تعميم الحماية الاجتماعية ضرورة ملحة لابديل عنها 

مع اجتياح فيروس كورونا، احتل موضوعا الحماية الصحية والاجتماعية مكان الصدارة. وأصبح الجميع مقتنعا بأهمية أبعادهما الصحية والاجتماعية والاقتصادية. وبالرجوع إلى قانون الشغل وقوانين الحماية الاجتماعية، نجد العديد من الاتفاقيات والقوانين التي تنظم هذين المجالين، ومنها الاتفاقية الدولية رقم 187 في شأن إستراتيجية السلامة والصحة المهنيتين الصادرة في 31 ماي 2006 والتي صادق عليها المغرب بظهير 1-13 – 59 بتاريخ 17-06 -2013. 

والاتفاقية الدولية رقم 102 في شأن المعايير الدنيا للضمان الاجتماعي الصادرة في 4 يونيو 1952 والتي صادق عليها المغرب بظهير 1-13- 28 بتاريخ 13 مارس 2013، والمتضمنة في اتفاق 26 أبريل 2011 الموقع بين الحكومة والنقابات وأرباب العمل، علما أن الحكومة لم تقم بوضع وثائق التصديق لدى منطمة العمل الدولية إلا خلال انعقاد مؤتمرها الأخير بتاريخ 14 – 06- 2019.

وقد نص دستور فاتح يوليوز 2011 في تصديره على: “جعل الاتفاقيات الدولية، كما صادق عليها المغرب، وفي نطاق أحكام الدستور، قوانين المملكة وهويتها الوطنية الراسخة، تسمو، فور نشرها، على التشريعات الوطنية، والعمل على ملاءمة هذه التشريعات، مع ما تتطلبه تلك المصادقة”.

كما نص في بداية الفصل 31 منه على:

“تعمل الدولة والمؤسسات العمومية والجماعات على تعبئة كل الوسائل المتاحة، لنشر أسباب استفادة المواطنات والمواطنين على قدم المساواة، من الحق في:

–  العلاج والعناية الصحية؛

– الحماية الاجتماعية والتغطية الصحية والتضامن التعاضدي أو المنظم من لدن الدولة”.

وبالنسبة لقانون الشغل في ما يخص حماية صحة الأجراء، فمنذ بداية الاستقلال، صدر ظهير 8 يوليوز 1957 بشأن تنظيم المصالح الطبية للشغل.

وعند التوافق على مدونة الشغل تم إحداث باب خاص بحفظ صحة الأجراء وسلامتهم بدء من المادة 281 إلى المادة 344 تضمن ما يجب القيام به لهذه الغاية بما فيها إحداث المصالح الطبية للشغل بكل مقاولة تشغل أزيد من خمسين أجيرا، وبشكل مشترك بالنسبة للمقاولات التي تشغل عددا أقل من خمسين أجيرا، أو التي تصنع مواد تضر بصحة العمال. وإحداث لجان الصحة والسلامة بالنسبة للمقاولات التي تشغل أكثر من خمسين أجيرا، إحداث مجلس طب الشغل والوقاية من المخاطر المهنية المتكون من ممثلين عن الحكومة والنقابات وأرباب العمل. يضاف إلى ذلك مواد المدونة ذات العلاقة بالموضوع وبالأخص التي تعني الأعوان المكلفين بتفتيش الشغل لكونهم معنيين بالسهر على تطبيق القانون.

–  وعلى إثر أحداث معمل روزامور بالدار البيضاء سنة 2004 تم إحداث المعهد الوطني لظروف الحياة المهنية بالعمل بتعليمات ملكية.

– وبالنسبة للحماية الاجتماعية فقد تم إصدار العديد من القوانين والآليات التي تنظم هذا المجال ومنها: 

*  الظهير الشريف بمثابة قانون رقم 184-72-1 الصادر في 27 يوليوز 1972 حول نظام الضمان الاجتماعي.

*  القانون 65-00 بمثابة مدونة التغطية الصحية الصادر بتاريخ 3 دجنبر 2002.

*  القانون 12- 18 المتعلق بالتعويض عن حوادث الشغل الصادر بتاريخ 29 دجنبر 2014.

*  القانون رقم 14-03 المتعلق بالتعويض عن فقدان الشغل الصادر في 11 نونبر 2014 والذي يحتاج إلى مراجعة شاملة.

