بحضور عدد كبير من نجوم وصناع السينما من العالم العربى وشمال أوروبا، تم تتويج الممثل المغربي عز العرب الكغاط بجائزة أفضل ممثل في مهرجان مالمو الدولي للسينما العربية بالسويد، الذي اختتم فعالياته يوم الثلاثاء الماضي، وذلك عن دوره في فيلم “البحث عن السلطة المفقودة”، الذي أخرجه محمد عهد بنسودة وكتب له السيناريو عزيز الحاكم وقام بإدارة إنتاجه محمد الكغاط..
وتسلم الكغاط الجائزة عن دوره في الفيلم الذي يعالج موضوع السلطة المهددة بالانقراض، عبر علاقة اجتماعية متوترة بين جنرال على وشك التقاعد ومغنية في ملهى ليلي تتوق للحرية والانفتاح على الناس.
وكانت لجنة تحكيم مسابقتى الأفلام الروائية الطويلة والقصيرة، تضم من بين أعضائها كلا من الكاتب والمخرج السينمائي الفلسطيني رشيد مشهراوى، والفنانة الأردنية صبا مبارك.
واعتبر بطل الفيلم الفنان عز العرب الكغاط فوزه بجائزة أحسن ممثل في مهرجان مالمو، مصدر سعادة، خصوصا وأنها أتت من مهرجان يقام في دولة عريقة في السينما ومن خلال لجنة تحكيم تكونت من سينمائيين عرب من بلدان مختلفة ليس بينهم أي مغربي، وأضاف، في اتصال أجرته معه بيان اليوم، أن هذه الجائزة تضمنت الكثير من الاعتراف وإعادة الاعتبار، للمجهود المبذول، ليس على مستوى شخصية الجنرال فقط، ولكنها تكريم لجميع أفراد طاقم الفيلم.
وفي إشارة إلى تجربته الطويلة وبخصوص الألقاب التي أطلقت عليه، كان آخرها لقب الجنرال الذي أطلقه عليه مخرج الفيلم محمد عهد بنسودة، أو الألقاب التي سبق أن تم إطلاقها عليه، كـ “وحش الشاشة” أو “أنطوني كوين العرب” وغيرها، يقول عز العرب الكغاط أنا ممثل لا أحب أن أسجن في شخصيات متشابهة ومكرورة أو أدوار نمطية، بالقدر الذي أسعى إلى بذل أقصى ما أستطيع من أجل تقمص الشخصيات التي تسند إلي على اختلافها، سواء كانت درامية أو كوميدية، وهذا ما تؤكده تجربتي السينمائية والتلفزيونية خلال مسار طويل يمتد لعقود.
ومن جهته، اعتبر كاتب السيناريو عزيز الحاكم، أن الجائزة التي فاز بها عز العرب الكغاط هي جائزة مستحقة عن جدارة، مضيفا في اتصال أجرته معه بيان اليوم، أن الجائزة “موجهة لكل طاقم الفيلم، وهي ليست الأولى إذ سبق وفاز الفيلم بجائزة أحسن دور نسائي في مهرجان وغادوغو وجائزة أحسن صوت في مهرجان طنجة فاز بها كريم رندا، ثم جائزة في مهرجان بروكسيل حيث يمكن القول إن الفيلم استحق كل الجوائز التي فاز بها ضمن العديد من المهرجانات التي شاركنا فيها”.
أما بخصوص الفنان عز العرب الكغاط، يقول السيناريست عزيز الحاكم، فهو قامة عالية في السينما المغربية، والجائزة تعني لحظة اعتراف وإقرار بعلو كعب هذا الفنان، في تشخيص دور الجنرال الذي يعتبر من الأدوار المركبة التي تميز بها الفيلم، وأيضا على اعتبار أن الجنرال رغم شخصيته القوية، هو شخص مثقف ومرهف لا يتنيه دنوه من التقاعد بعد الحروب الكثيرة التي خاضها، عن الإقبال على الحياة، والعشق وتذوق الفنون.. وأشاد المتحدث بأداء الفنان عز العرب الكغاط الذي “لعب الدور بالجدية المعهودة فيه دائما”، ومما تجدر الإشارة إليه، يضيف الحاكم، أن عز العرب أعجب بهذا الدور بمجرد قراءته على الورق، و”اعتبر نفسه معنيا بهذه الشخصية التي أضاف إلى ملامحها الشيء الكثير، وهو يرافقني أثناء إعداد اللمسات الأخيرة على سيناريو الفيلم”.
