءت مقـاومة البطـل محمد بن عبد الكريم الخطابي كامتداد لهذه المقاومة الريفية في الزمان والمكان، حيث استطاع بفضل كاريزميته وشخصيته القوية هيكلة حركة المقاومة وتنظيمها سياسيا واستراتيجيا وعسكريا ولوجيستيكيا، لتشمل مناطق الشمال بكاملها.

لقد تميزت حركة محمد بن عبد الكريم الخطابي التحريرية بدقة وإحكام التنظيم، وبالقدرة على الاستقطاب، وبالتخطيط المتقن، وبجودة الأداء وإصابة الأهداف، إذ كانت معركة أنوال في يوليوز سنة 1921 بمثابة الضربة القاضية للقوات الأجنبية بفضل الأسلوب المتطور في حرب العصابات واستباق الأحداث واكتساح الميدان. وبعد مواجهات ضارية مع قوات الاحتلال، وصل قائدها العام الجنرال “سيلفستر” الذي اشتهر بخبرته وتجربته العسكرية، على رأس قوة عسكرية لفك الحصار عن قواته. لكنه عجز واضطر إلى الانسحاب والتراجع إلى مليلية، فلاحقه المجاهدون الريفيون بقيادة القائد البطل محمد بن عبد الكريم الخطابي، وتوجت هذه المعركة الكبرى التي دارت رحاها بمنطقة أنوال بانتصار ساحق للمجاهدين، مما شكل ضربة موجعة للغزاة المعتدين الذين تكبدوا خسائر فادحة في الجنود والعتاد، حيث قدر عدد القتلى بالآلاف من بينهم الجنرال “سلفستر”، كما غنم المجاهدون أسلحة متطورة كثيرة ومتنوعة.

وبعدما تكبدت أفدح الهزائم، تراجعت القوات الاستعمارية وتمركزت بمدينة مليلية بينما حظيت حركة التحرير الوطني بتأييد وإعجاب العديد من حركات التحرر الوطني في العالم المؤيدة للشعوب المضطهدة التي وجدت في معركة أنوال مرجعية في فنون حرب العصابات.

لقد منيت القوات الاستعمارية خلال معركة أنوال بهزيمة ثقيلة أربكت حسابات الغزاة المحتلين الذين اهتزت أركان جيوشهم الجرارة المدججة بأحدث الآليات والتجهيزات العسكرية وبقوة الحديد والنار، فاضطروا بذلك للتفاوض مع المجاهدين لحفظ ماء الوجه.

وبالرغم من تحالف قوات الاستعمارين الاسباني والفرنسي، استطاع البطل محمد بن عبد الكريم الخطابي وأنصاره الصمود في وجه قوات الظلم والطغيان لمدة سنة كاملة، دخل خلالها في مفاوضات مع قيادتيهما، حيث جرت عدة لقاءات ومحادثات مع القوتين العسكريتين، أسفرت عن قبول شرط إيقاف الحرب الريفية دون تسليم الأسلحة. وبعد أن تبين للقائـد البطل محمد بن عبد الكريم الخطابي أن هذه الحرب غير متكافئة بين الجانبين، فضل تسليم نفسه للمحتل الفرنسي حقنا للدماء صبيحة يوم 26 ماي 1926.

وتميز مطلع الثلاثينات من القرن الماضي بالتحول الجديد الذي شهده مسلسل الكفاح الوطني بالانتقال إلى النضال السياسي كواجهة مواكبة ومكملة للمقاومة المسلحة، وتصدى أبناء الريف الأشاوس لما سمي بالظهير البربري الذي أصدرته سلطات الإقامة العامة للحماية الفرنسية في 16 مايو 1930، والذي كانت تستهدف به تمزيق وحدة المغرب والتفريق بين أبنائه، وتصاعدت وتيرة النضال الوطني بتقديم وثيقة المطالبة بالاستقلال في 11يناير 1944 بتشاور وتناغم بين بطل التحرير والاستقلال جلالة المغفور له محمد الخامس وطلائع الحركة الوطنية، ثم جاءت رحلة الوحدة في 9 أبريل 1947 إلى مدينة طنجة، وخطاب جلالة المغفور له محمد الخامس التاريخي بالمناسبة، لتذكي الصراع المحتدم بين  العاهل المفدى والإقامة العامة للحماية الفرنسية.

واشتد الصراع في أعقاب المواقف البطولية لجلالة المغفور له محمد الخامس في مواجهة الإقامة العامة الفرنسية التي كانت تتوهم أنها بإقدامها على فعلتها الشنيعة المتمثلة في نفي رمــز السيــادة المغربيــة جلالـــة المغفور له محمد الخامس إلى جزيرة كورسيكا ومنها إلى جزيرة مدغشقر يوم 20 غشت 1953، ستتمكن من إخماد جذوة المقاومة، غير أن هذه الفعلة النكراء أججت وتيرة الكفاح الوطني الذي امتدت شرارته لكافة أرجاء الوطن إلى حين العودة المظفرة لبطل التحرير والاستقلال جلالة المغفور له محمد الخامس حاملا معه مشعل الحرية والاستقلال.