*  القانون 15- 98 المتعلق بنطام التأمين الإجباري الأساسي عن المرض الخاص بفئات المهنيين والعمال المستقلين والأشخاص غير الأجراء الذين يزاولون نشاطا خاصا الصادر بتاريخ 23 يونيو 2017.

*  القانون 15-99 المتعلق بإحداث نظام المعاشات لفائدة فئات المهنيين والعمال المستقلين والأشخاص غير الأجراء الذين يزاولون نشاطا خاصا الصادر في 5 ديسمبر 2017.

*  المرسوم رقم 763-19-2 الصادر في 3 أكتوبر 2019 المتعلق بتطبيق القانون 15- 98 و القانون 15- 99.

*  المرسوم رقم 2- 19-719 بتاريخ 3 أكتوبر 2019 بشأن القابلات ومهنيي الصحة.

*  المرسوم رقم 2-1-769 بتاريخ 3 أكتوبر 2019 بشأن العدول. 

ولكون موضوعنا يتعلق بتعميم الحماية لن نتناول ما يتعلق بالقطاع العام الذي يحتاج إلى مراجعة جذرية وإلى الانسجام.

– ومن خلال استعراضنا لهذه القوانين يتبين أن هناك مجهودا في إصدار القوانين، غير أن هناك نقصا كبيرا فيما يتعلق بالتطبيق ويتمثل ذلك بالأخص في: 

*  عدم تعميم التصريحات في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي على جميع الأجراء حيث يصل عدد الأجراء المصرح بهم إلى 3.250.000 وهناك نسبة كبيرة من الأجراء غير مصرح بهم جلهم ينتمون إلى قطاع الفلاحة والبناء والنقل بمختلف مكوناته، وعمال المقاهي والمطاعم وغيرها، يضاف إلى ذلك أن جل التصريحات غير سليمة.

*  عدم الإسراع بتمديد التغطية الصحية والتقاعد على المهنيين غير الأجراء والعاملين لحسابهم الخاص حيث يلاحظ أن هذه العملية تسير ببطء وبالأخص في القطاعات الواسعة التي يوجد فيها عدد كبير من المهنيين وحتى بالنسبة لما تم القيام به في شأن القوابل والعدول. حيث تم إصدار المرسومين الخاصين بهاتين الفئتين. إلا أن عدد الذين استجابوا من العدول لم يتجاوز 153 من أصل 2200، في حين لم تتم الاستجابة بالنسبة للقابلات.

*  عدم تعميم المساعدة الطبية (راميد) على المستحقين حيث تبين بعد اجتياج جائحة كورونا، أن نسبة كبيرة من المواطنين لا يتوفرون على البطاقات التي تخول لهم الاستفادة من هذا الحق. 

وحسب الإحصائيات الصادرة عن المندوبية السامية للتخطيط لسنة 2019 فإن عدد السكان النشيطين هو 10.975.000 وعدد الأجراء منهم هو 5.499.000 بنسبة 50.1 بالمائة وعدد المهنيين غير الأجراء هو 5.476.000 بنسبة 49.9 بالمائة. وبذلك يتبين حجم الاختلالات سواء بالنسبة للأجراء أو بالنسبة للمهنيين العاملين لحسابهم الخاص.

وكان من الممكن لو تم تعميم التصريحات في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي على جميع الأجراء وتمديد التغطية الصحية والتقاعد على المهنيين غير الأجراء والعاملين لحسابهم الخاص أن يساعد ذلك في الإسراع بتعميم الاستفادة من نظام الحماية الصحية (الراميد) على جميع المستحقين دون صعوبة مما يتطلب متابعة الخطوات قصد تمتيعهم بالحماية الاجتماعية، وهو ما يستدعي ضرورة التوحيد والتكامل بين جميع أنظمة الحماية الاجتماعية في أفق بداية العمل بالسجل الاجتماعي المشترك.

ومن هنا تأتي أهمية الصندوق الخاص الذي أحدث بتعليمات ملكية لتدارك الاختلالات التي يعرفها هذا المجال في هذه الظرفية الدقيقة في انتظار الإسراع بالعمل من أجل تطبيق القانون بما يحمي حقوق الجميع.

بقلم: عبد الرحيم الرماح

Related posts

Top