أبوخلال وثقافة العمل الخيري

نعود مرة أخرى للحديث عن ثقافة التضامن، وأهمية القيام بعمليات خيرية وإنسانية خدمة للمجتمع، والمساهمة في التخفيف من معاناة الفئات الهشة.
وكما يقال “المناسبة شرط”، فإن أسباب النزول، تتجلى في المبادرة التي قام بها الدولي المغربي زكرياء أبوخلال، الممارس بالدوري الفرنسي، ضمن صفوف نادي تولوز المنتمي للدرجة الأولى.
مبادرة أبوخلال الذي لم يمر على التحاقه بالفريق الوطني المغربي لكرة القدم، سوى سنة واحدة فقط، تجلت في إنشاء ملعب للقرب بقرية للأطفال، بمنطقة دار بوعزة الواقعة نواحي مدينة الدار البيضاء، وهي منشأة ستمكن الأطفال من ممارسة اللعبة في ظروف مواتية، تتوفر فيها شروط السلامة والأمان.
كما أعلن اللاعب خلال حفل التقديم، عن التكفل بعائلة تتكون من سبعة أطفال، وذلك بتأدية كل المصاريف اليومية التي يحتاجها أفرادها.
الإيجابي في هذه المبادرة، تتجلى أيضا في حضور اللاعب نفسه عملية التقديم، مستغلا تواجده بالمغرب للمشاركة بالمعسكر التدريبي الذي يقيمه المنتخب بمركز محمد السادس، قبل السفر لإسبانيا لخوض مباراتين إعداديتين ضد تشيلي وباراغواي.
كان أبوخلال مرفوقا خلال حفل التقديم الذي جرى يوم الأحد الماضي بأفراد من عائلته، والدته المغربية ووالده الليبي الجنسية، مما يؤكد مساندة العائلة للاعب، ليس فقط على مستوى القيام بمبادرات خيرية، ولكن أيضا اختياره للعب للمغرب، عوض منتخبات أخرى كانت تطلب وده، كهولندا وليبيا.
والكلمة المعبرة التي قالها الدولي المغربي بالمناسبة تؤكد بالفعل أنه تربى على روح العمل الخيري والتضامني داخل الأسرة قبل المجتمع الهولندي الذي تربى فيه: “والدي غرسا في قيم المشاركة والتضامن، وأنا حساس جدا تجاه أوضاع الأطفال. من خلال تقديم ملعب كرة القدم هذا لأطفال قرية دار بوعزة، أتمنى أن يستمتعوا بنفس القدر الذي استمتعت به أنا”.
صحيح أن مبادرة اللاعب السابق لنادي ألكمار الهولندي، لا تتطلب مصاريف كبيرة، لكن كما يقول المثل المغربي الدارج : ” لي ما عطى من القليل، ما يعطيش من الكثير”، لأن المهم هو روح المبادرة وقيمة الشعور بهموم الآخرين، وإظهار التشبع بثقافة التضامن، هذا هو الأهم…
يحدث هذا في وقت تنعدم فيه مثل هذه المبادرات من طرف الأغلبية الساحقة من نجوم الرياضة المغربية، وبكل الأنواع الرياضية، رياضيون راكموا الثروات -الله يزيدهم-، لكن ينعدم بداخلهم إحساس العمل الخيري والشعور الإنساني وروح التضامن التطوعي…
بالفعل هناك مبادرات يقوم بها بعض الرياضيين، لكنها قليلة جدا ولا ترقى إلى قيمة ما يقدمه مثلا رياضيون عرب وأفارقة، دون أن نتحدث عن رواد العمل الخيري على الصعيد الدولي…
فالسنغالي ساديو ماني والمصري محمد صلاح والإيفواري ديدي دروغبا، أمثلة حية يحتذى بهم، وقبلهم نجوم آخرين كالليبيري جورج وياه والإثيوبى جبري سيلاسي والكيني بول تيرغارت، وغيرهم كثير من النجوم الذين ينخرطون تلقائيا في كل المجالات التي تتطلب المساهمة، وضرورة القيام بعمليات خيرية دائمة، وليست مناسباتية…
والغريب أن بعض نجوم الرياضة المغربية، وعوض المساهمة في الأعمال الخيرية، نجدهم يتهافتون للاستفادة من الريع، كمأذونيات النقل بكل أنواعها، ورخص الصيد بأعالي البحار، وغيرها من مظاهر الربح السريع…
برافو زكرياء أبوخلال، ونتمنى أن يحدوا حدوك نجوم آخرون ممن استفادوا بالطول والعرض، من خيرات هذا الوطن، دون أن يقدموا بالمقابل، ولو جزء بسيط مما ينتظر منهم المجتمع…

>محمد الروحلي

Top