صدرت للأديب المغربي محمد صوف، رواية جديدة، تحمل عنوان «الرهائن»، وبهذه المناسبة خص بيان اليوم بالحديث عن ظروف كتابتها، والقضايا الجوهرية التي تطرحها، والدلالات الرمزية التي تنطوي عليها. كما يتطرق في هذا الحديث عن مواضيع أخرى لها علاقة بأزمة القراءة وظروف الطبع والتوزيع وطقوس حفلات التوقيع، إلى غير ذلك من المواضيع الراهنة.
يقول عن ظروف كتابة هذه الرواية
إنه «كانت ثمة رغبة فقط، إلا أنه خلال عملية التصور، تطفو من اللاشعور أحداث ووقائع منها الذاتي والموضوعي، ووجدتني في حضرة الأحداث التي عرفتها البلاد في السنوات الأخيرة. هذه الأحداث حشرت نفسها وشكلت الفضاء الذي تفاعلت فيه داخل الرهائن، ضمن الأحداث أيضا ثمة ظهور المرأة بشكل أقوى من السابق في الاعتبار الوطني، هذا البروز يثير الجدل، وكل ما يثير الجدل يفرز ظاهرة صحية تتيح الرأي والرأي المضاد. تتيح الاختلاف والاختلاف هو ما تسعى إليه كل أمة تحلم أن تكون ديموقراطية يوما».
وحول القضايا الجوهرية التي تطرحها الرواية، يؤكد صوف على القول «في تصوري وقد أكون مخطئا، أن الرواية تسجل عملية مسح لواقع المغرب بين مرحلتين، أحلاهما مرة. سنوات الرصاص والمد الأصولي المتطرف مع محاولة لعرض نماذج من المرأة التي لا ترضخ ولا تصمت وتقول وتتصرف وفق قناعاتها، مواجهة استمرار الحجر عليها و ناسفة النظر إليها كقاصر ناقصة عقل ودين».
ويضيف موضحا «في الرواية، شخصية منية، تقود الحدث وترى ما لا يراه الآخرون. لذا هي محبوبة على امتداد صفحات الرواية من طرف شخصياتها وأتمنى أن يحبها من سيطلع على الرواية على قلتهم».
اللافت للانتباه أن كل فصل من فصول هذه الرواية، يضم ستة عشر حلقة، حول دلالة هذا الرقم، يشير قائلا:
«قبل 2003 كان هذا الرقم عاديا ككل الأرقام المتداولة في حياتنا اليومية. وجاء يوم 16 ماي فجعل من هذا العدد منعطفا في حياتنا، وأصبحنا نتحدث بما قبل 16 ما وما بعد 16 ماي إلا أن حضور الرقم 16 في الرواية جاء بشكل يغيب فيه الوعي تماما. وجدتني أتوقف دون سابق تخطيط في كل فصل من الرواية عند الحلقة 16 وطرحت على نفسي السؤال، ولم أنتبه إلى أحداث الدار البيضاء إلا بعد انتهائي من العمل رغم أن هذه الأحداث واردة في الرواية».
توجهنا إلى المؤلف بعد ذلك بالسؤال حول الانعطافة التي كان يطمح إلى أن تحققها هذه الرواية، في تجربته الإبداعية؛ فأوضح قائلا:
«في الواقع لم أطمح إلى تحقيق أي انعطافة. عشت رغبة كتابة رواية كما يعيشها كل من يكتب فكانت الرهائن. دون طموح أو حلم أو حتى تطلع إلى أن تثير اهتمام أحد ما. كان علي أن أكتب فكتبت. هذا كل ما في الأمر».
وبشأن ما يحفزه على مواصلة الكتابة والنشر، في ظل أزمة القراءة وتفشي الأمية،اعتبر أن «الأمية آفة، لا يختلف إثنان على الكوارث التي تنتج. ومع ذلك استمرت وتنوعت ولعلها حظيت بالرعاية لغرض في نفس يعاقبة،إلا أنها لا تكفي لتجعل الكاتب يحجم عن الكتابة والنشر. لا تجد كاتبا واحدا يطرح على نفسه سؤال القارئ، إنه يكتب وكفى، يقترض لكي يطبع وهو يعلم علم اليقين أن ما سيرجع إليه، يتجاوز بكثير ما لن يرجع إليه ومع ذلك يتابع الكتابة ويتابع النشر. يعرف أكثر من غيره أنه يراهن على حصان أعرج إذا هو راهن على القارئ . ومع ذلك فهي تدور. الحياة تستمر بالنسبة للإبداع وقافلة الكتابة تسير رغم الصمت».
وأثرنا معه الحديث بعد ذلك، حول تجربة حفلات التوقيع، وهل يراهن عليها في ترويج منتوجه الأدبي؛ فكان حوابه:
«حفلات التوقيع هي الحل المتيسر حاليا، لوصول الكتاب إلى القارئ. ما يثير هو أن عشاق الأدب من الفاعلين الجمعويين، إذا هم وعوا أكثر دور حفلات توقيع الكتب التي تصدر، سيسدون خدمة للكتاب، لم تسدها حتى الآن الدوائر المسؤولة. في حفل التوقيع يحضر المهتمون وخلال الحفل يولد أكثر من تحفيز ويتم اقتناء النسخ، وهناك من يقتني أكثر من نسخة لإهدائها لمن يحب. طبعا حفل التوقيع لا يستطيع الكاتب القيام به بمفرده.الأمر يحتاج إلى إطار. لهذا، فالجمعيات التي تنظم قراءات ومقاهي أدبية تقوم بعمل مفيد على أكثر من صعيد. وتشكل حافزا معنويا للمؤلف على الإبداع. ثم إن حفل التوقيع فرصة للقاء مع القراء والاستماع إلى آرائهم وملاحظاتهم. كثيرة هي الملاحظات الحصيفة التي تنبعث من القاعة، قادرة حتى على إثارة انتباه المؤلف إلى أخطائه. ولا كاتب معصوم من الخطأ..».