شباب إسبانيا العاطل يطالب بالتغيير عبر اعتصام حركة 15 مايو
شهدت ساحة «بويرتا دي صول» في قلب العاصمة الإسبانية مدريد مشادات عنيفة بين قوات مكافحة الشغب والمئات من الشباب الإسباني العاطل من العمل المعتصم في الساحة. ينظم الاعتصام في ظرف قياسي منذ يوم الأحد الماضي تحت خيمة نصبت في ساحة بويرتا دي صول ممن يعرفون اليوم بحركة 15 مايو للمطالبة بالتغيير السياسي وبإحداث إصلاحات إقتصادية واجتماعية عاجلة يطالب بها الشباب الإسباني، قبل موعد الانتخابات المحلية والإقليمية التي ستجري يوم 22 ماي المقبل.
غير أن حركة 15 مايو، كما باتت تعرف منذ 24 ساعة، قررت الإقتداء بالثورات العربية، حسب ما أكده المنظمون لـ»إيلاف» من أجل المطالبة بالتغيير، وقد احتلوا ساحة بويرتا دي صول، كما احتل الشباب العربي أهم الساحات في مصر واليمن وتونس والبحرين.
ورغم أن قوات الأمن الإسبانية قد نجحت في إخلاء ساحة بويرتا دي صول واقتلاع الخيمة التي نصبها أعضاء حركة 15 مايو كغرفة للعمليات، إلا أن العشرات من الشباب الإسباني العاطلين عن العمل لا تزال تجوب ساحة صول المشهورة من أجل العودة إلى الاعتصام.
وقال لويس غونساليس أحد أعضاء التنظيم إن الشباب الذي خرج للاعتصام والتظاهر في قلب العاصمة مدريد وأهم المدن الإسبانية لا ينتمي إلى أي تنظيم سياسي، وليس لديه أية إيديولوجيا معروفة، بل الهدف من خلال هذه الحركة هو المطالبة بالتغيير السياسي وتحسين الوضع الاجتماعي والاقتصادي، الذي يتخبط فيه منذ سنوات المجتمع والشاب الإسباني.
وأضاف عضو الحركة بأن الشباب قرروا تثبيت خيمة وسط صول حتى يوم 22 مايو المقبل، وهو موعد الانتخابات المحلية في إسبانيا، والهدف من ذلك هو التعبير عن الحالة المزرية التي يواجهها نحو 5 ملايين عاطل عن العمل في إسبانيا والأوضاع القاسية التي يعيشها الشباب أمام إهمال الحكومة مطالبهم.
وعن كيفية النجاح في حشد نحو 50 ألف متعاطف مع الحركة في كامل التراب الإسباني، قال لويس إن الإعلان عن المبادرة قد تم عبر الشبكات الاجتماعية، حيث جرى توجيه النداء إلى كل شاب إسباني من أجل التغيير عبر عريضة أطلق عليها عريضة «ديمقراطية حقيقية»، وعبر هذه المبادرة، يقول عضو الحركة «تمكنا من التعبير عن همومنا وسط لغو رجال السياسة من الحزب الاشتراكي الحاكم والأحزاب المعارضة».
خيمة وسط مدريد على نموذج الثورات العربية
لماذا قررت الحركة الاعتصام في ساحة صول، يوضح بيدرو أحد المنظمين أن حركة 15 مايو في إسبانيا استلهمت من الشباب العربي ظاهرة غزو الساحات الكبرى كأسلوب للمطالبة بالتغيير، ويضيف قائلاً «حتى يسمعنا رجال السياسة في البلاد لأننا لسنا دمى يلعبون بها».
ويؤكد بيدرو أن الشباب الإسباني تابع الثورات العربية في تونس ومصر واليمن والبحرين، وقد «لاحظنا مفعول الاعتصام في الميادين والساحات الكبرى في عواصم هذه الدول، ولذلك قررنا نقل همومنا إلى ساحة سول، التي تمثل موقعًا إستراتيجيًا في قلب إسبانيا».
وخلال وجودنا في مقر عمليات حركة 15 مايو، وهي خيمة بويرتا دي صول، كما لقبّت، لاحظنا تصميمًا واسعًا في أوساط الشباب الإسباني المتظاهر، الذي أبدى عزمه على مواصلة ثورة التغيير، على حد قول الكثيرين ممن سألناهم عن سبب وجودهم هنا، وأثر الثورات العربية في المجتمع الإسباني، وخاصة في أوساط الشباب العاطل عن العمل.
تقول ماريا برادو، وهي متخرجة حقوق، إنها تواجه هاجس البطالة كل يوم منذ أربع سنوات، عقب تخرجها في الجامعة، ولهذا هي موجودة هنا من أجل التعبير عن سخطها لما تعيشه ويعيشه الملايين من الشباب الإسباني. وأضافت بأن الحكومة عجزت عن مواجهة الأزمة الاقتصادية، كما إنها اليوم لا تثق في رجال السياسة، سواء كانوا من اليمين أم اليسار، ولن تشارك في المواعيد الانتخابية المقبلة، تعبيرًا عن رفضها أنظمة فاشلة قادت الشباب والمجتمع نحو الإفلاس.
حركة 15 مايو ترعب رجال السياسة في إسبانيا
أثارت مبادرة التغيير تحت لواء عريضة «ديمقراطية حقيقية» خلال الساعات الأخيرة جدلاً سياسيًا وإعلاميًا في إسبانيا، التي تشهد خلال هذا الأسبوع انطلاق العدّ التنازلي لموعد الانتخابات المحلية يوم 22 مايو المقبل. حيث دعا شباب حركة 15 مايو إلى مقاطعة الموعد الانتخابي تحت شعار «لسنا بضاعة للسياسيين ورجال البنوك» و»لسنا قربان انتخابات».
ولم يصدر من الحزب الاشتراكي الحاكم في إسبانيا أي بيان يعبّر فيه عن موقفه تجاه هذه الحركة الشبابية، وذلك تخوفًا من تأثيرها على مجرى الانتخابات، خاصة وأن إسبانيا تشهد غليانًا اجتماعيا سببه الأزمة الاقتصادية التي يتخبط فيها نحو 5 ملايين عاطل عن العمل، ونحو 1.5 مليون شخصًا يعيشون حالة فقر من دون أي مورد من المساعدات الاجتماعية التي تمنحها الحكومة، ضف إلى ذلك نسبة 43% من الشباب الإسباني المتخرج من الجامعات الذي لم ينجح في العثور على فرصة عمل لسنوات.
وأعلن الشباب الإسباني المطالب بتحسين وضعه الاجتماعي عبر شبكات التواصل في الإنترنت بأنه سيعود إلى الاعتصام في ساحة سول وفي ساحات أهم المدن الإسبانية، رغم عدم حصوله على أي ترخيص باسم عريضة «ديمقراطية حقيقية»، كما وجّه نداء إلى المواطنين بعدم اللجوء إلى صناديق الانتخابات يوم 22 مايو المقبل كأسلوب للتعبير عن المقاطعة السياسية والاجتماعية.