الأمم المتحدة تضع المغرب على رأس البلدان المنتجة لمادة القنب الهندي

حذر مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، بلدان العالم من يؤدي الانكماش الاقتصادي الذي تسببت فيه أزمة كوفيد 19 ، مع تسجيل ارتفاع معدلات البطالة وتقلص فرص الشغل إلى الرفع من مستويات إنتاج المخدرات والاتجار بها وتعاطيها، حيث من المحتمل أن يؤثر هذا الوضع على من هم أكثر فقرا ويجعلهم فريسة لتعاطي المخدرات بل ويدفعهم إلى العمل في زراعتها وتهريبها من أجل كسب المال.
وأظهرت المعطيات التي تضمنها تقرير المكتب الأممي حول المخدرات لجوء حوالي 269 مليون شخص سنة 2018 في جميع أنحاء العالم، إلى استعمال المخدرات، ما يمثل نسبة زيادة تصل إلى 30 في المائة مقارنة بالأرقام المسجلة سنة 2009، في حين يعاني أكثر من 35 مليون شخص مِن اضطرابات تعاطي المخدِرات.
وأورد التقرير بيانات توزيع استهلاك أنواع المخدرات، أساسا القنب والمواد الأفيونية، كاشفا أن القنب كان المادة الأكثر استخداما عالميا سنة 2018، ويقدر عدد الأشخاص الذين يستخدمونه في جميع أنحاء العالم بنحو 192 مليون فردا، فيما المواد الأفيونية لا تزال هي الأكثر ضررا.
وتم، استنادا لأرقام التقرير، تسجيل ارتفاع في إجمالي عدد الوفيات بسبب اضطِرابات استخدام المواد الأفيونية خِلال العقد الماضي بنسبة 71 في المائة، مع زيادة بنسبة 92 في المائة بين النِساء مقارنة بنِسبة 63 في المائة في صفوف الرجال،.
وقال المكتب الأممي المعني بالجريمة والمخدرات في تقريره حول المخدرات برسم 2020، والذي تضمن أيضا تحليلاً عن تأثير جائحة كوفيد-19 على أسواق المخدرات، إلى أنه على الرغم من أن تأثير الجائحة غير معروف تماماً حتى الآن، فقد تسببت القيود الحدودية والقيود الأخرى المرتبطة بالتصدي لها في نقص فِعلي في المخدِرات في الشوارع، مما أدى إلى زِيادة الأسعار وانخِفاض في درجة النقاء.
وألمح التقرير إلى التعقيدات التي أصبحت تحيط بإشكالية المخدرات، إذ يسلك المهربون خاصة مروجي المواد المحولة المنتجة من القنب الهندي أو الكوكايين أو الأدوية التي تستعمل بشكل غير طبي والتي تعرف كمؤثرات نفسانية، دروبا جديدة للإفلات من أجهزة الرقابة وتمرير بضاعتهم.
ولفت إلى أنه لم تفلح الجهود التي تبذلها عدد من دول المصدر لوقف الاتجار بهذه المواد، وزراعتها كما هو الشأن بالنسبة للقنب الهندي، حيث لم تتمكن من الحد من توسع انتشار هذه التجارة والزراعات المرتبطة بها، إذ لازالت المساحات المزروعة شاسعة، و الطلب على المخدرات يتزايد كما يشهد سوق العقاقير المتمثلة في المؤثرات النفسانية تطورا كبيرا .
وزاد التقرير، منبها إلى أن مختلف الجهود التي تبذلها السلطات الأمنية والتي يترجمها ارتفاع حجم المحجوزات على مستوى الموانئ البحرية والمطارات والحدود البرية عموما، لم تفلح مع ذلك في التقليص من بشكل ملموس الحد من هذه التجارة التي اكتسحت عددا من بلدان العالم، خاصة مع ظهور نقاش يهم مسألة إتاحة استهلاك القنب الهندي.
وذكر التقرير المغرب ضمن الإحصائيات التي تهم مختلف البلدان التي تشهد زراعة القنب، والمساحات التي تم اجتثاث هاته الزراعات منها، حيث يصل حجم المساحة المزروعة بالقنب، وفقا لمعطيات المنظمة الأممية نحو 47 ألف هكتار، حيث يرتب المغرب كبلد لازال يحتل رأس لائحة البلدان المنتجة لمادة القنب الذي بات مشروعا استهلاكه في عدد من البلدان بأوروبا وأمريكا الشمالية، أساسا كندا وبعض الولايات بأمريكا، موردا في ذات الوقت حجم المساحات التي تم اجتثاثها والتي لا تفوق 395 هكتار.
