لم يعد استقطاب أفضل المواهب مهمة سهلة بالنسبة للمقاولات التي تسعى جاهدة لرسم صورة المقاولة النموذجية، أو حتى لصياغة علامة تجارية خاصة بها.
وإذا كان التسويق يستهدف، في منظوره التقليدي، الوصول إلى أكبر شريحة من المستهلكين، فإن أقسام الموارد البشرية تستخدمه في الوقت الحاضر لاستقطاب أفضل المرشحين، خاصة وأن الأجيال الجديدة تبقى أكثر حرص ا على سمعة مشغلهم وقيمه المشتركة وسياسته الداخلية.
وفي المغرب، حيث تكافىء العلامات التجارية بشكل دوري، المشغلين الأكثر جاذبية، تعمل المقاولات تدريجيا على تطوير استراتيجيات العلاقات للاحتفاظ بالمستخدمين الحاليين واستقطاب مواهب مستقبلية، وهي العملية التي يتقنها كبار الفاعلين والشركات متعددة الجنسيات في حين تجد مقاولات صغرى صعوبة في مواكبة هذه الوتيرة، بسبب قلة الإمكانيات والموارد البشرية المؤهلة.
وقال نعيم بنطالب أحد مؤسسي ومدير “إكسبرتيز أفريقيا”، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، “نحن نعيش في حقبة أصبحت فيها المقاولات تستثمر في رجالاتها وسمعتها “، ملاحظا أن العديد من المقاولات بالمملكة أضحت تهتم بالعلامة التجارية.
وأضاف “لماذا يتوخى الأشخاص العمل لدينا؟ لماذا يريدون البقاء أو الانخراط معنا؟”، هذه هي الأسئلة التي يتعين على المسيرين طرحها ، مبرزا أنه بات ضروريا الاشتغالال على تطوير العلامة التجارية للمقاولة من أجل ضمان توظيف فعال وسهل، وتكريس المكتسبات، والشعور بالانتماء، وتعزيز ظروف العمل، وأيضا دعم سمعة المقاولة.
وسجل أن العلامة التجارية تقوم على ثلاث ركائز تتمثل في “هوية المقاولة” (تاريخها، منتجاتها/خدمتها)، وصورتها سواء بالداخل أو الخارج و ممارساتها المتعلقة بالموارد البشرية، مشددا على أنه لا جدوى من الحديث عن ظروف العمل داخل مقاولة تعرف بنمط تسييرها المتجاوز.
وأوصى بنطالب ب”بذل جهود مكثفة بشأن الركائز الثلاث المذكورة، من خلال تطوير الهوية وظروف العمل، والإدارة، وأخيرا الصورة على المستويين الداخلي والخارجي “.
من جهته، يرى المدير العام لبوابة “روكروت” “Rekrute” ، فيليب مونتان، أن الشركات المغربية توجد في المرحلة الأولى من تطوير العلامة التجارية، وتدرك جيدا أن صورتها تؤثر على جاذبيتها لاستقطاب المرشحين المحتملين.
وأوضح أن الشركات أصبحت تعرف تدريجيا كيف “تسوق نفسها”، مسجلا أن هذه الأخيرة انتقلت مع مرور السنين من إعلانات عن وظائف غير محددة إلى تواصل أوضح حول هويتها وطبيعة الفرص التي تقدمها.
وأصاف الخبير أنه إلى جانب التعويضات المادية، تشمل العلامة التجارية للمقاولة معايير أخرى، لاسيما بيئة العمل، وآفاق التطور والتعلم، والاعتزاز بالانتماء، أو الثقة في القدرة على الإدارة لضمان استمرارية المقاولة.
< بقلم: يونس أكريم