الكشف عن مقبرة جماعية في درعا وأنباء عن توجه دبابات لريف دمشق

العلاقات السورية التركية «مقطوعة» سياسيا ومستمرة دبلوماسيا
اكتشف سكان درعا أول أمس الاثنين مقبرة جماعية في المنطقة وأعلن عن قيام السلطات السورية بمجزرتين في ريفها فيما ناقش الرئيس السوري بشار الأسد مع وفد من أهالي درعا الأحداث التي شهدتها المدينة ومحافظتها. إلى ذلك ذكرت مصادر رسمية تركية لـ»الشرق الأوسط» أن الاتصالات مقطوعة على المستوى السياسي، مع دمشق لكنها مستمرة على المستوى الدبلوماسي، رغم الحديث الذي تردد عن إمكانية استدعاء السفير السوري لإبلاغه رفض «العنف المفرط».
وأشارت المصادر إلى أنه «لا قطيعة رسمية بين القيادتين، لكن ليس لدينا ما نقوله لهم بعد، فقد قلنا ما قلناه وننتظر الأفعال السورية لأننا سمعنا الكثير من الوعود». وتابع رئيس الوزراء التركي رجب طيب إردوغان توجيه الرسائل الحادة باتجاه سوريا، فأعرب في أحد لقاءاته الانتخابية أمس عن خشيته انقسام سوريا طائفيا إذا استمر التوتر القائم».
وقال إن «لدينا مخاوف من أن اشتباكات طائفية قد تنفجر في سوريا يمكن أن تقسم البلاد، ونحن لا نريد أن نرى مثل هذا الشيء». وقال أردوغان إن «آخر اتصال مع الرئيس السوري بشار الأسد كان منذ ما يقرب من 10 أيام».
في هذا الوقت، تحدثت مصادر رسمية عن مقتل عنصرين من الجيش في تلكلخ المجاورة لحمص. وقال رئيس المنظمة الوطنية لحقوق الإنسان عمار قربي لوكالة الأنباء الفرنسية «اكتشف الأهالي صباح أول أمس وجود مقبرة جماعية في درعا البلد» الواقعة في الجنوب والتي منها انطلقت موجة الاحتجاجات غير المسبوقة التي تشهدها البلاد ضد النظام السوري.
وأضاف قربي أن السلطات السورية «سارعت إلى تطويق المكان ومنع الناس من اخذ الجثث بعد وعدهم بتسليم عدد منها». وأعلنت المنظمة في بيان أصدرته الاثنين نقلا عن بعض السكان في بلدتي انخل وجاسم المجاورتين لدرعا أن «السلطات السورية نفذت مجزرتين مروعتين بحق السكان هناك».
وأورد البيان لائحة بأسماء 13 قتيلا في جاسم و21 قتيلا في انخل، قالت إنهم قتلوا «خلال الخمسة أيام السابقة». وأعربت المنظمة عن تخوفها «من وجود عشرات آخرين لا زالت جثامينهم منتشرة في حقول القمح وبين الأشجار حيث حتى الآن لم يستطع الأهالي الوصول إليهم بسبب التطويق الأمني للمنطقة وانتشار القناصة في المكان».
وحمل البيان السلطات السورية «المسؤولية الكاملة عن الجرائم المقترفة بحق الشعب السوري الأعزل»، مطالبا المجتمع الدولي ومنظمات المجتمع المدني في العالم «بالضغط على السلطات السورية التي لا تزال تمعن باستخدام أسلوب القمع الوحشي تجاه مواطنيها».
من جهة ثانية أكدت مصادر محلية توجه نحو 50 دبابة إلى بلدة مضايا ريف دمشق. وقالت إن الدبابات تمركزت في الساحة الرئيسية، وعبرت عن خشيتها من تكرار سيناريو تلكلخ.
يأتي ذلك فيما التقى الرئيس السوري وفدا من أهالي محافظة درعا وتناول اللقاء «الأحداث التي شهدتها درعا والأجواء الايجابية السائدة حاليا هناك نتيجة للتعاون بين الأهالي والجيش والخطوات الإصلاحية الجارية في البلاد وآفاقها» بحسب ما نقلت وكالة الأنباء السورية الرسمية.
وأضافت الوكالة أن أعضاء الوفد أعربوا عن «تقديرهم لتضحيات الجيش والجهود التي قام بها بالتعاون مع الأهالي والسلطات المحلية لتأمين مستلزمات الحياة اليومية وحاجات الناس خلال هذه الفترة وإعادة الأمن والأمان إلى درعا».
وفي مدينة تلكلخ القريبة من حمص، أفاد شاهد عيان لوكالة الأنباء الفرنسية عبر الهاتف أن «الدبابات تقصف البيوت السكنية باتجاه حي الأكراد» كما أشار إلى «إطلاق الأعيرة النارية الرشاشة» التي سمع دويها عبر الهاتف.
