قبل أن يعلن عن الفيلم المتوج في الدورة 16 لمهرجان أكادير الدولي للسينما والهجرة، وجه المخرج السينمائي ووزير الثقافة الأسبق في جمهورية مالي الشيخ عمر سيسوكو، نداء حارا إلى كل من المركز السينمائي المغربي وبلدية مدينة أكادير وجمعية المبادرة الثقافية وفعاليات المدينة من أجل إنقاذ سينما ريالطو التي يطويها النسيان، والتي لا تفتح أبوابها إلا أسبوعا في السنة، لاحتضان عروض المهرجان.. مناشدة صفق لها الجمهور بحرارة..
هذا وأعلن رئيس لجنة تحكيم المهرجان في حفل اختتام فعالياته مساء أول أمس السبت بأكادير، أن الجائزة الكبرى عادت للفيلم الطويل “رافاييل” لمخرجه الهولندي بين سومبوغارت.
ويحكي الفيلم، الذي تبلغ مدته 105 دقائق، قصة التونسي “نازر” المتزوج من مصففة الشعر “كيمي”، الذي أرغمه الربيع العربي على الهرب إلى أوروبا، ليجد نفسه معتقلا بجزيرة لامبيدوزا بتهمة الهجرة السرية. والفيلم عبارة عن ميلودراما رومانسية حول عشيقين يقومان بكل شيء من أجل أن يعيشا معا مجددا من أجل ولادة ابنهما رافاييل.. ويصور الفيلم قصة تنطوي على بعد إنساني ينتصر لقيم الحب والحلم والصبر في مواجهة الحدود وجدران الصمت والبيروقراطية.. الفيلم من إنتاج مشترك هولاندي بلجيكي كرواتي.
واعتبر رئيس لجنة تحكيم الفيلم الطويل، المخرج الشيخ عمر سيسوكو، أن ما ميز الفيلم المتوج كونه تطرق لقضية الهجرة التي تتماشى مع تيمة المهرجان، وهي التيمة التي أصبحت قضية تشغل بال الكثير من الشباب، لاسيما في ظل الحروب التي تشهدها بلدانهم، وذلك في قالب درامي رومانسي يبرز محاولة “حبيبين يفعلان كل شيء من أجل أن يعيشا معا مجددا من أجل إنجاب ابنيهما رافاييل.”.
وضمت لجنة تحكيم مسابقة الفيلم الطويل إلى جانب رئيسها سيسوكو، الممثلة التونسية فاطمة بن سعيدان، والمخرج المغربي إسماعيل فروخي، والمخرج الفرنسي مانييل سانشيز، والمخرجة الإيطالية أناماريا كالون.
ومنحت جائزة أفضل إخراج إلى الأخوين المخرجين البلجيكيين لوك وجان بيير داردين عن فيلمهما “أحمد الصغير”، فيما منحت جائزة أفضل سيناريو للمخرج الهولندي هنرو سميتسمان عن فيلمه “الإخوة/ برادرز”.
وفازت الممثلة صوريا هشومي بجائزة أحسن أداء نسائي عن دورها في الفيلم الفرنسي “سمية”، في حين منحت جائزة أفضل أداء رجالي للممثل البلجيكي من أصل مغربي نبيل ملاط، عن دوره في فيلم “رافاييل” المتوج بالجائزة الكبرى للمهرجان.
من جهة ثانية، منحت لجنة تحكيم المسابقة الرسمية الخاصة بالأفلام القصيرة، الجائزة الكبرى للفيلم الفرنسي “غناء أحمد” لمخرجه الفرنسي من أصل مغربي فؤاد منصور. ويصور الفيلم قصة “أحمد” المستخدم بحمام عمومي، المشرف على التقاعد والذي سيدخل في علاقة روحية غريبة مع “مايك” الشاب المنحرف الذي لاح له بين الجدران في مكان مشرف على الانهيار….
