ملفات لا يجب أن تنسى

الجدل الذي أحاط بموقف المغرب من المشاركة في المسيرة الجمهورية بباريس ضد الإرهاب، وأيضا كثير كلام صدر عن بعض الطارئين كان مفتقدا للمعنى، يجعل المرء يتخيل كما لو أن كل مشاكل المملكة وتحدياتها صارت مجسدة فقط في ذهاب وزير الخارجية إلى المسيرة أو اكتفائه بتقديم التعازي إلى رئيس الجمهورية بالاليزيه.
لحد الآن، لا زالت الكتابات حول الموضوع متواصلة، وأيضا التوقعات والتنجيمات، تماما كما يحدث مع موضوع العلاقات المغربية المصرية، وبعض المنظرين يقدمون تخريجات غريبة فعلا، وينسون أن الدبلوماسية هي أيضا مصالح، وكل بلد يحق له الدفاع عن مصلحته الخاصة أولا، ويمكن أحيانا أن يتم تبادل الرسائل الواضحة والخفية عبر مواقف أو من خلال حضور أو غياب، وكل هذا ليس عيبا ولا جديدا.
وعلى كل حال، فالعقل يحثنا اليوم على الانتباه إلى أن قضايا وملفات وطنية جوهرية خفت الاهتمام بها داخليا، وهي تستوجب الانكباب الجدي لمعالجتها.
التعليم أولوية وطنية، وما يعانيه من اختلالي إستراتيجية تهدد مستقبل شبابنا وبلادنا، يتطلب اليوم تجديد التعبئة لإعمال إصلاح حقيقي وشمولي ومستعجل لكامل منظومة التربية والتكوين.
التشغيل يعتبر هو أيضا هاجس كل الأسر المغربية بمختلف جهات البلاد، ونفس الشيء بالنسبة لتحسين الخدمات الصحية وتوفير البنيات الاستشفائية والعلاجات والأدوية وتوسيع التغطية الصحية والاجتماعية، علاوة على السكن، وهي ملفات ثلاثة يرتبط بها مطلب شعبي واسع وملح.
ثم هناك إصلاح أنظمة التقاعد وصندوق المقاصة والإصلاح الجبائي، وهي إصلاحات اقتصادية واجتماعية حاسمة بالنسبة للأوضاع الاجتماعية لشعبنا ولمستقبل البلاد.
نستحضر هنا أيضا موضوع إنتاج الثروة وتوزيعها وواقع العدالة الاجتماعية، وكذلك إصلاح الدولة وتطبيق الجهوية، وإصلاح القضاء والإدارة…، وهي كلها قضايا وطنية تراكمت بشأنها الاختلالات طيلة عقود، وتحتاج اليوم إلى حلول مستعجلة.
نعتقد أن الطبقة السياسية والنخب الإعلامية والاقتصادية مطالبة بتثبيت الاهتمام الوطني أكثر حول هذه الملفات الوطنية ذات الأولوية بالنسبة لشعبنا ومستقبل بلادنا.
رئيس الحكومة قال أمام البرلمان بأن الفساد يحاربه، وبأن الحكومة لم تتقدم من جهتها كثيرا في محاربة الفساد، وهذا يعني أن الإصلاحات الجوهرية وذات الأولوية بالنسبة لشعبنا تقف ضدها لوبيات الفساد والريع، ولا تتركها تنجح أو تؤتي مفعولها لأن ذلك سيمنعها هي من امتيازاتها الريعية، وهذا وحده ورش يفرض على كل غيور على المغرب أن ينخرط في مساره ويعمل من أجل إنجاحه.
ورش محاربة الفساد وتقوية مقتضيات دولة القانون، سياسيا واقتصاديا، هو أيضا من ضمن أهم الملفات الوطنية الأساسية التي لا يجب أن تنسى، إلى جانب الوارد أعلاه.

[email protected]

Top