فائزون بجائزة المغرب للكتاب يعبرون عن رفضهم مناصفة قيمتها المالية ووزير الثقافة يقرر سحب الجائزة منهم

رفضت وزارة الشباب والثقافة والتواصل، الاستجابة للطلب الذي تقدم به مجموعة من الفائزين بجائزة المغرب للكتاب مناصفة في دورتها الأخيرة، والمتمثل في عدم اعتماد المناصفة في ما يخص القيمة المالية للجائزة التي تبلغ مائة وعشرين ألف درهم. وبالتالي تقرر سحب الجائزة منهم.
وكان الرافضون لمناصفة القيمة المالية في رسالتهم الموجهة إلى مديرية الكتاب تحت إشراف وزير الشباب والثقافة والتواصل، قد اعتبروا أن “مبدأ المناصفة في جائزة المغرب للكتاب، يعني فقط أن عملا ثقافيا أو أكثر قد حظي بالاعتماد من لدن اللجنة العلمية المختصة، ليكون أفضل ما عرض على أنظارها وطنيا وليكون بنص المرسوم الفائز، سواء توحد أو تعدد”. وأن “المناصفة هنا اعتبار رمزي وعلمي وثقافي يمليه تأهل أكثر من عمل جيد في فرع من فروع الجائزة ولا يقضي بتقاسم قيمة الجائزة ماليا”.
وقد استندوا في ذلك إلى المادة 13 من المرسوم المنظم للجائزة والذي لا يتضمن ما ينص بصريح العبارة على مناصفة قيمتها المالية.
مؤكدين على أن “عبارة فائز تنطبق على كل مرشح للجائزة ظفر عمله برضى اللجنة المختصة، لذا وجب تمكينه من قيمتها كاملة”.
لم يتأخر رد وزير الشباب والثقافة والتواصل المهدي بنسعيد، على مراسلتهم الرافضة لمناصفة القيمة المالية للجائزة، حيث كان حاسما من خلال تأكيده على “أن مبدأ المناصفة معمول به عالميا ويقوم على اقتسام مبلغ الجائزة بين الفائزين بالمناصفة، وأن الوزارة لم تدخر جهدا في الرفع من مبلغ مكونات الجائزة وإضافة أصناف أخرى إليها، وستواصل هذا المسار حسب ما تسمح به الإمكانيات، فإنها بالمقابل لن تقبل المساس بالاعتبار المكفول لأول وأعرق جائزة مغربية في مجال الكتاب”.
وبالتالي تقرر سحب الجائزة الممنوحة مناصفة لأعمالهم.
وقد خلف هذا القرار، جدلا في أوساط المثقفين والكتاب، فهناك من رأى أن قرار وزارة الثقافة جاء متسرعا وانفعاليا، وأنه كان من الأفضل دعوة الأطراف الرافضة للمناصفة، لمناقشة الموضوع بحكمة والخروج بحل يرضي الطرفين.
وهناك من أوضح أنه ليس من صلاحية الوزير اتخاذ القرار بسحب الجائزة من الفائزين بها لمجرد مطالبتهم بتفعيل المادة 13 من المرسوم المنظم لها.
وهناك من دعا إلى اللجوء إلى القضاء الإداري للبت في هذه القضية.
في حين نظر البعض الآخر إلى مطلب الفائزين بجائزة المغرب للكتاب بالقيمة المالية الكاملة للجائزة، باعتباره يسيء إلى وضعهم الاعتباري ويقدم صورة سيئة عنهم، بالنظر إلى كونهم لا يهمهم من الجائزة سوى قيمتها المالية.
وأن ذلك من شأنه أن يؤدي بالجائزة إلى نوع من الابتذال.
وفي هذا الإطار، كان لبيان اليوم اتصال ببعض المثقفين والمسؤولين في المجال الثقافي بالمجتمع المدني، منهم من عبر عن تحفظه من مناقشة الموضوع والإدلاء برأيه بخصوصه، في حين كان رأي البعض الآخر واضحا وحاسما بخصوص هذا الإشكال المثير للجدل.
وفي اتصال بيان اليوم برئيس اتحاد كتاب المغرب عبد الرحيم العلام، بخصوص هذا الموضوع، أكد على أن المكتب التنفيذي للاتحاد “يعبر عن أسفه لقرار الوزير بسحب الجائزة من الفائزين بها، عن كل جدارة واستحقاق، ويعتبر أن قراره لا سند قانوني له، ولا حق له في اتخاذه، وهو ما يجعل منه قرارا جائرا ومتهافتا، وسابقة خطيرة تمس بكرامة الجسم الثقافي والإبداعي المغربي وتسيء لسمعة الجائزة ولقرارات لجانها ولصورة بلادنا وإشعاعها الثقافي”.
وأضاف أن الاتحاد ” يدعو وزير الشباب والثقافة والتواصل إلى التعجيل بالتراجع عن قراره غير الموفق والاعتذار للفائزين بالجائزة وللكتاب المغاربة، جراء ما طالهم جميعا من إهانة ومس بكرامتهم وبحضورهم الرمزي والعمل بالتالي على مراجعة النصوص التنظيمية لجائزة المغرب للكتاب وتحصينها ضمانا لاستقلاليتها وصونا لمصداقيتها”.
وصرح رئيس بيت الشعر بالمغرب مراد القادري لبيان اليوم بأنه “تابع كباقي المثقفين والعاملين في الحقل الثقافي تداعيات الرسالة التي وجهها وزير الثقافة إلى عدد من الأدباء الذين فازوا بجائزة المغرب للكتاب في صنوف معرفية مختلفة، خاصة أولئك الذي وجهوا ملتمسا يطلبون فيه الحصول على القيمة المالية للجائزة كاملة وليس بصورة مناصفة”.


