أجاكس.. المدرسة المعطاءة

واصل شبان نادي أجاكس أمستردام الهولندي مفاجآتهم الجميلة والمثيرة هذا الموسم، وأضافوا نادي يوفنتوس الإيطالي ونجمه الأول البرتغالي كريستيانو رونالدو إلى قائمة ضحاياهم، بعد عرض كروي راق قدموا خلاله درسا رائعا في كرة القدم الجماعية والشاملة التي أخرجت حقيقة كبار أوروبا. 
بالرغم من نتيجة التعادل خلال الذهاب، وبالرغم من كون الفريق الإيطالي كان السباق للتسجيل، فإن لاعبي أجاكس لم يتأثروا ولم تهتز معنوياتهم، لم يرتبكوا، بل واصلوا حضورهم القوي فوق أرضية ملعب “أليانز ستاديوم” في تورينو، والتي كانت شاهدة على عرض سيبقى عالقا بأذهان محبي الأداء الكروي الجميل عبر العالم.
عندما أقصي نادي ريال مدريد الإسباني البطل في السنوات الثلاثة الأخيرة أمام نفس “الأطفال”، قيل إنها مفاجأة كبرى، لكن التأكيد جاء بسرعة كبيرة، بل بطريقة ممتعة إلى أبعد الحدود. وأمام فريق أعد العدة، للعودة مرة أخرى لمنصة التتويج بعصبة الأبطال التي تغيب عنه خزائنه منذ سنة 1996، ومن أجل ذلك أنفق فريق “السيدة العجوز” ميزانية مهمة، وعقد صفقة مدوية بالتعاقد مع رونالدو، لكن أمل النجم البرتغالي خاب، ولم يتمكن من الظفر باللقب الغالي مع فريق آخر غير ريال مدريد الذي تسيد معه القارة الأوروبية في السنوات الأخيرة، علما أنه فاز أيضا باللقب رفقة نادي مانشستر يونايتد الإنجليزي سنة 2008. 
فالمدرسة التي أنجبت أسطورة هولندا يوهان كرويف، كانت دائما ولازالت وستظل منجما لا ينضب لتفريخ المواهب الصاعدة في أوروبا، تخرج منها لاعبون لعبوا لكبار الأندية بالقارة العجوز، إلى درجة قيل بأن كل ناد كبير في أوروبا يلعب بين صفوفه لاعب ارتدى قميص أجاكس. 
وعلى امتداد التاريخ، ظلت هذه المدرسة وفية لسياستها المتمثلة في البحث عن أفضل المواهب الكروية على الصعيد العالمي، فإدارة النادي تخصص كشافين يجولون هولندا بحثا عن المواهب الصغيرة، كما أن هناك تركيزا على الدوريات الأوربية الخاصة بالفئات الصغرى بالدول المجاورة كبلجيكا وفرنسا وصربيا والسويد والبرتغال، وأيضا بلدان أمريكا الجنوبية، وبالأخص من البرازيل والأرجنتين، دون إغفال مواهب القارة الإفريقية، أي أنها منظومة متكاملة تصب في اتجاه مكان واحد، يقع بالتحديد على بعد 60 كلم من أمستردام، حيث مقر أحد أعظم المدارس الكروية في العالم، وتحمل اسم مدرسة “المستقبل”.
ويعود نجاح أكاديمية أجاكس التي تحمل اسم “دي توكومست” باللغة الهولندية، إلى احترام مجموعة من المبادئ الأساسية، والتي تدخل ضمن هوية النادي الأم، فمعظم المدربين هم من النجوم السابقين للمنتخب الهولندي، تخرجوا من نفس الأكاديمية، ينقلون خبرتهم وتجربتهم الكبيرة للأطفال الصغار، وهذه الخاصية تسهل مهمة نقل التجارب، يتبادلون نفس الشعور ونفس الأحاسيس، وما يشعر به هؤلاء الصغار، لكون المدربين أنفسهم مروا بنفس التجربة ونفس المواقف.
وحسب المختصين، فأكاديمية أجاكس ليست مجرد فضاء لتلقين أبجديات لعبة كرة القدم بقدر ما هي مدرسة للحياة، تهتم بكل التفاصيل، فالانتماء لـ “دي توكومست” هو نمط حياة، من أكل وشرب ونوم ودراسة، كل تفاصيل الحياة تحت إشراف إدارة الأكاديمية، لأنها ببساطة ليست مجرد تعلم كرة القدم، وبالتالي التأثير بشكل إيجابي في النمو الجسدي والفكري للطفل وبناء شخصيته.
إنها مدرسة أجاكس المعطاءة، وتقدم الدليل على أنها قلعة لتفريخ النجوم وتقديم الفرجة الممتعة، لعشاق الكرة الجميلة…

محمد الروحلي

Related posts

Top