إصابة 100 مغربي ووفاة 9 آخرين يوميا بسبب داء السل

بتسجيل تسع وفيات يوميا بسبب مضاعفاته، مازال داء السل يمثل مشكل صحة حقيقي ببلادنا، وذلك على الرغم من الجهود المبذولة على مدى عقود من أجل محاصرته، الأمر الذي يتطلب من السلطات المعنية الانكباب على هذا الوضع المقلق وإيجاد السبل الكفيلة بمعالجته بشكل أفضل وأسرع.
وكشف الدكتور الطيب حمضي، الطبيب والباحث في السياسات والنظم الصحية، أن المغرب يسجل يوميا 96 حالة إصابة جديدة بالسل، حسب تقديرات منظمة الصحة العالمية التي تفيد أيضا أن المغرب عرف سنة 2021 ما مجموعه 35 ألف حالة جديدة أو انتكاسة مرضية (بمعدل 94 حالة جديدة لكل مائة ألف نسمة)، وقدرت الوفيات بـ3300 وفاة في نفس السنة.
وأبرز حمضي، في ورقة تحسيسية على هامش اليوم العالمي لمحاربة داء السل (24 مارس)، توصلت بيان اليوم بنسخة منها، أن داء السل ينهي حياة واحد من كل 10 مرضى السل في المغرب، وأن واحدا من كل خمسة مرضى ينتهون هم مصابون أيضا بفيروس نقص المناعة المكتسبة في نفس الوقت.
ومما يزيد من إعاقة جهود الحد من الإصابة بالسل أو القضاء عليه بحلول عام 2030 وفقا للأهداف المحددة دوليا، كما يقول حمضي، أن الانخفاض في حالات الإصابة بطيء جدا يحيث لم يتجاوز نسبة 1٪ في السنة بين عامي 2015 و2021.
ويصيب الداء الذكور بنسبة 59٪ مقابل 41٪ بين الإناث (من الحالات المبلغ عنها) أي امرأتين مقابل كل ثلاثة رجال. وتعتبر فئة الشباب في مرحلة 25 إلى 34 سنة هي الفئة العمرية الأكثر تضررا والأكثر إنتاجا أيضا لحالات الإصابة، خصوصا في ظروف الاكتظاظ السكاني والهشاشة الاجتماعية، إذ يعتبر سكان الأحياء المكتظة والأحياء المحيطة بالمدن الفئة الأكثر إصابة. وعلى رأس الجهات الأكثر تضررا من حيث عدد الإصابات لكل مائة ألف نسمة، نجد جهة طنجة-تطوان-الحسيمة، الرباط-سلا-القنيطرة، والدار البيضاء- سطات.
ولا يزال معدل اكتشاف المرض وتشخيصه نسبة لعدد المصابين غير كاف برغم أنه يصل إلى 85٪، إذ أن 15٪ من المصابين أو واحدا من 6 أشخاص هم مصابون بداء السل دون أن يتم تشخيص مرضهم. بالمقابل، وعند اكتشاف الإصابة فيمكن أن يصل معدل الشفاء إلى 88٪. لكن ثلثي حالات السل المقاوم للأدوية لا يتم تشخيصها، مما يشكل مشكلة صحية عمومية خطيرة تتمثل في انتشار السل المقاوم للأدوية.
ويذكر أن نصف حالات داء السل تهم أعضاء غير الرئتين، حيث انتقل معدل داء السل خارج الرئتين من 28٪ سنة 1990 إلى 49٪ سنة 2021. ويؤكد الطيب حمضي أن هذه النسبة في المغرب تتجاوز بكثير المعدلات المتوقعة، متسائلا عن الأسباب الكامنة خلف هذا، والتي يمكن أن تكون مرتبطة، حسب نفس المصدر بمشاكل التشخيص ومشكلة انتقال داء السل الحيواني من خلال الحليب ومشتقاته.
ودعا الباحث في السياسات الصحية إلى العمل على تشخيص ومعالجة المحددات الاجتماعية والاقتصادية المساهمة في انتشار داء السل ببلادنا، وعلى رأسها الفقر، السكن، التغدية، بالإضافة إلى عوامل الخطر الأخرى، ومن بينها الحالة المناعية، داء السكري، التدخين، وغيرها.
وأبرز حمضي أيضا أهمية تحسين معدلات الكشف والتغطية العلاجية لمرض السل وتحسين معدلات الشفاء نجاحه العلاجي، وذلك من خلال التوسع في استخدام اختبارات التشخيص السريع بهدف تحسين التكفل المبكر والحد من انتشار الداء.
كما أمد المتحدث على ضرورة معالجة مشكل المرضى الذين ينقطعون عن العلاج والمتابعة والذين تبلغ نسبتهم حاليا 8%، عبر تحسين مستوى التكفل ودعم المرضى الخاضعين للعلاج في مواجهة الآثار الجانبية للأدوية، وتعميم مجانية الأشعة والتحاليل المرتبطة بالكشف ومتابعة المرض، ودعم المرضى لتغطية تكاليف النقل والمساعدات الغذائية.
وشدد حمضي على ضرورة أن تأخذ السياسات الصحية العمومية مجال مكافحة داء السل بعين الاعتبار أن الداء يصيب في الغالب الفئات الهشة والفقيرة و أن علاج المريض سلامة المجتمع ككل، و”بالتالي فمن مسؤولية الدولة التكفل الكامل بمواجهة المرض لتأمين حق العلاج للأفراد وضمان سلامة المجتمع”.
كما أوصى حمضي بتحسين الكشف عن حالات السل المقاوم للأدوية وعلاجها، وكذا حالات السل لدى المصابين بفيروس فقدان المناعة، وضمان العلاج الوقائي لمرض السل لدى الأشخاص المعرضين للخطر، وتحسين إدارة مرض السل لدى الشباب والأطفال.
وتشير تقديرات منظمة الصحة العالمية إلى أن ربع سكان العالم قد أصيبوا ببكتيريا السل لكن الجرثومة خامدة عند معظمهم، وحوالي خمسة إلى عشرة في المائة منهم سيصابون في نهاية المطاف بالأعراض ويصابون بالسل.
وشهدت سنة 2022 إصابة ما يقدر بـ10.6 مليون شخص بالسل في جميع أنحاء العالم ووفاة 1.3 مليون شخص بسبب المرض.
وبالمقابل، تؤكد التقديرات الأمل في مواجهة الوباء بما أن تشخيص السل وعلاجه قد أنقذ حياة 75 مليون شخص منذ عام 2000.
ويعتبر  الأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، مثل الأشخاص المصابين بفيروس نقص المناعة البشرية (أكثر عرضة للإصابة بالسل 16 مرة )، أو سوء التغذية أو مرض السكري، أو الأشخاص الذين يتعاطون التبغ أو الكحول، أكثر عرضة للإصابة بمرض السل.
وبالإضافة إلى الكلفة الصحية، تثقل الإصابة بداء السل كاهل الأسر المتضررة بتكاليف مادية باهظة، حيث تواجه أسرة واحدة تقريبا من كل أسرتين متضررتين من السل، تكاليف إجمالية تتجاوز 20٪ من إجمالي دخلها. وتبلغ كلفة مكافحة مرض السل في العالم، حسب منظمة الصحة، ما مجموعه 1.2 مليار دولار سنويا.

< سميرة الشناوي

Top