CNDH وDGSN.. نحو توطيد احترام حقوق الإنسان في الوظيفة الأمنية

أكدت آمنة بوعياش، رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان (CNDH) على الإرادة الراسخة للمجلس والمديرية العامة للأمن الوطني (DGSN) في إعمال دولة الحق والقانون، والتي يترجم أحد مناحيها مواصلة تفعيل الشراكة المؤسساتية القائمة بين المؤسستين، عبر تنظيم الدورة الثانية للشرطيات والشرطيين المكلفين بحراسة الأشخاص المحتفظ بهم تحت الحراسة النظرية بأماكن الحرمان من الحرية التابعة للمديرية العامة للأمن الوطني.

وأكد محمد الدخيسي، مدير الشرطة القضائية بالمديرية العامة للأمن الوطني، خلال افتتاح فعاليات هذه الدورة رفقة آمنة بوعياش، رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان وبحضور منير بنصالح، الأمين العام للمجلس الوطني لحقوق الإنسان وعدد من المسؤولين الأمنيين، “على الأهمية التي تشكلها الشراكة القائمة بين كل من المجلس الوطني لحقوق الإنسان والمديرية العامة للأمن الوطني، والتي وصفها بالشراكة الفعالة والنموذجية في مجال مناهضة والوقاية من التعذيب”، قائلا “إنها شراكة فعالة ونموذجية يحتذى بها على المستوى العربي والإفريقي والدولي، وقد كانت موضع إشادة خلال المؤتمر الدولي مؤخرا الذي احتضنته مدينة مراكش والذي خصص للإعلان عن إحداث الشبكة الإفريقية للآليات الوطنية للوقاية من التعذيب”.

وشدد المسؤول الأمني في الوقت ذاته على الأهمية التي يكتسيها تنظيم هذه الدورة التدريبية والتي ترتبط بإعمال المعايير الوطنية والدولية في مجال حقوق الإنسان من طرف المكلفين بإنفاذ القانون، خاصة وأن الأمر يتعلق بموظفين يتعاملون مع أشخاص يوجدون في وضعية تنازع مع القانون.

وأبرز أن المديرية العامة للأمن الوطني تحرص على جعل عمل موظفيها يستند على تطبيق مضامين الدستور والتشريعات الوطنية والدولية والأخذ بعين الاعتبار التوصيات والملاحظات التي توجه لعملها.

وقال في هذا الصدد “إن المديرية العامة للأمن الوطني تحرص على تنفيذ كل الملاحظات والتوصيات بكل الوضوح والجدية، وأن المجلس الوطني لحقوق الإنسان والمديرية العامة للأمن الوطني من خلال اتفاقية الشراكة التي يتم مواصلة إعمالها عبر دورات تكوينية لتعزيز وتطوير كفاءات موظفي المديرية العامة للأمن الوطني المكلفين بأماكن الحرمان من الحرية، يعملان بذلك على بناء ممارسة وتجربة فضلى في مجال مناهضة والوقاية من التعذيب ومن تم تكريس المسار الاختياري للمغرب في مجال إعمال حقوق الإنسان وحمايتها”.

إشادة كبيرة

ومن جهتها، حرصت آمنة بوعياش، رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان، والتي عاشت كمناضلة مراحل صعبة على درب التنازع بين الموظفين المكلفين بإنفاذ القانون وعائلات المعتقلين السياسيين، على التعبير عن اعتزازها بشكل واضح وأشادت بشكل كبير بما تم تحقيقه على مستوى بناء شراكة فريدة من نوعها والتي وصفتها بغير المسبوقة بين المؤسسة الأمنية ومؤسسة تعتني بالنهوض بحقوق الإنسان ممثلة في المجلس الوطني لحقوق الإنسان، خاصة وأن الأمر يتعلق بمناهضة والوقاية من التعذيب، وتنفيذ توصيات وملاحظات الآلية الوطنية للوقاية من التعذيب.

وقالت في كلمة ألقتها في افتتاح هذه الدورة التي سيستفيد منها عدد من الشرطيات والشرطيين، “إن مواصلة لقاءاتنا الدورية كمؤسستين ليس فقط لمناهضة التعذيب والوقاية منه. بل لنؤكد التزام المملكة، في إعمالها لمعايير حقوق الإنسان، من طرف المكلفين بإنفاذ القانون، وباعتباره التزاما ثابتا ومتواصلا ومتجددا لحفظ كرامة المغاربة والمقيمين ببلدنا وخلال ظروف صعبة من حرمانه من الحرية”.

وأكدت في هذا الصدد بارتباط مع موضوع الدورة التي تعد الثانية من نوعها لفائدة الشرطيات والشرطيين المكلفين بحراسة الأشخاص المحتفظ بهم تحت الحراسة النظرية بأماكن الحرمان من الحرية التابعة للمديرية العامة للأمن الوطني، بالقول “إن تعزيز القدرات وتوطيد احترام حقوق الإنسان في الوظيفة الأمنية، ليس ترفا فكريا ولا واجهة للمحاباة بل يقع في صلب المعيش اليومي لكل أفراد المجتمع ومؤسساته؛ 24 ساعة على 24 ساعة و7 أيام على سبعة أيام”.