وإن أسرة المقاومــة وجيش التحرير لتغتنم هذه المناسبة الوطنية، لتؤكد استعدادها التام وتعبئتهـــا المستمرة تحت القيادة الحكيمــة لجلالة الملك محمد السادس من أجل الدفاع عن وحدتنا الترابية، وتثبيت المكاسب الوطنية بأقاليمنا الجنوبية المسترجعة، كما تعرب عن دعمها اللامشروط للمبادرة المغربية القاضية بمنح حكم ذاتي موسع للأقاليم الجنوبية المسترجعة، باعتبار هذا المشروع ينسجم مع الشرعية الدولية، ويحظى بدعم المنتظم الأممي، ويعتبره المراقبون والمحللون الدوليون آلية ديمقراطية لإنهاء النزاع المفتعل بالمنطقة، “فالصحراء مغربية وستظل مغربية إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، وهو خير الوارثين”.

ومناسبة تخليد الذكرى المائوية لمعركة أنوال المجيدة، توحي للأجيال الجديدة والمتعاقبة بواجب التأمل والتدبر واستخلاص الدروس والعبر والعظات في تقوية الروح الوطنية وشمائل المواطنة الإيجابية لمواجهة التحديات وكسب رهانـات الحاضـر والمستقبـل تحت القيادة الحكيمة والمتبصرة لعاهل البلاد الذي يحمل لواء بناء وإعلاء صروح المغرب الحديــث وارتقائه في مدارج التقـدم والازدهـار وترسيخ دولة الحق والقانون وتوطيد دعائم البناء الديمقراطي والمؤسساتي ومواصلة تثمين مؤهلاته الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبشرية، وتعزيز مكاسبه في كل مجالات التنمية الشاملة والمستدامة والمندمجة وبلادنا تشهد اليوم تنزيل النموذج التنموي الجديد الذي دعا له جلالته منذ خطاب العرش في 29 يوليوز 2019.

واحتفاء بهذه الذكرى الوطنية المجيدة، ستنظم المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير يوم الجمعة 16 يوليوز 2021 على الساعة العاشرة صباحا مهرجانا خطابيا بقاعة الندوات والمحاضرات بعمالة إقليم الدريوش  تلقى خلاله كلمات تستحضر الدلالات الرمزية والأبعاد التاريخية لهذه المعركة الغراء.

كما سيتم تنظيم ندوة فكرية في موضوع: “معركة أنوال: فصل من فصول روائع الكفاح الوطني” بمساهمة صفوة من أربعة أساتذة جامعيين باحثين.

وترسيخا للسنة المحمودة ولتقليد الوفاء والعرفان برجالات المغرب الأبرار الذين أخلصوا للوطن و أسدوا وضحوا ذودا عن حريته واستقلاله، سيتم تكريم صفوة من قدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير.

ومعلوم أن تنظيم برنامج تخليد هذه الذكرى سيتم في تقيد والتزام تام بضوابط وقواعد التباعد الاجتماعي والتدابير الاحترازية والسلامة الصحية التي توصي بها التوجيهات الحكومية.

هذا، وقد أعدت النيابات الجهوية والإقليمية والمكاتب المحلية للمندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير ومعها شبكة فضاءات الذاكرة التاريخية للمقاومة والتحرير وتعدادها 95 وحدة مفتوحة عبر التراب الوطني، عدة برامج أنشطة وفعاليات تربوية وثقافية وتواصلية مع الذاكرة التاريخية الوطنية بتنسيق وشراكة مع القطاعات الحكومية والمؤسسات العمومية والجمعيات ومنظمات المجتمع المدني.

نوافذ

أسرة المقاومــة وجيش التحرير تغتنم هذه المناسبة الوطنية، لتؤكد استعدادها التام وتعبئتهـــا المستمرة تحت القيادة الحكيمــة لجلالة الملك محمد السادس من أجل الدفاع عن وحدتنا الترابية، وتثبيت المكاسب الوطنية بأقاليمنا الجنوبية المسترجعة، كما تعرب عن دعمها اللامشروط للمبادرة المغربية القاضية بمنح حكم ذاتي موسع للأقاليم الجنوبية المسترجعة، باعتبار هذا المشروع ينسجم مع الشرعية الدولية، ويحظى بدعم المنتظم الأممي

ومناسبة تخليد الذكرى المائوية لمعركة أنوال المجيدة، توحي للأجيال الجديدة والمتعاقبة بواجب التأمل والتدبر واستخلاص الدروس والعبر والعظات في تقوية الروح الوطنية وشمائل المواطنة الإيجابية لمواجهة التحديات وكسب رهانـات الحاضـر والمستقبـل تحت القيادة الحكيمة والمتبصرة لعاهل البلاد الذي يحمل لواء بناء وإعلاء صروح المغرب الحديــث وارتقائه في مدارج التقـدم والازدهـار وترسيخ دولة الحق والقانون وتوطيد دعائم البناء الديمقراطي والمؤسساتي ومواصلة تثمين مؤهلاته الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبشرية

تعزيز مكاسبه في كل مجالات التنمية الشاملة والمستدامة والمندمجة وبلادنا تشهد اليوم تنزيل النموذج التنموي الجديد الذي دعا له جلالته منذ خطاب العرش في 29 يوليوز 2019.

Top