3 أسئلة إلى الروائية ربيعة مرهوش بمناسبة إصدارها الجديد “قلب البركان”

تكشف الكاتبة ربيعة مرهوش من خلال أحداث رواية صدرت لها هذه السنة بعنوان “قلب البركان Le Cœur du volcan “، عن وضعية ومعاناة “المهاجرين غير الشرعيين” بجزر القمر، موضحة في حديث خصت به وكالة المغرب العربي للأنباء، كيف راودتها فكرة كتابة القصة عن هذه المنطقة من العالم.        

1- كيف راودتك فكرة كتابة رواية “قلب البركان” حول جزر القمر؟

فكرة الكتابة عن جزر القمر جاءت عقب إقامتي لسنتين بجزيرة مايوت، حيث كنت أزاول مهنة التدريس. لقد أبهرتني هذه الجزيرة بجمالها الفتان، وخاصة المجتمع المثير للإعجاب إزاء أولئك الذين يطلق عليهم “المهاجرون غير الشرعيين” (من جزر القمر على وجه التحديد)، والذين يعيشون في ظروف غير إنسانية، في أحياء الصفيح، ومساكن مؤقتة تعلو أسطحها ألواح معدنية حيث تتكدس عائلات بأكملها.. ونحن في وضع حسن بمنطقة فرنسية نادرا ما نتحدث فيها بلغة موليير، على اعتبار البؤس و”المساعدة على التنمية”، هي التي تخيم على أذهان وعقلية الكثير من الفرنسيين تجاه بلدان القارة السمراء.
شعرت حينها بالحزن والغضب خاصة عندما رأيت أطفالا، لا تزيد أعمارهم عن 4 سنوات، يأكلون في صناديق القمامة وينامون في غابات المانغروف. لقد أحسست أيضا بالذهول من جراء القصص التي سمعتها عن عمليات العبور المحفوفة بالمخاطر للمحيط الهندي من قبل قاطني جزر القمر في محاولة منهم للوصول إلى شواطئ ماهوريس.
 لقد أضحى هذا المحيط بمثابة مقبرة لهلاك النساء والأطفال والرجال الذين يصارعون العواصف والشرطة البحرية، وكلهم أمل في قطع مسافة 70 كيلومترا التي تفصل أنجوان Anjouan، جزيرة القمر، عن مايوت Mayotte، التي أصبحت تحت وصاية النفوذ الترابي الفرنسي منذ سنة 2011.
كان بإمكاني من شرفتي فيKoungou ، شمال مامودزوMamoudzou ، رؤية الشاطئ الصغير، حيث تنزل أحيان ا قوارب ( kwassa-kwassaقوارب مؤقتة) وعلى متنها عشرات الأشخاص القادمين في الصباح الباكر من جزر القمر.
وفي كثير من الأحيان، تنقل الصحافة المحلية مثل هذه الأحداث ضمن المتفرقات حيث يتم العثور على الجثث على سواحل شواطئ جزيرة مايوت. وكان الحدث المؤلم جدا هو الانهيار الأرضي خلف شقتنا المحاطة بالمساكن مؤقتة، فعلى إثر ذلك غرقت عائلة بأكملها (أم وأطفالها الخمسة) في الأوحال وفي أكوام من المعادن.
أشير في روايتي إلى هذا الحدث باعتباره بؤرة معاناة بطلتي، “ولاية موبالي “، متخيلة أن هذه الشخصية هي أخت الأم التي كانت ضحية هذه المأساة.

2- هل هناك علاقة بين أحداث هذه الرواية والمغرب؟

لا علاقة مباشرة بين هذه القصة والمغرب، سوى أن مؤلفة الرواية كاتبة مغربية، وأن أرخبيل جزر القمر ينتمي إلى قارتنا إفريقيا.
من المؤكد أن أرخبيل جزر القمر بعيد عن شمال إفريقيا، لكنه ينتمي تاريخيا  إلى القارة الأفريقية ولا ينبغي نسيان ذلك.
هذا المؤلف يعد تكريما لهذا الأرخبيل. وفي نفس الوقت هو أيضا صرخة، أود من خلالها لفت الانتباه إلى معاناة هذا الجزء من الإنسانية.

لقد أوصلتني رحلتي إلى هذه الأرض ، وكانت الكتابة هي الطريقة الوحيدة بالنسبة لي للتعبير عن الاضطرابات الناجمة عن هذا الاكتشاف الذي لم نكن نتوقعه في مجال ترابي فرنسي!