وأضافت أن الدورة تعكس الالتزام المشترك لتعاون مؤسسي مستدام بين المجلس الوطني لحقوق الإنسان والمديرية العامة للأمن الوطني، حول المعايير والممارسات للوقاية من التعذيب، والتي تندرج في إطار تنفيذ مضامين الشراكة التي تجمع المؤسستين، موضحة “أن هذه الشراكة بين المؤسستين أثارت اهتماما دوليا، شمل اللجنة الفرعية للوقاية من التعذيب وجمعيات دولية وإقليمية، خاصة خلال اجتماع للمؤسسات الإفريقية لحقوق الإنسان لإحداث الشبكة الإفريقية للآليات الوطنية للوقاية من التعذيب من حيث إعمال الشراكة والالتزام بها، والذي نظم بمراكش، بل أبدى عدد كبير من الهيئات والجمعيات رغبتهم في تقاسم هذه التجربة على مستوى القارة الإفريقية”.

وفيما يتعلق بعمل الآلية الوطنية للوقاية من التعذيب أعلنت بوعياش أن هذه الآلية قامت منذ أبريل 2020 تاريخ أول زيارة قامت بها إلى يوليوز 2023 بما مجموعه 53 زيارة، منها 39 زيارة لأماكن زارتها لأول مرة و14 زيارة تمت في إطار تتبع تنفيذ توصياتها لأماكن سبق لها زيارتها، وضمنها 18 زيارة لأماكن الحرمان من الحرية بالأقاليم الجنوبية، منها 12 زيارة لأماكن زارتها لأول مرة و6 زيارات تتبع توصياتها.

وأضافت أن الزيارات شملت لحدود اليوم، 11 جهة من أصل 12 جهة من جهات المملكة؛ كاشفة أنه وفق مخطط الآلية الوطنية للوقاية من التعذيب، فقد برمجت القيام سنة 2023 بـ 50 زيارة منها ستة زيارات لمراكز الحرمان للحرية التابعة لإدارة الأمن الوطني خلال ما تبقى من السنة الجارية.

الآلية الوطنية

وأشارت أن الآلية الوطنية، اعتمادا على الزيارات التي قامت بها والتي تقيم عبرها مدى إعمال توصياتها، فإنها سجلت تنفيذ ما بين 80 و90 في المائة في توصياتها بالإضافة إلى التفاعل مع طلباتها بخصوص المعطيات والمعلومات ذات الصلة بتدبير أماكن الحرمان من الحرية، سواء إدارة السجون أو مديرية الأمن الوطني أو الدرك الملكي مع توصياتها.

وأشارت إلى أن الآلية بصدد تحضير زيارات لمتابعة إعمال توصياتها لعدد من المحاكم والمطارات والمستشفيات للأمراض العقلية ومؤسسات حماية الطفولة والأشخاص المسنين، كما جرى إطلاق لقاءات دورية مع مسؤولين عن أمكان الحرمان من الحرية، حيث عقد الفريق الذي يتكون من الآلية الوطنية للوقاية من التعذيب ومديرية الرصد وحماية حقوق الإنسان ومكلف بمهمة لدى الرئاسة باجتماعات مع كل من الإدارة العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج والإدارة العامة للأمن الوطني والدرك الملكي، وذلك لتطوير التفاعل المشترك وتتبع توصيات الآلية الوطنية للوقاية من التعذيب، كما ستعقد لقاءات أخرى مع كل من وزارة العدل، ووزارة الصحة والحماية الاجتماعية، ووزارة الشباب والثقافة والتواصل، ورئاسة النيابة العامة والمكتب الوطني المطارات.

وأفادت في هذا الصدد بالقول “إننا نصبو أن يتحول التعاون المؤسسي المستدام إلى آلية لمعالجة حالة ما، أو إعادة هيكلة أي فضاء للحرمان من الحرية، إلى نموذج يحتذى به بالنسبة لكل الأماكن، التي تعاني من نفس الظروف غير المناسبة، دون حاجة إلى إعادة نفس الملاحظات والتوصيات في زيارات أخرى، مما سيسمح لنا بتطوير مضامين الزيارات ومستوى إجرائية التوصيات”.

ومضت معلنة “إننا نتقدم في تفعيل اتفاقيتنا، التي تجعل من تحسين ظروف الحرمان من الحرية وعدم المس بكرامة الإنسان، نبراسها المنير، سواء من حيث أشكال الرصد أو أشكال الاستجابة والتفاعل مع التوصيات، مما يضمن الاستمرارية الفعلية للرصد الموضوعي والتفاعل والاستجابة المناسبة”.

ويشار أن فعاليات هذه الدورة التكوينية سيقوم بتأطيرها أطر تابعة للمجلس والمديرية العامة للأمن الوطني، ومن المقرر أن تتمحور مواضيع الدورة أساسا حول قضايا “حقوق الإنسان: المبادئ والممارسات”، و”الممارسة الاتفاقية للمملكة المغربية والتزاماتها الدولية”، و”المقتضيات الدستورية والقانونية: مبدأ سمو الاتفاقيات وملاءمة التشريعات”، هذا فضلا عن قضايا ترتبط بـ “حقوق الأشخاص الموضوعين تحت الحراسة النظرية وظروفهم المادية” و”هيئات الرصد والوقاية والانتصاف”؛ ثم “الهيئات الدولية”.

< فنن العفاني

Related posts

Top