وأضاف «لا يمكن لأحد الخروج وإسعاف الجرحى الذين سقطوا»، معبرا عن خشيته «من أن يفارقوا الحياة». كما أشار إلى وجود «جثث في براد مشرحة المشفى منذ ثلاثة أيام لم يتمكن أهلهم من دفنهم» من دون أن يتمكن من تحديد عددهم.
وأضاف الشاهد أن «الجيش يحاصر مدينة تلكلخ حيث تجري حملات مداهمة واعتقالات». ولفت إلى «انتشار الدبابات إمام الفرن الآلي الذي تعطل عن العمل منذ ثلاثة أيام وأمام جامع عثمان بن عفان في حي البرج».
وذكر أن السلطات «أوقفت حافلة تقل مسنين ونساء كانت متجهة إلى قرية الزارة الحدودية وأنزلت الركاب وأوقفت الرجال الذين عمدت إلى دهسهم بالأرجل أمام النساء فيما أخلت سبل النساء اللواتي غادرن إلى قرية الزارة».
وبدت المدينة خالية من سكانها الذين يعانون من نقص في المواد التموينية والحليب والخبز كما أغلقت المحال التجارية وقطعت المياه والاتصالات عنها، بحسب الشاهد. وأكد الناشط «سماع دوي أعيرة نارية وإطلاق قذائف الاثنين في منطقة جبل العريضة المتاخمة لتلكلخ» بعد اقتحام القوات السورية.
من جهتها، نقلت وكالة الأنباء الرسمية عن مصدر عسكري مسؤول أن مواجهات بين الجيش و»عناصر إجرامية مسلحة» في تلكلخ أسفرت عن «وقوع شهيدين وأحد عشر جريحا من وحدات الجيش والقوى الأمنية بينما سقط عدد من المسلحين المجرمين بين قتيل وجريح».
وأضاف المصدر «تم إلقاء القبض على عدد كبير من المطلوبين الملاحقين بأحكام قضائية سابقة والاستيلاء على كمية كبيرة من الأسلحة والذخائر والقناصات». وأوضح المصدر أن «عناصر إجرامية مسلحة امتهنت التهريب والقتل اعتدت أمس الأحد على المواطنين الآمنين وهاجمت بعض مخافر حرس الحدود وخربت الممتلكات العامة وأقامت الحواجز في منطقة العريضة بتلكلخ وروعت السكان والأهالي ما استدعى تدخل الجيش والتصدي لها».
وكانت وكالة سانا أفادت في وقت سابق انه تم الاثنين تشييع جثامين 3 قتلى من الجيش قتلوا في منطقة تلكلخ بحمص الأحد. كما شيعت محافظة القنيطرة «أربعة قتلى قتلوا بإطلاق الجيش الإسرائيلي الرصاص الحي عليهم خلال إحياء ذكرى النكبة يوم أمس في موقع عين التينة ومجدل شمس» بحسب سانا.
وأوردت الوكالة الأحد أن «الجيش الإسرائيلي أطلق الرصاص الحي على المتظاهرين المدنيين السوريين ما أدى إلى استشهاد أربعة وإصابة نحو 209 بجروح» في منطقتي عين التينة بمحافظة القنيطرة (67 كلم جنوب غرب دمشق) ومجدل شمس في هضبة الجولان.
وفي بانياس (غرب)، أشار ناشط إلى «وجود نقص في المواد الغذائية في المدينة الساحلية وبخاصة في مادة الخبز والأدوية»، لافتا إلى «إغلاق معظم المحال التجارية». وتابع أن «عناصر الجيش تمنع التنقل بين الأحياء».
ومنذ دخول الجيش إلى المدينة في 25 ابريل «تم اعتقال الآلاف ولم يتم الإفراج إلا عن نحو 300 شخص»، بحسب الناشط الذي أشار إلى اعتقال «الأطباء الذين قاموا بعلاج الجرحى في المشفى». وأفاد أن «الإعلان عن انسحاب الجيش من المدينة ليس إلا كذبة كبيرة» معتبرا أن «السلطات نصبت فخا تريد من خلاله الإيقاع بالمتوارين للامساك بهم عند خروجهم». ورحبت باريس أول أمس الاثنين بالإفراج عن رياض سيف ودعت دمشق إلى الإفراج عن جميع السجناء السياسيين. وقال المتحدث باسم الخارجية الفرنسية برنار فاليرو إن «فرنسا تدين استمرار العنف في سوريا(…) واستمرار الاعتقالات التعسفية وترهيب ناشطي حقوق الإنسان وعائلاتهم».
من جهتها، أعلنت منظمة هيومن رايتس ووتش للدفاع عن حقوق الإنسان أن النظام السوري بات يلاحق أقارب المعارضين السياسيين والناشطين الحقوقيين. واعتبرت إن «حال الطوارئ ربما رفعت رسميا إلا أن القمع لا يزال السائد في شوارع سوريا».

Top