من قال إن كرة القدم مجرد لعبة؟

كم هي جميلة لحظات الفرح والانتصار التي تقاسمها المغاربة جميعا مساء السبت، وبجل المدن المغربية وأينما تواجد المواطنون المغاربة بدول المهجر بالقارات الخمس.
لحظات لن تنسى وستتذكرها طويلا كل الأجيال، عبر فيها الجميع وبكل تلقائية واعتزاز وفخر وتقدير، هذا الإنجاز التاريخي الذي حققه المنتخب الوطني المغربي بقلب القاصمة الإيفوارية أبيدجان، وأمام فيلة كانت تتحدث دائما لغة الفوز ، إلا أن الأسود أعادوا الكرة وهزموهم مرة أخرى، بعد الانتصار الذي حققوه على حساب أصدقاء العميد جيرفينيو في كأس الأمم الإفريقية الأخيرة بالغابون، ليصدموهم بعقر دراهم، ويكسبوا ورقة التأهل بكل جدارة واستحقاق.
فقد عاشت المدن المغربية وبدون استثناء، ليلة بيضاء تغني فيها الجميع بالانتصار والتأهل لنهائيات كأس العالم بروسيا، الكل كان حاملا الأعلام الوطنية مرتديا أقمصة المنتخب، يجوب مختلف الشوارع والأزقة شيبا وشبابا، من مختلف الفئات العمرية ومختلف الطبقات، والجميل أن الأطفال الصغار كانوا في مقدمة مواكب الفرح، يرتدون الألوان الحمراء والخضراء وبأيديهم الصغيرة أعلام وطنية من مختلف الأحجام.
إنها بالفعل لحظات لا تنسى، تؤكد بالفعل أن كرة القدم بالفعل ليست مجرد لعبة، بل إنها تصل إلى حدود الهوية والانتماء، وهي أيضا مجال للتعبير عن الذات والفخر والاعتزاز بالوطن، دون أن ننسى بطبيعة الحال أبعادها الاقتصادية والسياسية والتنموية والدعاية.
تناسى الجميع مساء السبت أحزانهم ومشاكلهم وتناقضاتهم وحتى خلافاتهم، تبادل الجميع عبارات التبريك والتهنئة، صاروا في مواكب واحدة غير عابئين ببرودة الطقس ولا ازدحام الشوارع والأزقة والحارات، فحتى المرضى والأشخاص غير القادرين على المشي دون سند، خرجوا هم كذلك مدعومين من طرف أفراد عائلاتهم للمشاركة في احتفالات الفوز وتخليد الانتصار.
الشعب المغربي أكد مرة أخرى أنه شعب حي، حينما اكتسح أبيدجان، رغم بعد المسافة وتكاليف السفر والمعاناة والخوف من الأمراض والأوبئة ودرجة الحرارة والرطوبة العالية .. الجمهور المغربي كان في الموعد لمساندة “أسود الأطلس” بموقعة ملعب “هوفيت بوانيي”، ورغم سوء التنظيم من طرف السلطات المحلية، تمكن من احتلال أماكن متقدمة بجل جنبات الملعب، وكأن الفريق الوطني يلعب بإحدى المدن المغربية.
كانت أمسية مغربية بامتياز تحقق فيها الفوز، وأكد المغرب أنه الرائد إفريقيا على جميع المستويات، فحين أراد تأكيد زعامته تمكن من تحقيق ذلك بكثير من القيمة والاستحقاق والأنفة، مع الانخراط الجدي والمسؤول في كل القضايا التي تهم الشباب الإفريقي وفق معادلة رابح/رابح.
تحية تقدير وإكبار لكل مكونات الفريق الوطني واحدا واحدا .. لاعبون شرفونا ومنحونا لحظات الفرح والتغني بالانتصار والاعتزاز بالانتماء للوطن .. إنهم بالفعل أسود استعادوا الهيبة وحطموا كل الأرقام وطردوا النحس، ليصلوا مرة أخرى إلى أعراس المونديال، الموعد الذي أصبحت تقاس به قيمة الدول وحيوية الشعوب …
برافو.. برافو .. برافو …

محمد الروحلي

Related posts

Top