أكد رئيس الوزراء المستقيل الدكتور سلام فياض استحالة تحقيق السلام إذا ما واصل الإسرائيليون النظر لأنفسهم كأسياد والفلسطينيين كعبيد، وقال «السلام لا يمكن أن يتحقق بين سادة وعبيد»، مطالبا المجتمع الدولي بالتدخل الفاعل لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967 وتمكين الشعب الفلسطيني من نيل حريته واستقلاله.
وأشار فياض إلى المآسي التي لحقت بالشعب الفلسطيني جراء تشريده من وطنه من اجل إقامة إسرائيل، وقال خلال حديثه الإذاعي الأسبوعي الأربعاء: «طوى شعبنا قبل أيام، ثلاثة وستين عاماً على مأساة تشريده من وطنه وتهجيره في منافي الشتات ودول اللجوء، إن حلول ذكرى النكبة إذ يذكرنا بمعاناة التشرد ومحاولات تذويب وطمس الهوية الفلسطينية، إلا أنه وفي الوقت ذاته يُشكل محطةً هامة لتعزيز الالتفاف حول البرنامج الوطني لمنظمة التحرير الفلسطينية، والهادف إلى إنهاء الاحتلال وتمكين شعبنا من تقرير مصيره وإقامة دولته المستقلة على كامل أرضنا الفلسطينية التي احتُلت عام 1967 في قطاع غزة، والضفة الغربية، وفي القلب منها في القدس، العاصمة الأبدية لهذه الدولة».
وأكد فياض أن ذكرى النكبة التي صادفت الأحد الماضي تُشكل بالنسبة للفلسطينيين مناسبةً يُجدد فيها الشعب إصراره على الصمود والتمسك بحقوقه كافة، وفي مقدمتها حقه في العودة وتقرير المصير وإقامة الدولة، وقال: «فنحن لا نتكئ على مصائبنا بالرغم من كل ما تحمله من ألم ومعاناة، وطريقنا لم تكن يوماً مفروشةً بالورود، وما تجاوزناه من صعاب منذ النكبة وسنوات التشرد، لم يزدنا إلا صموداً وإصراراً على إيصال مشروعنا الوطني إلى نهايته الحتمية والمتمثلة أساساً في إنهاء الاحتلال وتمكين شعبنا من نيل حريته واستقلاله».
وأضاف: «فقد نهض شعبنا من حطام هذه المأساة موحداً لصون هويته الوطنية وتعميقها، ومصراً بعناد على إنجاز حقوقه المشروعة كما عرفتها الشرعية الدولية»، متابعا: «فها نحن، نحيي ذكرى النكبة، وقد استكملنا جاهزيتنا الوطنية لإقامة الدولة، الأمر الذي سيعززه التنفيذ السريع لاتفاق المصالحة، وبما يضمن الإسراع في تجسيد وحدة الوطن، والتقدم نحو إقامة دولة فلسطين دولةً لكل أبنائها، كما حلُم بها الزعيم الراحل أبو عمار، وشاعرنا الكبير محمود درويش في وثيقة إعلان الاستقلال».
وحول إحياء فعاليات ذكرى النكبة، أكد فياض إنه يؤكد تجذر الإرادة الجماعية للشعب الفلسطيني وإصراره على مواصلة كفاحه المشروع لنيل حقوقه الوطنية تحت راية منظمة التحرير الفلسطينية، الممثل الشرعي والوحيد للفلسطينيين، والتي حولت مأساة المعاناة واللجوء إلى عنوان للكفاح الوطني. وقال: «في هذه المناسبة فإنني أحيي كافة أبناء شعبنا في مخيمات الشتات واللجوء، وأترحم على الشهداء الذين سقطوا خلال إحياء فعاليات ذكرى النكبة من أجل حرية شعبنا وحقوقه المشروعة، وأتمنى الشفاء العاجل لكافة الجرحى، وأقول لهم لن تتمكن النكبة وما ولدته من معاناة من كسر إرادة شعبنا أو طمس هويته الوطنية، وسيبقى شعبنا دوماً موحداً في التفافه حول خطة السلطة الوطنية لترسيخ الحقائق الايجابية على الأرض وصولا إلى إقامة دولة فلسطين المستقلة كاملة السيادة على كامل أرضنا المحتلة منذ عام 1967».
