قالت وكالة “فيتش رايتينغ” للتصنيف الائتماني للدول، إن قرار تعويم صرف الدرهم المغربي لن يتم التراجع عنه من قبل الحكومة المغربية.
وعزت الوكالة، في تقرير أصدرته في الموضوع، إرجاء القرار إلى انخفاض الاحتياطي الأجنبي لدى بنك المغرب، خاصة وأن هناك انخفاضا في تغطية الاحتياطي للواردات من السلع والخدمات.
كما أشار التقرير للتدابير الاحترازية التي يتخذها المغاربة، ممن يتداولون العملات الأجنبية في معاملاتهم التجارية، وتأثير قرار التعويم على حجم التبادلات.
ولاحظت الوكالة أن المغرب لن يكرر التجربة السلبية لمصر التي عومت عملتها الوطنية “الجنيه” بشكل كامل وفجائي، مما عرض العملة إلى سلسلة من الانهيارات تسببت في تدهور القدرة الشرائية للمواطنين المصريين بشكل كبير.
وعزا التقرير حاجة المغرب لتحرير صرف الدرهم، إلى انخفاض ميزان المدفوعات، وأيضا إلى ارتفاع تمويلات القروض الأجنبية للحكومة خلال الأشهر السبعة الأولى من 2017، هذا بالإضافة إلى ارتفاع فاتورة الدعم المخصص للمحروقات.. كل ذلك في ظل عجز في الميزان التجاري ارتفع بنهاية غشت الماضي بـ 4 % ليبلغ نحو 127.2 مليار درهم.
ولم يفت وكالة “فيتش” الإشارة إلى إيجابيات تحرير سعر صرف العملة الوطنية، وذكرت من بينها المنافسة الخارجية والقدرة على استيعاب الصدمات الاقتصادية الخارجية، وزيادة فرص بنك المغرب لتوجيه السياسة النقدية نحو استهداف التضخم.
وأشارت “فيتش”، أن السلطات المالية المغربية تستهدف توسيع نطاق تحرير صرف الدرهم بهوامش تتراوح معدلاتها صعودا وهبوطا ما بين 2.5 ٪ و0.3 ٪، لافتة إلى أن التعويم سيتم تطبيقه تدريجيا ضمن خطة طويلة الأجل حددها والي بنك المغرب في 15 سنة.
يذكر أن سعر صرف الدرهم المغربي يرتبط حاليا بقيمة الدولار في حدود 40 %، واليورو في حدود 60 %. غير أن أحمد لحليمي، المندوب السامي للتخطيط، كان قد أرجع أسباب تراجع الحكومة عن تطبيق التعويم الجزئي لسعر صرف الدرهم إلى عوامل ذات صلة باحتمال وجود تهديدات للمالية العمومية، والتي تمثلت في ارتفاع حدة مضاربات المهنيين والوسطاء والمتحكمين في السوق السوداء للصرف. وعبر لحليمي، الذي كان يتحدث في مؤتمر صحافي بالدار البيضاء خصصه لاستعراض توقعات الأداء العام للاقتصاد المغربي، عن ثقته في السلطات الحكومية والمالية والخزينة العامة والبنك المركزي (بنك المغرب) بشأن الإجراءات التي سيتم اعتمادها في مسلسل التحرير الجزئي والمتدرج لسعر الدرهم.
أما عبد اللطيف الجواهري، والي البنك المركزي، فاعتبر أن المغرب في حاجة إلى الشروع في إصلاح سعر صرف الدرهم لدعم الإصلاح الاقتصادي. وقال، في ندوة صحافية عقدها الثلاثاء بالرباط، إن اعتماد تحرير سعر صرف الدرهم إصلاح ضروري للبلاد، باعتباره سيساعد المغرب على الإقلاع الاقتصادي والوقاية من الصدمات الخارجية، منبها إلى عدم تضييع المزيد من الوقت بسبب الصعوبات التي يمكن أن تطرح في حالة التأخر في إصلاح القطاع المالي.
وأعاد الجواهري التأكيد على أن المغرب يمكنه اعتماد تحرير سعر الدرهم لأنه في وضعية اقتصادية مستقرة وعادية، عكس بعض الدول التي اعتمدت القرار في ظل الأزمة المالية وتضررت بفعل انخفاض قيمة العملة، في إشارة إلى حالة مصر. واعتبر الجواهري أن شراء العملة من أجل عمليات الاستيراد لا مشكلة فيها، لكن المعاملات التي تخالف القانون لا يجب أن تتم.
عبد الحق ديلالي