مراكز التدليك تتحول إلى أوكار للدعارة بمدينة تمارة

من المعروف أن التدليك كان ومازال مهنة تروم العلاج الطبيعي، كمسد الظهر لإزالة الآلام، ومنح الجسد الاسترخاء للتخلص من القلق والتوتر، وذلك باستعمال العديد من التقنيات والمواد الطبيعية، كالبخار المنسم بالخزامى وغيرها من الزيوت والاعشاب الطبيعية.
واشتهرت صالات التدليك بعواصم ومدن مليونية خاصة في القارة الآسيوية. بيد أنه يلاحظ في بعض مدن المملكة المغربية لجوء بعض مؤسسات التدليك لاستخدام هذه المهنة لغاية وأهداف أخرى جعلت من صالات “المساج” وكرا للدعارة المقنعة، تحت قناع التجميل وتصفيف الشعر والتدليك.
مدينة تمارة، وغم صغر حجمها، أضحت هي الأخرى تعرف انتشار واسعا لمراكز التدليك التي يؤكد شهود عيان أن خدمات البعض منها تزيغ عن إطارها المهني وتنزاح لتقديم خدمات جنسية لزبنائها.
“ي.ب” شاب في مقتبل العمر يؤكد، في تصريح حصري خص به جريدة بيان اليوم، أنه أقبل على مثل هذه المراكز بمدينة تمارة، وتلقى خدمة جنسية بمقابل مادي يختلف حسب كل مركز.
يبدأ الثمن، حسب محدثنا، من 200 درهم. يحصل الزبون، بعد أداء المبلغ، على خدمة التدليك ودوش، قبل أن تتحول العملية إلى مزايدة بين المدلكة والزبون داخل قاعدة التدليك من أجل القيام بعملية جنسية كاملة.
واعتبر”ي.ب” أن الإقبال على مثل هذه المراكز تحدده مجموعة من العوامل أهمها” الرغبة في اكتشاف مثل هذه الصالونات والحصول على خدمة جنسية، بالإضافة إلى أن بعد مثل هذه المراكز عن النظر يعتبر عاملا أساسيا يساهم في الإقبال عليها.
صالونات تحول البعض منها، مع مرور الوقت، إلى محلات دعارة حديثة تقدم خدمات متميزة تجعل الزبون في قمة سعادته و نشوته، يقول “ي.ب”، قبل أن يضيف:”في أول حصة حظيت باستقبال رائع جعلني أشعر بأنني سيد الكل في الكل”.
محدثنا ليس الوحيد من شباب مدينة تمارة الذين تلقوا خدمة جنسية في بعض صالات المساج. فالسيد “ب.ع” الثلاثيني، والذي تمكنت صحيفة بيان اليوم من الوصول إليه، يقر هو الآخر بممارسته الجنس داخل مثل هذه الفضاءات، معتبرا أن “مركز التدليك قنطرة عبور من أجل عرض عروض جنسية لصالح الزبناء. فالجنس هو الهدف الرئيس لبعض مراكز التدليك وليس القيام بعملية المساج”، موضحا أن “السعر يختلف حسب الخدمة والوقت ومدى جاذبية المدلكة، ومضيفا أنه بعد “الدخول لغرفة المساج وأثناء قيام المدلكة بعملية المساج تتناثر منها التلميحات، وكذا من طرف الزبون، لتبدأ المساومة”.
وفي وسط حديثه مع الجريدة أوضح الشاب “ب.ع” أن الجنس من أهم الأسباب التي تستدرجه للإقبال على هذه الخدمات معتبرا “أنها مراكز محمية على اعتبار أنها تحمل رخصة للتدليك وبالتالي فمداهمة الأمن لمثل هذه الأماكن هو شيء مستبعد نوعا ما”.
شهادات وأخرى جعلت من التواصل مع هذه المراكز أمرا ضروريا من أجل نقل الحقيقة. لكن بعد تواصل جريدة بيان اليوم مع أحد هذه الصالونات المتهمة بتقديم خدمات جنسية، واستفسارها حول ما إذا كان هنالك أي جهة أو نقابة تؤطر عمل التدليك من أجل الاستفسار حول الموضوع، رفضت الإجابة وأبانت عن عدم رغبتها في تقديم ما يشفي غليل تساؤلاتنا.
هناك استثناء طبعا، حيث يوجد في تمارة مؤسسات لتدليك هدفها تقديم خدمات طبيعية بشكل قانوني وشفاف مع وجود احترام تام بين الزبون والعاملات لكن بعض المراكز تحولت إلى أوكار للدعارة وتحولت معها المدلكات لبائعات هوى.
علي الشعباني: الإقبال على مثل هذه الممارسات سيفضي إلى الانحلال الخلقي

