“ADFM” تسجل قصورا قانونيا في محاربة العنف ضد المرأة

تتواصل بالمغرب الحملة الدولية لمناهضة العنف ضد النساء والتي انطلقت يوم 25 نونبر الماضي، حيث تتوالى المرافعات والتظاهرات التحسيسية التي حرصت عدد من القطاعات، والمؤسسات وهيئات المجتمع المدني، أساسا الحركة النسائية على تنظيمها في هذا الإطار، والتأكيد على خطورة ظاهرة العنف الذي يطال النساء والفتيات سواء في الفضاء الخاص أو العام، والكلفة الباهظة التي يخلفها سواء بالنسبة للضحايا أو أسرهم أو الدولة، حيث تصل تكلفة العنف الجسدي والجنسي ضد النساء والفتيات 2,85 مليار درهم، وهذه التكلفة تخص تحديدا التكاليف المباشرة وغير المباشرة لهذا العنف، التي يتحملها الأفراد وأسرهم في كافة فضاءات العيش، وبالنسبة لشكلي العنف السالف ذكرهما.
وهذه الأرقام جزء من المعطيات التحليلية التي اختارت المندوبية السامية للتخطيط الكشف عنها، في إطار الانخراط في الحملة الدولية السالف ذكرها، حيث أفادت أن حصة الوسط الحضري من مجموع التكلفة الاقتصادية للعنف تقدر بـ 72 في المائة، أي ما يفوق 2 مليار درهم من مجموع التكلفة، فيما في الوسط القروي تقدر حصته بـ 28 في المائة، أي 792 مليون درهم.
وكشفت المندوبية السامية للتخطيط التي نشرت هذه المعطيات التحليلية التي تخص البحث الوطني الذي أنجزته سنة 2019، بدعم من منظمة الأمم المتحدة للمرأة، والذي قامت فيها بتقدير لأول مرة في المغرب للتكلفة الاقتصادية للعنف ضد النساء والفتيات، أن العنف الجسدي والجنسي يكلف الأسر 2.85 مليار درهم، وهو ما يعادل 957 درهم لكل ضحية، فيما يبلغ متوسط التكلفة التي تتحملها الضحايا في الوسط الحضري 1000 درهم لكل ضحية، وهي تكلفة أعلى من تلك التي تحملها الضحية في الوسط القروي حيث تناهز الكلفة 862 درهم.
وأفادت المندوبية أن الفضاء الزوجي يحتكر لوحده أكثر من ثلثي التكلفة الاقتصادية الإجمالية للعنف بحصة تصل إلى 70 في المائة من إجمالي التكلفة التي تقدر بـ 1.98 مليار درهم، يليه فضاء الأماكن العمومية بحصة 16 في المائة الذي تقدر تكلفته بـ 448 مليون درهم، ثم الوسط العائلي بحصة 13 في المائة، ما يناهز 366 مليون درهم.
وفي مواجهة هذه الظاهرة التي مافتئت تتوسع بالرغم من الجهود التي يتم بذلها، رفعت الجمعية الديمقراطية لنساء المغرب شعار “اتحدوا! النضال لإنهاء العنف ضد النساء والفتيات”، واختارت الوقوف عند حصيلة الحكومة فيما يتعلق بمسار القضاء على العنف على مستوى القوانين والتشريعات ذات الصلة، والسياسات العمومية المعتمدة والآليات الموضوعة.
وسجلت الجمعية، أن القانون131-03، الخاص بمحاربة العنف ضد النساء لم يستطع أن يحقق أي فرق بين فترة ما قبل القانون وما بعده، بل ولم يقدم مؤشرات إيجابية تفصل بين ما قبل صدور القانون وما بعده، لكون هذا القانون اقتصر على تتميم وتعديل مواد معينة من التشريع الجنائي دون الاستجابة للمعايير الدولية المتفق حولها بخصوص القضاء على العنف المبني على النوع الاجتماعي.
إلى جانب ذلك، عجزت الحكومة فيما تسميه بالسياسات العمومية، عن الاستجابة لاحتياجات الناجيات من العنف، إذ لا تملك النساء السبل والوسائل للتبليغ، إلا نادرا وقلة منهن فقط تتمكن من اتخاذ إجراءات قانونية أو يتقدمن بشكوى إلى السلطات المختصة، مشيرة أن إلى استمرار الآثار المضاعفة لوباء كورونا على النساء ضحايا العنف، بسبب صعوبة الوصول إلى وحدات التكفل في حال وجودها.
ونبهت الجمعية إلى أحد الأعطاب الرئيسية التي تقف في وجه التكفل بالنساء ضحايا العنف، ويتعلق الأمر بغياب الآليات الوطنية والترابية المعنية بهؤلاء الضحايا من النساء، نتيجة التأخر المسجل فيما يتعلق بوضع هيئة المناصفة ومكافحة كل أشكال التمييز، باعتبارها آلية دستورية كفيلة بالقضاء على التمييز وتتبع مسار النهوض بحقوق النساء وفق مبادئ باريس. وأضافت أن هذه الأعطاب تشمل عدم تعميم اللجن والخلايا الواردة في قانون مكافحة العنف، كما لم يتم تعزيز تلك المتواجدة بالموارد البشرية والمالية. وطالبت الجمعية التي أبدت منسوبا عاليا من القلق حيال هذا الوضع، بالانخراط بشكل قوي في الحملة الدولية لمناهضة العنف ضد النساء، والعمل على اعتماد وضمان التطبيق الفعال لقانون شامل ضد التمييز المباشر وغير المباشر على النحو المحدد في المادة 1 من اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة والإدماج بشكل منهجي في القوانين مواد تحظر التمييز ضد النساء والفتيات، وعند الاقتضاء، تعاقب عليه.
كما دعت الجمعية الحكومة من خلال قطاعاتها كل واحدة حسب تدخلها، إلى تعزيز الوعي العام بالعنف القائم على النوع الاجتماعي من خلال إدراج التربية على المساواة في الكتب المدرسية وفي تكوين المتدخل أو المتدخلة في الشأن التربوي، ووضع آليات مؤسساتية مكلفة بالمساواة بين الجنسين، تتوفر على القدرات المطلوبة لضمان التنسيق بين القطاعات، وتتبع وتقييم تنفيذ السياسات العمومية في هذا المجال واعتمادا ميزانية مناسبة.
كما رفعت بالمقابل مطلب تعديل القانون المنشئ لـهيئة المناصفة ومحاربة جميع أشكال التمييز لتمكينها من الاضطلاع بصلاحيات الحماية والوقاية والتعزيز والصلاحيات والقدرات لضمان توجيه وتتبع وتقييم تنفيذ جميع التشريعات والسياسات العمومية وفقًا للمقتضيات الدستورية ومبادئ باريس.

< فنن العفاني

Related posts

Top