أحزاب المعارضة تندد باستهتار الحكومة بأولويات الشعب المغربي

انطلاقا من مسؤوليتها الوطنية، والمكانة التي يبوئها الدستور ومشروعيتها التمثيلية المستمدة من أصوات المواطنات والمواطنين الذين منحوها ثقتهم، واعتباراً لاختيارها ممارسةً معارضةً وطنية ديمقراطية مسؤولةً وبَـنَّاءَة، فإن أحزاب: الأصالة والمعاصرة؛ والاستقلال؛ والتقدم والاشتراكية، لم تَكُف عن تنبيه الحكومة إلى النقائص التي تشوب تدبيرها للتداعيات العميقة لجائحة كوفيد 19، كما لم تتوانَ عن تقديم البدائل في هذا الشأن، في الوقت الذي يبدو فيه جَــلِـيّـًـا أن الحكومة وأغلبيتها لها أسبقياتٌ أخرى غير تلك التي ينتظرها المغاربة وَرَسَمَ معالمها الكبرى جلالةُ الملك، بِعُمقٍ وجرأة وإقدامٍ، من خلال التوجيهات الواضحة المُتضمَّنَة في خطبه السامية الأخيرة.
إن الحكومة لم تُــقْــدِم فقط على التمادي على عدم الإنصات إلى المعارضة كَــمَا إلى نبض الشعب المغربي الذي يَــئِــنُّ تحت وطأة جائحة كورونا وانعكاساتها الوخيمة، بل إنها مُصِرَّةٌ على الاستهتار بأولويات المغاربة، وتُمعِنُ في الانشغال بصراعٍ سياسوي أغلبي/ أغلبي لا ينتهي، مُكرسِّـةً كل “الجهد” للقضايا الانتخابوية بشكلٍ يبعث على الخجل، ويفاقم من تلاشي منسوب الثقة والمصداقية.
إن أحزابَ المعارضة الثلاثة، إذ تندد باستهتار الحكومة بأولويات الشعب المغربي، فإنها تؤكد على أنَّ ما كان ولا يزال جديرا بالاهتمام، على وجه الأسبقية، من طرف الحكومة هو الصحة العامة وسُبل خفض مؤشرات تفشي الجائحة؛ وهو كذلك إبداع البدائل الكفيلة بتمنيع اقتصادنا الوطني بارتباطٍ مع الحفاظ على مناصب الشغل؛ وهو أيضا الاهتمام بالملفات الاجتماعية الحارقة للمغربيات والمغاربة الذين فقدوا عملهم والذين تقلصت قدرتهم الشرائية والذين يفتقدون أيَّ تغطية اجتماعية، في مِهَــنٍ وقطاعاتٍ مختلفة تختنق في ظل غياب أجوبة عملية للحكومة.
ثم إن أحزاب المعارضة، وهي تأخذ علماً بفحوى مشروع قانون مالية سنة 2021 الذي تقدمت به الحكومةُ الشَّارِدَة، فإنها تعتبره مشروعاً مُحبطاً للآمال، وفاقداً للرؤية السياسية ولروح وجرأة إبداع الحلول، وعاجزاً عن الجواب على الانتظارات الحقيقية للمغاربة، ومشروعا يُردد ذات المقارباتِ الفاقدة للنجاعة والفعالية.
إن بلادنا التي تتطلع إلى تجاوز المرحلة العسيرة والتصدي للمعضلات المترتبة عن الجائحة، لترى، عن حق، أن هذه الحكومة تفتقد مقومات القوة والتماسك والكفاءة في التدبير، والقدرة على ابتكار البدائل والدفاع عنها والتواصل بشاْنها، فهي، مع الأسف، حكومة لا تتمتع بهذه المواصفات الضرورية والمطلوبة في كل حكومة يُعول عليها لمعالجة مشاكل الوطن وقضايا الشعب في كل الظروف وخاصة للتصدي للأزمات وتداعياتها، علاوة على أنها حكومة تُكرس جهدها وتبذل ما لديها من طاقات في التراشق الداخلي بين أعضائها، ومهاجمة مكونات وفعاليات المشهد السياسي الوطني.
على هذا الأساس تجدد الأحزاب الثلاث، مرة أخرى، التزامها الثابت بمواصلة الاضطلاع بوظائفها المؤسساتية والجماهيرية، بكل وطنية ومسؤولية والتزام. كما أنها تعلن أنها لن تتوان، عند اللزوم، من خلال تمثيلياتها البرلمانية، عن تفعيل جميع الآليات الرقابية الحازمة التي يتيحها الدستور في مواجهة الحكومة، وفي هذا الإطار، قررت أحزاب المعارضة الثلاثة تدشين الدخول السياسي والبرلماني بالمُبادرة إلى تشكيل لجنة لتقصي الحقائق حول العدالة المجالية ومدى التعاطي المُنصِف للحكومة مع كافة مناطق وَجِهات وجماعات البلاد، على قَدَمِ المساواة.

الرباط، في27 أكتوبر 2020

Related posts

Top