تسابق أجهزة الدولة بكل أصنافها ورتبها، الزمن من أجل محاصرة انتشار وباء كورونا المستجد، سباق محموم من أجل ربح هذه المعركة، عن طريق الصمود والتضامن، والثقة في المؤسسات، وتجنيد كافة الإمكانيات.
والمؤكد أن الأساسي في هذه المعركة الضارية ينطلق من إيجاد السبل الكفيلة والناجعة قصد محاصرة الوباء ومعالجة المصابين، وهذا يتطلب بطبيعة الحال تسخير إمكانيات مهمة مالية وطبية ولوجستيكية، إلا أن التفاصيل اليومية لهذه المعركة، أظهرت أن هناك جوانب أخرى وجدت أجهزة الدولة نفسها مجبرة على مواجهتها ومعالجتها، نظرا لتأثيرها الحاسم على نسبة النجاح والإخفاق.
جوانب أخرى مؤثرة مرتبطة أيضا بسلوك المواطن الذي يبقى في بعض الحالات غير مساعد بإظهار عدم الانضباط وتصرفات متهورة، أو تعمد خلط الأوراق بنشر أخبار وترويج صور وفيديوهات غير صحيحة، دون أن نستثني استغلال الظرف الطارئ من طرف جهات معينة، سعيا وراء تحقيق مكاسب، إما سياسية أو تجارية أو دعائية أو غيرها.
فمنذ الأيام الأولى للحملة وجدت الجهات الأمنية نفسها مجبرة على متابعة مروجي أخبار كاذبة ووهمية منسوبة لجهات رسمية حول الوباء، عن طريق مواقع التواصل الاجتماعي، مما ساهم في تنامي الأخبار التضليلية والزائفة والمنسوبة إلى مؤسسات رسمية، لتضطر السلطات المختصة إلى اتخاذ تدابير قانونية، بعد تحديد هويات الأشخاص المتورطين.
فمسؤولية حماية المواطن تجاوزت حدود محاربة الوباء، لتمتد إلى مهام أخرى تدخل في صميم هذه الحماية، أولا من المواطن نفسه، وثانيا من محيطه، سواء من حيث ترويج الأخبار المفبركة أو فيما يتعلق بالمضاربة والزيادة في أسعار المواد الغذائية والسلع الأساسية، وعدم إشهار الأثمان الخاصة بالمواد الغذائية، أو ما يرتبط بمواجهة تجار الدين الذين يستغلون حاجة الناس من أجل خدمة أجندة خاصة.
كما أن أجهزة الدولة وجدت نفسها خلال الأيام الأولى مطالبة بمعالجة عملية التحريض على العصيان، وعدم الامتثال للأوامر التي تفرضها حالة الطوارئ الصحية، عبر جل المدن المغربية، مما شكل تهديدا صريحا للأمن العام، أضف إلى ذلك عدم انضباط المواطن العادي فيما يخص احترام الحجر الصحي والبقاء بالمنازل، قصد تسهيل العمل والحد من بؤر الانتشار والانتقال المحتمل للعدوى.
إنها مهام تبقى استعجالية، وتزيد من متاعب أجهزة الدولة من أمن ودرك وجيش وسلطات محلية وأعوان وعمالات وأقاليم وقيادات، وأطقم طبية وتمريضية، إنه استنزاف حقيقي يمكن أن يؤثر على المهام الأساسية المتمثلة في مواجهة الوباء والحد من انتشاره.
وعليه، فإن مسؤولية المواطن أساسية قصد مساعدة أجهزة الدولة لربح المعركة الكبرى، ألا وهي معالجة آخر حالة من حالات الإصابة بالفيروس على الصعيد الوطني.
محمد الروحلي