والجائزة في حد ذاتها، يستطرد كاتب السيناريو، تعني لحظة اعتراف أساسية واعتبار حقيقي، لطاقم فيلم “البحث عن السلطة المفقودة” بجميع مكوناته، لأن هذا العمل هو في الأصل ثمرة مجهود جماعي خصوصا وأنه فيلم تم بتمويل ذاتي مادام المركز السينمائي، وكما يعلم الجميع لم يستطع لحد الساعة إعطاء دفع قوي للتجارب الجادة في السينما المغربية.
وأهمية الجائزة تنبع كذلك، حسب عزيز الحاكم، من كونها أتت من بلد عريق في الفن السابع مثل السويد التي أعطت أسماء كبيرة في هذا المجال. وكذلك كونها منحت من طرف لجنة تحكيم ترأسها كاتب سينمائى ومخرج كبير كالفلسطينى رشيد مشهراوى. وقبل ذلك كان لنا إحساس بأن عز العرب سيتم تتويجه في إحدى العواصم الأوروبية على اعتبار أن الفيلم هو ذو صبغة عالمية بأحداثه التي تدور بعيدا عن الإطارات الضيقة، ويمكن القول أن جميع الممثلين في الفيلم قد قاموا بالأدوار المنوطة بها على أحسن وجه، في انتظار أن يتمكن الجمهور المغربي من الحكم على الفيلم بعد نزوله إلى القاعات خلال شهر يناير المقبل.
وجدير بالذكر أن الفيلم قد عرف مشاركة طاقم مهم من الممثلين من بينهم الممثلة نفيسة بنشهيدة، الممثل محمد بوصبع، الممثلة لبنى المستور والممثل توفيق المعلم…، إلى جانب طاقم تقني وفني متجانس.
وتدور أحداث الفيلم، التي تجري داخل فضاء مغلق يتمثل في فيلا راقية شبه منعزلة، حول قصة جنرال مهووس بحب السلطة، يعيش وحيدا رفقة خادمته والبستاني وجنود يسهرون على تلبية حاجياته، ويزوره من حين لآخر صديقه الكولونيل.. وتشاء الظروف أن يتعلق قلب هذا الجنرال بامرأة فنانة مغنية وجميلة (نفيسة بنشهيدة) تسكن بجواره فيتزوجها، لكن، وبعد مرور وقت وجيز على زواجهما بدأ الملل يتسلل إلى نفسية المغنية حيث ستتحول حياتها معه إلى جحيم بعدما وجدت نفسها في نهاية المطاف سجينة بسبب الوحدة التي كانت تعيشها داخل فيلا موصدة الأبواب، بسبب غياباته الطويلة والمتكررة.
وبالرغم من أن الجنرال كان يوفر لها كل حاجياتها ويستجيب لكل طلباتها، لم يخفف ذلك من إحساسها بالعزلة بسبب منعها من الخروج وممارسة هوايتها التي تتجلى في الغناء والعزف على البيانو لأنها ألفت حياة التحرر واللقاءات المفتوحة مع الناس.
وفي آخر الفيلم يحاول الجنرال التخلص من هوس السلطة بالتخلص من بذلة الخدمة حيث يقوم بوضعها داخل حقيبة وإقفالها بإحكام حتى يتسنى له إيجاد الحرية المفقودة.
وقد استخدمت في تصوير الفيلم أحدث التقنيات تحت إشراف تقنيين مختصين، وتضمن مقاطع غنائية بصوت المبدعة سناء مرحاتي من ربيرتوار جاك بريل وفيروز وغيرهما.
للإشارة، فان للمخرج محمد عهد بنسودة مجموعة من الأفلام منها “خلف الأبواب المغلقة” و”العائد” و”هدية المولد” و”عيون القلب” و”الواجهة” و”الصمت المغتصب” بالإضافة إلى فيلمه الطويل “موسم المشاوشة”.
سعيد الحبشي