توصلت ألمانيا الساعية لتنويع مصادرها من الطاقة إلى اتفاقية مهمة مع الإمارات الغنية بالنفط والغاز الأحد، تنص على تزويد البلد الخليجي الدولة الأوروبية بالغاز المسال والديزل في 2022 و2023، وذلك خلال زيارة للمستشار اولاف شولتس إلى أبوظبي.
وشهد الرئيس الإماراتي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان وشولتس مراسم توقيع الاتفاقية التي تنم عن “شراكة استراتيجية جديدة في مجال تسريع أمن الطاقة والنمو الصناعي”، حسبما أفادت وكالة الأنباء الإماراتية الحكومية في بيان.
وزار شولتس السعودية الجمعة حيث التقى ولي العهد السعودي الأمير محمد سلمان، ثم الإمارات، وذلك ضمن جولة خليجية محورها موضوع الطاقة.
وبعد الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون ورئيس الوزراء البريطاني السابق بوريس جونسون، يسابق شولتس الزمن لإيجاد موردين جدد للتعويض عن شحنات الغاز الروسي التي ستنفد قريبا فيما تستعد أوروبا لمواجهة شتاء صعب وسط نقص في الإمدادات.
وبموجب الاتفاقية، أبرمت شركة بترول أبوظبي الوطنية “أدنوك” عقدا لتوريد الغاز الطبيعي المسال لشركة “آر دبليو إي ايه جي” الألمانية، تقوم بموجبها الشركة الإماراتية بتصدير أول شحنة غاز طبيعي مسال إلى ألمانيا وتسليمها في أواخر عام 2022 لاستخدامها في التشغيل التجريبي لمحطة استيراد الغاز الطبيعي العائمة في مدينة برونسبوتل الألمانية.
كما خصصت “أدنوك” وفقا للاتفاقية شحنات إضافية من الغاز الطبيعي المسال لزبائنها في ألمانيا سيتم تسليمها في عام 2023.
وأعلنت الوكالة إكمال “أدنوك” أول عملية تسليم مباشر لشحنة من الديزل من إنتاجها لألمانيا في شتنبر 2022، والتوصل لاتفاق مع شركة “ويهلم هوير جي إم بي إتش” على شروط توريد ما يصل إلى 250 ألف طن شهريا من والديزل خلال عام 2023.
ووقعت “أدنوك” كذلك عددا من الاتفاقيات مع زبائن من ألمانيا لتصدير شحنات تجريبية من الأمونيا منخفضة الكربون، والتي تعد وقودا ناقلا للهيدروجين. ويذكر أن أول شحنة تجريبية من الأمونيا منخفضة الكربون من إنتاج أبوظبي وصلت إلى ميناء هامبورغ مطلع الشهر الجاري.
وبعد الإمارات انتقل شولتس بعد ظهر الأحد إلى قطر حيث أجرى مباحثات مع الشيخ تميم بن حمد آل ثاني تناولت شؤون الاستثمار والطاقة إضافة إلى أبرز القضايا والمستجدات الإقليمية والدولية.
ولم يتم الإعلان عن أي اتفاقات في قطر. وينخرط البلدان في محادثات صعبة حول مدة الاتفاقات المتعلقة بالغاز الطبيعي المسال، وفق وسائل إعلام ألمانية، وقد أشار شولتس إلى أنه يريد أن يرى تقدما في هذه المباحثات.
إلى ذلك، اعتبر شولتس الأحد أن حقوق الإنسان تشهد تقدما في قطر، من دون أن يعلق على إمكان حضوره مونديال 2022 الذي تستضيفه.
من جهتها، ستقوم شركة أبوظبي لطاقة المستقبل “مصدر” بتكثيف جهودها “لاستكشاف المزيد من الفرص المتاحة في أسواق طاقة الرياح بشمال أوروبا وبحر البلطيق في ألمانيا لزيادة الإنتاج من مصادر الطاقة المتجددة إلى 10 غيغاوات بحلول العام 2030″، وفقا للوكالة.
وقال وزير الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة والرئيس التنفيذي لشركة بترول أبوظبي الوطنية سلطان بن أحمد الجابر “يسرنا التوقيع على هذه الاتفاقية التي تسهم في تعزيز وترسيخ الشراكة الاستراتيجية بين البلدين الصديقين، والتي شهدت تطورا متسارعا على مدى السنوات الماضية”.
من جهته، كتب الرئيس الإماراتي في تغريدة “سعدت اليوم باستقبال المستشار أولاف شولتس لدفع هذه العلاقات قدما وتمكين النمو الاقتصادي المشترك والمستدام عبر تعزيز التعاون في مجالات ذات أولوية تشمل أمن الطاقة والحد من الانبعاثات والعمل المناخي”.
وفي وقت سابق الأحد، أكد المستشار الألماني أن بلاده مصممة على تنويع مواردها من الطاقة حتى لا تكون رهينة مورد واحد مرة أخرى، متحدثا عن “تقدم” في محادثات يجريها في الخليج لشراء الغاز والديزل.
وقال “حقيقة أننا مرتبطون بمورد واحد وبقراراته لن تتكرر معنا بالتأكيد مرة أخرى”، في إشارة إلى روسيا التي تمد الدول الأوروبية بغالبية احتياجاتها من النفط والغاز.
وتابع “سنفعل ذلك طريقة منطقية وهي التركيز على المناطق التي تتيح لنا ضمان إمدادات الطاقة”، معتبرا كذلك أنه “بفضل الاستثمارات في ألمانيا والتي ستصبح حقيقة شيئا فشيئا العام المقبل، سيكون لدينا بنية تحتية لاستيراد الغاز لألمانيا بحيث لن نرتبط بشكل مباشر بمورد محدد عبر خط أنابيب”.
وحصلت شركة “توتال إنرجي” الفرنسية الجمعة على حصة جديدة في مشروع قطر لزيادة إنتاجها من الغاز مع اختيارها كشريك رئيسي في توسعة الرقعة الجنوبية من حقل الشمال الضخم.
وبموجب الاتفاقية، ستمتلك “توتال إنرجي” حصة تبلغ 9,375 بالمئة من مجموع حصص الشراكة الدولية البالغة 25 بالمئة، بينما ستمتلك قطر للطاقة حصة 75 بالمئة من مشروع توسعة حقل الشمال الجنوبي.
ورأى شولتس أن مثل هذه المشاريع “مهمة”، معتبرا أنه “علينا أن نتأكد من أن إنتاج الغاز المسال في العالم يتقدم إلى درجة يمكن معها تلبية الطلب المرتفع الحالي”، رغم تشديده على ضرورة مواصلة العمل للتحول نحو مصادر طاقة نظيفة.
أ.ف.ب