وضمت لجنة التحكيم الخاصة بالفيلم القصير التي ترأسها المخرج والمنتج والسيناريست المغربي عبد السلام الكلاعي، كلا من الممثلة المغربية السعدية لديب، والممثل الفرنسي من أصل تونسي، أبيل جفري، والمخرج والسناريست المغربي محمد خميس، والكاتبة والممثلة اللبنانية دارين الجندي.
وفي كلمة بالمناسبة، قال إدريس مبارك، رئيس جمعية المبادرة الثقافية، التي تنظم هذا الحدث السينمائي، أن دورة هذه السنة شكلت محطة فنية وثقافية مضيئة على مستوى الجهة نظرا لكونها عرفت عرض الكثير من الأفلام المغربية والأجنبية التي تعرض لأول مرة في عاصمة سوس.
وأبرز أن هذه التظاهرة السينمائية بلغت هدفها المتمثل في إبراز التنوع الذي يميز السينما المغربية، سواء في الشق المتعلق بالأفلام التي أنتجت في المغرب، أو التي أنجزها مغاربة العالم والتي تتناول تيمة الهجرة التي ما تزال من بين المواضيع الحارقة التي تشغل بال مختلف الفرقاء لاسيما في ظل المآسي المتكررة التي يشهدها حوض المتوسط من خلال الغرق المتكرر للمراكب التي تحمل المهاجرين السريين الأفارقة.
من جانبه، أكد الأمين العام لمجلس الجالية المغربية بالخارج، عبد الله بوصوف، في حديث للصحافة، أن مشاركة المجلس في تنظيم هذا المهرجان منذ دورته الأولى، نابعة من إيمان المجلس بالأهمية القصوى التي يكتسيها هذا الحدث السينمائي، “باعتباره المهرجان الوحيد في بلادنا الذي يهتم بتيمة الهجرة وقضايا الهجرة والمهاجرين ويطرحها للنقاش الثقافي والفني عبر الأفلام التي تعرض، ومن خلال مساءلة الضيوف والمختصين في المجال الذين يستقبلون من طرف المهرجان”.
وأشار إلى أن للثقافة والفن والسينما دورا أساسيا في الدفاع عن قضايا الهجرة والمهاجرين وفي التعريف بها، كما يمكن أن يكونا رافعة للنموذج التنموي الجديد من خلال إبراز الكفاءات التي يتوفر عليها أفراد الجالية لاسيما في المجال الثقافي والفني.
وأكد بوصوف على أن “المهرجان فضاء ومناسبة سنوية تطرح القضايا الحساسة للهجرة والقضايا التي يعيشها المغرب، الذي انتقل من تصدير المهاجرين إلى استقبالهم خاصة المهاجرين من إفريقيا جنوب الصحراء”.
وتميزت دورة هذه السنة، التي انطلقت يوم 9 دجنبر الجاري، بتكريم السينما البلجيكية، ضيفة شرف الدورة، في لحظة اعتراف بما يقدمه المهاجرون المغاربة الذين ما فتئوا يؤثرون بشكل إيجابي في هذا البلد ذي الريبرتوار السينمائي الغني.
كما تميزت هذه الدورة أيضا، بتكريم عدد من رموز الفن السابع بمن فيهم الممثلة المغربية أسماء الخمليشي، والممثل المغربي الفرنسي كريم السعيدي، والمخرج السينمائي الراحل الجزائري موسى حداد، والممثل التركي مراد داناجي الذي قام بتشخيص دور “وليد” في مسلسل “سامحيني”.
وبالإضافة إلى عروض الأفلام، قدم هذا الحدث أيضا سلسلة من ورشات العمل و”الماستر كلاس”، كانت فرصة للشباب والمهتمين بالصناعة السينمائية للاستفادة من ورشات وتكوينات أطرها فنانون ومختصون من داخل المغرب وخارجه، بالإضافة إلى لقاءات أخرى حول السينما، من قبيل “الفن السابع وعلاقته بالأشكال الفنية الأخرى”، و”الصناعة السينمائية بالمغرب”، و”هجرات جنوب – جنوب”، و”الحق في الولوجيات بين الخطاب والواقع”.