ظاهرة اجتماعية ستكون لها حتما عواقب وخيمة على الفرد والمجتمع. مما جعلنا نتواصل مع الدكتور في علم الاجتماع السيد علي الشعباني الذي “أكد أن مثل هذه الممارسات هي حديثة داخل المجتمع المغربي، بحيث تم إدخالها من خلال التحايل على مجموعة من القضايا القانونية”.
 وحسب المختص فإن انتشار هذه المراكز “صالات المساج” ستكون لها حتما انعكاسات داخل المجتمع “حيث ستساهم في نشر الرذيلة والعمل على التطبيع مع بعض الظواهر الخارجة عن الإطار القانوني كالدعارة”.
وفي السياق ذاته، زاد المتحدث “علي الشعباني” أن الإقبال على مثل هذه المراكز سيكون لها تأثير قوي على سلوك الفرد داخل المجتمع قد تؤدي الى الانحلال الخلقي خاصة وأن المقبلين عليها هم من فئة الشباب والمراهقين، وقد تصل في بعض الأحيان إلى نشر الشذوذ والقضاء على القيم والعادات المجتمعية والمساهم في مقابل ذلك على الانحلال الخلقي”.
وزاد المصدر ذاته أن “الدعارة هي ظاهرة موجودة إلا أنه مع انتشار مثل هذه المراكز فإننا نقنن مثل هذه الممارسات حيث ستصبح مراكز تجارية مغلقة”.
بيوت متخفية تغيب عنها المراقبة والانضباط، هدفها الأساسي هو الربح والمدخول المادي مستهدفة  فئة عمرية يحددها الدكتور الشعباني في “المراهقين، والشباب، والمكبوتين والمعقدين جنسيا”،  موضحا أن هذه الفئات تجد في بعض هذه الاماكن وسيلة من الوسائل المشروعة التي تمكنهم من إشباع نزواتهم وغرائزهم المنحرفة.
حافظي علوي مولاي إسماعيل: غياب التربية الجنسية داخل سيؤدي
 إلى انتشار هذه المراكز


ظاهرة دخيلة عن المجتمع المغربي. انعكاساتها لن تمس فقط الجانب الاجتماعي بل أيضا النفسي للزبون والعاملة داخل هذه المراكز. هكذا يقول أستاذ علم النفس الجامعي السيد حافظي علوي مولاي اسماعيل، مضيفا أن هذه الممارسات تؤدي إلى “تدني تقدير الذات بالنسبة للعاملات في هذا القطاع خاصة وأن هنالك بعض الرجال من يمارسن الجنس بعنف فتعدد الشراء الوافدين في يوم واحد ينتج احساس بأن العاملة شيء وليست بإنسان” معتبرا أن هذا سيسبب “لهن امراض نفسية كالقلق والاكتئاب بالإضافة إلى الإحساس بالخوف والتفكك والتوتر”. فالولوج إلى عالم الدعارة تحت لواء مراكز المساج بإمكانه أن يؤدي الى السقوط في “الادمان على المخدرات أو بعض العادات السيئة”.
آثار نفسية انعكاساتها لا تمس الشغيلة فقط بل تمتد أيضا للزبون فحسب الاستاذ مولاي سماعيل “فإن هذه العادات تتحول إلى ادمان سلوكي ينتشي من خلاله الشخص وفي حالة عدم تلبية هذه الحاجات يصبح التوتر والقلق ملتبسا بنفسية الشخص” معبرا في معقل حديثه أن الندم وعدم الارتياح يرخيان بظلالها على نفسية الممارسة خاصة في حالة ارتباط بمرأة أخرى -أي متزوج-” علاوة على هذا فممارسة الجنس في هذه المحلات بإمكانها ان تجعل الشخص غير مبالي بيته وأسرته”.
 وأردف المتحدث أن هنالك مجموعة من العوامل النفسية والاجتماعية التي تحول لذهاب إلى دور المساج “فهذا النوع من العلاقات اقل تعقيدا، تجعله مجهول الهوية مما يمكنه من الإحساس بالأمن أثناء الممارسة. خاصة وأن الإطار الممارس بداخله يعطي نوع من الراحة فهي مؤسسات تحمل ترخيص لتقديم عروض للمساج والتدليك وليس ممارسة الجنس بالإضافة إلى هذا فإن التواصل المفتوح مع العاملة حول مواضيع جنسية يعد أحد اسباب دخول هذه الأوكار على اعتبار أن هذه الخدمة مدفوع عنها تمكنه من طلب بعض الاشياء أثناء الممارسة الجنسية”.
 وفي آخر تصريحه مع جريدة بيان اليوم أكد أستاذ علم النفس بجامعة محمد الخامس أن “غياب تربية جنسية داخل المجتمع سيحول لا محال إلى انتشار هذه المراكز الخارجة عن الإطار القانوني”.

