مناقشة أطروحة جامعية: “الخطاب السياسي وترجمات ميمري: دراسة من منظوري نظرية الهدف والتحليل النقدي للخطاب”

شهدت قاعة محمد حجي بكلية الآداب والعلوم الإنسانية، جامعة محمد الخامس بالرباط مؤخرا، مناقشة الأطروحة التي تقدم بها الباحث مراد الخطيبي لنيل شهادة الدكتوراه في شعبة اللغة الإنجليزية في موضوع: “الخطاب السياسي وترجمات ميمري: دراسة من منظوري نظرية الهدف والتحليل النقدي للخطاب”.
وقد أشار مراد الخطيبي في تقديمه لأطروحته أمام اللجنة العلمية، بأن اختياره لهذا الموضوع ينبع من أهمية خاصة يوليها لترجمات الخطابات السياسية التي يتم بثها في بعض القنوات العربية. ويعتمد الخطاب السياسي في المقام الأول على اللغة. وتعتبر الترجمة نشاطًا بالغ التحدي وليست بريئة أبداً. ولقد جذبت أهمية الخطاب السياسي بشكل عام والخطاب السياسي العربي بشكل خاص اهتمام وسائل الإعلام والقنوات التلفزيونية والإذاعة والصحف والمواقع الإلكترونية والمعاهد الدولية البارزة مثل معهدميمري (معهد الأبحاث الإعلامية للشرق الأوسط ) الذي يوجد بواشنطن و كذا منتدى الشرق الأوسط.
تم تحديد اختيار الباحث مراد الخطيبي في ترجمات الخطاب السياسي التي تم إنجازها ونشرها إلكترونياً بواسطة معهد الأبحاث الإعلامية للشرق الأوسط (ميمري) الذييقوم بتوفير الخطاب السياسي العربي الأصلي في شكل مقطع فيديو وفي نفس الوقت ينشر الكترونيا ترجمة إنجليزية له.اشتملت الأطروحة على ستة فصول. تم تخصيص الفصل الأول لأدبيات الخطاب السياسي. وتناول الفصل الثاني البحث في نظرية الترجمة وفي أهم الدراسات حول الخطاب السياسي في الترجمة. أما الفصل الثالث فقد خصص للبحث في القضايا الإبستمولوجية والإيديولوجية للترجمة في الفكر العربي حيث تم تناول مشاريع فكرية عربية لمفكرين مرموقين أهم الجابري والعروي والخطيبي . الفصل الرابع تم تخصيصه لمنهجية البحث. وفي الفصل الخامس، تم عرض وتحليل أهم استراتيجيات الترجمة التي اعتمدها معهد ميمري. أما الفصل السادس والأخير، فقط تناول بالتحليل أهم العمليات أو الآليات المنتمية لمجال الإعلام التي اعتمدها معهد ميمري في الترجمة وكذا أهم خيارات التعدي التي احتوت عليها ترجمات 30 خطابا سياسيا. بالإضافة إلى ذلك، شمل هذا الفصل تحليلا لأهم الوظائف الإيديولوجية لهذه الترجمات.
لمحاولة الإجابة عن هذه الأسئلة البحثية الأربع، تبنت الدراسة المنهج الكيفي بالاعتماد على منهجين: أ) منهج التحليل النقدي للخطاب وبصفة خاصة التعدي عند هاليداي (1994) وكما تم تبنيه من قبل فايركلاف (1989)، ب) نظرية الهدف في الترجمة كما قام بتطويرها فرمير (1989).ومن خلال العمل في إطار هذين المنهجين ، كشفت الدراسة أن معهد ميمري استخدم الترجمة السمعية والبصرية واعتمد على بعض العمليات المنتمية لمجال الإعلام والتي من بينها العنونة والتأطير وإعادة الصياغة وإعادة الوضع في سياق وكذا استراتيجيات ترجمية أخرى من أجل تحقيق تكافؤ وظيفي من منظور نظرية الهدف في الترجمة.