واحتفت الدورة السادسة عشرة، بالسينما البلجيكية، ضيفة الشرف، في لحظة اعتراف بما يقدمه المهاجرون المغاربة الذين ما فتئوا يؤثرون بشكل إيجابي في هذا البلد.
وتميز الحفل، الذي عرف حضور عدد من مهنيي الفن السابع والممثلين وكتاب سيناريو والمخرجين المغاربيين والأفارقة، بتقديم درع المهرجان للوفد البلجيكي الذي يقوده المخرج البلجيكي، من أصول مغربية، نبيل بن يدر، ويضم الممثلين مراد الزكندي، ونبيل ملاط، والبلجيكي من أصول كونغولية، كاكوغو إيغيك.
وتم، بالمناسبة، عرض فيلم “الزاوية العمياء” للمخرج نبيل بن يدر ، الذي يروي، في 105 دقائق، قصة عميد شرطة مكافحة المخدرات، شديد الالتزام وذي شعبية كبيرة في أوساط الساكنة ولدى وسائل الإعلام، فاجأ الجميع برغبته في التنحي عن منصبه للترشح ضمن لائحة حزب يميني متطرف، فيقوده عمله في اليوم الأخير كرجل أمن إلى التحقيق بمدينة شارلواروا البلجيكلية في قضية تهم مختبرا صيدليا حيث تتسارع الأحداث بشكل غير متوقع.
وكانت إدارة المهرجان الدولي للسينما والهجرة بأكادير، قد نظمت، ورشات تهدف أساسا إلى تدارس أهم القضايا السينمائية رفقة مهنيي السينما من المغرب والخارج.
وأبرزت المخرجة الفرنسية من أصل مغربي، مليكة الزايري، التي نشطت ورشة تحت عنوان “هل من الممكن إخراج فيلم بدون تكوين سينمائي؟”، كيف تمكنت بكل نجاح من إنجاز خمسة أفلام قصيرة بدون تكوين سينمائي وبدون ميزانية.
من جهته، قام المخرج وكاتب السيناريو المغربي محمد أشاور بتنشيط ورشة تحت عنوان “إدارة الممثل”، أبرز خلالها أن إدارة الممثل من المهارات التي يتوجب على المخرج إتقانها، مشيرا إلى أن إدارة الممثل تكمن في تزويد كل ممثل خلال كل لقطة، وأثناء كل مشهد، بالمؤشرات الضرورية لإدراج شخصية في الموقف الذي يحدده السيناريو وبالشكل المطلوب من قبل المخرج.
كما، تناول المخرج الفرنسي من أصل جزائري رشيد بوشارب، خلال ورشة حول “درس في السينما”، التحديات الرئيسية التي تواجهها السينما المغاربية والتي تتمثل أساسا في التوزيع والترويج ودعم الإنتاج.
ويهدف هذا الحدث السينمائي إلى إبراز التنوع الذي يميز السينما المغربية، سواء في الشق المتعلق بالأفلام التي أنتجت في المغرب، أو التي أنجزها مغاربة العالم والتي تتناول تيمة الهجرة التي ما تزال من بين المواضيع الحارقة التي تشغل بال مختلف الفرقاء لاسيما في ظل المآسي المتكررة التي يشهدها حوض المتوسط من خلال الغرق المتكرر للمراكب التي تحمل المهاجرين السريين الأفارقة.
يذكر أن المهرجان الدولي للسينما والهجرة بأكادير ينظم بشراكة مع الوزارة المنتدبة المكلفة بالمغاربة المقيمين بالخارج، والمركز السينمائي المغربي، ومجلس الجالية المغربية بالخارج، وولاية جهة سوس ماسة، والمجلس الجهوي لسوس ماسة، ومجلس عمالة أكادير إداوتنان، والجماعة الترابية لأكادير.
> أكادير: بيان اليوم