> صلاح انياكي أيوب
كيف تبيع المدائن
ماء وجهي
للظامئين للعهر،
يا قراي البعيدة!
هذه المحطات الأكثر بؤساً
ما عادت تهم خطاي
أبداً
أبدا.
للرّيف الذي ودعتُ
يوماً،
أحـنّ الآن.
لذاك الشجر،
أشتاق، ولظلي،
للبيت الأخضر
والوادي!
ما عاد يهمني طهر
المرايا
ولا المصابيح المثقلة
بالخطايا.
ولا ممرات الراجلين،
ولا الأنظمة، ولا السبايا.
الآن، أهفو للزرع
الذي ما ذقت مثله
أبداّ
أبدا.
و للأرض،
وللمطر الذي ما بللني قطر
مثله،
أبداً
أبدا.
حافي الخطى،
أشتاق المشي على حجر الوادي
في الليلة المقمرة،
وعلى الطين،
وتحت الماء الساقط
من أعلى البروق المضيئة.
ولا أشتاق غير ذلك أبداً
أبداً
أبدا.
هل اشتقتَ لبناً بطعم
العشب،
وألاغنيات،
وذقتَ خبراً من حب الأرض استوى
والطين؟
لا مطاعم هناك
وهنا يباع الريف معلباً
بين الإسفلت والاسمنت العالي،
لا مرايا هناك غير صفاء النبع
وهنا كل أبقارنا تمرح على ورق مقوى،
ولا نرى الأبقار ولا الراعي.
كلما عريت وجهي لريح المدينة
والأروقة، وظل المرايا،
أجد البدوي في أحشائي
قد تعرى من وعده،
من خبزه،
من خطوه الحافي،
ومن بلل الطين.
يا إلهي كيف صلبته الغواية
بربطة عنق،
وعراء بدائي،
وكان لا يملك غير قميص يوسف
والبراءة،
وعصا الراعي؟
كيف ارتضيتَ أيها البدوي
أن تكون صدى في الممرات،
وأنت أصل الكلمات
والأغنية؟
يا أنت كيف خنتَ المواعيد
والأرض الحبيبة
والقبيلة؟
وكيف استبدلت عقيق الطين
بكأس، بنهد،
وخطايا مدينة؟