قانون جنائي واتفاقيات دولية تروم القضاء على أوكار الدعارة المقنعة

مخالفات قانونية وأخلاقية تستدعي تدخلا أمنيا سريعا من أجل القضاء على مثل هذه المراكز التي يمكن أن تؤدي الى تشويه سمعة مراكز تدليك أخرى تؤدي مهمتها بكل نزاهة وأخلاق عالية.
إن القانون الجنائي المغربي حازم في مثل هذه القضايا، فهو يعمل للقضاء على الفساد بشتى أنواعه، سواء كانت الدعارة تتخذ ممارسة رضائية بدون مقابل أو خدمات الدعارة المأجورة.
مهدي الودي اليزيدي، فاعل مدني ومحامي بهيئة الرباط، يؤكد في تصريحه لبيان اليوم أن “القانون المغربي خص بابا كاملا لهذا النوع من الجرائم وهو الباب الثامن والذي تضمن عقوبات ردعية صارمة لاسيما فيما يخص تسيير أو استغلال المحلات المعدة للدعارة وهو ما ينص عليه الفصل 501 من القانون الجنائي المغربي الذي تضمن عقوبات حبسية تتراوح من أربع سنوات إلى عشر سنوات وبغرامة مالية ثقيلة قد تصل إلى مليوني درهم نظرا للأموال الطائلة التي تذرها هذه المحلات المخصصة لما يسمى بالدعارة المقنعة”.
 ليس هذا فقد بل إن المملكة المغربية عملت على توقيع بعض الاتفاقيات الدولية من أجل حماية المرأة من الاستغلال الجنسي حيث يؤكد السيد مهدي أن “هناك اتفاقيات دولية تجرم الاتجار بالبشر واستغلال النساء ولا تتنافى مع النظام العام المغربي والتي صادق عليها المغرب وعززها بقوانين داخلية يبقى أهمها القانون رقم 27_14 المتعلق بمكافحة الاتجار بالبشر والذي تضمن عقوبات زجرية صارمة تتماشى مع الاتفاقيات الدولية المبرمة في هذا المجال والتي من الممكن أن نسقط هذا النوع من الجرائم على العاملات في مجال الدعارة المقنعة نظرا للحيف والاستغلال الذي تعاني منه النساء اللواتي يعرضن أجسادهن كخدمة في هذه المراكز”
لكن رغم كل هذا، فإن الإمساك بمثل هذه المراكز يظل أمرا صعبا “نظرا للصعوبة القانونية التي تعترض جرائم الفساد الذي نظمه المشرع المغربي في الباب الثامن من القانون الجنائي. فإذا كان الأصل في المادة الجنائية حرية الإثبات فإن المشرع قد حصر وسائل الاثبات في جرائم الفساد والتي يبقى أهمها الضبط في حالة تلبس بناء على محضر رسمي يحرره أحد ضباط الشرطة القضائية وما يتخلل هذه الوسيلة من إكراهات يبقى أهمها النجاعة في مداهمة هذه المراكز وما يتخلل هذه العملية من صعوبات عملية نظرا للإجراءات الاحترازية التي يقدم عليها مسيري هذه المراكز”. حسب نفس المصدر.
وتجدر الإشارة في الأخير أن عناصر الأمن الوطني تمكنت من تفكيك مجموعة من مراكز التدليك التي حولت هذه المراكز الى أوكار دعارة في مجموعة من المدن المغربية كمدينة الدار البيضاء و مراكش.
 

< مروان حميدي (صحافي متدرب)

Related posts

Top