من خلال استخدام بعض العمليات مثل العنونة والتأطير وإعادة الصياغة وإعادة الوضع في سياق وبعض الاستراتيجيات مثل الحذف والتفسير والتعديل والترجمة الحرفية ، خلصت الدراسة إلى أن ترجمات معهد ميمري لم تكن دقيقة لأنها اختارت أن تمثل بشكل أساسي إسرائيل كضحية للإرهاب العربي. وخلصت الدراسة أيضًا إلى أن معهد ميمري وضع ترجماته ضمن سياسة تحرير / ترجمة مؤيدة لإسرائيل ومعادية للعرب. لذلك ، أثبتت الدراسة أن ترجمات ميمري لا تفي بالمعايير الدلالية والسياقية لـ “قاعدة الأمانة” و”قاعدة التماسك”.
أوضحت الدراسة كذلك أن استعمال ميمري لبعض التقنيات الأخرى مثل التأطير والعنونة وانتقاء بعض المقاطع لترجمتها يلعب، دورا مهما في مراقبة جمهور الثقافة الهدف. من حيث التعدي، أغلب العمليات المستعملة تلقي باللوم على إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية و”أعداء” آخرين وتمجد وتثني على العرب والمسلمين. فيما يخص وظائف هذه الترجمات، خلصت الدراسة إلى أن هذه الترجمات يمكن أن تثير الصراعات وتبيح العمليات العسكرية وتبني الرأي العام عبر الإقناع والتحكم طالما يتم تصوير العرب والمسلمين بطريقة سلبية، بأنهم راديكاليين وجهاديين وأعداء السلم والتسامح.
وقد أعد الباحث أطروحته تحت إشراف الأكاديمية القديرة الدكتورة يمينة القراط العلام -حاصلة على الدكتوراه في هويات ولغات وثقافات الأقليات- وقد تكونت اللجنة العلمية التي تم تشكيلها بدقة وعناية، من أكاديميين مرموقين ينتمون إلى مجالات معرفية وتخصصات علمية مختلفة، اعتبارا لخصوصية موضوع الأطروحة الذي يندرج ضمن مجالات متعددة منها الترجمة و علم السياسة والإعلام و تحليل الخطاب. ترأس أشغال المناقشة، التي امتدت ساعتين الدكتور سعيد كريويد، من جامعة محمد الخامس بالرباط، وهو متخصص في الدراسات الثقافية والهويات والترجمة الثقافية وغيرها من المجالات، وأستاذ زائر بعدة جامعات بريطانية. وضمت اللجنة العلمية أيضا الدكتور عبد القادر سبيل، نائب عميد كلية الآداب بن مسيك بالبيضاء، وهو باحث أكاديمي متخصص في الدراسات الثقافية، وعضو في عدة مختبرات وطنية ودولية، وله إصدارات علمية متعددة منها على الخصوص مؤلفه الصادر سنة 2012 بألمانيا. وهو دراسة علميةلترجمات الكاتب والمترجم بول بولز لنصوص محمد الكاتب المغربي شكري وكتاب آخرين إلى اللغة الإنجليزية. هناك أيضا الدكتور رشيد توهتو، وينتمي إلى المعهد الوطني للإحصاء والاقتصاد التطبيقي بالرباط، وله إصدارات علمية عديدة تروم حول السياسة العمومية والحركات الاجتماعية والهجرة والإعلام وغيرها. أما العضو الخامس فهو الدكتور زكريا غاني، وينتمي إلى المعهد الجامعي للبحث العلمي، جامعة محمد الخامس بالرباط، وهو متخصص في الأنثروبولوجيا. وله إصدارات علمية عديدة باللغتين الفرنسية والإنجليزية.
وبعد نقاش مثمر ونقد بناء وملاحظات قيمة، منحت اللجنة الباحث مراد الخطيبي درجة الدكتوراه بميزة مشرف جدا مع التنويه بجودة الموضوع وبجودة الأطروحة.

Related posts

Top