مضيفا أنه “كان يفضل اعتماد مقاربة أخرى مختلفة من طرف الكتاب الذين رفعوا الملتمس، كما أنه كان على الوزير تجنب اتخاذ القرار بسحب الجائزة منهم واعتماد صيغة معينة للحوار، لأجل إيجاد مخرج مناسب للطرفين..”.
ويكمن الحل حسب وجهة نظره، في “انتداب شخص من بين المطالبين بعدم اعتماد المناصفة في القيمة المالية للجائزة، وحضور ثلاثة أشخاص من الحكماء ومجالسة الوزير، لأجل تجنيب الجائزة الوقوع في ما من شأنه أن يحط من قيمتها الرمزية..”، وعبر عن استعداد بيت الشعر بالمغرب الذي يترأسه للقيام بدور الوساطة في هذا الشأن.
أما الأديب صلاح بوسريف، في تصريحه لبيان اليوم، فقد عبر عن عدم اتفاقه مع الطريقة التي تم التعامل بها مع الإشكال القانوني للجائزة، وأنه كان ينبغي التريث، ورأى أنه كان من الأفضل طرح الموضوع خلال حفل الجائزة، من خلال إصدار بلاغ مشترك، يتضمن اقتراحا بإعادة النظر في المادة 13 من المرسوم المنظم للجائزة، والتماس في المستقبل أن لا تمنح القيمة المالية للجائزة مناصفة، بعيدا عن كل انفعالات متسرعة.

تجدر الإشارة إلى أن قرار سحب الجائزة، شمل الأعمال التالية:
– “رياحين الألم” للشاعر محمد علي الرباوي.
– “المغرب والحرب الأهلية الإسبانية 1936-1939
– “بنية المعطيات الرقمية” للباحث بوبكر بوهادي
– “أين المثقفون العرب؟ سياسات وتجليات” للباحث يحيى بن الوليد.
– “الإنسان والعمران واللسان، رسالة في تدهور الأنساق في المدينة العربية” للباحث إدريس مقبول.
– “مغامرات ابن بطوطة: الرحالة المسلم في القرن الرابع عشر الميلادي” للباحث أحمد بوحسن.
– “نهاية الحداثة اليهودية: تاريخ انعطاف محافظ” للباحث محمد الجرطي.
– “تيتبيرين تيحرضاض (الحمامات العاريات)” للروائي حسن أوبراهيم أموري.
– “أروكال (جمر تحت الرماد)” للشاعر الطيب أمكرود.

< عبد العالي بركات

Related posts

Top