افران: التوسع العمراني يفقد الحاضرة رونقها وجماليتها في غياب مراقبة الجهات المعنية بالتعمير

“إن إفران سينمو ولكن لا يجب أن ينمو بكيفية عشوائية، فلا بد أن يبقى إفران جوهرة الأطلس المتوسط السياحية . فعلى وزارة الداخلية و على العامل و على منتخبي إفران أن يحافظوا على طبيعته و جماله “.

مقتطف من خطاب جلالة المغفور له الحسن الثاني في اجتماع المجلس الإداري لجامعة الأخوين يوم 30 غشت 1994 بالصخيرات. 

إذا كان التوسع الحضري – عبر أقاليم المملكة – ناتج بالدرجة الأولى عن الزحف المخيف والمرعب والمتمثل في الهجرة التي تعرفها قرانا نحو المناطق الحضرية فان الأسباب تكمن في عدم الاهتمام بالعالم القروي بسبب بعض الاكراهات التي تتمثل في انعدام وعاء عقاري مخصص لإحداث تجزئات سكنية تشكل نواة لتنمية هذه المراكز و إثبات السكان محليا .

 إلا أن الملاحظ، فالتوسع العمراني الذي عرفته مدينة افران انطلاقا من البرنامج العالمي للاغدية لمحاربة دور الصفيح بداية من السبعينات فيما يعرف “بالبام” الذي شمل حي السلام بالخصوص وحي الأطلس فيما بعد، فانه لم يكن مبنيا على القاعدة العامة التي يعيشها المغرب، باستثناء بعض الحالات التي عرفها حي الأطلس مع بداية التسعينات والتي شكلت قاعدة خاصة لإنزال بشري من القرى و الضواحي، كان الغرض منه بالدرجة الأولى سياسيا، من اجل تشويه اللوائح و العملية الانتخابية، ولعل الانعكاسات السلبية لتلك العملية التي تزعمها باشا المدينة آنذاك وبعض المقدمين – وفضحنا حيثياتها حينها – أصبحت اليوم تؤرق بال المسؤولين لما وصل إليه حي الأطلس من كثافة سكانية حتى أصبح يشبه حاليا بـ بنوع آخر من “دور الصفيح”.

 لكن الملاحظ أن الهندسة المعمارية لمدينة افران بدأت في العقد الأخير تفقد رونقها وجماليتها، فالتوسع العمراني للمدينة بدا يعرف إشكالات تلوثية حيث انتقل البناء والتوسع من الشكل الأفقي إلى الشكل العمودي وبعبارة أخرى فان الفيلات وحدائق المدينة التي كانت السمة الحقيقية لافران بدأت تدك و تحل محلها عمارات وهو ما فسح المجال للقول بان المضاربات العقارية بالمدينة بدأت تزحف على حساب جمالية الطبيعة، والعمارة على حساب الشجرة وذلك  في ظل غياب وعاء عقاري للخواص  يحمي المدينة من التوسع العمراني الأفقي اللهم  ما تمت فبركته في منطقة التوسع من وداديات و تعاونيات سكنية و بقع أرضية استفاد منها أصحاب الحال و ذوي القربى أما المساكين والمغلوبين على أمرهم فرمت بهم التخطيطات إلى أطراف المدينة، واخص بالذكر تجزئة الموظفين التي لازالت تعاني من ضعف التجهيزات والبنيات التحتية وخاصة البالوعات، والتي كشفت عنها الأمطار والعواصف الرعدية التي تجعل من الحي مجموعة من البرك المائية لطالما اشتكى منها المتضررون من دون إيجاد آذان صاغية .

التلوث العمراني لم يقتصر فقط على حي الرياض أو حي الأطلس بل تعداه إلى إقامة زينب المعروفة بإقامة السلاوي وإقامة حدائق إفران والتي راهن عليهما المواطن الافراني من أجل الحصول على سكن لائق بكرامته وإنسانيته إلا أن 80 في المائة من شقق الاقامتين تم بيعها من تحت الطاولة، كمساكن ثانوية في الوقت التي كانت فيه العقدة بين المنعش العقاري والسلطة تنص على أن الأسبقية لساكنة المدينة والإقليم، فإقامة زينب تشكو من ظواهر تلوثية كثيرة نذكر منها غياب فضاء للأطفال وحديقة ومرآب أو موقف للسيارات بحيث أصبح الآن يستغل جزء من الطريق لوقوف السيارات هذا الجزء الذي كان مخصصا لتثنية الطريق المارة أمام العمارة وحي السلام، إلا أن بناء المولد الكهربائي الخاص بالإقامة على منطقة التثنية حال دون ذلك وأصبحت سيارات المقيمين بالعمارة تظل وتبيت في العراء.

هذه الظواهر كان على المسؤولين على قسم التعمير الانتباه إليها والتفكير في مصلحة المواطن قبل التفكير في مصلحة المنعش العقاري.

ولابد من الإشارة إلى أن ثلثي مساكن مدينة افران من فيلات وشقق كلها سكنيات ثانوية فارغة وتتمركز جميعها بإقامة هبري وميشليفن وزينب والفيلات التي تحولت إلى عمارات إضافة إلى ما يسمى بفيلات حي الشفارة quartier des

 voleurs والمنظر الجميل بمنطقة التوسع و بالتالي يبقى الموظف البسيط و الجندي ومهندسو الأجيال من رجال التربية والتعليم يقطنون بمآرب هذه الفيلات .

مولاي عبد السلام اسماعيلي

Related posts

Top