تميز تخليد رأس السنة الأمازيغية هذا العام ببلادنا بصدور العديد من المواقف والتصريحات والبلاغات، وإقامة أنشطة احتفالية وثقافية متعددة، وأيضا بتجدد المطالب الحزبية والجمعوية قصد إعلان رأس السنة الأمازيغية(13 يناير) عيدا وطنيا وعطلة رسمية مؤدى عنها، وذلك على غرار رأس السنة الهجرية ورأس السنة الميلادية.
هذه الخطوة الرمزية لن تكلف ميزانيات ضخمة، ولكنها تقتضي مجرد تعديل في مرسوم العطل الرسمية، كما أنها تجسد إجراء قوي الدلالة والمعنى، خصوصا بعد دسترة الأمازيغية كلغة وطنية ورسمية في وطنها المغرب،وعلما أيضا أن الأمر كان من ضمن وعود وتعهدات الأغلبية الحالية، وسبق أن التزم رئيس الحكومة الحالي بتحقيق ذلك منذ ثلاث سنوات على الأقل.
الخطوة المشار إليها تندرج ضمن إجراءات ورش تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية، وهي بمثابة برنامج متكامل يقتضي التنسيق بين الإدارات المعنية، وإعمال الالتقائية والانسجام بين السياسات والبرامج الحكومية.
عند استعراض المواقف المعلنة منذ أيام، يتضح أن ورش الأمازيغية يمكن أن يتحقق حوله توافق واسع في المشهد السياسي والجمعوي، ومن ثم يحتاج الأمر إلى سرعة أكبر في الإنجاز وإلى جرأة حكومية تسير بما تحقق إلى الأمام.
التقدم في ورش تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية يعني عمليا مواصلة تكريس الأمازيغية في الإدارات والمؤسسات العمومية، وبالتالي تيسير ولوج المرتفقين الناطقين بالأمازيغية للاستفادة من خدمات الصحة والعدل والثقافة وغيرها، وذلك بشكل ملموس وعلى أرض الواقع.
ويعني كذلك مواصلة إدراج الأمازيغية داخل مقرات الإدارات، وعلى لوحات التسمية والتشوير ووسائل النقل، وأيضا على المواقع الإلكترونية، وتأهيل الفنون الأمازيغية ومنظومة العمل الثقافي، وتطوير المهرجانات وكل تجليات الهوية الحضارية والثقافية الأمازيغية، وتطوير حضورها في التعليم والإعلام…
ولإنجاح هذه المهمات المطروحة، لا بد أن تمتلك الحكومة أولا إرادة القيام بذلك، وإعمال برمجة زمنية معقولة، والأهم اعتماد التقائية محكمة وتنسيق بين الخطط والبرامج، ووضوح في الأهداف والآجال والمساطر.
اليوم تحول نقاش الأمازيغية في بلادنا إلى أشكال التأهيل والتطوير، ومهمات وبرامج الترسيم، ولم نعد في مرحلة الغاية والأحقية، أي أننا تجاوزنا سجالات الإصطفافات، والخلفيات الإيديولوجية المتكلسة، وهذا تقدم إيجابي على كل حال، ويبرز أن النضال الطويل لقوى سياسية محدودة وفعاليات الحركة الثقافية الأمازيغية طيلة عقود، أتى أكله، وأثمر عن خطوات عملية لا يجب إنكار أهميتها وقيمتها، ولكن لا يجب أن نبقى حبيسي ما تحقق لحد الآن، وإنما لا بد من التقدم خطوات أخرى إلى الأمام، وترسيخ الهوية الحضارية التعددية لبلادنا وشعبنا.
تثمين ثرائنا الأمازيغي وإبراز غنى هذا المشترك الثقافي والحضاري لشعبنا، يعني أيضا تقوية ارتباط شعبنا وشبابنا بالأرض، أي بالوطن، وإشعاع عديد قيم أمازيغية، تنتصر للمساواة ودور المرأة والانفتاح والحرية والاعتزاز بالشخصية الحضارية المــــــغربية المتميزة.
كل عام وشعبنا الأمازيغي بألف خير
محتات الرقاص