وزاد المكتب الأممي موضحا بالنسبة للمغرب، إلى أنه ما يزال استنادا لوجود 47،500 هكتار من زراعة القنب في عام 2018 ، البلد المصدر الأكثر لمادة القنب في جميع أنحاء العالم ، إذ استنادا لمضامين هذا التقرير السنوي ، تم ذكره في أكثر من خمس جميع الحالات كبلد المنشأ الرئيسي لأعشاب القنب المضبوط في جميع أنحاء العالم خلال الفترة الممتدة ما بين 2014-2018 .
ووفق مسح أجراه مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة ، في عام 2010 ، فإن مساحة 9000 إلى 29000 هكتار كانت مزروعة بالقنب، مشيرة إلى ارتفاع كميات القنب المضبوطة في بقية أنحاء العالم تقريبًا خلال الفترة 2010-2018 (أمريكا الجنوبية: زائد 194 في المائة ؛ أوروبا: زائد 73 في المائة ؛ آسيا:زائد 71 في المائة ؛ إفريقيا: زائد 53في المائة).
واعتبرت المنظمة الأممية أن مسألة التغلب في الحد من الاتجار في المخدرات بجميع أشكالها لا تتعلق بتعديل الاتفاقيات بل بتنفيذها وفقا للروح التي أملاها وضعها، مشيرة على أن معالجة مشكلة المخدرات تتطلب تنفيذ سياسة متعلقة بالمخدرات بالموازاة مع تنفيذ خطط أوسع بشأن التنمية المستدامة والأمن وحقوق الإنسان.
ولم يفت المكتب الأممي في هذا الصدد، أن يبدي موقفه بشأن تقنين استهلاك المخدرات ، مبرزة أن ذلك لن يحل من المشكل لأن الأمر يتعلق بتجارة ترتبط بالجريمة المنظمة وشبكات تنشط في هذا المجال وتستعمل مختلف الوسائل لتحقيق أهدافها.
ودعا المكتب الأممي إلى بذل المزيد من الجهود بشكل متضافر على مستوى بلدان المصدر والعبور والمقصد، قائلا ” إن الأزمة قد تفاقم من تردي الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية لدى الفئات الضعيفة مما قد يدفعها إلى اللجوء بشكل متزايد إلى مزاولة أنشطة غير مشروعة كوسيلة للتعويض عن خسائرها على مستوى الدخل والعمل المشروعين”.
وفي المقابل، نبهت المنظمة في تقريرها إلى ما قد تحمله فترة ما بعد رفع الحجر الصحي، حيث توقعت أن تؤدي الصدمات الاقتصادية إلى زيادة استهلاك المخدرات، لافتة إلى أن مشكلة التصدي للمخدرات أصبحت ذات بعد دولي وأكثر تعقيدا مما مضى، وأنه لا يمكن تفكيك الشبكات عبر الوطنية التي تنشط في المجال إلا من خلال تضافر جهود عدة بلدان. ” فنجاح بلد في الحد من مشكلة المخدرات بمعزل عن غيره قد يفاقمها في بلدان أخرى”، وفق منظور خبراء مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة”.
هذا وفي السياق ذاته، أفاد المكتب الأممي، إلى أنه نتيجة للتداعيات الناتجة عن كوفيد-19 ، قد يضطر المتاجرون إلى إيجاد طرق وأساليب جديدة، وقد تزداد أنشِطة التهريب عبر الشبكة المظلِمة والشحنات عبر البريد، على الرغم من تعطل سلسلة التوريد البريدية الدولية، مضيفة إلى أن الوباء أدى أيضا إلى نقص في المواد الأفيونية مما قد يدفع بالأشخاص إلى البحث عن المواد المتاحة بسهولة أكبر مثل الكحول أو البنزوديازيبينات أو الخلط بالعقاقير الاصطناعية، كما توقع المكتب احتمال ظهور أنماط استخدام أكثر ضررا مع تَحول بعض المتعاطين إلى الحقن، أو الحقن بشكل متكرر.

> فنن العفاني

Related posts

Top