استقلالية الكاف…

على بعد ثلاثة أسابيع فقط، لا زال الغموض يلف مصير كأس إفريقيا للأمم المقرر تنظيمها بالكامرون، خلال الفترة الممتدة ما بين 9 يناير إلى 6 فبراير من السنة القادمة.
فالبرغم من التطمينات التي تأتينا من الكامرون، تؤكد على تنظيم “الكان” في موعدها المحدد، وأن كل المتطلبات والشروط التنظيمية واللوجستيكية جاهزة، فإن هناك أكثر من تقرير يفيد العكس، سواء على مستوى التجهيزات الأساسية كالملعب الرئيسي، وعدم جاهزية بعض الفنادق بمدن معينة، بالإضافة إلى التخوف من عدم توفر شروط البروتوكول الصحي، الخاص بفيروس أوميكرون المتحور.
وسط هذه التخوفات، جاء إعلان الكاف عن جاهزية الكاميرون، وإلغاء فرضية التأجيل أو نقلها لدولة أخرى، مع العلم أنه سبق أن تم نقل دورة سنة 2019 من الكاميرون، وإسنادها لمصر بسبب عدم الجاهزية أيضا.
وبين التأكيد الصادر عن الكاميرون وتأييد جهاز الكاف، يبرز تهديد الأندية الأوروبية التي تمارس ضغطا قويا، من أجل عدم تنظيم المونديال الإفريقي في موعده المحدد، وتقديم أكثر من مبرر من ذلك، بل وتهديد اللاعبين الأفارقة الذين سيشاركون ضمن منتخباتهم.
والواقع أن معطيات هذا الملف المفتوح على كل الاحتمالات، يفسر إلى أي حد هناك تدخل غير مبرر من طرف لوبي الأندية الأوروبية، في شؤون كرة القدم الأفريقية، والسعي إلى فرض وصاية غير مقبولة، وعدم احترام استقلالية القرار داخل القارة السمراء.
فعامل انتشار فيروس أوميكرون، ما هو إلا مبرر، أو كلمة حق يراد بها باطل، فالفيروس المتحور، منتشر بأوروبا عشرات المرات أكثر من أفريقيا، أما الهدف غير المعلن صراحة، هو عدم الرغبة في ذهاب العديد من اللاعبين المتميزين لمنتخباتهم لمدة تفوق الشهر، مع ما يترتب عن ذلك من خسائر داخل الأندية، المعتمدة بشكل كبير على لاعبين أفارقة وفي مقدمتهم ليفربول الإنجليزي، ومدربه الألماني يورغن كلوب، الذي يتعامل بأسلوب غير لائق مع كل ما هو أفريقي…
وليست هذه المرة، المؤكد أنها لن تكون الأخيرة، التي تسعى فيها الأندية الأوروبية فرض وصايتها على الكاف، ففي كل تواريخ الفيفا التي يسمح فيها بانضمام اللاعبين الدوليين بمنتخباتهم، بممارسة ضغوطات قوية من أجل الحيلولة دون ذلك، وسبق أن تعرض أكثر من لاعب إلى عقوبات غير معلنة، وهناك من فقد رسميته، وغيرها من المعاملات الخارجة عن الإطار الرياضي الصرف، وعدم احترام الانتماء الوطني للاعبين الدوليين غير الأوروبيين بالأساس.
هذا الملف الشائك مرشح للكثير من التفاعلات، بين أسرة كرة القدم الإفريقية التي تسعى إلى الحفاظ على استقلالية قرارها، وبين لوبي الأندية الأوروبية الراغبة في الدفاع عن مصالحها، دون مراعاة مصالح الآخرين…

محمد الروحلي

Related posts

Top