وأشار فياض إلى الجهود التي انصبت خلال الأعوام الماضية لاستكمال وتعزيز الجاهزية الوطنية وتقوية مؤسسات السلطة الوطنية، وقال: «وبإقرار العالم بتحقيق هذه الجاهزية، يبقى العائقُ الوحيد الماثل أمامنا الآن هو الاحتلال الإسرائيلي، الأمر الذي يستدعي التدخل الفاعل من المجتمع الدولي لضمان إنهاء الاحتلال عن كامل أرضنا المحتلة، وتمكين شعبنا من تقرير مصيره وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية» وتابع: «فعلى الرغم من معاناة النكبة والظلم التاريخي الذي لحق بشعبنا، إلا أن رغبته في تحقيق السلام العادل لم تتراجع ولن تتراجع، وكما قال شاعرنا الكبير محمود درويش في رسالته للعالم قبل عشرة أعوام، إن أيدينا الجريحة ما زالت قادرةً على حمل غصن الزيتون اليابس، من بين أنقاض الأشجار التي يغتالها الاحتلال، إذا بلغ الإسرائيليون سن الرشد، واعترفوا بحقوقنا الوطنية المشروعة، كما عرفتها الشرعية الدولية، وفي مقدمتها حق العودة والانسحاب الكامل من الأراضي الفلسطينية المحتلة في العام 1967، وبحق تقرير المصير في دولة مستقلة ذات سيادة، وعاصمتها القدس، فالسلام لا يمكن أن يتحقق بين سادة وعبيد..»
واستذكر فياض الأوائل من قادة ومفكري الشعب الفلسطيني الذين أسهموا في حماية الذاكرة والهوية، وقال: «وإذ نحيي هذه الذكرى فإننا نقف بكل الإجلال والوفاء للأوائل من قادة ومفكري شعبنا الذين أسهموا في حماية الذاكرة والهوية وزرعوا بذور انتصار المشروع الوطني وجذّروا الوعي بحقوق شعبنا الوطنية، نتذكر محمود درويش، وأبو سلمى، وإميل توما، وإميل حبيبي، وتوفيق طوبي، وتوفيق زياد، وجورج كتن ومصطفى الدباغ وعبد الوهاب الكيالي وعبد الرحيم محمود، وخليل السكاكيني وعارف العارف وادوارد سعيد وإبراهيم أبو لغد، ومي زيادة».
كما استذكر عبد القادرة الحسيني وعز الدين القسام وإبراهيم طوقان، والثلاثية الحمراء ورموزها محمد جمجوم وفؤاد حجازي وعطا الزير، واستذكر أيضاّ معين بسيسو وغسان كنفاني، وإسماعيل شموط، وفدوى طوقان، ومحمد البطراوي، وقال: «نتذكر القادة الشهداء وفي مقدمتهم الرئيس الخالد أبو عمار ونقف إجلالاً لأرواحهم وأرواح كل الشهداء الذين حملوا قضية شعبنا وذاكرته بأرواحنا، لهم الخلود جميعا كما ونقف باعتزاز أمام تضامن ومساندة الملايين من شعوب الأرض مع شعبنا وحقوقه وعدالة قضيته».
وفي نهاية حديثه الإذاعي قال فياض: «لا يسعني إلا أن أتوجه بكل الإجلال والإكبار أمام أسرى الحرية، وفي مقدمتهم الأسيرات والأشبال، وأؤكد لهم أن حريتهم هي جزء لا يتجزأ من حرية الشعب والوطن». وتابع: «كما وأقف بكل تقدير أمام الجدات وكهول شعبنا في مخيمات اللجوء في الوطن والشتات الذين ما زالوا يحكون الرواية، ويزرعون الأمل، لهؤلاء جميعاً، ولكل من غرس زيتونة أو وضع غرزة في مطرزة تراثية نقول إن الوفاء لمعاناة اللاجئين وحقوقهم بالنسبة لنا الآن يعني تعزيز الصمود والبقاء في مواجهة التشريد والاقتلاع، ويعني لنا مواصلة الكفاح لإنهاء الاحتلال، وتحقيق الاستقلال، وضمان الوصول إلى حلٍ عادل لقضية اللاجئين وفقاً للشرعية والقانون الدوليين، وخاصة القرار الأممي 194. فطريق العودة هو طريق الصمود وترسيخ الهوية».