 3- هذا الكتاب جزء من مجموعة “Sembura” المخصصة للأدب الأفريقي ، والتي تم إطلاقها للتو في أكاديمية المملكة المغربية. كيف تنظرين لعلاقات التعاون الأدبي العابرة للقارات؟
إن روايتي “قلب البركان” لم يتم نشرها ضمن مجموعة “Sembura” التي أديرها داخل دار نشر La Croisée des Paths.  هذا نص كنت قد قدمته للإصدار بوقت طويل عن موضوع تعاوننا في ظل مجموعة “Sembura”، وقد جرت قراءته مع التحقق من صحة محتواه من لدن لجنة للقراءة بدار النشر ولم يتم نشره في مجموعتي . وكونه مدعوم من طرف أكاديمية المملكة هو شرف لي.

أما بالنسبة لمجموعة “Sembura”، فهي تسلط الضوء بالفعل على التعاون العابر للقارات. اتصلت بي ماجا شواب منسقة Sembura، ferment littéraire، وهي منصة تمولها مؤسسة Corymbo في زوريخ والتي تقود ، منذ سنة 2010 ، الأنشطة الثقافية في منطقة البحيرات الأفريقية الكبرى بهدف فتح باب الحوار وتوطيد دعائم السلم بهذه المنطقة المنكوبة من جراء الحروب والإبادة الجماعية للتوتسي سنة 1994 برواندا. وبذلك تأمل المؤسسة في إعطاء دفعة جديدة لهذه المنصة، بفضل مشروع للنشر تقرر إنجازه انطلاقا من المغرب.
ولقد اقترحت إحداث مجموعة بداخل دار للنشر بالمغرب لاستقبال الإنتاجات الأدبية، وتزويدها بالنشر الاحترافي وإبراز المؤلفين بهذه المنطقة. وقد تم بناء أركان التعاون بالاتفاق مع عبد القادر الرتناني، مؤسس ومديرLa Croisée des Chemins ، الذي رحب بهذا النوع من التعاون الطموح.
وقد خصصت أعمالنا الأولى للكتاب والجامعيين بمنطقة البحيرات الأفريقية الكبرى، وكذا المعرفة التحريرية المغربية، وذلك في ظل رغبة في تسخير المخيلات في خدمة التميز داخل إفريقيا.
وانخرط في هذا العمل الجماعي عدد آخر من المثقفين والكتاب والفاعلين في المجال الثقافي بالقارة، ضمن المنشورات التي تضمنتها المجموعة، للتخلص من الغرور، وبالتالي إنشاء منصة ثقافية أفريقية جديدة.
وانطلاقا من ذلك، تم إنشاء العمل المعنون “ما هي إفريقيا؟”، المستوحى من أفكار الكاتب والأكاديمي أوجين إيبودي، الذي كان من دواعي سروري أن أشارك معه في إنجاز هذه الأداة الممتازة لاستعادة هويتنا وماذا نسمع عن العالم.
لقد استفاد هذا العمل من الدعم الكبير لأمين السر الدائم لأكاديمية المملكة المغربية البروفيسور عبد الجليل الحجمري، الذي شرفنا بتقديمه ودعم هذا الطموح التحريري لعموم إفريقيا، وذلك من خلال الترحيب بنا في المؤسسة المغربية المرموقة وهي أكاديمية المملكة المغربية، بشكل رسمي، فقد جعل إطلاق أول تسليم لمجموعة Sembura  عملا قويا ومخلفا صدى لدى وسائل الإعلام. أخيرا، المجموعة مفتوحة الآن للقارة بأكملها، وقد تم اعتبارها فضاء موحدا وطموحا حيث يتخمر الإبداع الأدبي للقارة “Sembura” تعني “الخميرة” في لغة كينيارواندا وتزدهر لتحقيق أكبر قدر من السعادة للأفارقة على الإطلاق.
حان الوقت لكسر حواجز الجهل التي تفصلنا عن جيراننا في القارة من أجل الثقافة والإبداع الفكري.
سنساهم في ذلك من خلال الكتب، ولكن أيضا عبر لحظات التعايش الثقافي والأخوة الإفريقية، مثل تلك التي نظمت في أكاديمية المملكة المغربية في 17 نونبر 2021، تحت الرعاية السامية لجلالة الملك محمد السادس.
فإفريقيا تمتلك سلسلة من الخرائط الرائعة، خاصة منها الخرائط الثقافية، الأمر يقتضي استخدامها بلا غرور، ولكن بوعي وإدراك لمؤهلاتنا مع الكشف بحكمة عن قوتنا الجماعية.

كريم الناجي (و.م.ع)

Related posts

Top