الحرب الروسية الأوكرانية.. -الحلقة 17-

عرفت الحرب الروسية الأوكرانية، التي بدأت منذ 24 فبراير 2022، اهتماما واسعا من قبل الرأي العام الدولي، نظرا لمكانة البلدين في الساحة العالمية، سواء على المستوى السياسي والاقتصادي والعسكري، ناهيك عن الجانب التاريخي المعقد الذي تمتد سرديته إلى التطورات الأخيرة في العلاقة المتوترة بين موسكو وكييف.
ويتوالى الهجوم الروسي على أوكرانيا الذي يصفه الكرملين بـ”العملية العسكرية” المحددة الأهداف، بتدمير المنشآت العسكرية، ونزع سلاح هذا البلد، ودفعه إلى الحياد تجاه حلف الشمال الأطلسي”النيتو”.
ولا توجد حاليا مؤشرات دالة على قرب انتهاء هذه الأزمة التي أرخت بظلالها على العالم، بفعل دمار “الغزو” الذي لحق أوكرانيا، والعقوبات المفروضة على روسيا من قبل الغرب.
وتعد هذه الحرب الدائرة رحاها فوق الأراضي الأوكرانية، والتي أدت إلى نزوح أزيد من 10 ملايين أوكراني داخل البلاد وخارجها، تطورا حتميا للعلاقات المتشنجة بين الكرملين والغرب، هذا الأخير الذي يقدم مساعدات عسكرية لفائدة القوات الأوكرانية لمواجهة الجيش الروسي، وهو ما يدفع إلى مزيد من المواجهة في الوقت الذي تسير فيه المفاوضات بشكل “ثقيل” على حد وصف وزارة الخارجية الروسية.
ومن خلال هذه الزاوية الرمضانية، سنعيد تركيب قطع “البوزل” لمحاولة فهم ما يجري بين روسيا وأوكرانيا، والوقوف عند تداعيات هذه الحرب، وما سيترتب عنها في المستقبل من إعادة لرسم خريطة العلاقات الدولية، وهو ما ظهر بشكل واضح بتحالف التنين الصيني مع الدب الروسي في وجه الغرب”أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية”.

الناتو يرفض طلب روسيا باستبعاد انضمام أوكرانيا

حث الرئيس الأوكراني فلاديمير زيلينسكي في ماي 2021، حلف الناتو على تعزيز تواجده العسكري في حوض بحر آزوف والبحر الأسود، للرد بشكل جماعي على مخاطر مزعومة من قبل روسيا.

وقال زيلينسكي، خلال اجتماع عقده في كييف مع وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، حسب بيان صدر عن مكتبه، إن موسكو لم تسحب إلا جزءا غير ملموس من قواتها من حدود أوكرانيا، ولا تزال قادرة على إطلاق عملية عسكرية ضد هذا البلد في أي لحظة.

وذكر البيان أن زيلينسكي عرض على بلينكن “بحث خطوات مشتركة محتملة لإنهاء احتلال شبه جزيرة القرم” التي أعادت انضمامها إلى قوام روسيا حسب إرادة الأغلبية الساحقة من سكانها بناء على نتيجة الاستفتاء الشعبي الذي نظم هناك في عام 2014 على خلفية الأزمة السياسية الحادة التي مرت بها أوكرانيا نتيجة للإطاحة بحكومة الرئيس فيكتور يانوكوفيتش.

وأضاف البيان أن زيلينسكي قال إنه من الصعب لأوكرانيا “أن تواجه بمفردها الخطر في منطقة البحر الأسود وبحر آزوف”، ودعا في هذا الصدد الولايات المتحدة إلى الانضمام لما يسمى “منصة القرم” والمشاركة في قمتها الأولى في فصل الصيف، كما “ناشد دول الناتو تعزيز تواجدها العسكري في هذه المنطقة من أجل توفير فرصة للرد من خلال تبني الحلفاء خطوات مشتركة في البحر”.

كما أعرب زيلينسكي عن أمل كييف في أن تبدأ قمة الناتو بمناقشة إمكانية وضع خطة العمل الخاصة بمنح أوكرانيا العضوية في حلف شمالي الأطلسي، مضيفا: “نطلب من الولايات المتحدة المساعدة في إطلاق هذه العملية”.

وفي دجنبر2021 أعلن حلف الناتو، أنه مصمم على الاستمرار في التوسع شرقا ويرفض مطالب روسيا لاستبعاد انضمام أوكرانيا إليه.

وصرح الأمين العام لحلف شمال الأطلسي ينس ستولتنبرغ، أثناء مؤتمر صحفي عقده في بروكسل في أعقاب اجتماع بينه وبين الرئيس الأوكراني فلاديمير زيلينسكي: “يواصل الناتو عملية التوسع، وقد انضم إليه الجبل الأسود ومقدونيا الشمالية رغم احتجاجات روسيا”.

وشدد ستولتنبرغ على أن الناتو لن يقدم تنازلات إلى روسيا التي تطالبه بمراجعة الوعد الذي قدمه الحلف في قمته في العاصمة الرومانية بوخارست في أبريل 2008 بمنح أوكرانيا وجورجيا العضوية فيه مستقبلا، مبديا قناعته بأنه ليس لدى موسكو أي حق في اتخاذ قرارات بشأن انضمام دول ذات سيادة مثل أوكرانيا للحلف.

وقال: “أما بخصوص إمكانية الانضمام فتعود هذه المسألة فقط إلى دول الناتو الـ30 وأوكرانيا”.

وأشار الأمين العام للناتو إلى أهمية التعاون بين الحلف وأوكرانيا، وتابع: “لن نساوم على حق أوكرانيا في اختيار طريقها، ولن نساوم على حق الناتو في حماية جميع الحلفاء والدفاع عنهم، ولن نساوم على حقيقة أن لدى الناتو شراكة مع أوكرانيا”.

وقال ستولتنبرغ إن روسيا منذ بدء النزاع في جنوب شرقي أوكرانيا عام 2014 “دفعت كييف نحو الناتو واليوم تصعب الطريق لانضمامها إليه”.

وأقر الأمين العام بأن المفهوم الاستراتيجي الجديد الذي من المقرر أن يتبناه الناتو في قمته القادمة في مدريد في يونيو 2022 يخص الشراكة مع أوكرانيا، دون التطرق إلى إمكانية انضمامها له.

وأعرب ستولتنبرغ عن قناعته بأن الدعم العسكري الذي يقدمه حلف شمال الأطلسي إلى أوكرانيا لا يشكل خطرا على روسيا، مقرا في الوقت نفسه بأن دول الناتو تدرب القوات الأوكرانية وتقدم إليها دعما استشاريا وتصدر أسلحة ومعدات عسكرية إليها، بالإضافة إلى إجراء تدريبات مشتركة.

ويأتي ذلك في وقت سلمت فيه روسيا إلى الشركاء الغربيين حزمة من الاقتراحات الرامية إلى وضع نظام ضمانات أمنية تتيح خفض التوترات العسكرية في أوروبا.

وفي هذا الصدد، صرح الرئيس الأوكراني فلاديمير زيلينسكي بأنه لا يوجد حتى الآن موقف مشترك لدى أعضاء الناتو بشأن انضمام أوكرانيا إلى الحلف وتقديم المساعدة العسكرية إلى كييف.

وقال زيلينسكي في مؤتمر صحفي عقب اجتماع مع الأمين العام للحلف ينس ستولتنبرغ: “لا يوجد حتى الآن موقف مشترك لدى الدول الـ30 بشأن انضمام أوكرانيا إلى الناتو، لكن معظم الدول تدعمنا. كما لا يوجد موقف مشترك بين الدول فيما يتعلق بالمساعدة العسكرية”.

وكان البرلمان الأوكراني قام في دجنبر 2014 بتعديل قانونين متخليا بذلك عن القيود التي حتمت على البلاد البقاء خارج أي تكتلات. وفي فبراير 2019، اعتمد البرلمان الأوكراني تعديلات على الدستور، أكدت نهج البلاد نحو الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي.

وأصبحت أوكرانيا الدولة السادسة التي حصلت خلال 2020 على وضع “شريك للناتو في الإمكانات الموسعة”.

وقال الأمين العام السابق لحلف الناتو أندرس فوغ راسموسن في وقت سابق إن الانضمام إلى الحلف، سيتطلب من أوكرانيا استيفاء عدد من المعايير، ما قد يستغرق كثيرا من الوقت. ويرى بعض الخبراء أن كييف لن تكون قادرة على التقدم لعضوية الناتو خلال العشرين عاما المقبلة.

مع ذلك، جدد ستولتنبرغ تمسك الناتو بموقفه الداعم لعضوية أوكرانيا فيه، رافضا مطلب روسيا بتقديم ضمانات بشأن عدم توسع الحلف شرقا.

> إعداد: يوسف الخيدر

Related posts

Top